ملخص
يستعد "أرسنال" لموقعة الإياب أمام "باريس سان جيرمان"، وسط إدراك كامل بأن مباراة نصف النهائي قد تتحول إلى دوامة غير متوقعة، بخاصة مع خبرة الفريق الفرنسي في تقلبات البطولة، وبينما يركز أرتيتا على التحليل والتصحيح يؤكد إنريكي أن كل شيء لا يزال معلقاً.
ربما كان ميكيل أرتيتا هو من وضع الإطار العام بعد مباراة الذهاب في ملعب "أرسنال" حين دعا إلى القيام بـ "شيء استثنائي"، لكن من المحتمل أن لويس إنريكي هو من مهد فعلياً لمشهد الإياب، فعلى رغم فوز فريقه "باريس سان جيرمان" اللافت ليلة أمس الثلاثاء، لكنه قال إن "الأمر بدأ للتو".
وقد تبدو هذه كلمات عامة وتقال كثيراً في مواجهات خروج المغلوب الأوروبية، لكنها تلامس حقيقة أعمق خلال هذه المرحلة من البطولة، فالإياب في مثل هذه المواجهات، بخاصة في نصف النهائي وحين يقترب الفريق من أعظم منصة تتويج في كرة القدم على مستوى الأندية، يمكن أن يتحول إلى إعصار لا يمكن التنبؤ به.
وقد شهدت المواسم القليلة الماضية كثيراً من الأمثلة على ذلك، وإذا كان هناك فريق يعرف هذا جيداً فهو "باريس سان جيرمان"، فهو من تعرض لبعض من أسوأ عمليات العودة في النتيجة "ريومنتادا" خلال تاريخ البطولة، لكنه أيضاً صمد أمام واحدة في الدور السابق ضد "أستون فيلا" الإنجليزي.
وهذه البطولة نادراً ما تشبه ما كانت عليه في الماضي، إذ أصبحت كرة القدم أقل انغلاقاً تكتيكياً والانتصارات الضيقة في مباريات الذهاب خارج الأرض لم تعد حاسمة كما كانت سابقاً، وإحصاء واحد يلخص كل ذلك، فخلال الـ 64 عاماً الأولى من دوري أبطال أوروبا حدثت فقط ست حالات خرج فيها فريق فاز في الذهاب خارج ملعبه، لكن منذ موسم (2018 - 2019) حدث ذلك خمس مرات بالفعل، وكان "باريس سان جيرمان" طرفاً في ثلاث منها.
وقد ساعد في ذلك بلا شك إلغاء قاعدة الهدف خارج الأرض، لكن الأمر لا يعود لذلك وحده فثلاث حالات من الخمس وقعت قبل إلغاء القاعدة، والنقطة الأهم هي أنه على رغم أن مباراة الذهاب قد تبدو شاملة ومحددة للنتيجة، فمن الشائع جداً أن النسبة الأكبر من الأحداث الحاسمة تقع في الإياب.
ومثل هذه المباريات يمكن أن تكتسب سيناريو خاصاً وتفقد كل ما حدث في الذهاب قيمته أو أهميته، فكلما تصاعد الإيقاع وتزايد الإحساس بالفوضى مع كل لحظة متتابعة، فقد تنفجر المباراة فجأة، فالتوتر الناتج من الاقتراب الشديد من النهائي يقود اللاعبين والفرق إلى ردود فعل غير متوقعة.
وقد أشار لويس إنريكي بنفسه إلى الهدف الملغى لميكيل ميرينو خلال مباراة الذهاب وكيف أن كل شيء يمكن أن يتغير في لحظة واحدة، فلقد عمل أرتيتا كثيراً على الجانب النفسي لمثل هذه اللحظات مع لاعبيه قبل مواجهة الإياب ضد ريال مدريد، لكن هذا التحضير قد يثبت أنه أكثر قيمة الآن ولكن من زاوية مختلفة.
وكما كان معتاداً في هذه المواجهة حتى الآن فهناك جانبان متقابلان للموقف وسيكون من الصعب التوفيق بينهما، إذ يحتاج "أرسنال" إلى أن تصل المباراة إلى نقطة تجعل "باريس سان جيرمان" يشعر بالقلق من فقدان السيطرة على اللقاء، أو في الأقل الإحساس بالضغط الشديد، لكن في الوقت نفسه سيتعين على "أرسنال" الوصول إلى هذه الحال العاطفية من خلال التحلي بأكبر قدر ممكن من العقلانية، وتطبيق الدروس المستفادة من مباراة الذهاب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيتعين على "أرسنال" تحمل فترة من ضغط "باريس" المكثف، وربما أكثر من فترة واحدة، وكان لويس إنريكي كعادته حازماً في تصريحاته، مؤكداً أنه يريد من فريقه الذهاب إلى المباراة والفوز بها، لذلك يبدو أن "باريس" لن يخفف الضغط.
أما أرتيتا فقد بدا غامضاً ومتحفظاً بصورة لافتة في شأن أحد العناصر التي لاحظها خلال فترة بداية "باريس" الرائعة خلال الذهاب، وقال الإسباني "كانت لدينا مشكلة واحدة تحديداً وصححناها بعد 15 أو 20 دقيقة، وتمكنا من الحفاظ على التصحيح حتى نهاية المباراة، وأعتقد أن ذلك ما غير شكل اللقاء".
وعندما طلب منه التوضيح أجاب "لا أريد قول ما هي"، مضيفاً "إنها مسألة محددة جداً لكنها مهمة للغاية، بخاصة في ما يتعلق بطريقة لعبنا، لقد قمنا بتصحيحها ومن الصعب الحفاظ على ذلك بصورة دائمة لكننا فعلنا، وفعلناها بطريقة أفضل بكثير".
وأوقف "أرسنال" بصورة واضحة جواو نيفيش عن تمرير كراته الأكثر دقة وتأثيراً، والآن بات توماس بارتي متاحاً من جديد للتمركز في هذه المنطقة وسد الثغرة، لكن إذا ما نجح "باريس سان جيرمان" في إيجاد مسار بديل، كما أظهر مراراً وتكراراً هذا الموسم، فذلك سيكشف عن نقاط ضعف أخرى، فهناك مساحة شاسعة على الجهة اليمنى مثلاً وهي نتيجة مباشرة لطريقة لعبهم الهجومية، فمع تقدم أشرف حكيمي الدائم إلى الأمام تتكون خلفه مساحة لا ينجح ماركينيوس دائماً في تغطيتها.
ولقد صنع "أرسنال" ثلاث فرص محققة عبر هذا الطريق، وهو امتداد لما فعله "أستون فيلا" بالأسلوب نفسه، وهناك أيضاً جانب يتعلق بكيفية معاناة "باريس" في مثل هذه المواقف، فقد فقدوا بعض السيطرة خلال الجزء الأوسط من مباراة الذهاب، وسلسلة فرص "فيلا" كادت أن تعرضهم لـ "ريمونتادا" أخرى بطريقة ما كان ينبغي لها أن تكون ممكنة.
وفي المقابل كانت أوضح مظاهر القلق لدى "باريس سان جيرمان" في الكرات الثابتة، فهذه تعد نقطة أفضلية واضحة محتملة لمصلحة "أرسنال" حتى إن لويس إنريكي نفسه أشار إليها.
واحدة من المفاجآت في مباراة الذهاب كانت أن كرات "أرسنال" الثابتة لم تكن بجودتها المعتادة، وعلى رغم ذلك واجه "باريس" صعوبات في بعض اللحظات.
وهناك فارق في أطوال لاعبي الفريقين، وعلى رغم تألق حارس مرمى "باريس سان جيرمان" جيانلويجي دوناروما هذا الموسم، لكنه لا يبدو مرتاحاً تماماً في التعامل مع الكرات الهوائية الثابتة، وهدف ميرينو المُلغى كان مثالاً واضحاً على ذلك.
كما لخص لويس إنريكي الأمر في أن "كل شيء لا يزال معلقاً في الهواء" وقد أيده أرتيتا في ذلك قائلاً "أعتقد أن الهوامش كانت ضئيلة للغاية، لكن إذا قدمنا أداء أفضل فنأمل أن تكون النتيجة مختلفة أيضاً".
ويمكن لمباريات إياب نصف النهائي أن تكون هكذا تماماً، فأية دوامة عاصفة قد تندلع فجأة، وعلى "أرسنال" أن يعرف كيف يبحر وسط هذه العاصفة.
© The Independent