ملخص
على رغم أن الأسواق التقليدية بدأت في التعافي وهي بالأساس فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا التي سجلت زيادة 16 في المئة، إلا أن تونس لم تتمكن من تنمية السياحة الصحراوية والواحية على رغم الموارد الضخمة التي يتمتع بها الجنوب التونسي (الجنوب الغربي) في هذا الصدد
تخطى عدد السياح الذين زاروا تونس حاجز 8 ملايين زائر في الأشهر الـ10 الأولى من العام الحالي، وارتفع عدد الوافدين 7.4 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات الديوان الوطني للسياحة (حكومي).
وتتوقع البلاد التي تمثل أحد أهم الوجهات السياحية في القارة الأفريقية بلوغ عدد السياح 10 ملايين سائح خلال عام 2024، لتتخطى الرقم القياسي المسجل في عام 2019، عندما وصل عدد السياح إلى 9 ملايين سائح.
ورجح المجلس العالمي للسفر والسياحة أن يضخ قطاع السياحة في تونس 23 مليار دينار (7.5 مليار دولار) في الاقتصاد التونسي عام 2024.
وعلى رغم أن الأسواق التقليدية بدأت في التعافي وهي بالأساس فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا التي سجلت زيادة 16 في المئة، إلا أن تونس لم تتمكن من تنمية السياحة الصحراوية والواحية على رغم الموارد الضخمة التي يتمتع بها الجنوب التونسي (الجنوب الغربي) في هذا الصدد.
وتجتذب المناطق الجنوبية الغربية السياح الذين لديهم فضول لاكتشاف مناظرها الطبيعية وتراثها الثري، وصنف الجنوب التونسي ضمن أفضل 10 وجهات للزيارة في 2024 ما أعلنه أخيراً الموقع المتخصص في الأسفار والسياحة "Routard" بفضل الصحراء الكبرى وغابات النخيل الذي تشكل واحدة من أكبر الواحات في المغرب العربي، إضافة إلى القرى البربرية الفريدة.
لكن تراجعت الطاقة الاستيعابية للفنادق بمحافظات الجنوب، إذ تبلغ 10500 سرير منها 9600 في محافظتي توزر وقبلي وفق الوكالة العقارية السياحية (حكومية).
وعلى رغم ضآلة الطاقة الاستيعابية، إلا أنها تقلصت أكثر بصورة مذهلة، بعدما تراجعت من 3 آلاف سرير بمحافظة توزر إلى 250 سريراً فحسب في غضون السنوات القليلة الماضية، ولم يتجاوز معدل الإقامة 1.6 ليلة لكل زائر بالمحافظة.
وتستقطب الوجهات الصحراوية نحو 700 ألف سائح في أفضل المواسم وكان أبرزها في عام 2019، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بإجمالي عدد السياح الوافدين على تونس، كذلك مقارنة بالنمو الذي يشهده هذا الصنف من السياحة لدى الوجهات المنافسة لتونس وأهمها المغرب، وذلك على رغم أهمية السياحة الصحراوية التي تمثل بديلاً للسياحة الساحلية وتمتد إلى سبعة أشهر في مقابل اقتصار نظيرتها الساحلية على موسم الحرارة.
يشار إلى أن المغرب يسير نحو تطوير المناطق السياحية بالأقاليم الجنوبية وخصص في مرحلة أولى اعتمادات مالية قدرت بـ329 مليون درهم (33.57 مليون دولار)، لتطوير عدد من المشاريع السياحية بجنوب المملكة التي سيدشن بها 40 منطقة سياحية وتثمين 27 موقعاً بقيمة إجمالية 38.5 مليون درهم (10 مليون دولار) في ظل التحضيرات لكأس العالم 2030 التي تستضيفها الرباط، باعتبار أن قطاع السياحة الصحراوية يمثل نافذة لعرض الثقافة والتراث المغربيين، ويمثل أحد أهم الموارد للقطاع السياحي.
وتعمل السلطات المتخصصة على دعم الخيام السياحية لتعزيز السياحة الإيكولوجية والمستدامة في الصحراء، بعيداً من إقامة مؤسسات سياحية من الأسمنت والحديد وسط الرمال بحكم أنها تتعارض مع السياحة البيئية التي يسعى إليها المغرب، علاوة على ذلك توفر المملكة حركة نقل جوية نشيطة برحلات يومية منتظمة داخلية ودولية إلى المناطق الجنوبية.
معضلة النقل الجوي
وأعلنت وزارة السياحة التونسية مخططاً يهدف إلى تطوير السياحة الصحراوية والواحية يرتكز على الترويج للصحراء كوجهة سياحية منفردة والعمل على تسهيل بعث مشاريع سياحية مختلفة بالمحافظات الصحراوية تحترم خصوصياتها ثم تنشيط الحركة الجوية بمطارات الجهة وبمختلف المعابر الحدودية المعنية وتدعيم أسطول نقل سياحي ملائم.
لكن ظل الوضع صعباً وفقاً لمتخصصين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية"، إذ أشار رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أحمد بالطيب إلى المعضلة الأولى المتمثلة في النقل الجوي، إذ تحتاج الوجهات السياحية الصحراوية إلى تكثيف الرحلات الداخلية، وكذلك تنظيم رحلات منتظمة مباشرة مع الناقلات الجوية الدولية للمطارات الداخلية على غرار مطار توزر الذي يقتصر حالياً على رحلتين أسبوعيتين مباشرة من العاصمة الفرنسية باريس، علماً أن العصر الذهبي للسياحة الصحراوية في التسعينيات من القرن الماضي شهد انتعاشة على مستوى النقل الجوي المباشر، بعد أن بلغ عدد الرحلات آنذاك ثماني رحلات أسبوعية شملت كل الأسواق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعا بالطيب إلى تدشين جسر جوي، إضافة إلى إنقاذ البنية التحتية، بعد أن أغلق 30 في المئة من الفنادق أبوابها بفعل الأزمة المالية والمديونية التي تلت جائحة كورونا. وأكد أن "الفنادق تحتاج إلى دعم مباشر من السلطات المعنية لإعادة فتحها، مع تشجيع الاستثمارات الجديدة بعد توقف عدد من الأنشطة السياحية والتظاهرات والوحدات عن العمل، وتطوير المنتجات عبر النقل وحماية البيئة والاستثمار والموارد البشرية، فضلاً عن الترويج والتسويق برؤية مغايرة تحترم مفهوم السياحة البديلة والاستغلال السليم للموارد الطبيعية والموروث الثقافي الضخم".
أسواق واعدة على رغم الصعوبات
ولا تختلف وضعية المؤسسات السياحية التي قاومت الأزمة عن واقع القطاع، بحسب المتخصص في السياحة الصحراوية صادق الباي، الذي تحدث عن العراقيل الإدارية والإجراءات والبيروقراطية الخانقة التي يواجهها المستثمرون، مشيراً إلى أنها "تتعلق بالرخص على وجه الخصوص، إضافة إلى النقص المسجل على مستوى التسويق على رغم ما توفره الصحراء في تونس من مصادر لجذب السياح، خصوصاً في فصل الشتاء، إذ تمكنت المدن الصحراوية التونسية من جذب عدد من السينمائيين لتصوير أفلام عالمية وسباقات دولية، واستقطاب المهرجانات المحلية والدولية مع امتلاكها لموروث ثقافي وطبيعي جذاب ومتنوع جعل منها متفردة عن بقية بلدان العالم".
وتابع "هي تمتد على مساحة خمسة محافظات، وهي كل من توزر وقبلي وتطاوين وقفصة وقابس، وتستقطب السياح من الأسواق كافة، خصوصاً الإيطاليين والبريطانيين والفرنسيين".
وأوضح بالطيب أن "هي سياحة الفرص المهدورة بحكم قدرتها على تغيير صنف السياح باستقطاب الأثرياء بالتالي دفع الاستثمار".