Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هبوط أسعار الحديد في مصر بعد ارتفاعات قياسية

محللون يطالبون الحكومة بالتدخل وإلغاء رسوم الإغراق على الواردات لردع التجار

كسر سعر طن حديد التسليح حاجز الـ1780 دولاراً قبل أن يتراجع (أ ف ب)

"ما يحدث في أسواق مواد البناء سواء أسعار الحديد أو الأسمنت غير مسبوق ولم يحدث من قبل"، هكذا كانت إجابة رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الزيني عندما توجهت إليه "اندبندنت عربية" لتفسير ماذا يحدث في أسعار الحديد والأسمنت؟

وشهدت أسعار مواد البناء خصوصاً الحديد والأسمنت مستويات قياسية، خلال الشهر الماضي، بعدما تخطى سعر طن حديد التسليح حاجز الـ55 ألف جنيه (1781 دولاراً)، بعد تحريك الشركات المصنعة أسعار الحديد لأربع مرات في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ارتفاع كلفة المواد الخام

وفي الوقت الذي أرجع فيه رئيس قطاع البحوث في شركة "نعيم المالية" للأواق المالية آلن سانديب، في مذكرة بحثية حديثة، زيادة أسعار حديد التسليح خلال العام الماضي إلى "ارتفاع كلفة المواد الخام وسط ضعف الجنيه المصري"، موضحاً أن "كل خام الحديد يستورد من خارج البلاد ما يؤثر بصورة مباشرة في الأسعار"، بينما في المقابل أشار الزيني إلى أن صناعة وتجارة الحديد في مصر تحتاج إلى أن تملك الدولة أداة ردع قوية، موضحاً أن "التجار والصناع عندما وجدوا الدولة تركت لهم التسعير من دون رقابة حقيقة فشعروا أنهم أقوى من الدولة وهذا ما يفسر فوضى الأسعار في مصر حالياً"، قائلاً "الفوضى مش بس في الحديد والأسمنت. الفوضى طاولت كل سلعة تباع في مصر".

إلغاء رسوم الإغراق

وطالب رئيس شعبة مواد البناء بالغرف التجارية المصرية بعودة الإجراءات والأدوات الرقابية التي كانت تطبق في عهد وزير الصناعة والتجارة الأسبق في حكومة مبارك في العقد الأول من القرن الحالي رشيد محمد رشيد، موضحاً أن "في تلك الحقبة الزمنية كانت الدولة على علم بكل طن حديد يخرج من مصانع الشركات المنتجة وأيضاً تعلم إلى من يباع والسعر وموعد للتسليم"، مشيراً إلى أن الوزير الأسبق ألزم شركات الحديد آنذاك بالإفصاح علناً عن الأسعار في الخميس الثالث من كل شهر، قائلاً "كان لا يمكن أن يحدث تلاعب في السوق على الإطلاق".

وطالب الزيني أيضاً الحكومة بإلغاء رسوم الإغراق على واردات مصر (رسوم تفرض على المستورد لحماية المنتج المحلي) من الحديد حتى يزيد العرض عن الطلب، مما يجبر الشركات على خفض الأسعار طواعية.

خسائر على رغم زيادة الأسعار

على الجانب الآخر، رأى مدير قطاع التسويق في شركة "حديد عز" جورج متى، أن شركته هي المنتج الأول للصلب في العالم العربي قد اضطر إلى تطبيق زيادات متتالية في الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، موضحاً "جاءت هذه الزيادات بسبب زيادات في الكلفة من محورين، الأول زيادة في أسعار خام الحديد والخردة، بينما المحور الثاني وهو الأهم والأعمق تأثيراً هي الزيادة الكبيرة في كلفة تدبير العملات الأجنبية اللازمة"، مشيراً إلى أنه "على رغم ذلك حققت شركته خسائر في 2023 بسبب عدم القدرة على متابعة الزيادات المتتالية للكلفة".

ووفقاً لبيانات رسمية انخفض إنتاج مصر من حديد التسليح خلال العام الماضي بمقدار أربعة في المئة ليسجل نحو ثمانية ملايين طن، في حين انخفض حجم المبيعات بنحو 17.7 في المئة إلى 6.5 مليون طن، بينما عدد مصانع حديد التسليح في مصر يصل إلى 14 مصنعاً، أبرزها "مجموعة حديد عز" و"بشاي للصلب" و"السويس للصلب" و"حديد المصريين".

ووفق إحصاء أعدته "اندبندنت عربية"، ارتفع سعر طن الحديد في السوق المصرية من مستوى 12200 جنيه (395 دولاراً) للطن في يناير 2018، إلى نحو 12600 جنيه (408 دولارات) للطن في يناير 2019، ثم عاود الانخفاض في يناير 2020 إلى مستوى 10800 جنيه (350 دولاراً) للطن، وفي الشهر نفسه من 2021 قفز سعر طن الحديد إلى مستوى 14200 جنيه (460 دولاراً) ثم واصل الصعود ليسجل نحو 19 ألف جنيه (616 دولاراً) للطن الواحد في يناير 2022، في حين شهد يناير من العام الماضي زيادة كبيرة في أسعار الحديد، بعدما قفز سعر الطن إلى مستوى 33600 جنيه (1089 دولاراً)، ثم واصل الصعود ليسجل في بداية العام الحالي مستوى 48 ألف جنيه (1556 دولاراً)، قبل أن يصل إلى مستوى قياسي مع نهاية الشهر الماضي متخطياً حاجز 55 ألف جنيه للطن الواحد.

في الأثناء، أعلن البنك المركزي المصري تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 29.0 في المئة في يناير الماضي، في مقابل 34.2 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

نقص المعروض وليس زيادة السيولة

من جانبه، رأى رئيس اتحاد الصناعات المصري محمد السويدي أن "التضخم في مصر يرجع بصورة أساسية إلى نقص المعروض من السلع وليس زيادة السيولة النقدية، قائلاً في تصريحات صحافية "حتى لو انخفض سعر صرف الجنيه رسمياً إلى مستوى يتراوح بين 35 و40 جنيهاً للدولار فإن ذلك سيوفر الدعم للصادرات"، مضيفاً خلال جلسة نقاشية نظمها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنه "يجب ضبط سعر صرف العملة للسيطرة على التضخم، وأن المصانع تعاني عدم توافر الخامات مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم".

وبعد سلسلة الزيادات المتتالية بدأت شركات الحديد الثلاثاء الماضي خفض الأسعار بالتوازي إلى هبوط سعر صرف الدولار في السوق السوداء بمقدار 20 جنيهاً في الأقل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتراوحت قيمة الخفض ما بين 5500 جنيه (178.16 دولار) إلى 6500 جنيه (210.55 دولار) للطن الواح تسليم ارض المصنع، إذ تراجعت الأسعار من 55 ألف جنيه (1781.59 دولار) إلى نحو 49 ألف جنيه (1587.23 دولار) للطن الواحد.

ووصل السعر الاسترشادي أمس الخميس بالنسبة إلى بيع تجار الجملة إلى 51169 جنيهاً (1657.49 دولار) للطن تسليم أرض المخزن بتراجع 5494 جنيهاً (177.96 دولار) ووصل السعر الاسترشادي لبيع تجار التجزئة للمستهلك إلى 51718 جنيهاً (1675.28 دولار) للطن تسليم أرض المخزن بتراجع 5553 جنيهاً (179.88 دولار).

أمر جيد

ودخل مجلس النواب المصري على خط الأزمة، إذ أكد عضو لجنة الصناعة في مجلس النواب إيهاب منصور أن "هبوط أسعار الحديد أمر جيد"، مرجحاً في تصريحات صحافية عدم استقرار سعر الحديد الفترة المقبلة، موضحاً أنه "لا توجد سياسات واضحة أو خط اقتصادي نسير عليه، ومضيفاً "نحن في حاجة ضرورية إلى حكومة تستطيع النهوض بالمنظومة الاقتصادية، ولا نمانع في الانتظار لحدوث ذلك، لنكون على الطريق الصحيح في النهاية ونصل إلى نتائج ملموسة".

وأشار عضو لجنة الصناعة إلى أن الحكومة الحالية تولت مسؤوليتها منذ 2018، منذ خمس سنوات سنوات ونصف سنة تقريباً، لافتاً إلى أن سعر الدولار وقتها كان 17.5 جنيه، بينما وصل الآن إلى مستويات غير مسبوقة، قائلاً "على رغم ذلك الحكومة تعتقد أنها تسير على الطريق الصحيح، وأصبح من الضروري مواجهة من يخطئ".

ارتفاع المواد المستوردة

من جهته، قال عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أحمد دياب إن "أسعار الحديد في ارتفاع مستمر منذ أكثر من سنة"، مضيفاً في تصريحات صحافية أن "الارتفاع غير المسبوق في الأسعار خلال الفترة الماضية يرجع إلى ارتفاع أسعار المواد والمكونات المستخدمة في الصناعة وتستورد من الخارج بالدولار"، مشيراً إلى أن النسبة الأكبر من مكونات إنتاج الحديد تصل إلى 70 في المئة.

انخفاض سعر الدولار

من جهتها، قالت عضو لجنة الصناعة في مجلس النواب إيفلين متي إن "هبوط سعر الحديد يعود لأمرين أساسيين، أولهما عدم التوافق بين عمليتي العرض والطلب في الأسواق"، مضيفة أن "العرض موجود ولكن الطلب غير متوفر"، موضحة أن "لا أحد يشتري حديد لأنه لا يوجد بناء، نظراً إلى إيقاف عملية البناء في مصر، فالمعروض أكثر من المطلوب". وتابعت أن "الأمر الثاني أن المادة الخام لتصنيع الحديد تستورد من الخارج ومع انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء تراجعت الأسعار"، موضحة أن "التجار كانوا يشترون العملة الصعبة من السوق الموازية، عندما كان سعر الدولار في السوق السوداء بـ73 جنيهاً بينما هبط إلى 55 جنيهاً".