Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتعال أسعار الحديد يربك المشاريع السكنية في مصر

وعد رئيس الوزراء المطورين بتشكيل مجموعة عمل مهمتها التوافق على آليات للتعامل مع تداعيات الأزمة العالمية

أسعار الحديد فاقت الحدود القياسية في مصر (أ ف ب)

قفزت أسعار حديد التسليح في مصر 40 في المئة منذ بداية العام الحالي 2022 وحتى اليوم، إذ بلغت قيمة الزيادة ما يزيد على 6 آلاف جنيه (325 دولاراً أميركياً)، بعدما سجّل متوسط أسعار حديد البناء في الأول من يناير (كانون الثاني) نحو 15 ألف جنيه (813 دولاراً) للطن، قبل أن يقفز إلى مستويات قياسية لم تشهدها القاهرة مسجّلاً 21 ألف جنيه (1138 دولاراً) للطن الواحد كسعر بيع للمستهلك النهائي، وذلك يوم الاثنين  في 11 أبريل (نيسان) الحالي.

وكانت آخر زيادة طرأت على أسعار حديد التسليح في الأسواق المحلية خلال عام 2021 في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بمقدار 700 جنيه (38 دولاراً)، ليصل إلى 14 ألف و300 جنيه (775 دولاراً) عقب قرار رسمي بزيادة أسعار الغاز للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة بعد ثبات لفترة طويلة منذ نوفمبر 2020. وبدأت أسعار الحديد بالصعود بعد أشهر من ثباتها عند مستويات 9 آلاف جنيه (489 دولاراً) للطن في المتوسط.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، بدأ حراك الأسعار مع تفشي الجائحة العالمية بزيادة السعر 1000 جنيه (55 دولاراً) للطن دفعة واحدة، ليقفز من 9 آلاف و600 جنيه (522 دولاراً) كمتوسط إلى 13 ألف و650 جنيهاً (741 دولاراً) في المتوسط.

ولم تتوقف تلك الزيادة عند ذلك الحد، إذ بدأت الشركات، بعد بضعة أشهر من التثبيت، زيادة السعر مجدداً بقيمة بلغت نحو 150 جنيهاً (8 دولارات)، ليصل سعر الطن إلى 13 ألف و800 جنيه (750 دولاراً)، ثم أُعلنت بعدها زيادة أخرى، بقيمة تراوحت بين 150 إلى 300 جنيه (16 دولاراً) للطن، ليصل متوسط سعر الطن إلى 14 ألف و200 جنيه (771 دولاراً). وبعدها بنحو شهر ونصف الشهر، ارتفعت الأسعار لتصل إلى مستوى  15 ألف جنيه (815 دولاراً) للطن، وهو رقم قياسي لم يتحقق من قبل في سوق الحديد.

وفي 29 أكتوبر 2021، أعلنت الحكومة المصرية تحريك أسعار الغاز بالنسبة إلى المصانع كثيفة استهلاك الطاقة بمقدار دولار لكل مليون وحدة حرارية، ليصل السعر إلى 5.75 دولار.

وسجل متوسط أسعار الحديد في بداية يناير 2022 نحو 15 ألف جنيه، ليرتفع تدريجاً إلى 15 ألف و300 جنيه (829 دولاراً)، وكسر حاجز الـ16 ألف جنيه (867 دولاراً) للمرة الأولى مع بداية مارس (آذار) الماضي في نهاية الأسبوع الأول من اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، وتوقف الإمدادات من البلدين اللذين يصنفان في قائمة أكبر منتجي الصلب في العالم، لترتفع أسعار خامات الحديد في البورصات العالمية، بعدما سجل خام الحديد عالمياً 144 دولاراً، كما قفزت أسعار البليت لنحو 715 دولاراً للطن.

1192 دولاراً أعلى مستوى لسعر الحديد

ووصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها في مصر في اليوم من الشهر الحالي، بعدما لامست الأسعار حدود 22 ألف جنيه (1192 دولاراً). وبعد هبوط تارة وصعود تارة أخرى، استقرت الأسعار عند 21 ألف جنيه (1140 دولاراً) حتى مساء الاثنين 11 أبريل (نيسان) الحالي.

أوضاع متضاربة في السوق العقارية المصرية بين مستويات قياسية في أسعار مواد البناء وحالة الركود التي أصابت السوق، رصدها محللون ومتخصصون في حديثهم إلى "اندبندنت عربية".

البداية كانت من أسواق المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، إذ يقول رئيس شعبة مواد البناء في الاتحاد المصري للغرف التجارية أحمد الزيني إن هناك ركوداً حاداً في بيع حديد التسليح والإسمنت، إذ يمثل الثنائي أبرز مواد البناء في قطاع العقارات.

وأضاف أن أسعار الحديد فاقت الحدود القياسية في مصر خلال الفترة الحالية، بعدما ارتفعت بنحو 40 في المئة، وسجّل سعر طن حديد التسليح للبيع للمستهلك النهائي أكثر من 21.50 ألف جنيه، صاعداً من دون الـ15 ألف جنيه في الأيام الأولى من يناير 2022، في الوقت الذي ارتفعت أسعار الإسمنت تسليم أرض المصنع لتصل إلى 1380 جنيهاً (75 دولاراً)، بينما يصل سعر الطن إلى المستهلك النهائي بأسعار تتراوح بين 1400 جنيه (76 دولاراً)  و1600 جنيه (87 دولاراً) للطن الواحد.

ارتفاع أسعار الوحدات السكنية 25 في المئة

الزيني أوضح أن أسعار الوحدات السكنية سترتفع بعد صعود المواد الخام بنسبة لا تقل عن 25 في المئة في الفترة المقبلة، على الرغم من أن السوق تمر بحالة ركود غير طبيعية، منوهاً بأن ارتفاع أسعار الحديد إلى تلك المستويات فرض حالة من الركود في السوق غير مسبوقة، بعدما عزف المستهلكون عن شراء المواد الخام أو الوحدات السكنية.

وأشار إلى أن حالة الركود ترجع إلى تأني المستهلكين في استئناف عمليات البناء بعد ارتفاع التكلفة إلى نحو 40 في المئة، وهو ما دفع المستهلك إلى التريث عند اتخاذ قرار شراء أو بيع وحدة سكنية أو حتى التوقف عن البناء، ناصحاً أصحاب الوحدات السكنية بعدم بيع أملاكهم في الوقت الحالي، إذا كان قرار البيع غير ضروري أو لا يحتاج إلى السيولة النقدية، ولافتاً إلى أن الاستثمار في العقارات لا يزال هو الملاذ الآمن إلى جانب الذهب والمجوهرات.

من جهته، أكد وكيل لجنة الإسكان في مجلس النواب طارق شكري، تقدمه بطلب إحاطة إلى المجلس لتعليق رسوم الإغراق على واردات حديد التسليح لحماية السوق المحلية في الأزمة، حتى لا تفرض أسعار غير حقيقية خلال الفترة المقبلة، متوقعاً زيادة في أسعار العقار بسبب الأزمة العالمية الحالية، وموضحاً أن كل الشركات تعمل حاليا على إعادة التسعير.

وشرح أن الطلب سيتضمن أيضاً وقف تصدير مواد البناء إلى الخارج وتعديل نظام الحصص ومراجعته لتوفير الحاجة المحلية البالغة 55 مليون طن، وتصدير الفائض البالغ نحو 30 مليون طن، مشيراً إلى أن حجم الإنتاج المحلي يبلغ نحو 85 مليون طن.

رئيس الوزراء يجتمع مع المطورين

ونظراً إلى حجم الأزمة، اجتمع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في الأسبوع الأول من الشهر الحالي مع عدد من المطورين العقاريين لبحث آليات التعامل مع تداعيات الأزمة العالمية على القطاع العقاري، بحضور وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية عاصم الجزار.

وقدم المطورون خلال الاجتماع مقترحات عدة لتخفيف حدة تلك التأثيرات في القطاع العقاري، تتمثل في رفع رسوم الإغراق على بعض مواد البناء حتى يحدث التوازن المطلوب في السوق المحلية، كما اقترحوا العمل على تفعيل مبادرات التمويل العقاري مع القطاع الخاص.

تشكيل مجموعة عمل

ووعد رئيس الوزراء المطورين بتشكيل مجموعة عمل على الفور تحت إشراف وزير الإسكان، تكون مهمتها عقد اجتماعات مع المطورين العقاريين للتوافق على عدد من الآليات للتعامل مع تداعيات الأزمة العالمية وتخفيف حدتها. كما أشار إلى عقد اجتماع مماثل مع كبار مصنعي الحديد والإسمنت لمناقشة ما تشهده الأسواق المحلية من ارتفاعات في الأسعار.

فتح الله فوزي، أحد المطورين العقاريين الذين حضروا اجتماع رئيس الوزراء، قال إنهم قدموا مذكرة تشمل نحو 20 توصية لمعالجة التحديات التي تواجه القطاع العقاري، وعلى رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج تأثراً بتداعيات الاقتصاد العالمي على أسعار مواد البناء بنسبة تتراوح بين 35 و40 في المئة، بعدما زادت بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، نتيجة صعود أسعار الخامات والمعادن عالمياً، وتعطّل سلاسل الإمداد والإنتاج.

فوزي أشار إلى أن أبرز التوصيات كانت تدور حول تعرّض الشركات لخسائر ربما تؤدي إلى خروجها من السوق، إضافة إلى ضرورة إعادة جدولة أقساط الأراضي وزيادة مدة تنفيذ المشاريع لمواجهة أزمة السيولة، علاوة على تفعيل دور الأجهزة الرقابية في تتبّع أي ممارسات احتكارية في الإسمنت بعد تخفيض مصانع إنتاجها لتقليل المعروض في الأسواق، بالتالي زيادة السعر، وأخيراً تسهيل فتح اعتمادات لاستيراد الحديد من الخارج، وإلغاء رسوم استيراد البليت، وهو المكون الرئيس في صناعة الحديد لزيادة المعروض.

التكلفة الإنشائية 50 في المئة

وأضاف أن أسعار العقارات سترتفع بنحو 25 في المئة، بعد صعود أسعار مدخلات البناء والتشييد خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب زيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بعد خفضه بنحو 14 في المئة، لافتاً إلى أن التكلفة الإنشائية تمثل أكثر من 50 في المئة من بناء العقار، إضافة إلى العناصر الثابتة، مثل الأراضي والتكاليف التمويلية والتسويقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أكتوبر 2019، فرضت الحكومة المصرية تدابير وقائية متدرجة على الواردات من بعض أصناف منتجات الحديد والصلب لمدة 3 أعوام، بواقع 25 في المئة على واردات حديد التسليح من تركيا وأوكرانيا والصين، تنتهي في منتصف 2023 إلى جانب 16 في المئة على خام البليت، قبل أن ترفع الحكومة الرسوم بالنسبة إلى خام البليت في نوفمبر الماضي، بينما أبقت على رسوم حديد التسليح.

وتستهلك القاهرة نحو 7.9 مليون طن سنوياً من حديد التسليح، علاوة على 4.5 مليون طن من خام البليت (يُستخدم في صناعة الصلب).

لا زيادة على أسعار وحدات الإسكان الاجتماعي

وحول تأثير المباشر في وحدات الإسكان الاجتماعي المتنوعة لمحدودي الدخل أو المتوسط أو الفاخر، قالت الرئيسة التنفيذية لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري مي عبد الحميد، في تصريحات إعلامية، إن أسعار الوحدات لن تزيد على الرغم من الأزمة العالمية وارتفاع أسعار مواد البناء، لأن الحكومة ملتزمة بالأسعار في كراسة الشروط، لكنها رفضت التعليق على إمكانية تحريك أسعار الوحدات مستقبلاً.

من جهته، قال عضو شعبة الاستثمار العقاري في اتحاد الصناعات المصرية مصطفى الجلاد، في تصريحات صحافية، إن العقارات في العاصمة الإدارية الجديدة ستشهد ارتفاعاً في الأسعار خلال المرحلة المقبلة على كل المستويات، سواء السكني أو الإداري أو التجاري والطبي، موضحاً أن أفضل وقت للشراء هو الفترة الحالية قبل الارتفاعات، بخاصة بعد الانتقال الكلّي للوزرات، وبدء سريان الحياة هناك بشكل طبيعي.

وأصدر جهاز حماية المستهلك القرار رقم 4 لسنة 2022 الثلاثاء الماضي ونُشر في الجريدة الرسمية للبلاد، مُلزماً جميع الموردين تسليم السلع المحجوزة بالسعر المثبت في مستند الحجز، محذراً المخالفين بغرامة لا تقل عن مليوني جنيه (109 آلاف دولار).

اقرأ المزيد