Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد المصري في مرمى نيران التضخم والدولار

البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو إلى 4.5 في المئة مع ضعف الطلب في التصنيع والسياحة والعملة الأميركية تواصل الارتفاع

قفز سعر صرف الدولار الأميركية مقابل الجنيه المصري بنسبة 75.6 في المئة في أقل من 10 أشهر (أ ف ب)

مع استمرار أزمات ارتفاع التضخم في مصر إلى مستويات كبيرة، إضافة إلى أزمة شح الدولار، خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في العام المالي الحالي إلى 4.5 في المئة، من توقعاته السابقة البالغة 4.8 في المئة.

ووفق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، قال البنك الدولي إن التضخم المرتفع وضعف الطلب الخارجي في قطاعي التصنيع والسياحة، والتشديد المالي والنقدي وعجز الحساب الجاري "الكبير"، والاضطراب التجاري المحتمل من "القواعد التي تحكم الحصول على العملات الأجنبية" ستعمل جميعها على خفض النمو.

البيانات الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد المصري حقق نمواً بنسبة 4.4 في المئة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2022/2023، وخفضت الحكومة من توقعات نمو الاقتصاد إلى خمسة في المئة في العام المالي الحالي بدلاً من 5.5 في المئة المستهدفة، وكشفت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن هذا النمو جاء في ظل التحديات التي فرضتها ثلاثة أحداث عالمية تتمثل في استمرار تداعيات فيروس كورونا، والحرب الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن التأثيرات غير المواتية للتغيرات المناخية.

التضخم يقفز والجنيه يواصل النزف

في ما يتعلق بملف التضخم، وعلى رغم التحركات المكثفة للحكومة المصرية والبنك المركزي لضبط أسعار السلع، كشفت بيانات رسمية حديثة، أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية ارتفع ليسجل نحو 143.6 نقطة لشهر ديسمبر (كانون الأول) 2022، مسجلاً ارتفاعاً قدره 2.1 في المئة عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وسجل معدل التضخم السنوي نحو 21.9 في المئة لشهر ديسمبر 2022 مقابل 6.5 في المئة للشهر نفسه من العام السابق.

وفي السياق، كشف البنك المركزي المصري أن معدل التضخم الأساسي في البلاد ارتفع إلى 24.4 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر 2022، من 21.5 في المئة خلال شهر نوفمبر الماضي، وأوضح أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين سجل معدلاً شهرياً بلغ 2.6 في المئة في ديسمبر 2022، مقابل معدل شهري 0.2 في المئة خلال ديسمبر 2021، ومعدل شهري 2.7 في المئة خلال نوفمبر 2022.

وعلى صعيد خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار، شهدت سوق الصرف تغيرات كبيرة منذ مارس (آذار) من العام الماضي، فخلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقده في 19 مارس من العام الماضي، أعلن السماح بارتفاع سعر صرف الدولار من مستوى 15.77 جنيه إلى نحو 19.64 جنيه، ليسجل الدولار الأميركي مكاسب نسبتها 24.5 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الخفض الثاني فجاء في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تقرر تحريك أسعار صرف الدولار إلى مستوى 24.25 جنيه، لتضيف الورقة الأميركية مكاسب جديدة تبلغ نسبتها 23.4 في المئة، وكان الخفض الأخير خلال الأسبوع الأول من العام الحالي، حيث تم تحريك أسعار صرف الدولار إلى مستوى 27.70 جنيهاً في الوقت الحالي، ليضيف الدولار مكاسب أخرى بنسبة 14.2 في المئة.

لكن منذ بداية تحركات البنك المركزي المصري في مارس من العام الماضي وحتى تعاملات اليوم، فقد قفز سعر صرف الدولار الأميركية مقابل الجنيه المصري بنسبة 75.6 في المئة رابحاً نحو 11.93 جنيه في أقل من 10 أشهر.

تحركات الحكومة

في سبيل احتواء أزمة التضخم، تتحرك الحكومة المصرية والبنك المركزي في أكثر من اتجاه، كان آخرها إعلان البنوك التابعة للحكومة عن طرح شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ نحو 25 في المئة، وحتى نهاية يوم عمل الإثنين الماضي، بلغت حصيلة بنكي الأهلي المصري ومصر من هذه الشهادات الجديدة نحو 155 مليار جنيه (5.595 مليار دولار).

أما على صعيد أزمة شح الدولار، فقد كانت بداية التحركات في مارس من العام الماضي، حينما أعلنت الحكومة عن مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي في شأن الحصول على حزمة تمويلية لاحتواء أزمات العجز والتضخم وشح الدولار، وفي منتصف ديسمبر الماضي، أعلن المجلس التنفيذي للصندوق موافقته على منح مصر حزمة تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى ستة مليارات دولار أخرى من شركاء دوليين.

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس، وتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ثم وافق الصندوق على منح التسهيل وصرف الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار في ديسمبر.

ومن المتوقع أن تحصل مصر على أكثر من خمسة مليارات دولار قبل نهاية العام من مجموعة من المقرضين، وستتلقى البلاد 700 مليون دولار من صندوق النقد الدولي على مدار عام 2023، من خلال شريحتين بقيمة 347 مليون دولار لكل منهما مقررة في مارس وسبتمبر، ومن المتوقع أن تحصل الحكومة على ملياري دولار من خلال بيع بعض الأصول المملوكة للدولة، ومن المقرر أن تحصل على التمويل المتبقي من البنك الدولي، وبنك التنمية الصيني، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق النقد العربي، وبنك التنمية الأفريقي.

فجوة تمويلية بـ17 مليار دولار

في الوقت نفسه، تواجه مصر فجوة تمويلية قدرها 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، ويمثل برنامج صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار أقل من 20 في المئة من هذه الفجوة، وبحسب وثيقة نشرها صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع سداد بقية الفجوة التمويلية من خلال دائنين متعددي الأطراف ومؤسسات دولية أخرى، بما في ذلك البنك الدولي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكذلك من عائدات بيع الأصول المملوكة للدولة إلى صناديق الثروة السيادية التابعة للشركاء الخليجيين.

لكن الودائع الخليجية في البنك المركزي المصري باقية حتى 2026، وفي إطار الجهود المبذولة لضمان عدم اتساع الفجوة التمويلية، حصلت مصر على تأكيدات بأن ودائع دول الخليج في البنك المركزي المصري بقيمة 28 مليار دولار لن تستحق قبل نهاية فترة برنامج القرض في سبتمبر 2026، ولن تستخدم لشراء أسهم أو ديون.

وكشف الصندوق عن خطاب النوايا الذي أرسلته السلطات المصرية وتضمن التزام البنك المركزي المصري سعر صرف مرن "بشكل دائم" للمساعدة في التخفيف من تأثير الصدمات الخارجية، ودعم التنافسية، وتقليص العجز في ميزان المدفوعات، وبالفعل خفض البنك المركزي قيمة العملة مقابل الدولار ثلاث مرات في أقل من عام، ورفع القيود المفروضة على الاستيراد ضمن خطوات نفذها البنك لتطبيق سعر صرف مرن بالكامل.

كما تضمن الخطاب خفض الإنفاق على المشروعات القومية، كجزء من جهود الدولة لضمان الاستدامة الخارجية والاستقرار الاقتصادي، بحسب ما قال الصندوق دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل، وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن ضوابط جديدة لترشيد الإنفاق في موازنة العام المالي الحالي 2023/2022، إلى جانب تأجيل المشروعات القومية التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، والتي لها مكون دولاري.

ونص الخطاب على مزيد من مشاركة القطاع الخاص فيما تعمل الدولة على تقليص دورها في الاقتصاد، وضمان "تكافؤ الفرص بين شركات القطاعين العام والخاص"، وتنفذ الحكومة خطة للتخارج من عدد من الأنشطة الاقتصادية على أن تذهب بموجبها بعض حصيلة مبيعات الحصص في الأصول المملوكة للدولة نحو زيادة الاحتياطات النقدية وسد فجوة التمويل.

وتطرقت الوثيقة إلى التوقف عن دعم المبادرات التمويلية منخفضة العائد، حيث يعمل البنك المركزي المصري على نقل تبعية تلك المبادرات إلى الوزارات المعنية، كما تضمنت إلزام جميع الشركات التابعة للدولة، بما في ذلك شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات المملوكة للقوات المسلحة وكل الهيئات والجهات الأخرى، نشر تقارير سنوية حول النفقات الضريبية.