Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عرابو" الاتجار برضع المغرب من "أهل البيت"

توقيف شبكة لبيع حديثي الولادة تضم 30 شخصاً منهم 18 أمنياً و12 عاملاً في القطاع الصحي ومنظمة حقوقية تتحدث عن ولادة 3 آلاف طفل سنوياً خارج مؤسسة الزواج

معطيات غير رسمية تشير إلى وجود زهاء 3 آلاف طفل مغربي يولدون كل سنة خارج مؤسسة الزواج (أ ف ب)

ملخص

شبكة الاتجار بالرضع تفتح ملف "الأمهات العازبات" في المغرب

ضربة قوية تلك التي وجهتها أجهزة الأمن المغربية بالتنسيق مع عناصر الاستخبارات الداخلية لشبكة إجرامية منظمة وعدد كبير من الأفراد، كانت تتاجر في الرضع حديثي الولادة وتعمد إلى ممارسات غير قانونية لتيسير هذه التجارة في بعض مستشفيات مدينة فاس وسط البلاد.

ويترقب المغاربة أن تكشف هذه القضية المثيرة عن كثير من المفاجآت وسقوط مشتبه فيهم آخرين، غير المتهمين الـ30 أوقفوا أمس الأربعاء وأول من أمس الثلاثاء، خصوصاً بعد قرار تمديد القاضي اليوم الخميس مدة "الحراسة النظرية" في حق الموقوفين.

ملخص القصة

واعتقلت السلطات الأمنية خلال يومين، وفق بلاغ لمديرية الأمن الوطني 30 شخصاً بينهم 18 عنصراً للأمن الخاص وطبيب وممرضان، وكذلك مجموعة من مهنيي القطاع الصحي ووسطاء للاشتباه في تورطهم بممارسة الابتزاز والتهديد والتلاعب في عملية الاستفادة من الخدمات الطبية العمومية والاتجار بالرضع حديثي الولادة.

وتركز البحث الأمني على الأشخاص الموقوفين المتورطين في الوساطة لبيع أطفال حديثي الولادة بتواطؤ مع "أمهات عازبات" (نساء يلدن مواليد خارج مؤسسات الزواج)، بمقابل مادي لحساب الأسر التي ترغب في كفالة الأطفال المهملين.

وتبعاً للبلاغ الرسمي، يُشتبه في تورط الموقوفين الآخرين في ابتزاز المرضى وعائلاتهم مقابل الحصول على مواعيد للفحص والتشخيص أو الزيارة، وكذلك الوساطة في إجراء عمليات الإجهاض بطريقة غير قانونية وإصدار شواهد طبية تتضمن معطيات مغلوطة، كما تورط بعض الموقوفين في انتحال صفات ينظمها القانون والتلاعب في المواعيد الطبية وسرقة وتبديد مستلزمات طبية وأدوية صيدلانية وعرضها للبيع.

وقضية الاتجار بالرضع في مدينة فاس المغربية ليست الأولى من نوعها، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2022 اعتقلت مساعدة صيدلي في عقدها الخامس داخل مستشفى حكومي بمدينة الدار البيضاء، منتحلة صفة ممرضة أو طبيبة بارتدائها وزرة بيضاء، وكانت متلبسة بالتفاوض مع سيدة ولدت توأماً، بهدف تسليمها أحدهما مقابل مبلغ مالي كبير.

وقبل هذه الحادثة أيضاً شهدت مدينة المحمدية المجاورة للدار البيضاء واقعة "شراء" سيدة كانت تعاني العقم لرضيعة حديثة الولادة من أم عازبة، وقالت للشرطة عند اعتقالها إنها متزوجة منذ أعوام وإنها اهتدت لهذه الطريقة حتى لا يطلقها زوجها بسبب عدم الإنجاب.

ممارسات غير سوية

وكشفت هذه القضية التي تبدو أنها حبلى بعدد من المفاجآت المستقبلية عن عناصر عدة وملفات رئيسة تصب جميعها في موضوع الممارسات غير المهنية وغير المشروعة في بعض المستشفيات العمومية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول في هذا الصدد النقابي في قطاع الصحة عبدالشكور رياحي إن عدداً من الممارسات الفاسدة وغير السوية تنخر بعض المستشفيات العمومية على رغم جهود الحكومة في اجتثاث هذه السلوكات المسيئة للقطاع الصحي.

وأضاف أن العصابة الموقوفة تضم بين عناصرها طبيباً واحداً وممرضين اثنين وعدداً من المهنيين في بعض مستشفيات مدينة فاس، وهؤلاء جميعاً ينتسبون إلى مهنة الطب البريئة من مثل هذه الممارسات الجنائية.

وأكمل رياحي أنه "على رغم أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، إلا أنه لولا وجود هؤلاء المنتسبين إلى هذه المهنة الصحية من طبيب وممرضين والمهنيين الآخرين، لما كان وجود لعصابة تتاجر في الرضع حديثي الولادة، لذا فهم يشكلون العمود الفقري لهذه الشبكة الإجرامية".

ويرد مصدر صحي مسؤول، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول الحديث في هذا الملف، بالقول إن الأبحاث الأمنية والقضائية تأخذ مجراها في هذا الملف الثقيل، لكن يتعين عدم الزج بكل "أصحاب الوزرة البيضاء" في هذه الاتهامات لأنها تظل ممارسات استثنائية لا تمس بأي حال من الأحوال بكفاءة وسلامة ذمة مهنيي الصحة بمختلف درجاتهم ومسؤولياتهم".

إشكال الأمهات العازبات

وكشفت التحريات الأولى للشرطة المكلفة بهذا الملف عن تورط موقوفين في الوساطة في بيع أطفال حديثي الولادة بتواطؤ مع أمهات عازبات، مقابل مبلغ لحساب الأسر التي ترغب في كفالة الأطفال المهملين.

في هذا السياق تقول الباحثة الاجتماعية والأسرية ابتسام العوفير إن قضية شبكة الاتجار بالرضع حديثي الولادة تعيد إلى الواجهة النقاش حول إشكاليتي "الأمهات العازبات" و"كفالة الأطفال المهملين" في المجتمع المغربي، ذلك أن الرضع حديثي الولادة محور القضية المذكورة هم مواليد هؤلاء الأمهات اللواتي يلدن لسبب أو لآخر خارج مؤسسة الزواج، ومقابلهن أسر ترغب في كفالة أطفال بسبب العقم أو غيره من الدوافع.

وأوضحت أن قضية الاتجار بالرضع أساساً ترتكز على بعض الأمهات العازبات اللواتي لا يجدن مراكز أو جمعيات مدنية تتكفل بهن وبأبنائهن، فيضطررن إلى الولادة وبيع مواليدهن لأسر تطلب هذه "الخدمة" في ممارسات لا تحترم القوانين المرعية في البلاد.

ووفق العوفير، تزداد حدة معاناة الأمهات العازبات اللواتي يلدن خارج إطار الزواج في المجتمع المغربي، إما لعلاقة غير شرعية أو حتى نتيجة حمل بسبب اغتصاب، إذ إنهن أمام قلة الجهات والمؤسسات التي تعتني بهن وبمواليدهن، فيفكر بعضهن في الولادة في السر، ويبحثن بذلك عن طرق ملتوية من قبيل بيع مواليدهن لعائلات تبحث عن هذه الفرص بسبب عقم الزوجة مقابل مبالغ مالية متفق عليها بين الطرفين، لكن بوجود وسطاء يسهلون هذه العمليات غير القانونية، كما حصل في الشبكة التي اعتقل أفرادها بمدينة فاس.

وترى الباحثة أنه يلزم في خضم التحضير لتعديل بنود وفصول مدونة الأسرة المغربية، إعادة النظر في المادة 146 التي تتطرق إلى مسألة البنوة، بالنظر إلى أن هذا الفصل ينص على أنها تستوي للأم دون الأب في الآثار التي تترتب عليها سواء كانت ناتجة من علاقة شرعية أو غير شرعية.

يذكر أن معطيات غير رسمية صادرة عن المنظمة الحقوقية "إنصاف" تشير إلى وجود زهاء 3 آلاف طفل يولدون كل سنة خارج مؤسسة الزواج لـ"أمهات عازبات"، كثير منهم يتم التخلي عنهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير