Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نملك الدليل على أن لا داعي إلى عمل الأمهات

المسألة تتمحور حول قدرتنا على الاستثمار في رعاية الأطفال بوصفها ضرورة مطلقة

يشكل يوم المرأة العالمي مناسبة تجمع نساء العالم وقضاياهن (بيكساباي)

ملخص

 في #بريطانيا لا يزال من الصعب الجمع بين الأمومة وضرورة #رعاية_ الأطفال وبين العمل، ولم تطرح الموازنة المقدمة من #ريشي_سوناك حلولاً مجدية لتلك المسألة، لكن الأطفال يشكلون ضرورة #نسوية مطلقة

اقترب وقت الإعلان عن الموازنة، ويتهافت كل الآباء [تشمل الكلمة الأب والأم] في المملكة المتحدة كي يعرفوا مدى صدق ريشي سوناك في تعهده بجعل رعاية الأطفال ذات كلفة معقولة أكثر ومرنة وفي متناول الجميع، واليوم تكشف بيانات جديدة صادرة عن الحملة التي أسستُها "حامل ثم متورطة" Pregnant Then Screwed بأنه ما عاد من المنطقي من الناحية المالية بالنسبة إلى ثلاثة أرباع النساء اللواتي يدفعن لقاء رعاية الأطفال أن يعملن أساساً.

إذاً فلنتكلم عن قطاع رعاية الأطفال وبالأحرى عن سبب الأزمة التي تعصف به، ومعنى ذلك والسبب الذي يفرض علينا جميعاً أن نهتم بهذه المسألة. أولاً، نوضح أن هذه المشكلة ليست جديدة، فقد ظل الناشطون في القطاع وموفرو خدمات الرعاية يحذرون على مدى سنوات من انهيار ذلك القطاع في غياب أي استثمار واهتمام حقيقيين، وبين مارس (آذار) 2015 ومارس 2022 أغلقت 20 ألف مؤسسة تؤمن الرعاية خلال الطفولة الباكرة.  وخلافاً لدول أخرى لم تحظ رعاية الأطفال في المملكة المتحدة يوماً بالتمويل المناسب.

في عام 2017 طرحت الحكومة 30 ساعة مجانية أسبوعياً لرعاية الأطفال في أعمار الثالثة والرابعة خلال الفصل الدراسي، لكن تبين لـ "رابطة السنوات الباكرة" Early Years Alliance بعد تقديمها طلب الحصول على المعلومات بموجب "قانون حرية المعلومات"، أن الحكومة تعمدت انتقاص التمويل المقدم للبرنامج بواقع ثلاثة جنيهات إسترلينية في الساعة لكل طفل، وجاءت الصدمة من ملاحظات خلال اجتماعات حكومية تبين إدراكها كذلك بأن هذا النقص سيزيد الكلف المترتبة على الأطفال الأصغر سناً، ويرغم مزيداً من أرباب الأسر [من الذكور أو الإناث] على ترك سوق العمل. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ربما يبدو المبلغ قليلاً، لكن ثلاثة جنيهات في الساعة لكل طفل تمثل عجزاً مالياً لا يستهان به، وقد كبر هذا العجز عبر السنوات مع ارتفاع كلف توفير الرعاية لكن الإعانة الحكومية لا تجاري هذا الارتفاع، وهذا يعني بأن الكلفة المترتبة على أرباب الأسر في ازدياد مستمر.

بحلول عام 2017 كانت الكلف قد ارتفعت سبع مرات أسرع من وتيرة التضخم، وخلال الآونة الأخيرة كشفت بيانات "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" عن أن كلفة رعاية الأطفال عندنا إما أغلى خدمة من نوعها في العالم، أو ثالث أغلى خدمة في العالم (بحسب طريقة توزيع الأرقام). 

وأظهرت الدراسة التي أجريناها على أكثر من 20 ألف أب وأم أن المبلغ الذي ينفقه ثلثاهم لقاء رعاية الأطفال إما يعادل أو يتخطى المبلغ الذي ينفقونه على السكن، وقد ذكرت سيدة من بين كل خمس خضعن لعملية إجهاض خلال السنوات الخمس الماضية أن كلف رعاية الأطفال هي السبب الذي اضطرها إلى التخلص من حمل مرغوب.

كذلك تكشف آخر البيانات التي حصلنا عليها أن أكثر من نصف الآباء (54 في المئة) الذين يلجأون إلى خدمات رعاية الأطفال الرسمية أو غير الرسمية يشيرون إلى أنهم اضطروا إلى تقليص ساعات عملهم بسبب كلف هذه الرعاية أو توفرها لهم.

وثمة أمر يثير الاستياء تحديداً يتمثل في التجاهل المستمر لموضوع رعاية الأطفال، إذ تمنح المدارس الخاصة تخفيضاً بقيمة 80 في المئة من الرسوم المفروضة على الأعمال، ويدفع قطاع رعاية الأطفال هذه الرسوم بالكامل.

 

إذا كنت من أصحاب الأعمال الحرة فيمكنك أن تتقدم بطلب تخفيض ضريبي لقاء لعب مباراة غولف، لكن لا يمكنك تقديم الطلب نفسه لقاء كلف رعاية أطفالك، تخيل ذلك.

تتحدث الحكومة دائماً عن مساعدة "غير الفاعلين اقتصادياً" على العودة لسوق العمل من دون أن تدرك العلاقة الواضحة بين عجز أرباب الأسر [ذكوراً وإناثاً] عن العمل من جهة ومشكلات رعاية الأطفال من جهة ثانية، وكذلك تتحدث عن ضرورة "ممارسة الجنس من أجل بريطانيا" مع تباطؤ معدلات الإنجاب، لكنها لا تدرك بأن الأمهات بتن يتخلصن الآن من حمل مرغوب فيه بسبب كلفة رعاية الأطفال. 

واستطراداً بسبب الارتفاع المتزايد في كلف رعاية الأطفال ما عاد أشخاص كثر قادرون على تحمل كلفة العمل، ومن الصادم أن 84 في المئة من بين 1.7 مليون شخص اضطروا إلى ترك العمل من أجل رعاية أسرهم من النساء، إذ تركت 43 ألف سيدة سوق العمل من أجل الاعتناء بعائلاتهن العام الماضي بزيادة ثلاثة في المئة عن العام الذي سبقه.

لماذا يا تُرى؟ هل يمكن أن يكون السبب ارتفاع كلفة رعاية الأطفال بسرعة أكبر من زيادة الأجور؟ أم أن العثور على مكان لرعاية الأطفال قد يبدو مهمة شبه مستحيلة؟

في ذلك الصدد قدر "مركز السياسة التقدمية" بأن 1.7 مليون امرأة تمنع من قضاء ساعات أكبر في العمل المأجور بسبب مشكلات العناية بالأطفال مما يؤدي إلى خسارة 28.2 مليون جنيه من الناتج الاقتصادي كل عام.

ووفقاً للصحافي لويس غودال، قدرت الحكومة النرويجية في الفترة الأخيرة إسهام الأمهات العاملات مقارنة مع إجمال الناتج المحلي للبلاد ووجدت أنها تساوي قيمة مساهمة احتياط النفط خلال الفترة ذاتها.

لكن رعاية الأطفال لا تتعلق حصراً بالحرص على إعطاء أرباب الأسر القدرة على المساهمة المالية في العائلة والاقتصاد، وبالأحرى هي استثمار في الأطفال، ووفق معظم التقارير ذات الصلة تعتبر السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل الأهم بالنسبة إلى مستقبله، ولذلك فإن توفر رعاية عالية الجودة لكل الأطفال يقلص فجوة التحصيل الدراسي بين أكثر الأطفال ثراء وأكثرهم فقراً، ويحسن عافية جميع الأطفال ويقوي مهاراتهم الاجتماعية ويعزز فرصهم في الحياة، وما نعنيه بالجودة العالية في رعاية الأطفال أنها تلك التي يوفرها المربون المتخصصون في سنوات الطفولة الباكرة والذين يتلقون أجراً مناسباً ويمنحون فرصاً للتطور الوظيفي والتدريب ويملكون مؤهلات عالية حينما يحدث تناسب بين نسبة الموظفين وبين عدد الأطفال الذين يتلقون الرعاية منهم، وليس لدينا الآن سوى ذلك النظام الذي يدفع أجوراً قليلة ويعامل من يتولى تربية الطفل كأنه جليس أطفال.  

بالتالي فلقد فشلت هذه الحكومة في مسألة تعليم أطفالنا خلال السنوات الأولى من حياتهم، وأوصلت قراراتها (أو انعدامها) ذلك القطاع إلى وضع مأزوم، فدفعت الأمهات إلى ترك العمل وأوقعت عائلات في براثن الفقر فيما يتناقص عدد الأطفال الذين لديهم إمكان تلقي جانب مهم من تعليمهم، وإن هذا يفقرنا جميعاً، وما لم تخصص موازنة الـ 15 من مارس استثماراً كبيراً في رعاية الأطفال فسوف نفقد آلاف موفري هذه الخدمة الآخرين وسوف ترتفع الكلف أكثر وسوف يغادر عشرات آلاف أرباب الأسر (أو الأمهات إجمالاً) سوق العمل، وسوف ترتفع معدلات فقر الأطفال.

واستناداً إلى ذلك فإن المسألة المطروحة ليست مدى قدرتنا على الاستثمار في رعاية الأطفال بل مدى قدرتنا على عدم فعل ذلك.

 

* جويلي بريرلي مؤسسة حملة "حامل ثم متورطة" Pregnant Then Screwed

© The Independent

المزيد من آراء