Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة التي أحدثت ثورة في تناول موضوع متعة الأنثى

صعدت شير هايت الجميلة بفضل كتابها الشهير "تقرير هايت"، إلى سلم الشهرة كإحدى أبرز الشخصيات في مجال الجنس والمشاهير. وثائقي جديد يعرض الآن قام باستكشاف ما حدث معها بعد ذلك، وتتبع مسارها بدءاً من الفضيحة التي طاردتها، حتى اختفائها

ألهمت شير هايت النساء لمشاركة آرائهن حول كل ما يتعلق بالإثارة الجنسية  (شاتر ستوك)

ملخص

في فيلم "اختفاء شير هايت" تتتبع المخرجة نيكول نيونام الصعود المثير نحو الشهرة لمثقفة تنتمي إلى الطبقة العاملة

بات مألوفاً هذه الأيام أن نشاهد المشاهير من النساء أو ما تقدمه بطلاتٍ خياليات، وهن يناقشن علناً متعة تحفيز أحد أمكنة الإثارة لدى المرأة، كما رأينا مع كارا ديليفين في فيلمها الوثائقي على شبكة "بي بي سي"، بعنوان "كوكب الجنس" Planet Sex، وفيبي والر بريدج في فيلم "فليباغ"  Fleabag، وكذلك إيما ستون في فيلم "أشياء مسكينة" Poor Things الحائز على جائزة "غولدن غلوب" وترشيحاً لنيل جائزة "أوسكار". وفيما يبدو أن الجميع باتوا يتقبلون هذا النوع من الأحاديث، إلا أنه في مطلع سبعينيات القرن الماضي، كانت هذه المناقشات تواجَه بالرفض. فقد أحدث كتابٌ صدر في عام 1976 من تأليف عالمة الجنس شير هايت، بعنوان "تقرير هايت" Hite Report، ثورةً في طريقة فهمنا لمتعة الأنثى. ويطرح فيلمٌ وثائقيٌ جديد التساؤل الآتي: لماذا لم يُعرف اسم هايت، ولماذا لم تكوّن شهرةً واسعة؟

في فيلم "اختفاء شير هايت" The Disappearance of Shere Hite، تتتبع المخرجة نيكول نيونام الصعود المثير نحو الشهرة لمثقفة تنتمي إلى الطبقة العاملة. فقد وُلدت هايت في ولاية ميسوري الأميركية، لكنها أعادت اكتشاف نفسها في مدينة نيويورك على طريقة هولي غوليتلي (الشخصية الرئيسية في رواية ترومان كابوتي "الإفطار عند تيفاني" Breakfast at Tiffany's التي تمثل العفوية والإهمال في مرحلة البلوغ المبكر للنساء). فقد كانت هايت تضع أحمر الشفاه النابض بالحياة، وترتدي ستراتٍ ذات خصر مشدود، وتعتمد تسريحة شعرٍ مستوحاة من تامارا دي ليمبيكا (رسامة بولندية اشتُهرت في مطلع القرن العشرين برسومها التي تجسد نساء أرستقراطيات عاريات). وعرضت هايت جسدها للتصوير في منشورات مثل مجلة "بلاي بوي" Playboy بهدف تمويل سعيها إلى نيل درجة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي من "جامعة كولومبيا". إلا أنها توقفت عن سعيها الأكاديمي وكذلك عن التقاط الصور، لدى اعتناقها الحركة النسوية (وتكوينها صداقاتٍ في هذا الإطار مع شخصيات مثل غلوريا ستاينم الصحافية والناشطة الاجتماعية، وكايت ميليت الكاتبة والمدافعة عن حقوق المرأة، وفلورينس كينيدي المحامية والناشطة النسائية).

أدركت شير هايت - التي دفعتها حماسة النقاشات ضمن الحركة النسوية - ضرورة إجراء مزيدٍ من الأبحاث في ما يتعلق بالنشوة الجنسية لدى الإناث. قامت بصياغة استبيان فريدٍ من نوعه مؤلف من 58 سؤالاً ووزعته على أكثر من 3 آلاف امرأة أميركية لم يُكشف عن هويتهن. وقد أكدت المشاركات في البحث في نسبة كبيرة منهن، أن تحقيق النشوة الجنسية عبر الاستمناء كان أكثر سهولةً من الجماع التقليدي. الاستطلاع تعمق في معرفة وجهات نظرهن حول ممارسات جنسية معينة واستخدام أدواتٍ للمتعة ومسألة النشوة المزيفة، وكشف عن نسيج واسع من التجارب والمخاوف والأوهام التي - حتى في الأزمنة المعاصرة - تظل استفزازية ومثار جدل كبير.

النتائج التي توصلت إليها هايت اكتشفتها عن طريق المصادفة إحدى دور النشر الكبرى. فاستناداً إلى المخرجة نيونام، واجه المدراء التنفيذيون في دار "ماكميلان لكتب البالغين" Macmillan Adult Books انتقاداتٍ من ناشطاتٍ في مجال الحركة النسوية وحقوق المرأة في الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وفي محاولة لتحسين سمعتها والظهور بشكل أكثر شمولاً للجنسين، قامت الدار بتعيين ريجينا رايان كأول رئيسة تحرير لها لتكون أول امرأةٍ تتولى هذا المنصب في الشركة. وكانت رايان وهايت عملياً جارتين، وخلال أحد اللقاءات بينهما، أطلعتها هايت على تفاصيل مشروعها، والذي كان بالضبط نوع الكتب الذي كانت رايان حريصةً على دعمها، وكانت مراجعاتها التحريرية عليه ضئيلة (جاء اقتراح العنوان من زوجها) والبقية، كما يقال، هو تاريخ.

على رغم استياء "دار ماكميلان للنشر" من الكتاب (يبدو أن محاولاتٍ واضحة أجريت لعرقلة نجاحه)، إلا أنه صعد ليصبح من أكثر الكتب مبيعاً. ولا يزال من بين الكتب الـ 30 الأكثر إقبالاً على الإطلاق، وكان له تأثير عميق بحيث غير حياة الملايين. ويكشف الوثائقي عن قصة لافتة، فإحدى المشاركات التي كتبت صراحة عن ميلها إلى المتعة الذاتية، ذكرت أنها أطلعت صديقها على ما كتبته، فقال لها غير مدرك أنها من كتب ذلك: "إنه مقزز!" (أعزائي القراء، فلنأمل في أن تكون قد اتخذت القرار الصائب في شأن علاقتهما).

الكتابان اللاحقان لشير هايت: ("تقرير هايت عن الرجال والجنس الذكوري" The Hite Report on Men and Male Sexuality، و"النساء والحب: ثورة ثقافية في التقدم" Women and Love: A Cultural Revolution in Progress)، لم يحققا المستوى نفسه من النجاح. ومع ذلك، فقد حافظا على حضورها العام، وأمّنا لها إمكانية شراء شقة في "الجادة الخامسة" الراقية في نيويورك، التي قامت بتزيينها على نحوٍ فخم (وبدا واضحاً أنه كان لديها شغفٌ قوي بجماليات فنون الباروك التي طبعت القرن السابع عشر).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أنه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، بدأت ردود الفعل العنيفة تظهر ضد هايت. فقد أثار منتقدوها باستمرار مخاوف في ما يتعلق بمنهجيتها، وواجهت اتهاماتٍ بأنها "معادية للذكور" (على رغم أن آلاف الرجال شاركوا في استطلاعاتها، وثمّنوا إتاحة الفرصة لهم لمشاركة تجاربهم). وعندما ظهرت في برنامج أوبرا وينفري الحواري، كان عليها أن تقف أمام جمهورٍ مؤلفٍ بكامله من رجال ساخطين، فطلبت من جانيت وولف - وهي طبيبةٌ نفسية سريرية وإحدى أقرب صديقاتها إليها - الجلوس خلف الكواليس. وشوهدت هايت في لحظةٍ مؤثرة وكوميدية في الفيلم الوثائقي، وهي تنظر من حولها، وتتمتم برجفةٍ خفيفة في صوتها قائلة: "أين هي جانيت؟".

على مدى السنوات العشر التالية، ومع تصاعد الانتقادات والهجمات الشخصية، تبنت هايت أسلوب حياة منكفئ يمكن وصفه بأنه "ليلي تقريباً". واستناداً إلى المخرجة نيونام، فقد بدا الأمر كما لو أنها انسحبت من التفاعلات الاجتماعية. وعندما كانت تُضطر إلى الانخراط في الأنشطة المتعلقة بالإعلام، كان تجد الأمر غايةً في الصعوبة. وكانت إحدى مساعداتها تأتي إلى شقتها في العاشرة صباحاً وتترك لها ملاحظاتٍ تحدد مهماتها اليومية، لتعود بعد ذلك وتلتقي بها في الساعة الخامسة مساءً لمدة 40 دقيقة قبل أن تتوجه هايت لإجراء المقابلات.

تعرب نيونام عن انزعاجها عندما تواجه أسئلةً حول سبب استمرار شير هايت في مواجهة تفاعلات إعلامية صعبة ومعادية في كثير من الأحيان: "كان عليها أن تواصل العيش. فقد كانت عليها ديون يجب أن تسددها. وكانت لديها رسائل تود توجيهها، وكانت ملتزمةً نقل أفكارها. لذا بطبيعة الحال، استمرت في المضي قدماً، حتى في مواجهة الهجمات المنسقة عليها من وسائل إعلام بارزة".

خصوم هايت المحافظون سعوا إلى تقويض سلوكها الواثق والمرح، وقد كان مثيراً كما هو محزن في الوقت نفسه، أن نشهد نجاحهم. كان هؤلاء المعارضون حريصين على تصوير هايت على أنها إما امرأة ثرية لا يمكن الاقتراب منها أو شخصية عاطفية وغير عقلانية بشكل مفرط. ففي عام 1987، استفادوا من تفويتها فرصة الحضور لإجراء مقابلة مباشرة، وتخطيها مقابلة مسجلة، ثم اُتهمت بالاعتداء على سائق الليموزين الخاصة بها، بعدما خاطبها بكلمة "عزيزتي". يُظهر الفيلم الوثائقي لحظة متوترة بشكل خاص وضعت هايت في ما يشبه الكمين، عندما كشف المحاور موري بوفيتش في البرنامج التلفزيوني "أي كارينت أفير"  A Current Affair، عن أن ضيفه المفاجئ هو السائق المذكور. قالت هايت بكرامة: "كنت أود التحدث مع جمهور النساء الحاضرات"، وقامت بنزع الميكروفون، لتفقد السيطرة على نفسها، في الوقت الذي كانت فيه الكاميرات تواصل تصويرها.

في الأشهر اللاحقة، كان التأثير على الصحة العقلية لشير هايت "بالغاً" كما وصفتها المخرجة نيونام. فإلى جانب مواجهة الرفض من الناشرين لكتابها التالي، بدأت تتلقى تهديداتٍ بالقتل، وهي تجربة كانت "مؤلمة" جداً بالنسبة لها. ومع ذلك، كانت نيونام حريصة على عدم تصوير موضوعها على أنه مأسَوي. وتقول في هذا الإطار: "كان ذلك خطراً بسبب شدة انحدار جانبي الصعود والإنجازات وكذلك الهبوط والتراجع في السردية المتعلقة بها. لكنني أعلم أن شير لم تعتبر نفسها ضحية".

ولهذا السبب توخت المخرجة الحذر أيضاً عند قيامها بتحرير القسم الخاص بعائلة هايت. فقد علمنا أن والد هايت كان بالكاد موجوداً في حياتها، وأن والدتها - التي كان عمرها 16 سنة فقط عندما أنجبت هايت – كانت شخصاً غير متاح وبعيد المنال. وقد كتبت شير التي أرسلت في كثير من الأحيان للعيش مع جدها وجدتها المتنازعين أو مع خالتها التي تعيش في فلوريدا، أنها غالباً ما شعرت بأن "لا قيمة لها" عندما كانت طفلة، وأنها أشبه بـ "حثالة".

واجهت هايت رفضاً حتى في مرحلة البلوغ. وتشرح نيونام ذلك قائلة: "عندما كبرت، عاودت الاتصال بوالدها لفترةٍ وجيزة، لكن النتيجة لم تكن مُرضيةً لها. أما والدتها فظلت بعيدةً عنها. ويمكن من هنا فهم كيف أثر هذا الجرح النفسي على عمل شير وحياتها. كيف لا؟ لكنني كنتُ في الواقع أسعى إلى تحقيق التوازن الصحيح، لأنني لم أرغب في أن يمضي المشاهدون وقتهم بالكامل في تحليلها نفسياً".

هذا لا يعني أن حياتها الشخصية لم تكن رائعة. وفي هذا الإطار تطرح نيونام الأسئلة الآتية: "ما القوى الدافعة وراء تجارب شير هايت الجنسية؟ كيف كانت حياتها الجنسية؟ سيحتاج الأمر فيلماً كاملاً للحديث عن هذا. فعندما كانت طفلة، كانت لدى شير مشاعر وصفتها الأعراف المجتمعية بأنها مذنبة، على رغم أن هذه المشاعر كانت طبيعية تماماً. وقد غذى هذا الإدراك لديها فهمها لطريقة تأثر حياتنا ’الخاصة‘ ظاهرياً بشكلٍ كبير بالسياسة. وبالنسبة إلى هايت، كان الجنس عبارةً عن أطياف متنوعة، وقد عاشت عبر هذه الأطياف بنفسها. وتقول هايت في وصف أحد عشاقها: ’لا أستطيع أن أتذكر كيف مارسنا الحب، لكني أتذكر المشاعر الحسية والعاطفية التي صنعناها معاً في علاقتنا‘". وتسلط المخرجة الضوء أيضاً على كتابات هايت المؤثرة عن علاقة غرامية جمعتها برجلٍ أكبر سناً منها، التي تصور جهود امرأةٍ شابة لتحريره من مشكلاته وانعدام الأمان لديه بسبب جسمه المسن.

في المقابل أسرّت هايت لإحدى صديقاتها مؤكدةً بوضوح لها هويتها على أنها ثنائية الميول الجنسية. وتقول نيونام إنه "على رغم أنها لم تعلن ذلك صراحةً في البرامج التلفزيونية التي ظهرت فيها، ولم تأتِ في كتاباتها على ذكر أنها امرأة ثنائية الاتجاه الجنسي، إلا أنها انخرطت في علاقات رومانسية مع نساء. كنتُ أعرف عن تلك العلاقات، لكن لأسباب مختلفة، كانت النساء المعنيات يفضلن عدم مناقشة تجاربهن أمام الكاميرا. وبطبيعة الحال، إذا كانت إحدى حبيباتها السابقات على استعدادٍ لمشاركة وجهة نظرها، فكنتُ سأقوم بإدراجها في العمل".

أظهرت هايت نهجاً متقاطعاً متعدد الجوانب [دمج الجوانب المختلفة للهويات الاجتماعية والسياسية للشخص لخلق أنماط فريدة من التمييز والإبداع]. ففي عام 1977، دعمت مالياً الناشطة كاي ويتلوك كي تنتقل إلى فلوريدا وتقوم بمواجهة حملةٍ معادية للمثليين والمثليات أطلقت عليها تسمية "أنقذوا أطفالنا" Save Our Children، بقيادة أنيتا براينت ملكة الجمال والمغنية التي تحولت إلى ناشطة مناهضة للمثلية. وتوضح نيونام ذلك بالقول: "كنتُ متحمسة حقاً لإدراج ذلك في الفيلم لأن كاي ذكرت المسألة أمامي بشكلٍ عابر. إنه نوع التفاصيل التي قد ينساها التاريخ لولا ذلك. إن التناقض بين أنيتا براينت، التي استخدمت جمالها وشخصيتها العامة لتعزيز قضية مريعة، وشير هايت، التي استخدمت نفوذها في النشاط التقدمي، يقدم تجاوراً مقنعاً بين امرأتين بارزتين في التاريخ. وقد وجدتُ أن من المقنع وضع - هاتين الشخصيتين البارزتين - أنيتا وشير جنباً إلى جنب".

ليس من المستغرب أن يكون فيلم يجسد السيرة الذاتية لشير هايت قيد الإنتاج. قد يكون اختيار دور هايت مثيراً للاهتمام بالفعل، لأنها كانت تمتلك صفات غالباً ما ترتبط بالممثلات (غريتا غيرويغ، جيسيكا تشاستين، كايت بلانشيت، باتريشيا كلاركسون - إن أي ممثلةً منهن ستكون مناسبة تماماً لدور البطولة في السيرة الذاتية).

بالطبع، سيكون اختيار بلانشيت وكلاركسون في فيلم كهذا أكثر ملاءمة إذا كان يتضمن مشاهد تُصور الأعوام الأخيرة لهايت. وفي الواقع، تميزت هذه الفترة من حياة هايت بتغييرات وتحديات كبيرة. في عام 1995، بعد أن شعرت هايت بأنها منفية فعلياً، تخلت عن جنسيتها الأميركية. ومن ثم انتقلت إلى ألمانيا مع زوجها الأول، فريدريتش هوريك، واستقرت في نهاية المطاف في لندن مع زوجها الثاني بول سوليفان (كان لديها منزل في توتينهام). وفي أوروبا، نجحت هايت في نشر كتبها وحافظت على حضورها الإعلامي. وتعاونت مع المصور الفرنسي إيريس بروش في جلسات التصوير، الذي التقط صوراً لهايت في لحظات مرحة وهي تتجول أمام برج إيفل وترتدي قمصاناً شفافة.

وترى المخرجة نيونام أن قرار هايت الاحتفاء بجسدها من خلال الظهور شبه عارية، كان أمراً مرحاً و"جريئاً ويجسد روحاً ثورية مرتبطة بحركة "البانك" [نشأ هذا المصطلح من موسيقى البانك روك في السبعينيات، والذي تميز بصوته الخام والمثير ومعارضته للمعايير السائدة، وقد اتسع المصطلح منذ ذلك الحين ليصف موقفاً عاماً أو نهجاً في سياقات مختلفة]. وتقول: "أعتقد أنه من المهم للغاية أن يتم التقاط هذه الصور المذهلة في منتصف الخمسينيات من عمر شيري. لقد سخرت الصور التي تظهر الشابات على أنهن مجرد أشياء وأعادت توجيهها نحو أهدافها في التعبير عن الذات". 

ومع ذلك، تقر المخرجة بأن صورة هايت الـ "بوهو قنبلة"  Boho-Bombshell (أسلوبها الذي يجمع ما بين عناصر الجمال البوهيمي "بوهو"، والجماليات الجذابة "قنبلة") جاءت مصحوبة بثمن وبمجموعة من التحديات الخاصة بها. وتقول: "أعلم أنها قضت الكثير من الوقت في الحفاظ على مظهرها، خصوصاً مع تقدمها في السن. كان عليها الالتزام بالقيام بتمارين رياضية واتباع أنظمة غذائية محددة. وقد وجدت بعض صديقاتها في الحركة النسوية في الماضي صعوبةً في التوفيق بين ذلك وموقفها السياسي".

وتضيف نيونام أن "بعضهن تواصلن معي على انفراد وقلن لي: ’كما تعلمين، لم يتم أخذها على محمل الجد في الحركة، بسبب مظهرها‘. (للتوضيح، إن غلوريا ستاينم ليست إحداهن. فقد رفضت طلبي إجراء مقابلة معها، فقط لأنها ’تواجه بعض المشكلات الصحية‘). وتابعت: "اثنتان من صديقاتها أعربتا عن حزنهما، لأنهما شعرتا بأن شير كان عليها أن تبذل قصارى جهدها للحفاظ على جمالها".

في المقابل، يبدو أن مظهر الجمال الخارجي لهايت المتسم بالجرأة، كان مثار جدل بالمقدار نفسه بين الرجال. ففي منتصف الثمانينيات، عندما عادت هايت إلى "جامعة كولومبيا" بهدف إكمال درجة الدكتوراه، واجهت مقاومةً وعوملت على أنها دخيلة وغريبة من جانب أقرانها الذين كانوا في غالبيتهم من الذكور.

وقد أجرت نيونام مقابلة مع عالمة اجتماع مقيمة الآن في إيرلندا قالت فيها: "كنا جميعاً نعيش في عالم ما بعد شير هايت. لقد قرأنا ’تقرير هايت‘، واستندنا جميعاً إليه لتعزيز علاقاتنا مع صديقاتنا. لقد غير بشكل جذري بنية مجتمعنا وهيكليته. ومع ذلك كنا كلنا نضحك في إحدى الندوات للدراسات العليا، ونطرح السؤال: لماذا تضع هذا الماكياج الغريب وترتدي تلك الملابس الغريبة؟".

هايت التي تُوفيت في عام 2020 عن عمر ناهز 77 سنة، أمضت حياتها كلها تكافح من أجل أن يتم فهمها. ولعل هذا هو السبب وراء اهتمام نيونام بشدة بسيرة حياتها وقضيتها، وتحرص بشدة على كسب مودة المعجبين الجدد بها. وتختم نيومان بالقول ضاحكة: "لقد أبدى المسؤولون عن البرامج في "مهرجان صاندانس السينمائي" Sundance Film Festival الكثير من الحماسة عندما شاهدوا (الفيلم)، قائلين إنه "في غضون سنوات قليلة، سنرى شاباتٍ يرتدين زي هايت في عيد الهالوين! قد يبدو ذلك أمراً سخيفاً، لكنه يعني أنه قد أعيد احتضانها باعتبارها رمزاً ثقافياً يُحتذى به".

فيلم The Disappearance of Shere Hite يُعرض الآن في دور السينما

© The Independent

المزيد من ثقافة