Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لبنان لا يريد الحرب"... حملة حتى لا يتكرر الماضي

يجمع اللبنانيون على رفض العودة إلى تجربة "حرب تموز" عام 2006 في ظل وضع اقتصادي متأزم

إحدى لافتات حملة "لبنان لا يريد الحرب" (من وسائل التواصل الاجتماعي)

ملخص

انتشرت على الطرقات اللبنانية لافتات إعلانية حملت شعار #لبنان_لا_يريد_الحرب لتعكس مواقف اللبنانيين الرافضة للحرب على اختلاف طوائفهم

بعد نحو أسبوع على بداية الحرب في غزة والاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، انتشرت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "حتى لا يتكرر الماضي لبنان لا يريد الحرب". لكن، أخيراً اتسعت هذه الحملة، واتخذت شكلاً آخر، حيث ترافقت مع حملة إعلانية انتشرت فيها اللافتات على الطرقات اللبنانية. وحصل ذلك تزامناً مع انتشار شعار الحملة على نطاق أوسع في الأيام الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء بشكل رسائل أو عريضة يوقعها المواطن تأكيداً على رفضه الحرب، وعلى إجماع بين اللبنانيين على ذلك.

إجماع على رفض الحرب

وكأن اللبنانيين وجدوا من خلال الحملة وسيلة يعبرون من خلالها بطريقة علنية وواضحة عن رفضهم الانخراط في حرب أو نزاع يعيدهم إلى تجربة "حرب تموز" عام 2006 التي استمرت لأكثر من 30 يوماً، وكانت لها تداعيات اقتصادية واجتماعية ومالية كارثية على البلاد. ويعلم الكل أن لبنان، بوضعه الاقتصادي المتأزم حالياً، لا يملك مقومات الصمود أمام حرب جديدة. من الطبيعي أن يتخوف المواطنون اللبنانيون من أن تشهد البلاد تكرار سيناريو حرب 2006، في مثل هذه الظروف. فهم يدركون أن وقعها سيكون كارثياً ويزيد الوضع سوءاً. لذلك، مع انتشار الحملة مع هاشتاغ "لبنان لا يريد الحرب" على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت هناك مشاركة واسعة شارك فيها عدد كبير من المؤثرين والفنانين للمطالبة بإبعاد شبح الحرب عن لبنان، ومنهم الفنانة إليسا التي نشرت على حسابها عبر منصة "إكس" صورة تظهر جمال بيروت قبل الحرب وأخرى تظهر الدمار خلالها. وتصدر"#لبنان_لا_يريد" الحرب قائمة التريندات على منصة "إكس".

تكتم الجهة التي وراء الحملة

أخيراً انتقلت الحملة إلى الطرقات وأخذت شكلاً آخر مع انتشار اللافتات الإعلانية الضخمة التي تحمل الهاشتاغ نفسه. تنوعت اللافتات بين التي كتب عليها "كي لا يتكرر الماضي #لبنان_لا_يريد_الحرب"، وأخرى كتب عليها "كل الخيارات مطروحة، ولكننا لا نريد خيار تكرار الماضي" مع هاشتاغ الحملة.

لم تظهر بعد الجهة التي تقف وراء هذه الحملة. ويبدو واضحاً أنه ثمة تكتم حول الموضوع، حيث تبدو الجهة أو الجهات المعنية حريصة على البقاء في الظل وعدم الإفصاح عن هوية المعنيين بتنظيم الحملة وتمويلها. يجري التداول بأن رجال أعمال لبنانيين ومغتربين يقفون وراء الحملة، بسبب تأثر البلاد اقتصادياً بظروف الحرب الدائرة حالياً وتوقف الأعمال في لبنان وتحمل اللبنانيين خسائر كبرى. فأسهم ذلك بتدمير اقتصاد البلاد بشكل إضافي في ظل الأزمة، كما يشاع حالياً أن حزب "القوات اللبنانية" ربما وراء الحملة التي ترافقت في الأسابيع الماضية مع دعوات إلى تجمعات، وإلى مطالبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بنزع سلاح "حزب الله" تنفيذاً للقرار 1559.

قد تذكر الظروف التي انطلقت فيها الحملة بتلك التي رافقت ثورة أكتوبر (تشرين الأول) 2019. فهي بالفعل ترفع صوت كل اللبنانيين وتعكس رغباتهم، وتقف وراءها جهات توجهها وتمولها، هذا ما يوضحه رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور في حديثه، إذ يشير إلى أنه من الممكن أن تقف جهات حزبية وراء الحملة بالفعل كما يشاع. إلا أنها في كل الحالات، تعبر عن آراء ومواقف اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومناطقهم، في شأن الحرب، تماماً كما حصل عام 2019. فانطلاقتهما متماثلة كما يبدو واضحاً، وفي الحملة تأكيد على رفض الحرب، تماماً كما هي رغبة المواطنين كافة. فمن الممكن أن قسماً ممن كانوا ناشطين في الحراك يعملون حتى اليوم ضد الحرب والمشاريع التي قد تدمر البلاد، وكثيرون يشجعون على ذلك معتبرين أن اللبنانيين اكتفوا من دمار ومعاناة على حسابهم وحساب أولادهم من أجل أجندات خارجية. وحان الوقت، ليحافظ اللبناني على مصالحه الخاصة.

رغم الرفض تفاوت في النظرة إلى الحرب

اليوم، يبدو واضحاً أن اللبنانيين لا يريدون الحرب بأي شكل من الأشكال. فإذ يؤكد اللبنانيون تضامنهم مع الفلسطينيين وأهل غزة بشكل خاص، مطالبين بوقف إطلاق نار، يرفضون في الوقت نفسه الانجرار في الحرب، خصوصاً أن الوضع اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه في عام 2006.

بغض النظر عن الجهات التي تقف وراء حملة "لبنان لا يريد الحرب"، يبدو واضحاً أنها تعكس فعلاً مواقف اللبنانيين الذين يظهرون تخوفاً واضحاً من الحرب، ويعبرون صراحة عن قلقهم في شأن الأيام المقبلة إذا ما اتسعت رقعة الحرب وألحقت إسرائيل بلبنان الدمار، وقامت بمجازر كتلك التي في غزة. إنما أيضاً، يبدو ثمة تفاوت في النظرة إلى الحرب وطبيعتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إيلي شاهين مثلاً مواطن يرفض الحرب. في الوقت نفسه يشير إلى أنه لا يملك معطيات أسبابها والدوافع التي وراءها. فمن الممكن أن تكون هناك دوافع خفية غير تلك التي يجري التداول فيها. فإذا كان الهدف من الحرب في لبنان، الحد من الضغط العسكري الإسرائيلي في غزة، يرفض هذا المبدأ تماماً، لأنه ليس من شأن لبنان التدخل في ذلك، لأنه سيكون الخاسر الأكبر. وكان من الواضح أن دولاً عربية أخرى نحت جانباً ولم تتدخل في هذه الحرب حرصاً على مصالحها، بعكس ما حصل في لبنان. أما إذا كانت وراء الحرب أهداف أخرى كتهجير الفلسطينيين إلى لبنان وتوطينهم، فيؤكد أنه يحرص على سيادة الدولة وعلى استقلالها وتبقى مصلحة الشعب اللبناني فوق كل اعتبار.

لا تخيف الحرب بذاتها شاهين، بل نتيجتها. والدخول في حرب خاسرة أساساً مرفوض تماماً بالنسبة له. أما إذا كان الهدف من دخول الحرب، الحفاظ على شيء من حقوق مسلوبة أو استعادتها، فلا يكون هناك خيار آخر غير الدخول فيها. لا ينكر أن احتمال دخول لبنان الحرب وارد وهو يدرك ذلك كأي مواطن آخر، وإن كان لا يتمنى ذلك. لكنه يعرف أيضاً أن قرار الحرب ليس بيد المواطنين ولا الدولة حتى.

أما آمال أبي هيلا فتؤكد أن التداعيات الاقتصادية والأمنية للحرب أكثر ما يقلقها، كما يقلق أي مواطن آخر. فالكل يعلم أن نتائج الحرب على لبنان ستكون كارثية، والمواطن اللبناني لم يعد يحتمل أكثر، بعد كل ما عاشه من حروب وأزمات، وهو لا يزال يعيش هذه المعاناة إلى اليوم. في الوقت نفسه تعبر عن تخوفها أن تؤدي الحرب إلى توطين الفلسطينيين، كما يشاع. هذا، فيما لا يزال لبنان يعاني جراء الأعباء التي ألقيت على عاتقه مع النزوح السوري. وهو لا يزال يتحمل تبعاته إلى اليوم.

زياد بحصلي من المواطنين الذي يعبرون عن مخاوفهم من اتساع رقعة الحرب. وإذ يتوقع ألا تتطور الأمور أكثر مما يحصل حالياً، لكن لا ينكر أن مسألة اندلاع الحرب تحولت إلى هاجس في العائلة حيث تسيطر أجواء القلق والخوف مما قد يحصل في اليوم التالي.

وتعبر صولانج أيضاً عن تخوفها من الحرب بما لها من تداعيات وخسائر. في الوقت نفسه تؤكد أن المعاناة مستمرة من سنوات طويلة، وإذا كانت الحرب ستضع حداً لهذه المعاناة وتأتي لمصلحة الجميع، فهي تؤيدها.

محمد يشارك صولانج هذا الرأي مشيراً إلى أن الحرب لا تخيفه قد عاش حرب 2006 وصمد فيها كغيره من اللبنانيين، وقد يعيش أخرى كما استطاع أن يتخطاها. لا ينكر أن أجواء القلق والتوتر مسيطرة في البلد. بالنسبة له قد تندلع الحرب وتنتهي في مدة معينة لتعود الحياة إلى طبيعتها. لكن الأهم ألا تبقى الأجواء متشنجة والأوضاع الاقتصادية في تأزم مستمر.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير