ملخص
3 تخفيضات متتالية لتصنيف الاقتصاد المصري آخرها وكالة "فيتش"
في ظل فجوة تمويلية ضخمة، وخسائر متتالية للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، ومع قيام عدد من وكالات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتماني لمصر، كشف محللون، أن التصعيد العسكري في غزة أضاف مزيد من التحديات أمام الاقتصاد المصري الذي يعاني بالفعل من ضغوط عنيفة يتصدرها سعر صرف الدولار الذي يصل في السوق الرسمية إلى أقل من 31 جنيهاً، مقارنة بسعر صرف يراوح ما بين 48 و50 جنيهاً في السوق السوداء.
وتضغط أزمة كلفة الدين على الاقتصاد المصري، في وقت خفضت وكالات عالمية تصنيف البلاد الائتماني، آخرها وكالة "فيتش" التي خفضت تصنيف مصر إلى مستوى B- هبوطاً من B مع نظرة مستقبلية مستقرة، مع إشارة إلى زيادة الأخطار على التمويل الخارجي وارتفاع في الديون الحكومية، ويعكس التخفيض زيادة الضغوط على التمويل الخارجي لمصر واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خفضت وكالتا التصنيف "موديز" و"ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني لمصر بدرجة واحدة أيضاً، وفي المقابل، أكدت الحكومة المصرية أن اقتصاد البلاد لديه قدرة على توفير جميع الالتزامات التمويلية الخارجية، وأنه يحظى بمرونة كافية على مواجهة جميع التحديات الخارجية والداخلية المترتبة على الأوضاع الجيوسياسية، التي تأتي في ظل صعوبة الوصول للأسواق المالية وارتفاع كلفة التمويل لزيادة معدلات الفائدة.
تقييمات غير عادلة أو محايدة
يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، أن العالم مر خلال السنوات الماضية بعديد من الأزمات أولها جائحة كورونا ثم التغيرات المناخية التي تسببت في نقص الإمدادات والحرب الروسية - الأوكرانية التي زادت من الأزمة الاقتصادية العالمية، وضعف معدلات النمو ونقص الإمدادات وزيادة سعر الطاقة والشحن والنقل مما تسبب في ارتفاع معدلات التضخم بنسب كبيرة في كل دول العالم ومن بينها مصر.
وأضاف "تسبب ذلك في انسحاب الأموال الساخنة من كل دول العالم ومن مصر متجهة للسوق الأميركية التي أصبحت أكثر جاذبية، بخاصة بعد قيام الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة بأعلى وتيرة منذ نحو 40 عاماً، إضافة لتمسك المستثمرين بالدولار كملاذ آمن ضد الأخطار المالية، موضحاً أن مصر خرج منها ما يزيد على 22 مليار دولار من الأموال الساخنة مما تسبب في نقص العملة الأجنبية وزيادة الضغوط على الجنيه وخفض قيمته أمام الدولار الأميركي.
وأوضح، أن تصنيف "فيتش" يشير إلى بطء التقدم في الإصلاحات، إضافة إلى تأخير الانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف ومراجعات برامج صندوق النقد الدولي، وزيادة الأخطار التي تهدد التمويل الخارجي لمصر، مشيراً إلى أن ربط وكالات التصنيف سواء "فيتش" وغيرها التصنيف الائتماني بمراجعة صندوق النقد الدولي هو "تقييم غير عادل وغير محايد"، لأن تقييمها لم يتم وفقاً للأوضاع الاقتصادية المستقرة في مصر، إضافة لالتزام البلاد بسداد ديونها الخارجية على رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها بسبب الحروب، إذ سددت نحو 52 مليار دولار من الالتزامات الخارجية خلال العامين الماضيين، مضيفاً أن الاقتصاد المصري ما زال قادراً على توفير الحاجات التمويلية الخارجية.
وأشار إلى نجاح الحكومة المصرية في إصدار "سندات الباندا" في السوق الصينية المقومة باليوان بما يعادل 500 مليون دولار، ونجحت في طرح "سندات الساموراي" بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار في مارس (آذار) 2022، وتطرح هذه الأيام الإصدار الثاني من "سندات الساموراي" بقيمة 75 مليار ين ياباني (500 مليون دولار)، لأجل خمس سنوات بعائد متوسط 1.5 في المئة.
أوضح، أن هذه الإصدارات تؤكد سهولة حصول مصر على التمويل الخارجي بعكس ما تدعيه مؤسسة "فيتش"، إضافة إلى اتفاق مبادلة الديون بين مصر والصين الذي يهدف لإقامة مشاريع استثمارية صينية في مصر مقابل إسقاط تلك الديون عن الدولة، مما يقلل من ديون البلاد الخارجية، إضافة لتحديد مصر مصادر توفير حاجاتها التمويلية الخارجية بنحو أربعة مليارات دولار حتى نهاية العام المالي الحالي.
تحركات مكثفة لزيادة الحصيلة الدولارية
ولفت غراب، إلى أن الفترة المقبلة ستشهد الانتهاء من مراجعة صندوق النقد الدولي ما يعقبه تحسن التصنيف الائتماني مرة أخرى لدى كل وكالات التصنيف، موضحاً أن مصر تتحرك في اتجاه توفير حاجاتها من العملة الصعبة بعديد من المبادرات والقرارات منها زيادة دخل قناة السويس لهذا العام ليصل إلى 12 مليار دولار وزيادة إيرادات قطاع السياحة، إضافة إلى طرح مبادرة استيراد سيارات المصريين العاملين بالخارج، التي ستسهم في زيادة السيولة الدولارية، إضافة لقرار البنك المركزي في شأن استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشرة في الخارج لمنع التلاعب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن الدولة نجحت من خلال برنامج الطروحات الحكومية في التخارج من عدد من الأنشطة الاقتصادية بقيمة 2.5 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، وسيتم التخارج من عديد الأنشطة الأخرى بقيمة تراوح بين أربعة وخمسة مليارات دولار حتى يونيو (حزيران) المقبل وفقاً للإحصاءات الرسمية، ما يزيد تدفقات النقد الأجنبي، لتغطية حاجات الاقتصاد المصري.
وتناول في حديثه تحرك الحكومة المصرية لعقد صفقات مبادلة الديون مع الإمارات، وتحركها لإبرامها أيضاً مع تركيا وغيرها من الدول، خصوصاً بعد انضمام مصر لتجمع "بريكس" الذي سيبدأ تطبيق امتيازاته يناير (كانون الثاني) المقبل، وبدء المعاملات التجارية بين مصر ودول التجمع بالعملات المحلية ما يقلل من اعتماد مصر على الدولار، وهو ما يمثل انفراجة كبيرة في توفير مستلزمات الإنتاج وخاماته من دون الحاجة إلى الدولار، إضافة إلى أن دعوات المقاطعة للمنتجات الأجنبية تسهم في تخفيض بعض الواردات ما يقلل الضغط على الدولار، وتسهم في تعظيم الصناعة الوطنية وإحلال المنتج المحلي محل المستورد مما يعظم الصناعة الوطنية وينشط الاقتصاد الوطني، مضيفاً أن الإحصاءات الرسمية كشفت عن أن الاستثمارات الأجنبية بلغت 10 مليارات دولار في العام المالي الماضي، وترتفع لـ12 مليار دولار مع التوسع في برنامج الطروحات.
وقال غراب، إن بعض قرارات مؤسسات التصنيف الائتمانية "مسيسة نوعاً ما"، لأنها تأتي عكس الواقع في استقرار الاقتصاد المصري، موضحاً أن وكالات التصنيف الأميركية وبعد انضمام مصر لتجمع "بريكس" وموقف القاهرة من القضية الفلسطينية، تمارس ضغوطاً على مصر، على رغم أن الحكومة المصرية تمضي في مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وتهيئة بيئة الأعمال، من ثم أصبحت البلاد جاذبة للاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص من خلال بنية تحتية وتشريعية قوية بعدما أقرت مصر وثيقة سياسة ملكية الدولة لزيادة مساهمة القطاع الخاص بنسبة 65 في المئة في الاستثمارات المنفذة.