Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدولار ينكأ جرح الاقتصادات الناشئة في 2024

قرب حلول موعد استحقاق الديون المقومة بالعملة الأميركية يضع هذه الأسواق أمام ضغوط كبيرة

ارتفع الدولار الأميركي بنسبة 5 في المئة تقريباً مقابل سلة من العملات الرئيسة خلال الأشهر الستة الماضية (اندبندنت عربية)

أمام قوة متصاعدة للدولار، تجد بعض الأسواق الناشئة نفسها اليوم إزاء خطر مباشر، في ظل ارتفاع الديون المقومة بالعملة الأميركية التي من المقرر أن يحل موعد استحقاقها في العام المقبل، معززاً بذلك من الضغوط المالية في عدد من الاقتصادات النامية وينكأ جرحها أكثر.

تقود قوة الدولار الأميركي إلى تعقيد التوقعات غير المؤكدة للأسواق العالمية، ومما يعزز هذه القوة عوائد سندات الخزانة المرتفعة تاريخياً وسط توقعات بأن يبقي بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي سعر الفائدة عالياً حتى العام المقبل، جنباً إلى جنب مع شراء المستثمرين لأصول الملاذ الآمن المقومة بأكبر عملة احتياطية في العالم بسبب عدم اليقين.

ارتفع الدولار الأميركي بنسبة خمسة في المئة تقريباً مقابل سلة من العملات الرئيسة خلال الأشهر الستة الماضية، وفقاً لمؤشر الدولار الأميركي التابع لبنك الاحتياط الفيدرالي، وعلى رغم أن الدولار القوي يفيد المستهلكين الأميركيين لأنه يخفض التضخم على السلع المستوردة ويجعل السفر إلى الخارج أقل كلفة، فإن الارتفاع المفاجئ في قيمته يزيد من نقاط الضعف المالية في أماكن أخرى من العالم.

ديون كبيرة

ترى مذكرة حديثة لـ"ستاندرد أند بورز غلوبال بلاتس"، في اقتصادات الأسواق الناشئة أكثر عرضة للخطر بشكل خاص، تحديداً تلك التي تعاني ديوناً كبيرة بالعملة الأجنبية أو عجزاً خارجياً في الحساب الجاري، وتركز الوكالة على 18 اقتصاداً ناشئاً رئيساً، مع الأخذ في الاعتبار حجمها وأهميتها في السوق، في أميركا اللاتينية ومنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وفي آسيا.

وفق المذكرة التي أعدها رئيس قسم أبحاث الائتمان في الأسواق الناشئة خوسيه بيريز غوروزبي، انخفضت قيمة عملات الأسواق الناشئة على نطاق واسع خلال الشهر الماضي، مما يعكس على الأرجح أن الأسواق وضعت أسعار فائدة أعلى على المدى الطويل في الاقتصادات المتقدمة، وأدى هذا، إلى جانب احتمال استمرار أسعار النفط أعلى مما كان متوقعاً في السابق، إلى إضعاف معظم عملات الأسواق الناشئة، بخاصة تلك الموجودة في البلدان التي تعتبر مستوردة صافية للطاقة مثل تشيلي والمجر والهند والفيليبين وتايلاند وتركيا وبلدان أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنسبة إلى هذه الأسواق الناشئة على وجه التحديد، فإن الجمع بين قوة الدولار وارتفاع أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى تضخيم ضغوط انخفاض قيمة العملة، بينما في الأسواق الناشئة بشكل عام، يمكن أن يؤجَج التضخم، وداخل مجموعة الأسواق الناشئة الكبيرة المستوردة الصافية للطاقة، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى إبطاء وتيرة خفوضات أسعار الفائدة في تشيلي والمجر وبولندا، وتأخير بدء خفوضات أسعار الفائدة في الهند والفيليبين وتايلاند، وتشجيع مزيد من رفع أسعار الفائدة أكثر من تلك التي تبتّها الأسواق الناشئة.

2024 عام أصعب

ووفق خوسيه بيريز غوروزبي، فمن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أن يعوق إعادة تمويل الديون في بعض الأسواق الناشئة، وإذا أدى الارتفاع في أسعار الطاقة وقوة الدولار الأميركي إلى إبقاء أسعار الفائدة أعلى مما هو متوقع حالياً، فسوف تواجه عقبات أكبر في إعادة تمويل ديونها، وستكون آجال استحقاق ديون الأسواق الناشئة عام 2024 أعلى مما كانت عليه في 2023، وستزيد أكثر عام 2026.

ومن بين الاقتصادات الناشئة الرئيسة الـ18 التي نتابعها، هناك الصين بأكبر آجال استحقاق عامي 2024 و2025، بمبلغ قدره 64 مليار دولار و54 مليار دولار في لهاتين السنتين على التوالي، وباستثناء الصين، فإن جهات الإصدار في البرازيل والهند والمكسيك لديها أكبر فترات استحقاق على مدى الأعوام الأربعة المقبلة.

ضغوط الائتمان

يتمثل الخطر الرئيس في الوقت الحالي، حسبما يشير محلل "ستاندرد أند بورز" في أن يؤدي ارتفاع قيمة الدولار بشكل إضافي إلى تفاقم الضغوط على ظروف الائتمان في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى أن الضغوط التضخمية في الأسواق الناشئة وأماكن أخرى قد تزيد من خلال التأثيرات العابرة لصرف العملات الأجنبية.

وبينما يستمر التضخم في التباطؤ في معظم الأسواق الناشئة، يتوقع خوسيه بيريز غوروزبي أن يصل متوسط التضخم في الأسواق الناشئة إلى 5.7 في المئة بحلول نهاية العام، و3.7 في المئة عام 2024، ومن المرجح أن يدفع مسار التضخم غير المؤكد البنوك المركزية في هذه الاقتصادات إلى توخي مزيد من الحذر حول خطط التيسير النقدي ومن المحتمل أن تبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

وحتى بالنسبة إلى عدد من الشركات الأميركية، فإن خوسيه بيريز غوروزبي يبدو مقتنعاً بأن ارتفاع قيمة الدولار قد يسبب صداعاً ويخلف تأثيراً هائلاً في المبيعات الدولية من خلال الإضرار بقدرة الشركات على المنافسة في الأسواق، إذ تفقد العملة المحلية قيمتها النسبية.

وتعتقد وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني بأن الدولار سيظل قوياً على الأقل في المدى القريب بسبب احتمال ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية على المدى الطويل والنشاط الاقتصادي المرن، ومع ذلك، يمكن أن يضعف الدولار بسرعة إذا كانت هناك صدمة غير متوقعة للاقتصاد الأميركي، خلافاً للركود العام أو التباطؤ التدريجي في النشاط المصحوب بخفوضات في أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفيدرالي.

وتتوقع الوكالة أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.3 في المئة هذا العام، ارتفاعاً من 1.7 في المئة في توقعات شهر يونيو (حزيران) الماضي، على أن يتراجع النمو إلى 1.3 في المئة لعام 2024 وأن يكون التعافي تدريجاً.

أخيراً، من شأن سيناريو ضعف الدولار أن يخفف الضغوط على الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة الفترة المقبلة، حسبما يخلص تحليل الوكالة الأميركية، إذ يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسواق المالية ويسبب مشكلات عدة للشركات والمستثمرين.