Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب سبتمبر: كيف اندفعت باكستان لإطلاق عملية تحرير كشمير؟

لعبت النصائح التي قدمتها الدول الصديقة دوراً مهماً في إيعاز إسلام أباد لبدء عملية تحولت إلى معارك واسعة بين البلدين

المتطوعون الباكستانيون الذين شاركوا في عمليات التحرير  (اندبندنت أوردو)

ملخص

حرب سبتمبر بين باكستان والهند مهدت لأخرى بينهما عام 1971 وخسرت فيها باكستان ذراعها الشرقية لتصبح دولة بنغلاديش المستقلة.

هناك منعطفات في التاريخ تغير فيها الوقائع التي تبدو بسيطة في ظاهرها مجرى الأحداث، ويظل أثرها باقياً على رغم مرور الأعوام.

حرب سبتمبر (أيلول) 1965 بين باكستان والهند أحد هذه المنعطفات التاريخية، إذ تشكلت الأحداث التي أدت إلى المواجهة العسكرية بناء على وعود ومحادثات عابرة حدثت خلف الستار لتخلق فجوة بين الدولتين المجاورة لم تزد إلا اتساعاً في قادم الأعوام، ولقد كتب الكثير عن سبب حدوث هذه الحرب ومن خسر فيها ومن ربح، ونعرف كثيراً عن هذه الحرب لكن ما زالت هناك جوانب مهمة لم تذكر في كتب التاريخ، لكنها مهمة ولا يمكن التغافل عنها حتى يقال إن هذه الحرب مهدت للحرب الثانية بين البلدين عام 1971 التي خسرت فيها باكستان ذراعها الشرقية لتصبح دولة بنغلاديش المستقلة.

والغرض من حرب 1965 كان تحرير كشمير من الهند، ولحصول هذا الهدف تم إطلاق "عملية جبرالتر" التي باءت بالفشل، ثم أطلقت عملية السلام الكبرى التي تحولت بعد ذلك إلى حرب واسعة بين الدولتين.

لكن لماذا تبنى الرئيس الباكستاني آنذاك أيوب خان استراتيجية عسكرية؟ وماذا كانت أسبابها؟

يعتبر السياسي ورجل الأعمال حبيب الله براتشا مرجعاً معتمداً في هذا السياق، ويفتح الكتاب الذي يتناول حياة حبيب الله براتشا بعنوان "رحلة جلالة حبيب الله عبر طريق الحرير وما بعده" زوايا تاريخية جديدة، وهو من تأليف حفيدته نازلي رفعت جمال.

 

 

حبيب الله براتشا كان أحد رجال الأعمال الأثرياء وقدم مساعدات مالية لحكومة باكستان في مناسبات عدة، وكان براتشا إضافة إلى كونه عمدة مدينة كراتشي في الستينيات مقرباً من الرئيس أيوب خان، واعتمد الأخير على آرائه في أمور كثيرة.

وأشار حبيب الله براتشا على الرئيس أيوب بأنه يريد أن يلعب دوراً في قضية كشمير ويتمنى أن وفداً باكستانياً رفيع المستوى يتضمن قيادات كشميرية يزور الدول الصديقة ويحاول أن يحصل على دعم منهم في قضية كشمير، وتكفل براتشا بجميع كلف زيارات هذا الوفد.

الرئيس أيوب خان لم يقبل الفكرة وحسب، بل أكد لبراتشا أن السفارات الباكستانية في الخارج ستساعده في تنفيذ هذه المهمة.

أحمد بن بلة و"تسوية المقابر"

وضم الوفد برئاسة حبيب الله براتشا زعماء كشميريين مثل مير واعظ محمد يوسف ومولوي فريد أحمد وميان محمد شافي، وحظي الوفد بالترحيب وتأكيد الدعم من جميع الدول الـ 18 التي زارها باستثناء أفغانستان، ولعل أهم لقاء للوفد كان مع رئيس الجزائر وبطل استقلالها أحمد بن بلة الذي رحب ترحيباً حاراً بالوفد في قصره، وأكد دعم دولته الكامل لحق الكشميريين في تقرير مصيرهم.

أمسك أحمد بن بلة بيد رئيس الوفد حبيب الله براتشا أثناء حديثه معه واصطحبه إلى أحد غرف القصر الواقعة في الطابق العلوي والمطلة على مقبرة كبيرة، وفتح بن بلة النافذة وقال لبراتشا "انظر ماذا ترى؟"، ولم يستطع حبيب الله أن يفهم ما أراد بن بيلة أن يريه إياه حيث لم يكن هناك إلا مقبرة واسعة على مد البصر.

هنا أخبر بن بلة براتشا ما الذي يقصده، "هل تعرف من المدفون في هذه القبور؟"، ثم أجاب بنفسه "هذه قبور الشباب والشيوخ والنساء والأطفال الذين ضحوا بحياتهم من أجل التحرر من الفرنسيين، وتوجد مثل هذه المقابر في جميع أنحاء الجزائر، اذهب وأخبر الأخ أيوب (الرئيس الباكستاني) أنه إذا أراد تحرير كشمير فسيتعين عليه تسوية مثل هذه المقابر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 قدم الوفد تقرير زيارته للرئيس أيوب خان عند عودته من الجزائر، وعندما نقل حبيب الله براتشا رسالة أحمد بن بلة إلى الرئيس أيوب أشرق وجه الرئيس وكأنه وجد المفتاح الذي كان يبحث عنه منذ زمن طويل.

صمت الرئيس برهة بعد تلقي الرسالة، ويقول حبيب الله براتشا إن هذا اللقاء حدث عام 1964 وقرر بعده الرئيس أيوب تحرير كشمير بالقوة، كما منح الرئيس أيوب حبيب الله براتشا جائزة مدنية من حكومة باكستان لخدماته الوطنية.

"الحرية لا تنال بإرسال البعثات"

حادثة مشابهة لتلك التي حصلت مع الرئيس الجزائري شهدها وفد حبيب الله براتشا مع الرئيس الإندونيسي سوكارنو أيضاً نقلها جاكر علي خان جونيجو، وهو أحد المقربين من ذوالفقار علي بوتو وكان عضو مجلس النواب الإقليمي وتم تعيينه سفيراً لدى دولة الإمارات أيضاً، في كتابه Zulfikar Ali Bhutto: A Memoir.

يقول جاكر علي في كتابه، "عندما وصل وفدنا إلى إندونيسيا كان وزير خارجيتها في زيارة خارجية، لكنه عندما علم بأمر الوفد قطع الزيارة وعاد لإندونيسيا، وعندما التقينا الرئيس سوكارنو قال للزعيم الكشميري سردار إبراهيم وهو أحد أعضاء الوفد "لن تحصلوا على الحرية بإرسال وفود إلى العالم، لذلك سيتعين عليكم مغادرة منازلكم والذهاب إلى الجبال والقتال إلى أن تحصلوا على الحرية".

ويقول شاكر علي خان جونيجو إنه عندما عاد وأخبر وزير الخارجية ذو الفقار علي بوتو بنصيحة الرئيس سوكارنو غرق الأخير في تفكير عميق ثم قال "لقد قدمت خدمة مهمة للغاية لباكستان".

 

 

العمليات الميدانية: "جبرالتر" و"السلام الكبرى"

يقول نجل الرئيس أيوب خان ورئيس مجلس النواب السابق كوهر أيوب في سيرته الذاتية "مشاهدات من ديوان السلطة" إن الرئيس أيوب خطط لـ "عملية جبرالتر" قبل حرب سبتمبر بناء على توصية وزي خارجيته ذوالفقار علي بوتو الذي كان يشرف أيضاً على خلية حكومية للنظر في قضية كشمير، ووفق خطة عملية "جبرالتر" فقد تم تدريب 4 آلاف متطوع وإرسالهم إلى كشمير المحتلة في أغسطس (آب)، لكن غالبيتهم لقوا حتفهم بسبب سوء التخطيط.

ورداً على هذا الاعتداء تقدم الجيش الهندي في الـ 26 من أغسطس ناحية كشمير الباكستانية وبدأ الرئيس أيوب بعملية سلام كبرى لصد هذا التقدم، وبعد أيام شنت القوات الجوية الهندية غارات على الخطوط الأمامية الباكستانية مما أدى إلى حدوث اشتباكات جوية بين البلدين أسقطت فيها القوات الجوية الباكستانية أربع مقاتلات هندية.

وفي السادس من سبتمبر ألقى الرئيس أيوب خطاباً تاريخياً للشعب من الإذاعة الباكستانية في مدينة راولبندي بعد هجوم الهند على مدينة لاهور، والتقى السفير الأميركي الرئيس أيوب بعد هذا الخطاب وقال له "سيدي الرئيس لقد أمسكت الهند بحنجرة باكستان"، فاستشاط الرئيس غضباً ورد عليه "سعادة السفير سنقطع أي يد يمتد إلى حنجرتنا".

ويقول غوهر أيوب إن ذوالفقار علي بوتو كان مسؤولاً عن فشل عملية جبرالتر، "وكان من الممكن تجنب حرب عام 1965 لو كان والدي تولى قيادة "عملية جبرالتر" (جبل طارق) ولم يثق في التخطيط العاطفي لبوتو والجنرال أختر ملك."

لكن السؤال هنا هو أن العملية كانت ذات طبيعة عسكرية وكان الرئيس أيوب هو من يقود الجيش وليس ذو الفقار علي بوتو، فكيف نستطيع أن نلقي بلوم "عملية جبرالتر" على ذوالفقار علي بوتو وحده؟

أما في ما يتعلق بالتخطيط العاطفي فيتفق الأعيان أن كلاً من الرئيس أيوب وبوتو استبشرا بنصائح الرئيس أحمد بن بلة والرئيس الإندونيسي سوكارنو العاطفية، لذا لا يمكن أن نفرد واحداً منهم بالاتهام.

النصائح التي دفعت القيادة الباكستانية ثبتت في ما بعد أنها لم تكن نصائح جيدة، أو أن الذين طبقوا هذه النصائح كان ينقصهم العقل والعزيمة اللازمة لخوض مثل هذه الحروب.

نقلا عن "اندبندنت أوردو"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير