ملخص
أظهرت دراسة أن ثوران براكين عام 1345 تسبب في تغير مناخي أدى إلى مجاعة وزيادة واردات الحبوب، مما أسهم في انتقال الطاعون من آسيا إلى أوروبا عبر طرق التجارة. البراغيث الناقلة لبكتيريا الطاعون وصلت إلى الموانئ الأوروبية على سفن محملة بالحبوب، لتبدأ الجائحة التي قتلت بين 30 و60 في المئة من سكان أوروبا.
أظهرت دراسة جديدة أن ثوران براكين تسبب في مجاعة وزيادة في واردات الحبوب، شكل عاملاً أسهم خلال العصور الوسطى في انتقال الطاعون من آسيا إلى أوروبا، وفي تمدد الجائحة الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية لمختلف أرجاء القارة.
ووجدت أحدث الأبحاث أن الجائحة التي أودت بحياة قسم كبير من البشر في القرن الـ14 وعرفت أيضاً بـ"الطاعون الأسود" أو "الموت الأسود" أو "الطاعون العظيم"، نشأت على الأرجح قرابة عام 1338 عند سفوح جبال تيان شان القاحلة، قرب بحيرة إيسيك كول، أي في قيرغيزستان الحالية. ثم وصلت سلالة مختلفة جينياً من هذه البكتيريا إلى شواطئ البحر الأسود عبر طرق التجارة.
وكانت البراغيث تحمل بكتيريا "يرسينيا بيسيس" في أمعائها، وتنقلها بواسطة لسعاتها إلى الفئران أو القوارض التي كانت تنشرها، قبل أن تبدأ بلسع البشر عندما لم يعُد عدد الفئران كافياً.
ووصلت البراغيث المصابة بالطاعون إلى الموانئ الأوروبية على متن سفن محملة بالحبوب، ونقلت معها المرض والموت إلى القارة اعتباراً من عام 1347.
وفي غضون ست سنوات، قضى الطاعون على ما بين 30 و60 في المئة من سكان أوروبا، أي نحو 25 مليون شخص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتناولت دراسة أجراها فريقا البروفيسورين أولف بونتغن من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة ومارتن باوخ من جامعة لايبزيغ الألمانية، ونشرت هذا الأسبوع في مجلة "كوميونيكيشنز إيرث أند إنفيرونمنت"، سبب تفشي المرض بشدة وعلى نطاق واسع في كل أنحاء أوروبا في ذلك الوقت تحديداً.
واعتمد الباحثون ضمن دراستهم على ما يعرف بـ"علم التأريخ الشجري"، القائم على مورفولوجيا حلقات الأشجار، لدراسة غابات جبال البيرينيه الإسبانية، واكتشفوا نقصاً في تخشيب جدران خلاياها مدى أعوام متتالية.
والتخشيب هو العملية التي تحول خلايا النبات إلى خشب، ويندر حصول نقص فيه لسنوات متتالية.
واستنتجت الدراسة أن نقص التخشيب هذا يعود لأن درجات الحرارة والضوء عامي 1345 و1346 كانت أقل بكثير من المعتاد.
ثم أعاد الباحثون بناء البيانات المناخية لتلك الفترة قبل مقارنتها بالروايات المعاصرة لإثبات أن هذه النواقص نتجت على الأرجح من ثوران بركاني واحد أو أكثر عام 1345 لم تحدد أماكن وقوعه.
وتسبب هذا التغير المناخي الناجم عن ثوران البراكين بعواقب كارثية، إذ ضرب المحاصيل مما أدى إلى بداية المجاعة.
وذكّر البروفيسور مارتن باوخ خلال بيان أصدرته جامعة كامبريدج بأن المدن الإيطالية القوية كالبندقية وجنوة وبيزا أنشأت منذ أكثر من قرن "طرقاً تجارية بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود".
وأضاف أن هذه الطرق مكنتها من "مكافحة المجاعة بفاعلية كبيرة، لكن أدت في النهاية إلى كارثة أكبر بكثير".