Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقاقير هلوسة تطلق عنان الدماغ في اكتساب مهارات جديدة

تناولها العلاجي تليه فترة قد تكون ملائمة للشفاء والتعلم

ثبت أن عقاقير الهلوسة تزيد الإصابة بالشيزوفرينيا، لكن بعضها قد ينشط مراكز التعليم في الدماغ (بنريست)

ملخص

يعرف العلم الصلة بين عقاقير الهلوسة وبعض الاضطرابات العقلية الشديدة كالشيزوفرينيا والكآبة والانتحار. وثمة مؤشرات إلى أن بعض تلك العقاقير تنشط مناطق التعلم في المخ، وقد تفيد في علاج سكتات الدماغ

تبين أن عقاقير مهلوسة [مواد ذات تأثير نفسي قوي تغير الأحاسيس والإدراك والمزاج وتؤثر في كثير من عمليات التفكير] في مقدورها أن تعيد تشغيل ما يسمى "فترات حاسمة" critical periods من مراحل تطور الدماغ، تكون خلالها الثدييات عموماً أكثر قابلية لاكتساب مهارات جديدة [وبعد هذه الفترة يصبح اكتساب مهارة ما أكثر صعوبة وأكبر جهداً].

وقد جاء ذلك في دراسة صدرت نتائجها حديثاً، وربما تقود إلى إيجاد أساليب جديدة للتعافي من السكتة الدماغية [في التصنيف البيولوجي، يندرج البشر ضمن فئة الثدييات].

في الواقع، لطالما بحث العلماء عن سبل تتيح إعادة تشغيل "الفترات الحاسمة" في الدماغ مجدداً التي تكون الثدييات خلالها أكثر قدرة على تلقف الإشارات القادمة من محيطها [بمعنى أنها تتعلم من المحيط الذي تعيش فيه].

سبق أن صنفت فترات تطور الدماغ هذه على أنها أساسية في مساعدة الطيور على تعلم التغريد، والبشر على اكتساب لغة جديدة، أو إتقان المهارات الحركية مجدداً بعد الإصابة بسكتة دماغية، أو هيمنة عين على الأخرى [تصل الصور من العينين كليهما إلى الدماغ الذي ينسق ما يصل إليه لتكوين صورة عن الأشياء. ومع الوقت، يعطي الدماغ أولوية للصور الواصلة من إحدى العينين على الأخرى].

وفي المقابل، وجدت دراسة حديثة، نشرت أخيراً في مجلة "نيتشر" Nature العلمية، أن عقاقير هلوسة عدة تتشارك القدرة عينها على تحريك تلك "الفترات الحاسمة" مجدداً.

ووفق باحثين ينتمي بعضهم إلى "جامعة جونز هوبكنز" في الولايات المتحدة، تشير نتائج تلك الدراسة إلى أن بعض تلك العقاقير قد تفيد في علاج مجموعة واسعة من الحالات الصحية، من بينها السكتة الدماغية وفقدان السمع. وتتخطى تلك الفائدة حتى التأثيرات الإيجابية لتلك العقاقير في علاج الاكتئاب والإدمان واضطراب ما بعد الصدمة النفسية – العصبية، وغيرها.

وبحسب الباحثة المشاركة في الدراسة، غول دولن، "ثمة فترة زمنية [في النمو] يكون فيها دماغ الثدييات شديد المرونة والانفتاح على التعلم من البيئة الميحطة به. وفي مرحلة تالية، تنغلق تلك النافذة في مرحلة ما، فيصبح الدماغ أقل انفتاحاً على التعلم الجديد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي دراسات سابقة، وجد باحثون أن "أم دي أم أي" MDMA أو "إكستازي"، وهو عقار هلوسة يثير مشاعر التودد والتواصل الاجتماعي، يسعه أن يفتح المجال أمام تحريك "فترة حاسمة" لدى الفئران.

وفي وقت سابق، اعتقد العلماء كذلك بأن القدرات الاجتماعية الإيجابية التي يوفرها "أم دي أم أي" تمهد الطريق أمام تحريك "فترة حاسمة"، لكنهم فوجئوا حينما علموا من هذه الدراسة الأحدث في ذلك المجال، أن عقاقير هلوسة أخرى لا تحتوي على خصائص الـ"إكستازي" الاجتماعية، يكون في مقدورها أيضاً إعادة تحريك "الفترات الحاسمة".

وفي البحث الجديد، تفحص العلماء قدرة خمسة عقاقير هلوسة، "إيبوغين" ibogaine، "كيتامين" ketamine، "أل أس دي" LSD، "أم دي أم أي" MDMA، و"سيلوسيبين" psilocybin، على إعادة تحريك "فترة حاسمة" في الدماغ.

وجدت علاقة بين هذه الأدوية والقدرة على تغيير مدركات الشخص عن وجوده للشخص، المرء عن الوجود، وتعزز الشعور بالقدرة على اكتشاف الذات أو العالم.

وفي تلك الدراسة الأحدث، أجرى الباحثون اختباراً سلوكياً على ذكور فئران بالغة بغرض التوصل إلى فهم مدى سهولة تعلمها من بيئتها الاجتماعية.

وتضمنت التجربة تدريب الفئران على تطوير علاقة مع بيئة توفر لها تفاعلاً اجتماعياً في مقابل بيئة أخرى تكون فيها وحيدة.

في مرحلة لاحقة، قارن الباحثون الوقت الذي تمضيه الفئران في كل من البيئتين، بعد إعطائها العقار المهلوس.

وفي سياق تلك التجربة، ركز العلماء على ملاحظة مدى إعادة تشغيل "الفترة الحاسمة" في أدمغة تلك الفئران البالغة، من ثم تعرفوا على أهمية السلوك المرتبط بالبيئة الاجتماعية، وهو سلوك يكتسب عادة لدى الفئران في مرحلة اليفاعة.

وبالتالي، رأى العلماء إن "الفترة الحاسمة" بقيت مفتوحة لدى الفئران التي أعطيت عقار "كيتامين" طوال 48 ساعة، بينما استمرت أسبوعين متواصلين مع استعمال "سيلوسيبين".

وحينما استخدمت عقارات " إكستاسي" و"أل أس دي" و"إيبوغين"، ظلت "الفترة الحاسمة" مفتوحة لمدة أسبوعين، وثلاثة أسابيع، وأربعة أسابيع على التوالي.

وبحسب الدكتورة دولن إن "الحالة التي استمرت في التفتح في الفترة الحاسمة ربما تشكل فرصة لفترة اندماج ما بعد العلاج، بهدف الحفاظ على حالة التعلم". وأضافت "في أحيان كثيرة، بعد الخضوع لإجراء طبي أو علاج ما، يعود الناس إلى حياتهم الفوضوية المزدحمة المرهقة".

وفي المقابل، لربما توجب على الأطباء، وفق ما أوضحت الدكتورة دولن أن ينظروا إلى الفترة الزمنية التالية على تناول جرعة من عقار مهلوس، بوصفها وقتاً للشفاء والتعلم، على غرار الحالة التي تلي إجراء جراحة القلب المفتوح [إشارة إلى التجدد في الأداء الوظيفي للأعضاء في الوضعيتين].

ويعتقد العلماء أن النتائج الجديدة تحمل آثاراً مهمة بالنسبة إلى استخدام عقار الهلوسة في الإجراءات الطبية، إضافة إلى إيجاد علاجات جديدة لمختلف الأمراض العقلية والنفسية.

© The Independent

المزيد من علوم