Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثيقة مسربة تتوقع وضعا مأسويا لحال السكك الحديد في بريطانيا

حصري: تقرير داخلي اطلعت عليه "اندبندنت" يكشف عن وضع يرثى له في خدمات القطارات الوطنية

خطط التمويل الحكومية للسنوات الخمس المقبلة "لن تسمح للهيئة المسؤولة بتشغيل خطوط السكك الحديد وصيانتها وتجديدها بالمستوى الراهن الذي يمكن الوثوق فيه (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

أظهر عرض بياني جرى تسريبه أن خطط #التمويل الحكومية للسنوات الخمس المقبلة في #بريطانيا لن تسمح لهيئة #السكك_الحديد بتشغيل الخطوط وصيانتها وتجديدها بالمستوى الراهن الذي يمكن الوثوق فيه

تواجه خطوط السكك الحديد المتعثرة في بريطانيا مزيداً من التأخيرات وإلغاء رحلات القطارات نتيجة عدم تأمين أموال كافية لصيانة الشبكة، كما أقرت بذلك، خلف أبواب مغلقة، هيئة "نتوورك ريل" Network Rail (هيئة عامة تملك وتدير البنية التحتية لمعظم شبكة السكك الحديد في بريطانيا).

ويوضح عرض بياني جرى تسريبه وتمكنت "اندبندنت" من الاطلاع عليه أن خطط التمويل الحكومية للسنوات الخمس المقبلة "لن تسمح لهيئة ’نتوورك ريل‘ بتشغيل خطوط السكك الحديد وصيانتها وتجديدها بالمستوى الراهن الذي يمكن الوثوق فيه".

وتنبه شرائح العرض التقديمي المخصصة لأن يطلع عليها حصراً رؤساء شركات السكك الحديد، والمصنفة على أنها " رسمية حساسة على المستوى التجاري" official-sensitive-commercial [المعلومات التي لها قيمة اقتصادية ويمكن أن تسبب ضرراً اقتصادياً إذا ما أعلن عنها أو أصبحت معروفة]، إلى أن التأخيرات التي تتسبب بها البنية التحتية المتداعية مثل مسارات السكك الحديد والجسور وأعمال الحفر، من المتوقع أن تتفاقم وسط ارتفاع الكلف وعدم كفاية التمويل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأت نقابات السكك الحديد أن الكشف عن النقص في توفير الأموال اللازمة لأعمال الصيانة يسلط الضوء على ما يمكن وصفه بأنه أشبه بـ "تدهور منظم" Managed Decline في شبكة السكك الحديد (إدارة تدهور الخدمة بدلاً من محاولة استثمار الموارد لتنشيطها).

ومن أبرز ما جاء في وثائق العرض ما يأتي:

• ستعمد هيئة "نتوورك ريل" إلى إجراء عدد أقل من التصليحات على مدى السنوات الخمس المقبلة، وستزيل كميات أقل من الحطام والمخلفات التي يمكن أن تتسبب في حدوث تأخيرات ووقوع حوادث.

• سيؤدي النقص في التمويل إلى ارتفاع الكلف على المدى الطويل، إذ من المتوقع أن يقوم رؤساء قطاع السكك الحديد بإصلاح البنية التحتية المتهالكة على نحو متكرر وسيكون استبدالها أقل كلفة.

• قامت هيئة "نتوورك ريل" بتقليص تمويل "صندوق المخاطر" المعهود الذي تبلغ قيمته 3 مليارات جنيه إسترليني (3 مليارات و720 مليون دولار أميركي) والمخصص لتغطية أية نفقات غير متوقعة، بما فيها تلك الناجمة عن وباء "كوفيد" والظواهر الجوية الشديدة، نظراً إلى "عدم وجود مرونة مالية كافية".

• سيكون لزاماً على الهيئة أن تتبع نهجاً "قائماً على منطق السوق" في التعاطي مع مسألة الصيانة لتُعطى الأولوية لخدمات السكك الحديد التي تحقق المقدار الأكبر من الأرباح.

هذه الأخبار ستكون بمثابة ضربة لمستخدمي شبكة السكك الحديد الذين تعرضوا لزيادة بنسبة 5.9 في المئة في أسعار البطاقات الشهر الماضي، وهي أعلى زيادة خلال 10 أعوام على رغم تراجع الأرقام المتعلقة بمدى الثقة في القطاع إلى مستويات منخفضة جديدة.

وتظهر أحدث الإحصاءات الصادرة عن الهيئة المنظمة للسكك الحديد أنه تم إلغاء 4.5 في المئة من مجمل رحلات القطارات خلال الربع الأخير من عام 2022، وهي أعلى نسبة منذ أن بدأ حفظ سجلات مماثلة عام 2014، في حين لم يصل سوى 62.3 في المئة فقط منها إلى محطات التوقف المجدولة في الوقت المحدد، ولم تجرَ إعادة الخدمات التي أوقفت بسبب الجائحة إلى الوضع الذي كانت عليه في السابق، مع جدولة نحو 3 آلاف قطار أقل في اليوم الآن، مقارنة بالجدول الزمني لعام 2020.

وكانت مؤشرات إجهاد البنية التحتية قد بدأت بالفعل في الظهور على قطاع سكك الحديد، وفي وقت سابق من هذا الشهر تسبب انهيار جسر في أوكسفوردشير بإغلاق خط كامل للركاب حتى فصل الصيف، فيما ظلت خدمات النقل إلى جنوب غرب إنجلترا معطلة لأشهر عدة من العام الماضي بعدما تضررت سكك عدة بسبب ظروف الطقس السيئة.

وفي الأسبوع الماضي أدى فشل كبير في إشارات مرور القطارات إلى اضطراب في محطة "واترلو لندن"، وهي أكثر محطات السكك الحديد ازدحاماً في المملكة المتحدة، وتعد المقر الرئيس لشبكة السكك الحديد في العاصمة البريطانية، وعُزي السبب في هذا الخطأ إلى كابل طاقة طوله 610 أمتار خارج المحطة تم تركيبه في سبعينيات القرن الماضي، وبات في حاجة ماسة إلى التحديث.

وزيرة النقل في حكومة الظل "العمالية" لويز هاي قالت لـ "اندبندنت" إن "النهج الذي تتبعه الحكومة يفتقر إلى البصيرة وسيؤدي إلى زيادة الكلف على المدى الطويل"، ورأت أن "البنية التحتية المتهالكة للبلاد وخدمات السكك الحديد المعطلة على نحو محبط للركاب إنما هما حصيلة عقد من السياسات الفاشلة من قبل حكومة المحافظين، والقرارات ضيقة الأفق التي تفتقر إلى البصيرة لا تسهم في خفض الكلف، بل تؤثر سلباً في أموالنا العامة على المدى الطويل، وتجعل دافعي الضرائب يتحملون النتائج".

ومع ذلك فلا تزال هيئة "نتوورك ريل" تتوقع أن تكون قادرة على تشغيل نظام سكك حديد آمن، لكن العرض التقديمي الذي تم تسريبه يشير بوضوح إلى أن النقص في التمويل الآن سيؤدي في واقع الأمر إلى ارتفاع الكلف، وذلك لأن "الموازنة المخفضة" ستدفع إلى اعتماد "حلول قصيرة الأجل وأقل كلفة" من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى "كلف إضافية خلال المراحل التنظيمية المقبلة للقطاع".

ووفقاً للشركة المملوكة من الدولة والمسؤولة عن صيانة شبكة السكك الحديد الرئيسة في المملكة المتحدة، فإن كلف العمليات آخذة في الارتفاع بسبب التضخم وتقادم البنية التحتية والحاجة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة الظروف المناخية القاسية الناتجة من تغير المناخ.

وجاء في محتوى العرض البياني المسرب أن "(التسوية المالية) لا تخصص أموالاً كافية لتشغيل البنية التحتية للسكك الحديد وصيانتها وتجديدها، للحفاظ على وضع مستقر خلال الفترة المقبلة الممتدة ما بين عام 2024 وعام 2029، وأن التسوية ’ تعكس مستوى مقيداً من الإنفاق‘".

وقد يتسبب هذا الوضع أيضاً في خلق حلقة مفرغة لأن هيئة "نتوورك ريل" يجب أن تدفع تعويضات للجهات المشغلة عندما تتسبب أعطال البنية التحتية في مشكلات، وهو ما من شأنه أن يزيد تقويض دخلها. وإضافة إلى ذلك فعادة ما تأتي هذه المدفوعات من "صندوق المخاطر" الذي يشير العرض التقديمي إلى أنه سيتم التخلي عنه، وبدلاً من الإبقاء على هذه الأموال كدعم احتياط تخطط هيئة "نتوورك ريل" لتخصيص مناطق للتخفيضات المحتملة إذا كانت هناك حاجة غير متوقعة للأموال من مصادر أخرى.

ولتوفير مزيد من المال تخطط الهيئة الرسمية أيضاً لاتباع نهج "قائم على الربح" في مجال الصيانة، بحيث تعطى الأولوية لخدمات السكك الحديد التي تحقق دخلاً أعلى من تلك "التي تعتمد بشكل أكبر على الإعانات".

وفي الإجمال تتوقع الشركة المملوكة من الحكومة إنفاق قرابة 20 مليار جنيه إسترليني (24.8 مليار دولار أميركي) على "أعمال التجديد ونفقات رأس المال الأخرى" في مختلف أنحاء بريطانيا العظمى على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهو مبلغ ثابت مقارنة بالأعوام الخمسة السابقة على رغم ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية.

الأمين العام لنقابة "السكك الحديد والبحرية والنقل" ميك لينش Rail, Maritime and Transport (RMT)، رأى أن الحكومة تبدو "عازمة بشدة على مواصلة مساعيها في إدارة التدهور المنظم للسكك الحديد لدينا"، متهماً إياها "بخفض الاستثمار ومستوى الخدمات وأعداد الموظفين وإلغاء مشاريع البنية التحتية الحيوية، ومكافأة مشغلي القطارات الخاصة الفاشلة مثل ’ آفانتي‘ Avanti، بتمديدها للعقود المربحة".

وأضاف لينش أنه "من الواضح تماماً أن الهيئة المنظمة للسكك الحديد تحتاج إلى التدخل، لأن الانطباع الراهن هو أنها تتغاضى عن القيام بواجباتها".

المسؤول في نقابة "تي أس أس إي" كريس هارغريف، TSSA (نقابة لعمال قطاع النقل والسفر)، انتقد الوثيقة "المقلقة" كما وصفها، قائلاً إنه سبق أن أثار هو وزملاؤه مخاوف لدى هيئة "نتوورك ريل" في شأن التخفيضات في جداول الصيانة.

وأضاف أن "عمليات التفتيش والصيانة الروتينية تجرى لسبب ما، وأي تحرك لتقليص أو إلغاء الحاجة إلى فحص الأصول أو استبدالها لن يكون مصيره سوى الفشل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقوع إصابات وخسائر في الأرواح".

متحدث باسم هيئة "نتوورك ريل" قال رداً على طلب بالتعليق على العرض التقديمي إن "التحديات التي يطرحها التضخم والقيود المفروضة على الإنفاق العام" تؤثر في القدرة على تحقيق النتائج المرجوة، وأن المنظمة تبذل قصارى جهدها ضمن الموارد المتاحة لديها.

وأضاف أن خطة العمل الاستراتيجية لـ "نتوورك ريل" التي تحدد الخطط الاستثمارية للشركة خلال الأعوام الخمس المقبلة سيتم نشرها قريباً، وستجرى مراجعتها من قبل الجهة المنظمة، وهي "مكتب السكك الحديد والطرق" Office of Rail and Road، قبل إتمام صيغتها النهائية.

ولدى سؤال وزارة النقل البريطانية عن النقص في التمويل ردت بأنها لن تعلق على التسريبات المتداولة، وأضاف متحدث باسمها قائلاً "لقد تعهدنا بتقديم مبلغ قياسي قدره 44.1 مليار جنيه إسترليني (54.68 مليار دولار أميركي) لـ "نتوورك ريل" كجزء من التزامنا بالحفاظ على البنية التحتية الحيوية للقطاع، وإدارة نظام سكك حديد يتسم بالأمان ويكون موضع ثقة".

© The Independent

المزيد من تقارير