Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشهد موريتانيا "صحوة زراعية" لتأمين الغذاء؟

الرئيس اعتبرها "مسألة سيادة" والحكومة تسعى إلى تطويرها وجذب الاستثمارات وبيروقراطية الإدارة وغياب الرؤية أبرز العراقيل

مزارعة في حقلها على ضفة نهر السنغال جنوبي موريتانيا (اندبندنت عربية)

ملخص

على مر تاريخها السياسي ظل حكام #موريتانيا يحاولون توجيه اهتمام مواطنيهم نحو #الزراعة في محاولة لتحقيق #الاكتفاء_الذاتي من الغذاء

في بلد كموريتانيا لم يألف مواطنوها الزراعة باستثناء سكان ضفة نهر السنغال في الجنوب وعدد قليل من أهالي واحات النخيل في الوسط، يبدو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء حلماً بعيد المنال، على رغم سعي السلطات جاهدة إلى تأمين حاجاتها بالاستثمار في النشاط الزراعي.

وعلى مر تاريخها السياسي ظل حكام موريتانيا يحاولون توجيه اهتمام مواطنيهم نحو الزراعة وكانت آخر هذه المحاولات إعلان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من ضواحي مدينة تامشكط بالشرق الموريتاني في يوليو (تموز) الماضي أن الحكومة جادة في تأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء لمواطنيها عبر الاستثمار في الزراعة وتعمل على توفير حاجات البلاد من الحبوب والخضراوات من أراضيها.

مسألة سيادة

ودفعت عوامل عدة موريتانيا إلى تبني هذا الخيار، فبعد أزمة الحرب الأوكرانية واضطراب سلاسل التوريد وظروف جائحة كورونا، باتت البلاد التي تعتمد في معظم حاجاتها من الغذاء على الخارج، ملزمة البحث عن بدائل.

وفي هذا السياق قال الغزواني في افتتاحه للموسم الزراعي للعام الحالي حول خيار موريتانيا لتأمين غذائها إن "القضية أصبحت مسألة سيادة ومسألة أمن وهي أساس القدرة على الصمود في وجه مختلف الأزمات".

ويرى المتخصص في مجال التنمية الزراعية المهندس الهيبة سيد الخير أن "السياسات الوطنية في مجال الأمن الغذائي ظلت تُبنى على ردود فعل نتيجة الصدمات والأزمات المختلفة، من قبيل جفاف السبعينيات وأحداث 1989 والأزمة الاقتصادية العالمية 2007 وأزمة الصيادين السنغاليين وكورونا وإغلاق معبر الكركرات وأخيراً حرب أوكرانيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "أظهرت كل تلك الأزمات أنه لم يعد بالإمكان اليوم الاعتماد على الاستيراد كوسيلة للحصول على الغذاء أو المدخلات، كما لا يمكن الاعتماد على الموارد البشرية الأجنبية في هذا المجال الحيوي".

وبحسب سيد الخير، فإنه "على رغم إعلان الحكومة عن التعبئة وانعقاد مجلس الوزراء بمدينة روصو الزراعية في فبراير (شباط) الماضي، وذلك أملاً في توفير حاجة البلاد من الغذاء، إلا أن كل تلك الجهود لا ترقى إلى حجم التحديات المطروحة بسبب ضعف أداء القطاع من جهة وغياب الرؤية والتخطيط من جهة أخرى".

حلم بعيد المنال

تظهر الإحصاءات التنموية في موريتانيا صعوبة تحقيق حلم الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء، أقله في المنظور القريب، ويتحدث العارفون بالمجال عن أرقام مقلقة في هذا الصدد، إذ يذكر الصحافي المهتم بقضايا الزراعة السعد عبدالله أبرز العراقيل التي تقف في وجه تحقيق هذا الحلم ومنها بيروقراطية الإدارة وضعف جهود الاستثمار في زراعة الخضراوات بالواحات وغياب دعم المزارعين في تلك المناطق.

بينما يرى سيد الخير أن "تحقيق الأمن الغذائي لموريتانيا مرهون بقدراتنا على تطوير زراعتنا بشقيها المروي والمطري، والحكومة تبذل جهوداً كبيرة لجذب الاستثمارات للقطاع وتوسيع المساحات المستصلحة وتوفير المدخلات الزراعية وتنفيذ عدد من البرامج والمشاريع المرتبطة بترقية الزراعة كفك العزلة عن مناطق الإنتاج ومدها بالكهرباء".

ويضيف أن "إنتاج الغذاء منوط بقطاعات متباينة كالزراعة والتنمية الحيوانية والصيد وتفتقر التنسيق، مما يقلل من قدرتها على الأداء، كما أن معظم تلك الاستثمارات المرصودة تعود لتمويلات خارجية يصعب التحكم فيها وتوجيهها لخدمة خطة معينة وذلك بسبب خيارات وتوجهات الشركاء التي ربما لا تنسجم أو تتناغم مع السياسات العمومية".

أرقام صادمة

تعمل حكومة موريتانيا في توجهاتها التنموية المعلنة على الحد من الاعتماد على الخارج وخلق أقطاب تنموية كبيرة، بخاصة في مجال الزراعة، ويقدم سيد الخير معطيات عن واقع الوضع الغذائي لموريتانيا بقوله "تستورد البلاد كل حاجاتها من الزيوت على رغم إمكانية زراعة المحاصيل الزيتية، وكذلك تستورد كل استهلاكها من السكر على رغم إعلان إطلاق شركة لقصب السكر منذ أعوام".

ويضيف "في مجال الحبوب، تستورد موريتانيا جميع حاجاتها من القمح الذي هو ثاني أهم محصول استهلاكي في البلاد وتلبي 90 في المئة من حاجاتها من الخضراوات من خارج حدودها، والأمر ذاته تقريباً من الفواكه باستثناء التمور، وينطبق الأمر كذلك على مشتقات الألبان، وتملك البلاد اكتفاء ذاتياً من اللحوم والأسماك، كما أنها تنتج 80 في المئة من حاجاتها من الأرز".

ويرى مراقبون أن التوجه الرسمي القائم الآن في موريتانيا ربما يبدد قتامة الواقع، إذ يعتبر الغزواني أن قضية الاعتماد على النفس في مجال الزراعة أصبحت "ضرورة لازمة لأنها مسألة سيادة وأمن وهي أساس القدرة على الصمود في وجه مختلف الأزمات".

ويقول الصحافي السعد عبدالله إن "هناك مراسم كثيرة أظهرت فيها الحكومة اهتمامها بالزراعة، بحيث ضاعفت الموازنة القطاعية وأعطيت أولوية خاصة للزراعات المطرية، لكن حجم الإنتاج لم يعكس الهالة التي صاحبت بداية الموسم الزراعي".

ولتحقيق الغاية المنشودة في هذا المجال يرى سيد الخير أنه "من خلال النظر في المعطيات السابقة حول واقع الغذاء في موريتانيا، هناك فجوة في إنتاج الغذاء وضعف إمكانات قطاع الزراعة للاستجابة للحاجات المطلوبة في المستقبل المنظور، مما يتطلب خطة استثمارية شاملة تنبع من رؤية حقيقية لتجسيد الأمن الغذائي".

المزيد من تقارير