Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد الإنجازات العالمية... أول بطلة رماية لبنانية تستعد للألعاب الأولمبية

راي باسيل تمتهن رياضة لطالما كانت حكراً على الرجال

راي باسيل تمارس رياضة الرماية (اندبندنت عربية)

لم تتصور بطلة الرماية راي باسيل بدايةً بأن حياتها ستذهب في هذا الاتجاه، وبأنها تتأثر شيئاً فشيئاً بوالدها بطل لبنان في الرماية آنذاك، من دون أن تدرك ذلك. لكن سرعان ما وجدت نفسها تغوص في رياضة لطالما كانت حكراً على الرجال. تحدّت المجتمع بعزمها وتفانيها واجتهادها ورفعت اسم لبنان في العالم، ففازت بأكثر من 27 ميدالية إلى اليوم من بطولات دولية وعربية، منها ست بطولات عالمية فازت فيها بميداليات ذهبية وفضية وبرونزية. وفي عام 2012 كانت المرأة العربية الأولى التي تشارك في الألعاب الأولمبية في لندن وأيضاً في ريو دي جانيرو. كما أنها الأولى في تحقيق الفوز في ثلاث مرات متتالية في كأس العالم، بفوزها بميدالية ذهبية واثنتين فضيتين. وها هي اليوم تتحضر لتخوض التحدي الجديد بمشاركتها في الألعاب الأولمبية لتقدم فوزاً جديداً للبنان وتخطو خطوة جديدة في مساعيها لتمكين المرأة وتحفيز الشباب ونشر رسالتها حول أهمية الرياضة.

عن عمر 15 سنة، بدأت باسيل تخطو أولى خطواتها في رياضة الرماية. فكانت لها تجربة أولى بتشجيع من والدها، بطل الرماية في لبنان. لكن على الرغم من ذلك، لم تكن تتوقع يوماً بأن تخوض هذا النوع من التجارب. بدأ ذلك على سبيل الحشرية والرغبة في التجربة، وقالت "لاحظ والدي أني تعلّقت بهذه الرياضة وأحببتها، وعندي ميل إليها. علماً أني كنت رياضية وألعب كرة السلّة باحتراف. خلال شهرين أو ثلاثة تدرّبت على الرماية وقرّر والدي مباشرةً بعدها أن يرسلني إلى بطولة العالم، عندما رأى قدرتي. وبالفعل، وعلى الرغم من أني كنت لا أزال في بداية الطريق، شاركت فيها وحزت على شهادة تقدير لاعتباري أصغر مشتركة في بطولة العالم في الرماية".

تحديات وتفان

كما يحصل دوماً في بداية الطريق عند الابتعاد عما هو مألوف في الاختيار، واجهت باسيل تحديات عدة بدءاً من رفض والدتها لأن تتجه ابنتها إلى رياضة هي حكر على الرجال، وتعتمد على السلاح والصيد والرماية، خصوصاً أنها كانت الفتاة الوحيدة التي تتجه إلى الرماية. لكن شيئاً فشيئاً، وفيما كانت ترى تعلّق راي الشديد بهذه الرياضة وبراعتها والنتائج اللافتة التي استطاعت أن تحققها من سن صغرى، بدأت تقتنع بذلك. كذلك، وفي مجتمع ذكوري كان التحدي صعباً على باسيل، وكان عليها أن تثبت جدارتها. لكن تؤكد أنه على الرغم من التحديات الموجودة، كانت في سن صغيرة ولم تفكر للحظة بالعوائق التي سرعان ما تغلبت عليها، فيما أثبتت قدرات لافتة وتفانياً في سبيل تحقيق النجاحات. وما ساعدها في ذلك دعم والديها لها ومرافقتهما لها في كل خطوة تقوم بها وفي أسفارها كافة.

ونظراً لعشقها لهذه الرياضة التي بدت وكأنها بمثابة الدم الذي يسري في عروقها، تتفانى في سبيل تحقيق نجاح تلو الآخر فيها. وتجدها تخصص وقتها كاملاً للتدريب، بعد أن اكتشفت أن النجاح الحقيقي في أي مجال يتطلب التفرغ من أجله. وفي هذا الإطار قالت "أتدرب يومياً لمدة ست ساعات أو سبع، علماً أنني اليوم أتحضر لتحدٍ جديد وللمشاركة في الألعاب الأولمبية. علماً أن التدريب ينقسم إلى ثلاثة أقسام تقني وجسدي ونفسي في سبيل تحقيق النجاح، لاعتبار أن هذه العناصر تكمّل بعضها لتحسين الأداء، وإن كان البعض لا يعتبرها كلّها ضرورية. وبفضل الدعم المالي الذي حصلت عليه من أحد المصارف، أصبحت قادرة على تخصيص كامل وقتي للتدريبات. أما في البداية فلم يكن سهلاً لأني كنت مرغمة على العمل في الوقت نفسه، وهذا ما يشكل عائقاً أمامنا كرياضيين في لبنان، إذ ينقصنا الدعم المادي لنتمكن من تحقيق نتائج أفضل. المشكلة في لبنان أنه على الرياضي أن يثبت قدراته حتى يجد الدعم لا العكس، كما يحصل في بلدان أخرى".

تحضيرات للألعاب الأولمبية

صحيح أن باسيل حصلت اليوم على الدعم لكنه ليس كافياً بالنسبة لها، خصوصاً أن التحضير للألعاب الأولمبية بحسب قولها، يتطلب سنوات. كما تشير إلى أن الاتحاد اليوم يدعمها إلى حد ما، من خلال التقدير المادي بعد أن تحقق إنجازاً، فيما يبقى الدعم الحقيقي والفاعل غير موجود. تتحضر الآن باسيل لتحدي الألعاب الأولمبية من خلال التدريب المكثف بانتظار كأس العالم في شهر أغسطس (آب) 2019 في فنلندا، ثم بطولة آسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. أما الألعاب الأولمبية فتنظم في شهر يوليو (تموز) من العام 2020. وهي تحرص على المشاركة في المخيمات التدريبية خارج لبنان، باعتبارها تتميز بمهنية عالية واحتراف ومستوى أهم، لتتحضّر بشكل أفضل. هذا إضافة إلى وجود فريق محترف لتدريبها، لكنها في الوقت نفسه تشدد على أن "أياً كانت الظروف، أعتبر أن الجهد الشخصي هو الأساس لتحقيق النجاح، لذلك أعمل بجد على نفسي لأطور أدائي. أحتاج إلى الاعتماد على نفسي لأحقق الإنجازات التي أطمح إليها لأرفع اسم لبنان عالياً. فكل الإنجازات التي حققتها والتي أنوي تحقيقها، أقدمها للبنان وقد شهدت على فخر اللبنانيين بي في كل مرة. لذلك لا أتأثر بالعوائق والصعوبات التي أواجهها بعد أن أصبحت مثالاً للشباب وأشكل حافزاً لهم ليتحدوا الصعوبات كافة، في سبيل تحقيق أهدافهم. وأنا اليوم سفيرة للنوايا الحسنة مع الـUNDP، وأقوم بمساع لتمكين الشباب وتشجيعهم وعلى تمكين المرأة وتحفيزها في مختلف المناطق اللبنانية". لم تعد المشاركة في المباريات العالمية مصدر قلق لباسيل بعد أن اعتادت على ذلك، بل تذهب متسلحةً بخبرتها وبثقتها بنفسها. لكن يلفتها الدعم والإحاطة للمنتخبات الأجنبية من النواحي كافة بعكس ما يحصل في لبنان حيث على الرياضي أن يعوّل على نفسه.

 

رسالة إلى الشباب

انطلاقاً من مساعيها لتشجيع الشباب وتحفيزهم بعد أن أصبحت مثالاً، نظراً للتحديات التي واجهتها لدى اختيارها هذا النوع من الرياضات، والإنجازات التي استطاعت أن تحققها حتى فازت ببطولات عالمية، تدعو باسيل إلى ضرورة وضع الهدف سواء كان يخص الرياضة أو غيرها، كهدف في الحياة، وقالت "أدعو الشباب إلى الحلم بذاك الهدف والتفاني من أجل تحقيقه. أما الرياضة فلا يخفى على أحد أهميتها سواء من النواحي النفسية أو الجسدية، إضافة إلى دورها في إبعادنا عن العادات السيئة كافة، وفي توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية من مختلف الفئات من دون تمييز، بشكل يرتكز على الاحترام. الرياضة هي المستقبل، ولنحقق النجاحات فيها نحتاج إلى الإيمان بما نفعله، ووضعه في صلب اهتماماتنا وكأولوية لنا في الحياة. وشخصياً ألقى كل الدعم في محيطي، من أهلي وزوجي لأحقق المزيد من النجاح".

المزيد من رياضة