Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فقراء غزة يعزفون عن الأدوية إلى التداوي بالأعشاب

توفر وزارة الصحة خدمة الرعاية الأولية لكن السكان يشكون عدم وجود العلاجات في الصيدليات

بلغ عدد الفقراء في غزة 1.2 مليون نسمة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

دفع #الفقر الذي بلغت نسبته 70 في المئة بسكان قطاع #غزة إلى التداوي بـ #الأعشاب

منذ ثلاثة أسابيع تعرض الفلسطيني عمر لذبحة صدرية شديدة لكنه لم يجرؤ على الذهاب إلى الصيدلية لطلب علاج مناسب لحالته أو إلى المستفشى لتدارك الأسوأ، بل على الفور كان طريقه نحو محال بيع الأعشاب باحثاً عن وصفة طبيعية تسهم في تخفيف أعراض مرضه.

الفقر هو السبب الذي دفع عمر إلى التوجه نحو محال العطارة، فهو يعمل حارس عمارة سكنية في مقابل 200 دولار أميركي في الشهر، ويؤكد أن راتبه لا يكفي المستلزمات الأساس لبيته، لذا وجد نفسه يبحث عن حلول أقل كلفة لتخفيف المصاريف.

البحث عن الأوفر كلفة

شراء العلاجات الطبية بالنسبة إلى عائلة عمر التي تضم ثلاثة أطفال بات ثانوياً إذا توفر المال، ولم يعتبره رب البيت من المستلزمات الأساس، ويقول "بصراحة شراء الأعشاب أكثر توفيراً من الأدوية، ففي شهر واحد مرضت أنا وأطفالي والأدوية ستكلفني ربع راتبي، وعوض ذلك ذهبت إلى محل العطارة وشرحت للبائع ما نشكوا منه فأعطاني أعشاباً لم تكلفني سوى ثلاثة دولارات".

وضع عمر هذا مشابه لحال نحو 1.2 مليون مواطن يعيشون في غزة ويمثلون ما يقارب 64 في المئة من إجمال السكان، جميعهم مصنفون أنهم يعيشون على خط الفقر الذي يتفشى بسرعة مذهلة في القطاع، وباتوا يلجأون إلى التداوي بالأعشاب بدلاً من شراء العلاجات من الصيدليات.

وبحكم قلة ذات اليد وجد عمر نفسه كما باقي الفقراء في غزة مجبراً على التداوي بالأعشاب، ويستخدم الرجل الخلطات التي يعدها العطارون منذ زمن طويل، وجاء اليوم يطلب تركيبة عشبية لعلاج الذبحة الصدرية التي تعرض لها، وبعد أن وصف الأعراض التي يشكو منها للبائع انشغل الأخير في إعداد خليط مناسب لحالته ثم وصف له كيفية تناوله.

"عند دفع الحساب كانت الكلفة دولاراً واحداً فقط، بلا شك أن سعر هذا الخليط زهيد جداً لدى مقارنته بالأدوية الطبية المتوافرة في الصيدليات، وهذا يناسب حالي المادية"، هذا ما قاله عمر الذي عزف عن شراء العلاجات التي شهدت ارتفاعاً في أسعارها العام الماضي بنسبة تجاوزت الثلاثة في المئة.

تزايد الطلب على "الطب البديل"

في "سوق الزاوية" المخصص لبيع العطارة وسط مدينة غزة، يؤكد البائعون أن هناك إقبالاً كبيراً جداً من السكان المحليين على شراء الأعشاب من أجل التداوي، وأن هذه الزيادة المستمرة لوحظت منذ نحو عامين تقريباً.

ويطلق على التداوي بالأعشاب مصطلح "طب النباتات" الذي يعد شكلاً من "الطب البديل" وبات خياراً مفضلاً يلجأ إليه المرضى الفقراء الذين لا يملكون ثمن الأدوية الطبية، وما دفع السكان إلى العزوف عن شراء العلاجات الطبية واللجوء إلى الأعشاب هو تدهور أوضاعهم المعيشية يوماً بعد آخر، إذ تشير الإحصاءات التي تنشرها مؤسسات الأمم المتحدة لواقع سكان غزة، إلى أن ظروف حياة المواطنين باتت في أدنى مستوياتها، وانعكس هذا التدهور الاقتصادي على قدرة السكان على شراء الأدوية.

مؤشرات مذهلة

وبحسب بيانات هيئة الأمم المتحدة حول أوضاع غزة، فإن 64 في المئة من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر المحدد به أن الدخل اليومي ثلاثة دولارات، فيما يعاني 71 في المئة من انعدام الأمن الغذائي، كما أن نسبة البطالة بلغت 81 في المئة، فيما وصلت نسبة اعتماد السكان على المساعدات الإنسانية إلى نحو 80 المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجميع هذه المؤشرات كانت لها انعكاسات خطرة على حياة سكان غزة الذين باتوا عاجزين عن توفير المستلزمات الأساس بما فيها العلاج، وأصبح التداوي بالأعشاب ملجأ لهم لتدارك وتمرير الأزمات التي تعصف بهم.

وحول ذلك تقول منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز إن "الأوضاع في غزة تتدهور يومياً، وتظهر البيانات عدم قدرة السكان على توفير متطلبات الحياة بما فيها المتعلقة بالشأن الصحي، وهذا مؤشر خطر جداً ويدفعنا إلى العمل باجتهاد لتأمين المساعدات الإنسانية التي بات يعتمد عليها أهالي القطاع بشكل أساس".

"مراكز رعاية أولية" تفتقد العلاجات

وبحسب قانون الصحة الفلسطيني فإن توفير العلاج حق المواطنين "وعلى الوزارة توفير الأدوية المناسبة مجاناً للأمراض التي تحددها، بهدف منع انتقال الأمراض الوبائية والحفاظ على الصحة العامة، كما يجوز للوزارة التنسيق مع الجهات المعنية لضمان ذلك".

وعليه يتوجب على الجهات الحكومية ذات الاختصاص توفير الأدوية لسكان غزة بشكل مجاني، وحول ذلك يقول المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة إنهم يعملون على تأمين العلاج في المراكز الصحية التابعة لهم، ويحق لأي مواطن زيارة هذه المراكز المنتشرة من أجل طلب الرعاية الصحية، كما أنهم يوفرون خدمة الاستشارات الطبية السريعة عبر رقم مجاني متاح لجميع السكان.

وتعمل وزارة الصحة إلى جانب دائرة الصحة في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على تقديم أدوية لسكان غزة، وتوفر أيضاً اختصاصيين للكشف ووصف الأدوية المناسبة، كما ينتشر في غزة 159 مركزاً صحياً لتقديم الرعاية الأولية، بينها 52 تتبع وزارة الصحة و22 تديرها "أونروا"، والبقية تشرف عليها مؤسسات أهلية.

لكن السكان في غزة يشكون عدم توافر العلاج في صيدليات المراكز الصحية، وبحسب المواطنين فإن المراكز التي تديرها الجهات الحكومية تطلب ثمن العلاجات التي توفرها بشكل مخفض في حال كانت متاحة، وهذا ما يجعلهم يلجأون إلى التداوي بالأعشاب.

ولا ينفي القدرة عدم توافر الوصفات الطبية التي يصفها مقدمو الرعاية الأولية، إذ يشير إلى وجود انقطاع في هذه الأدوية بنسبة 44 في المئة، لافتاً إلى أن 978 ألف حالة تقدمت بطلب الرعاية الصحية ولم تتوافر لها الوصفة الطبية عام 2022، وكان من بينها 357 ألف وصفة مخصصة للأطفال.

المزيد من صحة