Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التمديد لمدير الأمن العام اللبناني يخضع للتجاذب في انتخابات الرئاسة

"الثنائي الشيعي" يصر على بقاء إبراهيم على رأس الجهاز وتعثر استمراره يؤهله لأدوار سياسية

بعض المخارج التي تطرح للتمديد للواء عباس إبراهيم قد لا يقبل بها إذا تبين أنها "شكلية" (أ ب)

ملخص

 إذا تعذر التمديد لـ #مدير_ الأمن_ العام في #لبنان عباس إبراهيم فمن المحتمل تكليفه بمهمات سياسية وربما لاحقاً تعيينه وزيراً

طرحت مسألة التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المرشح للعب دور سياسي مستقبلاً، في منصبه مع اقتراب إحالته على التقاعد، إشكالية انعقاد البرلمان من أجل التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، المرفوض من قبل الكتل النيابية المسيحية الرئيسة التي تعترض أيضاً على اجتماع الحكومة.

وفي وقت يبلغ اللواء إبراهيم السن القانونية لنهاية الخدمة (64 سنة) وفق قانون الموظفين، في الثاني من مارس (آذار) المقبل، فإن نواباً معارضين ينتمون إلى الطوائف كلها، يعتبرون مثل الكتل النيابية المسيحية، أن البرلمان هيئة ناخبة لملء الشغور الرئاسي ولا يحق له التشريع قبل إنجاز هذه المهمة.

تعذر تعيين بدائل للمتقاعدين

بدأ التداول بالتمديد للواء إبراهيم، الذي يتمتع بدعم عديد من الأوساط السياسية محلياً وخارجياً، لا سيما "الثنائي الشيعي" كي يبقى في منصبه، قبل أكثر من شهرين، في وقت ينتظر أن تتوالى الفراغات في مناصب مهمة في الإدارة وقيادات بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية تباعاً، من دون أن تتمكن الحكومة من تعيين البدائل عنهم نظراً إلى أنها حكومة تصريف أعمال منذ مايو (أيار) الماضي، إذ يدور خلاف بين الفرقاء أصلاً، حول حقها في الاجتماع كونها بهذه الصفة، بفعل الشغور في رئاسة الجمهورية. ومع أن الحكومة عقدت ثلاث جلسات حتى الآن، ويتهيأ رئيسها نجيب ميقاتي من أجل عقد جلسة الأسبوع المقبل بحجة البت في عدد من القضايا الملحة والضرورية، فإن تعيين بدلاء للذين تنتهي مدة خدمتهم القانونية، في الفئة الأولى من كبار الموظفين، يحتاج في كل الأحوال إلى أكثرية الثلثين من الـ24 وزيراً وفقاً للدستور، الأمر المتعذر خشية إثارة الاعتراض المسيحي على تعيينات بغياب رئيس الجمهورية ولغياب الوزراء المحسوبين على "التيار الوطني الحر" عن تلك الاجتماعات، استناداً إلى اجتهاد بعدم جواز التئامها في حالة الشغور الرئاسي.

حالة مشابهة لحالة اقتراب إحالة اللواء إبراهيم إلى التقاعد كانت ظهرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بإحالة رئيس الأركان في الجيش اللواء أمين العرم، فتعذر التمديد على رغم طلب رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، كي لا يبقى المركز شاغراً، لرفض وزير الدفاع وهو مقرب من "التيار الحر"، توقيع مخرج قانوني لهذا الغرض، فإن إصرار "الثنائي الشيعي"، وخصوصاً "حزب الله"، على التمديد للواء إبراهيم جدد طرح الإشكالية ذاتها، بعد أن انتقل تعطيل مؤسسة الرئاسة الأولى إلى المؤسسة التشريعية، وإلى السلطة التنفيذية.

تعطيل البرلمان والحكومة

خضعت فكرة التجديد للواء إبراهيم للتجاذب السياسي الذي يحوط بالفراغ الرئاسي منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بانتهاء ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون، جراء تعذر تأمين أي من الفرقاء نصاب الثلثين ومن ثم أكثرية النصف زائداً واحداً في البرلمان للمرشح الرئاسي الذي يفضل، وانسداد أفق الحوار بين تحالف قوى "الممانعة" بقيادة "حزب الله"، وفريق المعارضين له من "سياديين" و"تغييريين" و"مستقلين"، ما يبقي الأزمة السياسية معلقة ويزيد حدة الاستقطاب السياسي، ومعه الشلل في مؤسسات الدولة.

سعى رئيس البرلمان نبيه بري إلى عقد جلسة نيابية كان مخططاً لها أن تلتئم في 16 فبراير (شباط) لكن بروز معارضة من كتلة نواب "التيار الحر" وحلفائه نواب حزب "الطاشناق" الأرمني وآخرين (20 نائباً) وكتلة حزب "القوات اللبنانية" (19 نائباً)، وكتلة نواب حزب "الكتائب" (أربعة نواب) وهي كتل نيابية تمثل معظم النواب المسيحيين الـ64 في البرلمان لاجتماعه من أجل التشريع أدى إلى تأجيل الدعوة إليها. وعلى جدول أعمالها اقتراح قانون التمديد سنتين للواء إبراهيم، إضافة إلى قوانين أخرى تتعلق بالكابيتال كونترول الذي يلح صندوق النقد الدولي على لبنان لإصداره، وبتسهيل عمل البلديات إنمائياً، وإعفاء أدوية السرطان وغيره من الأمراض المزمنة من الرسوم... لكن بري أجل الدعوة لعل بعض الوسطاء يقنعون إحدى الكتلتين المسيحيتين الكبريين (التيار الحر أو القوات اللبنانية) بحضور الجلسة من أجل ضمان "ميثاقية" انعقادها (بمعنى عدم غياب معظم النواب المسيحيين عنها). وكانت هناك مراهنة على إقناع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بحضور نوابه الجلسة لتأمين نصابها من دون أن يصوت على القوانين المطروحة، باعتباره كان اقترح مخرجاً في اقتراح قانون قدمه قبل خمس سنوات برفع سن التقاعد لموظفي الفئات الأولى والثانية والثالثة من 64 إلى 68 سنة، مع إمكان الاستغناء عن الموظفين غير الكفوئين أو الذين عليهم شبهة فساد، لكنه مشروع لا يرغب به معظم الفرقاء، كما أن هناك اقتراح قانون من نواب "الحزب الاشتراكي" بملء الشواغر في القيادات الأمنية عبر تشريع استمرارهم في مهامهم لسنتين، بحجة أن حفظ المؤسسات الأمنية ضروري في حالة التأزم الراهنة. إلا أن رفض كتلة نواب "القوات اللبنانية" واعتراض البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي على خروج البرلمان عن مهمة انتخاب رئيس الجمهورية، أحرج باسيل على الصعيد المسيحي، فأعلن تمسكه برفض اجتماع البرلمان للتشريع طالما لم ينتخب رئيس الجمهورية، بل إن الراعي ونواباً من "القوات" ومن فرقاء آخرين انتقدوا التشريع لفرد، لأنه يناقض مبدأ "شمولية" التشريع في علم القانون.

عريضة 42 نائباً وموقف باسيل

ونواب "القوات اللبنانية كانوا من ضمن 42 نائباً وقعوا عريضة تعلن ’الالتزام بأحكام الدستور التي تنص صراحة على أنه متى تخلو سدة الرئاسة يصبح المجلس النيابي هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية بشكل متواصل دون انقطاع حتى تحقيق هذه الغاية، ولا يحق للمجلس القيام بأي عمل سواه"، بالتالي لا يمكنهم التراجع عن هذا الموقف.

وقطع باسيل الطريق على أي احتمال لانعقاد البرلمان، عشية اجتماع لهيئة مكتبه برئاسة بري، في كلمة له في مؤتمر حزبي، فأعلن أن "اللواء إبراهيم صاحبنا وحبيبنا ونتمنى أن يبقى في الأمن العام، مثله مثل المديرين الجيدين لعمر 68" مذكراً باقتراح القانون الذي قدمه في هذا الصدد، لكنه كشف عن أنه حين طرح موضوع اللواء إبراهيم أجبت أننا نرفض أي تمديد انتقائي لشخص أو لفئة، ونحن مع تمديد جماعي قناعة مني بالفكرة، ولم أطرح أو فكرت لحظة بأي اسم في المقابل أو بأي مقايضة"... ورد على انتقادات له من قيادة "القوات" بأنه يسعى إلى المقايضة مقابل التمديد، نافياً أي "طلبات ومقايضات ومحاصصة".

وفضلاً عن أن باسيل وجه انتقادات مبطنة في كلمته لـ"حزب الله" الذي يحرص على التمديد لإبراهيم الذي يطمئن إليه وكان صلة وصل بينه وبين فرقاء لبنانيين وخارجيين معه، فإن مراقبين رأوا في موقفه رداً على تمسك "الحزب" بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الذي عارضه بشدة، وإعلاناً للطلاق معه بعد الخلافات التي عصفت بتحالفهما في الشهرين الماضيين.

اللجوء إلى ميقاتي لابتداع مخرج

إصرار "الثنائي الشيعي" على احتفاظ اللواء إبراهيم بمنصبه والحديث عن رغبة عواصم مهمة في استمراره في موقعه، وتعذر إيجاد مخرج التمديد له عبر المجلس النيابي، دفع بري و"الحزب" إلى مطالبة رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي بابتكار مخرج عن طريق اجتماع الحكومة قبل الثاني من مارس. وقال ميقاتي في حديث تلفزيوني "طلب مني البحث عن مخرج قانوني للتمديد للواء إبراهيم"، مشيراً إلى أنه يسعى إلى صيغة تتلاءم مع القوانين. وكلف لجنة من بضعة قضاة لوضع صيغة في هذا الصدد، تواجهها إشكالات عدة. فهناك اقتراح بـ"استدعاء" اللواء إبراهيم كضابط سابق من الاحتياط في الجيش ليتولى مهمة إدارة الأمن العام (استناداً إلى قانون الدفاع)، لكن تبين أنه كان استقال من الجيش عام 2017 قبل بلوغه السن القانونية للعسكريين (59 سنة) ليعاد تعيينه في منصبه في الأمن العام، وبات مدنياً لا يتطبق عليه هذا القانون.

ومن المخارج المطروحة أيضاً أن يطلب منه وزير الداخلية بسام المولوي، أن يسير شؤون مديرية الأمن العام كمرفق عام، بعقد يتم توقيعه معه، لكن تبين أن عقوداً كهذه لها صفة استشارية بالمعنى القانوني، ولا تتيح للواء إبراهيم التوقيع على القرارات وأوامر وإجراءات، مما يعني أن إعادة تعيينه ستكون شكلية، لا تعطيه صلاحيات أصيلة على هذا الجهاز. وهو أمر اعتبره قانونيون وسياسيون لا يليق معنوياً وعملياً باللواء إبراهيم، الذي لاذ بالصمت، في وقت رأى من يعرفونه أن الهالة التي نشأت حوله بسبب نجاحه في عديد من الملفات الحساسة التي تولاها لا تتيح قبوله بمخارج شكلية، وربما يحال إلى التقاعد تمهيداً لتكليفه بمهام مهمة.

وفي رأي ميقاتي وعدد من السياسيين أن تعذر التمديد للواء إبراهيم لا يعني خروجه من المشهد السياسي، فهو مرشح وزير على الدوام، وبإمكانه خوض الانتخابات النيابية، إذا أراد. واعتبر النائب مروان حمادة أن التمديد ليس أولوية، لأن إبراهيم ليس بحاجة إلى قرار كهذا وهو أقوى بعد أدائه في الأمن العام".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي