Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل من أضرار صحية قد يجلبها العمل من المنزل؟

بعد نقاشات طويلة حول أخطار تناول الوجبات الخفيفة في مكان العمل، لا بد من تسليط الضوء على عنصر آخر مفقود 

الضعف أمام المعجنات: جميعنا بحاجة إلى تلك الحلويات من حين لآخر (غيتي)

دارت في الأيام الأخيرة نقاشات كثيرة تتعلق بالحلويات التي يتناولها الموظفون في مكاتبهم، وذلك بعد مداخلة حادة من جانب البروفيسورة سوزان جيب رئيسة "وكالة معايير الغذاء"  Food Standards Agency (الدائرة المسؤولة عن حماية الصحة العامة في ما يتعلق بالغذاء في إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من الواضح أن البروفيسورة جيب تحدثت بصفتها الشخصية، خشية أن يعتقد بأن تعليقاتها جاءت من منطلق طابعها المؤسسي. وقد أعربت عن قلقها من أن الوجبات المكتبية المنتظمة يستحيل على العاملين مقاومتها، بالتالي فإن تأثيرها يفاقم مشكلة السمنة في بريطانيا. وذهبت إلى حد إجراء مقارنة مع التدخين السلبي، أقله لجهة أن اختيارات فرد واحد (جالب الحلوى)، من شأنها أن تنعكس سلباً على صحة الآخرين (الأفراد الذين لا يقوون على مقاومتها). لكن السيد شيموس كيبلينغ (الخباز الإيرلندي الذي سميت العلامة التجارية للحلويات "مستر كيبلينغ" Mr. Kipling تيمناً به) كان ليتقلب في قبره، لو لم يقم بالترويج له مدير تسويق بارع للغاية.

دعوة البروفيسورة جيب إلى وقف تقديم تلك المغريات اللذيذة على نحو متواصل، تسببت بانقسام في الآراء حولها. ولاحظ أولئك الذين يوافقونها الرأي أن عجزنا الواضح عن إبقاء أيدينا بعيدة من علبة البسكويت المشتركة، ترتبط أكثر بآداب التصرف وليس بالشراهة لدينا. وفي أي حال، إذا قام شخص ما بإحضار قالب من الكيك المغطى بالكريما للاحتفال بعيد ميلاده، فلا يمكن لأحد أن يرفض تناول قطعة صغيرة أو ربما ثلاث قطع منها. وفي هذا الإطار، تترتب علينا مسؤولية جماعية لرعاية صحة مجتمعنا وبلادنا.

من ناحية أخرى، ينظر المنتقدون إلى تعليقات جيب على أنها ذات طابع حكومي مفرط في التدخل بحياة الأفراد وحمايتهم. ومن منطلق أن جميع الأشخاص يجب أن يتحملوا المسؤولية عن أفعالهم، فالذين يتناولون الحلوى لا يمكنهم ببساطة أن يلقوا بمسؤولية أمراضهم على أولئك الذين وضعوا تلك الكعكة الاسفنجية تحت أعينهم النهمة. وفي أي حال، يمكن أن تسهم الحلويات المتشاركة في المكتب في ترسيخ العلاقات بين الزملاء التي هي بالتأكيد أفضل من تبادل النميمة بينهم.

يضاف إلى ذلك أن أزمة ارتفاع كلفة المعيشة تعني بالنسبة إلى بعض الموظفين المبتدئين، أن شريحة من كعكة "كولين ذا كاتربيلر"  Colin the Caterpillar المغطاة بالشوكولاتة، تظل أفضل وجبة لهم في اليوم - خصوصاً إذا كانوا محظوظين ما يكفي للحصول على القطعة الأخيرة منها. إن تأمين القوت المجاني لأفراد "جيل زد"  Gen Z (المولودون ما بعد جيل الألفية) الذين ينفقون دخلهم بالكامل على الإيجار واشتراك "نتفليكس"، هو أقل ما يمكن أن يفعله أي فرد محترم من جيل المولودين ما بين عام 1946 وعام 1964 الذين يعرفون بـBoomers .

كل ما تقدم جيد بالطبع، وكشخص يواجه صعوبة في مقاومة جميع أنواع الحلوى، فأنا أتفهم وجهة نظر البروفيسورة. لكن من جهة أخرى، أجد نفسي أميل أيضاً إلى جمع شطائر حلوى كيرلنيغ المتبقية من اجتماعي مع شخص آخر: يجب ألا يكون هناك هدر في الطعام. إن أحداً لا يريد ذلك على الإطلاق.

ومع ذلك، فقد غاب عن النقاش عنصر رئيس. ففي عصر العمل الهجين الذي طغى في فترة ما بعد الوباء، كيف يتقدم لواء الذين "يعملون من المنزل" Working From Home(WFH)؟ فاعتماداً على وجهة نظرهم، قد يشعرون بالحزن  لتفويت الفطائر شبه القديمة التي جلبتها شارون العاملة في المحاسبة لمناسبة ذكرى ميلادها الـ40. وربما في المقابل، قد يشعرون بالارتياح لأنهم لم يضطروا إلى تناول بقايا بسكويت عيد الميلاد التي تركها براين رئيس العمال، بالتالي يعتبرون أنهم يتمتعون بصحة أفضل من أي وقت مضى.

لكن في الواقع، ماذا يوجد داخل خزائنهم وثلاجاتهم؟ في مايو (أيار) الماضي، حاول بوريس جونسون رئيس الوزراء الذي غاب عن الذاكرة وطال نسيانه، تشجيع الناس على العودة للمكاتب، مشيراً إلى أنه من السهل جداً تشتيت انتباههم بتناول الجبنة وارتشاف القهوة أثناء عمهلم في المنزل. وبدا بوريس الذي عكس أيضاً مخاوف البروفيسورة جيب، قلقاً في شأن التحدي المتمثل في مقاومة الأطايب الشهية، على رغم أنه لم يكن من الواضح ما إذا كانت الإسبريسو وجبنة ستيلتون يشكلان بديلاً لحلوى رئيس الوزراء السابق، أو مجرد وجبة ختامية خلال فترة استراحة طويلة من دوام العمل.

لا يمكنني أن أنكر حقيقة أنه في الأيام التي أعمل فيها في المنزل، من المحتمل أن أتناول وجبات خفيفة بالمقدار نفسه الذي كنت سأفعله لو رأيت أمامي علبة بسكويت في المكتب. فسأبدأ بتناول بسكويت الشوكولاتة في الساعة العاشرة والنصف مع القهوة، وربما بضع قطع الفاكهة والجوز بعد الغداء. ومن غير المرجح ألا أنكب على تناول أطباق أخرى مطهوة بحلول نهاية اليوم. الفارق الوحيد هو أن أحداً لن يلقى عليه اللوم سوى نفسي في توفير مثل هذه العناصر السكرية لنفسي.

في النهاية، يتوافر لمعظمنا كم هائل من الفرص لتناول الطعام أو الشراب أو استهلاك أغذية غير صحية  خلال حياتنا - سواء ضمن مكان العمل أو خارجه. هذه الأطباق السكرية يضعها أمامنا أفراد من العائلة أو الأصدقاء والزملاء في مجال الأعمال، أو المعلنون وأصحاب المتاجر، على سبيل المثال وليس الحصر. حتى لو استمعنا لنصيحة البروفيسورة جيب وتخلصنا من أطباق الحلوى في المكاتب، أظن أن معظمنا سيجد  بدائل لتناول السكريات في مكان آخر.

لذا، عندما تكون المسألة متعلقة بتناول الحلويات في مجال العمل، فلندعهم يجلبونها. ولنترك لأنفسنا خيار  تناول قطعة منها أو من فطيرة موجودة في الثلاجة، للتعويض عن مزاولتنا العمل من المنزل.

© The Independent

المزيد من صحة