Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العمل من المنزل يغيّر حياة مقدّمي الرعاية مثلي"

يجب ألّا يضطر أي أحد للاختيار بين الاعتناء بأحبائه والبطالة

"حققت التوازن بين واجبي بتقديم الرعاية وحياتي العملية طيلة سنوات. خلال فترة عملي في المكتب، عشت معركة يومية مع القلق والشعور بالذنب والخوف" (غيتي)

 

تدور الآن نقاشات حول طريقة تعاطينا مع الحياة العملية بعد الجائحة. وفيما ما زال هناك من يفضّل العمل في المكتب على العمل من المنزل أو العكس، يظهر أمر واحد بوضوح- تغيب أصوات الأشخاص الذين يعانون من إعاقات ومن يهتمون بهم بشكل كبير عن النقاشات.

تعاني والدتي من إعاقة حركية شديدة. يبدو من الغريب أن أقول إن أمي "أصبحت تعاني من إعاقة"- لكن هكذا بدا الموضوع لي عندما كان عمري 16 سنة حين بدأت أمي دائمة الاستقلالية والأهلية بمواجهة صعوبة في السير كما يجب، أو الجلوس من دون الشعور بآلام شديدة. والرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة غير مناسبة. وبما أن أمي لا تبلغ عمر التقاعد، فهي غير مؤهلة لتلقّي زيارات من موظفي الرعاية، مما يعني أنني كنت المسؤول الرئيسي عن رعايتها لأكثر من نصف حياتي.

حققت التوازن بين واجبي بتقديم الرعاية وحياتي العملية طيلة سنوات. وطيلة فترة عملي في المكتب، عشت معركة يومية مع القلق والشعور بالذنب والخوف. القلق من أنّ أمي في المنزل تعاني في سبيل التكيّف مع وضعها، والذنب من أنني أتركها وحدها، والخوف من احتمال وقوع أي حالة طارئة. فلتحاولوا التعامل مع هذا المستوى من العذاب فيما تجهدون لكي تركّزوا على ما يقوله زميلكم- أو تصارعون في سبيل فهم مهمّة معقّدة في العمل. كانت أمي تتّصل بي في مناسبات عدة- إما لأنها عاجزة عن الخروج من السرير، أو لأنها أوقعت غداءها وما عاد أمامها أي شيء تأكله. وعندها أقدّم أعذاراً لمديري بطريقة مرتبكة ومذعورة وأسرع إلى المنزل. وعانيت نفسياً كثيراً في تلك الأوقات.

الوضع المحبط الذي نواجهه الآن هو أنه بدل القبول بالتغيير، والقبول بمستقبل يكون الموظفون فيه أكثر سعادة، والتوازن بين الحياة العملية والشخصية صحيّ أكثر، يفضّل أصحاب العمل مقاومة هذا التقدّم وإعادة حشرنا جميعاً داخل عُلبنا مثل القطيع الضال. في المناصب التي شغلتها سابقاً، كان المدراء يستبعدون مسألة العمل من المنزل باعتبارها نوعاً من الأحلام الوردية. وما زالت هذه الطريقة من غياب المنطق سائدة. وإن سألتم لماذا لا يمكن للعمل من المنزل أن يستمر دائماً، لن تحصلوا سوى على جواب واحد "هكذا الأمور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الأسباب المُقدّمة لصالح العمل من المكتب فتدور حول فكرة أن الإبداع يبدأ بالتدفّق من رؤوسنا عندما نجتمع عند براد المياه. هذا مشهد لا تجده سوى في الأفلام، تماماً مثلما لا يقول أحد في الأفلام "إلى اللقاء" قبل أن ينهي مكالمة هاتفية. ما تعلّمته من تجربتي هو أن الناس يسيرون بتمهّل وحدهم نحو براد المياه ويعودون إلى مكاتبهم بصمت. لكن هذه ليست صورة الإنتاجية البرّاقة التي تحاول الثقافة أن تسوّقها لكم. ومن المُفترض أنّ السبب الآخر هو أنّ المكاتب توفّر مساحة رائعة للتعاون- وهذا بعد تناسي برامج "زوم" و"سكايب" و"مايكروسوفت تيمز" وغيرها حيث يمكننا التحدث مع زملائنا وتشارك الأفكار بالطريقة نفسها- وهو ما نفعله منذ 18 شهراً.

ويصبح الأمر أصعب بكثير عندما يُقال لنا إننا مضطرون- لسبب غير معلوم ومُبهم- للعودة إلى المكتب، أقلّه قسماً من الوقت.

غيّر العمل من المنزل حياتي كما أتخيّل أنه غيّر حياة أشخاص كثيرين ممّن يعايشون الوضع نفسه. فقد اختفى شعور الذنب لتركي أمي وحدها، كما اختفى الخوف البائس من أنها ستقع أو تؤذي نفسها. فلو احتاجت أمي مساعدةً الآن، أستطيع أن أساعدها في غضون دقائق قليلة ثم أستأنف العمل- مجرّد لحظة في النهار ليست أطول من الذهاب إلى المرحاض- أي أنني غير مضطر لأخذ ما تبقّى من النهار إجازةً من أجل الذهاب إلى المنزل. وهذا الأمر لا يفيد وضعي الشخصي فحسب بل يفيد صاحب عملي، إذ لست مضطراً لأخذ إجازة من عملي من أجل الاهتمام بواجب تقديم الرعاية، أو لأنّ الضغط النفسي يسبّب لي المرض.   

لا يسعني أن أعبّر كفاية عن كمية الثقل الذي يزيحه هذا الأمر عن كاهلي- ومدى شعوري بأنه يغيّر حياتي. عندما أعيد النظر في طريقة حياتي عندما كنت أعمل من المنزل، أرى أنني كنت أختنق من الخوف والخجل الذي يخلقه لي الوضع. 

يجب ألّا يكون هذا شعوري، لا أنا ولا غيري من الأشخاص الذين يعيشون وضعاً مماثلاً أبداً- أن نكون مضطرين للاختيار بين الاعتناء بأحبائنا والتعرّض للبطالة؛ أو محاولتنا أن نحقق إنجازاً مهنياً فيما يملأنا الشعور بالذنب إزاء تركهم. بالنسبة للأشخاص مثلي، الذين عليهم تحقيق توازن بين الوظيفة وتقديم الرعاية، ما يعنيه لنا العمل من المنزل هو أكثر بكثير من قدرتنا على الجلوس في ثياب نومنا- وهو يعني أننا قادرون على إدارة حياتنا بكرامة وراحة بال. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات