Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل "تيك توك" منبر مناسب لممارسة السياسة؟ الجواب لدى وزير بريطاني سابق

مَن من السياسيين يتطلّع إلى مخاطبة الناخبين الشباب وهو على استعدادٍ تامّ لبذل الوقت والجهد في سبيل تعلّم الأداء الملائم لكلّ منصة اجتماعية، فـ"تيك توك" هو الخيار المناسب له.

وزير الصحة البريطاني السابق في حلقة من البرنامج التلفزيوني الذي شارك به وكان سبباً في تعليق عضويته في حزب المحافظين (آي تي في)

في وقت سابق من الأسبوع الحالي، أعلن مات هانكوك [وزير الصحة السابق وعضو حزب المحافظين السابق والذي تم تعليق عضويته إثر اشتراكه في برنامج تلفزيوني يخص المشاهير] قراره وقف العمل بالتطبيق الخاص به [الذي كان يدعى: ‘عضو البرلمان مات هانكوك‘] مع نية نقل محتواه إلى موقع "تيك توك" واستخدام المنصة التي اشتهرت بصرعات الرقص والتحديات وسيلة لإبقاء متابعيه على اطلاع دائم بما هو مقدم عليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن هل ينتمي النشاط السياسي حقاً إلى "تيك توك"؟ لربما كان الموقع المثالي له!

وللتأكد من ذلك، دعونا نمر سريعاً على تاريخ المنصة: في 2016، أبصرت "تيك توك" النور وفي 2021، فاق عدد مستخدميها النشطين المليار شهرياً. وأثناء وباء كورونا، اكتست رقصاتها طابعاً أسطورياً (من منا لا يتذكر رقصة "الأضواء العمياء" (Blinding Lights)؟!، وتحولت صفحاتها إلى مصدر للترويح والتواصل في زمن كان المطلوب منا جميعاً التزام التباعد الجسدي لمسافة مترين في الأقل.

وبمرور الأيام، ازدادت رقصات "تيك توك" تعقيداً واستمرت أعداد المستخدمين في الارتفاع. وخلال العام الماضي، اعتبرت المنصة العلامة التجارية الأسرع نمواً في العالم مع تركيبة مستخدمين مثيرة جداً للاهتمام: ففي حين تتراوح أعمار الشريحة الأكبر من جمهور "تيك توك" بين 18 و24 سنة حول العالم، يسمح للأطفال الذين لا يتجاوزون عمر الـ13 سنة بالوجود عليها في المملكة المتحدة، وهذا أمر يصعب فهمه.

وبالعودة للسياسة: هل من يعتقد بأن هناك مساحة للنشاط السياسي على "تيك توك"؟ في حالة مات هانكوك، يبدو أن أكثر من 156 ألف شخص يجيبون عن هذا السؤال بالإيجاب. فبعض مقاطع الفيديو التي تشاركها مات عبر "تيك توك" تخطت مليوني مشاهدة، ومنشوراته حتى الآن حصدت أكثر من 1.2 مليون إعجاب، ولا بد من أن يعني ذلك شيئاً.

لكن هانكوك ليس السياسي الوحيد على "تيك توك"، والحقيقة أنه أبعد ما يكون عن ذلك. فرئاسة الحكومة البريطانية (@10 downingstreet) موجودة على "تيك توك"(مع أنه لم يصر إلى تحديث الحساب منذ مغادرة بوريس منصبه)، وزارا سلطانة [نائبة في البرلمان] (@zarahsultanamp) التي تحظى بـ424.7 ألف متابع و6.9 مليون إعجاب، والدكتور لوك إيفانز [نائب في البرلمان] (@drlukeevansmp) وغيرهم من الذين لجأوا إلى التطبيق لإيصال رسائلهم وإماطة اللثام عما يحدث في كواليس مهنهم.

ولا يتوقف السياسيون عند حدود "تيك توك" بل يتعدونها إلى المنصات الاجتماعية الأخرى، من قبيل "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" التي باتت تحتضن اليوم حسابات لنواب من جميع أنحاء المملكة المتحدة وسياسيين من مختلف دول العالم.

وعند الحديث عن استخدام العلامات التجارية والشخصيات المرموقة لمنصات التواصل الاجتماعي، ثمة حجة قوية مفادها بأن القدرة على التواصل مع الناس أينما كانوا هي أفضل سبيل لإحداث أثر وإيصال رسالة أياً كانت. وهذا هو بالتحديد السبب وراء حرص العلامات التجارية التي تمتلك مواقع إلكترونية ضخمة ومنصات وتطبيقات خاصة بها على إثبات وجودها على المنصات الأخرى واستثمار أموال طائلة في إنتاج محتوى أصلي.

تضاف إلى ذلك طريقة التواصل المهمة التي تتيحها هذه المنصات – لا سيما بالنسبة إلى فئات الشباب الأصغر سناً. فعلى "تيك توك" مثلاً، يمكن لمقاطع الفيديو أن تستمر لمدة 10 دقائق، لكن أكثر ما تشتهر به المنصة هو الفيديوهات القصيرة والجذابة التي تحافظ على انتباه الجمهور وتترك فيه أعمق الأثر.

ولو ألقينا نظرة على البث المباشر لمجلس العموم البريطاني، لوجدنا أن كل ما في وسائل التواصل الاجتماعي عموماً و"تيك توك" خصوصاً – يتمحور حول كيفية التعبير عن رسالة معينة على نحو سريع وبأسلوب مثير يجذب المستخدمين إليها ويمنعهم من الإغفال عنها. وهذا النمط لا يليق عادة بالعمل السياسي، أليس كذلك؟

لكن ماذا عن هانكوك الذي أثبت دعمه القوي للتكنولوجيا لما أطلق تطبيقه الخاص منذ حوالى خمسة أعوام؟ ألا يعد انتقاله إلى "تيك توك" اليوم مجرد تطور لمهاراته التقنية العامة وقفزة ترويجية للرسائل التي ينادي بها؟

لكن الفرق هذه المرة أنه لا يسأل الناس تنزيل تطبيق مكرس له ولأعماله بالكامل، إنما يقوم هو نفسه بمشاركة أفكاره ووجهات نظره وأخباره على منصة يشاهدها عدد كبير من الأشخاص التواقين إلى الحصول على قسط من الترفيه والانبساط في عالم محموم بشكل متزايد.

وحين نأتي إلى السؤال الأهم هنا، هل ينتمي الفعل السياسي حقاً إلى "تيك توك"، أقول لكم نعم. فالسياسة، برأيي، تنتمي إلى أي مكان يمكن العثور فيه على أشخاص يجوز التأثير فيهم. المهم أن يعرف السياسي كيف يوصل رسائله بصورة مقتضبة ومباشرة ودقيقة وكيف يظهر قيمة الشفافية في مجال معروف بغموضه وكيف يشرع الأبواب بذكاء أمام التعليقات وردود الفعل والمناقشات. وقد يرى بعضهم في كل هذا مجرد خطوة دعائية، ولكنها خطوة دعائية قوية.

لكن هل منصة "تيك توك" هي البيئة الحاضنة الأفضل لهذا النوع من المحتوى، فأجيبكم أن هذا يتوقف على الجمهور المستهدف من الرسائل. فلكل منصة اجتماعية ديموغرافيا مختلفة قليلاً عن الأخرى في ما يتعلق بمن يستخدمها. ولا شك في أن هناك مواطن مشتركة في ما بينها، لكن صياغة الرسائل ليست واحدة منها لذا اقتضى تفصيل الرسائل على مقاس كل منصة - سواء لناحية التعبير أو الأسلوب أو حتى اللغة المستخدمة - وبما يتيح مناشدة الأشخاص المعنيين بهذه الرسائل.

وإن كان السياسيون يتطلعون إلى مخاطبة الناخبين الشباب وهم على استعداد تام لبذل الوقت والجهد في سبيل تعلم الأداء الملائم لكل منصة اجتماعية والطريقة المثلى للتفاعل مع المستخدمين، فـ"تيك توك" هي الخيار المناسب لهم.

المسألة هنا إذاً لا تتعلق بمات هانكوك، بل بالسياسة بوجه عام، أو بالأحرى باستخدام السياسيين للوسائل المتاحة أمامهم للتواصل مع الأشخاص الذي يستخدمون المنصات يومياً وفق نهج يحاكي هذه المنصات.

فهل يعني هذا أننا سنرى عما قريب نواباً يرقصون على أنغام أغنية "Made You Look" أو "About Damn Time"؟ لنأمل ألا يحدث ذلك. ألا يكفينا ما رأيناه من رقصات في الغابة [إشارة إلى البرنامج التلفزيوني الذي شارك فيه مات هانكوك الذي تم تصويره في الغابة – I’m a Celebrity… Take me out of here؟

© The Independent

المزيد من آراء