Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيد "إيض إيناير"... مطلب قديم متجدد في المغرب

جمعيات ونشطاء يناشدون الحكومة بجعل رأس السنة الأمازيغية يوماً وطنياً وعطلة رسمية

معرض للمأكولات الأمازيغية في المغرب (وكالة المغرب العربي للأنباء)

عادت أصوات الجمعيات والنشطاء الأمازيغ في المغرب لتصدح بمطلب رئيس يتمثل في ترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يسمى "إيض إيناير"، من خلال جعل 13 يناير (كانون الثاني) من كل عام عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية.

وفي الوقت الذي اتفقت فيه جمعيات وهيئات وأحزاب سياسية على مطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية، في تناغم مع ما ينص عليه الدستور بشأن الهوية الأمازيغية، فإن الحكومة لم تقرر بعد القبول بهذا المطلب، على رغم تصريح ناطقها الرسمي مصطفى بايتاس بأن الحكومة ستحتفل على طريقتها بـ"إيض إيناير".

مطلب مجتمعي

أجمعت أحزاب سياسية مغربية على مطالبة الحكومة بإقرار ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية في البلاد، باعتبار أن هذا المطلب يعد من صميم القضايا الثقافية والحقوقية والتشريعية الأمازيغية.

في هذا السياق، أفادت البرلمانية خديجة أروهال بأن مطلب اعتماد رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية بات مطلباً شعبياً، خصوصاً بعد الإقرار الدستوري للأمازيغية كأحد المكونات الرئيسة للهوية المغربية المتعددة والمنصهرة في سياق الوحدة، وبعد المصادقة على القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في التعليم والحياة العامة ذات الأولوية.

وفي سؤال إلى رئيس الحكومة حول الموضوع، قالت النائبة أروهال إن التعاطي الإيجابي مع إقرار السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة سيشكل تفاعلاً مع منطلقات وطنية ودستورية، بعيداً من أي حسابات سياسية أو اعتبارات ضيقة أخرى، كما يجسد تثميناً للثقافة الأمازيغية الضاربة في عمق التاريخ الوطني".

ومن جهته، أورد البرلماني الحسين أزوكاغ في سؤال وجهه إلى الحكومة أن ترسيم فاتح السنة الأمازيغية كيوم احتفاء ثقافي وتنموي وعطلة رسمية هو رهان مجتمعي امتدت المطالبة به لعشرات السنوات، مبرزاً أنه "لم يعد ممكناً الاقتصار على صفة الاحتفال الفلاحي والشعبي واحتفالات المجتمع المدني على رغم أهميتهما".

من جهتها، لم تحسم الحكومة المغربية اعتماد رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية مثل بقية الأعياد الوطنية، لكنها في كل مرة تعد بالبت في هذا الملف، كما تقول إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية متاح للجميع.

وفي آخر تفاعل للحكومة على تنامي مطالب أحزاب سياسية وجمعيات مدنية بضرورة اعتماد "إيض إيناير" عيداً وطنياً في البلاد، صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس بأن الحكومة تعتزم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، مشيراً إلى أكلة "تاكلا" التي يتناولها الأمازيغ في هذه المناسبة.

عيد شعبي قديم

يعلق الناشط والباحث الأمازيغي أحمد عصيد، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" بأن مطلب اعتماد رأس السنة الأمازيغية يوم عيد وطني مطلب قديم من مطالب الحركة الأمازيغية في المغرب والجزائر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إن هذا المطلب تحقق لدى الجارة الجزائر بالفعل، لكنه ظل عالقاً في المغرب لأسباب غير مفهومة، خصوصاً بعد ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور البلاد منذ 2011، وصدور القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في كل قطاعات الدولة، ومنها الاحتفاء بالرموز الثقافية والهوياتية".

وأضاف عصيد أن هذا المطلب يضع الحكومة المغربية في ورطة حقيقية بسبب أن المماطلة في تفعيله تتناقض مع المرجعيات السياسية والقانونية للدولة، وكذا بسبب أن هذه الاحتفالية العريقة صارت اليوم معتمدة شعبياً في جميع أرجاء المغرب من الشمال إلى الجنوب، كما أن المجتمع المدني والمنتخب يتبنونها، إضافة إلى احتفال العائلات المغربية".

وأشار إلى وجود أيام عطل لا ينتبه إليها الناس، في الوقت الذي لا تعترف فيه الحكومة بعيد شعبي قديم يرمز إلى الارتباط بالأرض والعراقة التاريخية، حيث يتم خلال هذه الاحتفالية إعداد الأطباق التقليدية التي تتكون من كل أنواع الحبوب والخضراوات التي تنبتها الأرض، إضافة إلى الطقوس الاحتفالية المرافقة لها والتي تتضمن الأهازيج الأمازيغية والرقص الجماعي، وهي الطقوس التي تحضر فيها المرأة بشكل كبير".

واسترسل عصيد بأن التقويم الفلاحي الأمازيغي ارتبط في ذاكرة الأمازيغ بواقعة صعود الملك شيشنق واعتلائه عرش مصر عام 950 قبل الميلاد، مما يجعل تقويم السنة الأمازيغية يصل إلى 2973".

ولفت إلى أنه "من المنتظر أن يتم تجديد مطلب الاعتراف الرسمي بهذه المناسبة من طرف الحركات الأمازيغية من جديد، وقد وعدت الحكومة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وخصصت لذلك ميزانية في قانون المالية لعام 2023".

الجرأة السياسية

ويطرح تأخر الحكومة في الاستجابة إلى هذا المطلب سؤال الموانع من اعتماد رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية، وهو ما يعلق عليه الباحث والكاتب الأمازيغي لحسن أمقران، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، بأنه لم يعد أي مبرر لهذا التماطل الذي يجابه به مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية.

وأوضح أمقران أن السبب الوحيد لاستمرار هذا الوضع هو غياب الجرأة السياسية لاعتماد هذا المطلب"، مستحضراً جواب الناطق الرسمي للحكومة حين سئل في مثل هذا الوقت عن إقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية، فأجاب بأن المغاربة سيحتفلون بهذه المناسبة "بشكل استثنائي".

واستطرد "المغاربة تجاوزوا الاحتفال الشعبي ويطالبون بترسيم فعلي، خصوصاً بعد دستور 2011 الذي فتح صفحة جديدة في تعاطي الدولة مع الأمازيغية".

وأبدى أمقران تأسفه على اختزال رأس السنة الأمازيغية في وجبة "تاكلا"، قبل أن يردف قائلاً "ليس بالضرورة أن يكون رئيس الحكومة "أمازيغياً" حتى يجعل منه ذلك حاملاً لهم الأمازيغية"، وفق تعبيره.

حري بالذكر أنه سبق لمصطفى الرميد، وزير الدولة السابق المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، أن صرح بأن الدولة ستعمل على اعتماد رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة رسمية "في الوقت المناسب"، مشدداً على أن الملف يوجد في يد السلطات العليا، في إشارة إلى القصر الملكي.

المزيد من منوعات