Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غلاء المعيشة في بريطانيا ليس أمرا متعلقا بفترة عيد الميلاد فقط

أعلم أن كلفة عشاء عيد الميلاد مسألة جيدة للنقاش الموسمي، إلا أنها لا تصرف الانتباه عن قضية أكبر بكثير وهي أن بعض الناس في هذا البلد لا طاقة لهم على سداد ثمن أي عشاء على الإطلاق

المستوى المؤلم من تضخم أسعار المواد الغذائية قد أضر بعض الناس إلى حد أنهم لا يستطيعون تحمل سعر عشاء عيد الميلاد (أكشن فور تشيلدرين)

يبدو أن مجال العلاقات العامة يعمل على قاعدة أنك إذا رأيت حصاناً ميتاً فعليك جلده حتى تتبعثر أحشاؤه في أنحاء الشارع، ومن ثم عليك أن تجلده أكثر.

لعل هذا ما يفسر سبب إغراق بريدي الإلكتروني حرفياً بالبيانات الصحافية المتعلقة بكلفة عشاء عيد الميلاد.

احزروا ما الأمر! إن سعر عشاء الميلاد يرتفع، كثيراً، وبسبب التضخم! لكنكم تعرفون ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفقاً لكانتار [مجموعة متخصصة بدراسات السوق]، وهي جهة تصدر أحد التقديرات الأكثر موثوقية، فإن الكلفة تبلغ الآن 31 جنيهاً استرلينياً لعائلة نموذجية مكونة من أربعة أفراد. وهذا يشمل الديك الرومي (الذي ارتفع بنسبة 15 في المئة)، وبودينغ عيد الميلاد (الذي لم يطرأ عليه أي تغيير، وهو أمر مدهش)، وزجاجة متواضعة من المشروب الفوار (ارتفعت بنسبة 4 في المئة) إضافة إلى البطاطا والتوابل والخضراوات.

وتقدر كانتار الزيادة الإجمالية بنسبة 9.1 في المئة. وهذا في الواقع أقل من المعدل الرسمي لتضخم مؤشر أسعار المستهلك (10.7 في المئة في نوفمبر/ تشرين الثاني)، والمعدل الرسمي لتضخم أسعار الأغذية (16.5 في المئة)، ومعدل تضخم أسعار الأغذية الخاص بكانتار حتى (14.6 في المئة)، والذي كان - والفضل هنا للباحثين – موضع انتباه كثيرين منذ أشهر (خلافاً لبعض المؤسسات التي دخلت هذا المجال لأغراض العلاقات العامة).

الآن أفهم أن عشاء عيد الميلاد يمثل نقطة نقاش موسمية جيدة، وطريقة مفيدة لتوضيح التأثير الحقيقي للتضخم على الأشياء التي ينفق عليها الناس بالفعل أموالاً حقيقية، لكن هذه المسألة تصرف الانتباه عن قضية أكبر بكثير، وهي أن المستوى المؤلم من تضخم أسعار المواد الغذائية قد أضر بعض الناس إلى حد أنهم لا يستطيعون تحمل سعر عشاء عيد الميلاد.

هم لا يستطيعون تحمل كلفة عشاء فحسب، نقطة في آخر السطر، أو ربما إفطار، أو غداء، أو ربما العشاء؟ الشاي؟ لا تهم أسماء الوجبات كثيراً. وماذا عن حقيقة أن الناس يفوتون وجبة أو اثنتين منهما في اليوم؟ نعم، هذا ما يحدث الآن. وفقاً لمجلس نقابات العمال فإن واحدة من كل سبع أسر على هذه الحال.

أعلم أنني قد استخدمت هذا الرقم من قبل، لكننا في خطر من أن نفقد حساسيتنا تجاهه وتجاه ما يثيره من بؤس. ليس الأمر أنني أحاول الظهور بمظهر المبالغ في التعاطف والذي نذر نفسه لإفساد مناسبات نهاية السنة، فمن حق الناس أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بموسم العطلات، وآمل أن يكون بمقدروهم ذلك، ولكن ينبغي لنا أن نتذكر هذه الأرقام والطلبات المتزايدة على بنوك الطعام في بريطانيا، ناهيك بحقيقة أن التبرعات بدأت تتباطأ.

الفقر ليس ظاهرة جديدة في بريطانيا، ولكن المستوى الحالي للفقر الغذائي هو في اعتقادي تطور أجد، فقد نمت بذرة هذا الوضع من البذور التي زرعتها سياسات التقشف التي أطلقها المحافظون في أعقاب الأزمة المالية، والتي تم خلالها خفض المعونات الحكومية المقدمة لمن هم في سن العمل بالقيمة الحقيقية ثم خفضها مرة أخرى.

ثم اضطرت الحكومة إلى الانصياع لنوابها ورفعها بمعدل التضخم هذا العام، ولكن هذه هي المرة الرابعة خلال العقد الماضي وحده التي يحدث فيها ذلك. وقالت "مؤسسة القرار" The Resolution Foundation في تقرير صدر عام 2019: "تظهر توقعاتنا أن فترة 2016-2020 ستشهد أعلى معدلات فقر الأطفال النسبي حتى الآن، عند ما يقرب من 40 في المئة لمن هم في سن الثانية". وينبغي معالجة هذا الموضوع.

فحقيقة أن أطفالاً في هذا الوضع يذهبون إلى المدارس ببطون خاوية أمر غير معقول، وكذلك حقيقة أن ذويهم غالباً ما يذهبون إلى العمل بمعد فارغة أيضاً، وغالباً ما تكون وظائفهم زهيدة الأجر وغير آمنة. وهذه ليست مجرد مسألة استحقاقات سن العمل وتآكل قيمتها، بل هي مشكلة اجتماعية متعددة الجوانب يتعين على الحكومة أن توليها اهتمامها.

إلا أنها لا تفعل ذلك.

فنحن غالباً ما نحث على التفكير في أولئك الأقل حظوة من قبل من يعتقدون بوجوب توفر ما يلزم لعطلة عيد الميلاد أكثر مما ينظرون إلى المسألة بكونها مثالاً للاستهلاكية في أسوأ حالاتها. وغالباً ما يكون هؤلاء من ذوي النزعة الدينية الذين سمعوا الرسالة عن شفاء المرضى وإطعام الجياع بوصفها رسالة معاكسة لأمور من قبيل أخذ خطب الواعظ على أنها إنجيل، وقمع حقوق المرأة وضرب الأطفال وحمل البنادق (في أميركا).

ربما هم محقون.

يجب أن يهز هذا الوضع ضمائرنا، ويجب أن يلطخ ضمائر حكامناً الذين بوسعهم فعل شيء حيال ذلك إذا أرادوا، على رغم ما قد يكونون جعلوكم تعتقدون. في العام الجديد، نحتاج إلى التفكير في محاسبتهم حتى نتمكن في المستقبل من الاستمتاع بسهولة أكبر بذلك العشاء دون أن يهمس لنا ذلك الصوت في رؤوسنا، ماذا عن تلك العائلة في الطرف الآخر من الشارع التي قد لا تتناول العشاء على الإطلاق.

© The Independent

المزيد من اقتصاد