Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رواتب آلاف العاملين في "الخدمات الصحية" غير كافية لتأمين معيشتهم في بريطانيا

حصرياً: مدير مستشفى يقول إن "مسؤولية أخلاقية تترتب علينا" لجهة دفع أجور تتناسب مع الكلف المعيشية

مع ارتفاع تكاليف المعيشة أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى ضمان حصول الناس على ما يكفي من المال الذي يتيح لهم تحمل كلفة الضروريات الحياتية (رويترز)

كشفت إحصاءات بريطانية جديدة أن آلاف العاملين في مرافق هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS، لا يتقاضون رواتب كافية لتأمين معيشتهم، الأمر الذي حرك مطالبات تحض أرباب العمل على الوفاء بواجبهم "الأخلاقي" لجهة ضمان دفع أجور للموظفين تتناسب مع الكلف المعيشية (مستوى من الدخل يتيح للأفراد تأمين مأوى ملائم وطعام وضروريات أخرى).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبين أرقام صادرة عن مؤسسة "ليفينغ ويج فاونديشن"  Living Wage Foundation تمت مشاركتها حصرياً مع "اندبندنت"، أن 24 مؤسسة استشفائية فقط من أصل 219 مؤسسة تابعة لـ "الخدمات الصحية الوطنية" تعتمد ضمان أجور للعاملين لديها بما يتناسب مع الكلف المعيشية الحقيقية، والذي  يعني أن أصحاب العمل يدفعون لجميع الموظفين ما لا يقل عن 10 جنيهات استرلينية و90 بنساً (12.86 دولاراً أميركياً) في الساعة.

أما في لندن فتم تحديد 13 مؤسسة استشفائية فقط وفق هذا التصنيف من بين المؤسسات الصحية البالغ عددها 34 في المدينة.

صادق خان، عمدة العاصمة البريطانية، وديفيد برادلي رئيس مستشفى تابع لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، حضّا إدارات مستشفيات NHS في لندن على دفع أجور تتناسب مع الكلف المعيشية للجميع، فيما اعتبرت نقابة "يونايت"  Unite أن تقاعس مستشفيات عدة عن دفع أجور لموظفيها تتناسب مع الكلف المعيشية الحقيقية يعد بمثابة "فضيحة".

برادلي الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي لـ "مستشفى ساوث لندن أند مودسلي"  South London and Maudsley NHS Trust، ويقود حملة التشجيع على زيادة الأجور لتتناسب مع الكلف المعيشية قال لـ "اندبندنت" إن "مسؤولية أخلاقية تترتب علينا" لجهة تأمين أجور تتناسب مع الكلف المعيشية.

وأضاف، "في وقت نواجه فيه جميعاً صعوبات في العثور على موظفين كما تعلمون لملء الشواغر القائمة، فإن قيام رب العمل بتقديم أجور تتناسب والكلف المعيشية من شأنه أن يساعد في جذب (موظفين) للانضمام إلى مؤسسته".

ويشار إلى أن الحد الأدنى الإلزامي لأجور الموظفين على المستوى الوطني يتفاوت ما بين أربعة جنيهات استرلينية و81 بنساً (5 دولارات و68 سنتاً)، و9 جنيهات استرلينية و18 بنساً اعتماداً على العمر، من سن مغادرة الفرد المدرسة وحتى سن الـ 23، بينما يجب أن يحصل العمال الذين يبلغون من العمر 23 سنة فما فوق على أجر الحد الأدنى في الساعة ومقداره 9 جنيهات استرلينية ونصف، الذي عاودت الحكومة العام 2016 تسميته بـ "أجر المعيشة الوطني".

إلا أن مؤسسة "ليفينغ ويج فاونديشن" تحدد الأجر الذي يتناسب والكلف المعيشة الحقيقية، وهو مبلغ أعلى يدفعه طواعية أكثر من 11 ألف رب عمل للموظفين، بناء على الكلف المعيشية الحقيقية، ويبلغ في الساعة 11 جنيهاً استرلينياً و95 بنساً في لندن، و10 جنيهات و90 بنساً  في بقية أنحاء المملكة المتحدة، لكن لا يوجد شرط قانوني لدفعه.

وأوضحت المؤسسة لـ "اندبندنت" أنه من المحتمل أن تقوم بعض المستشفيات التابعة لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" بدفع أجور تتناسب والكلف المعيشية الحقيقية من دون أن تكون معتمدة، إلا أن ذلك أمر غير مرجح.

وفي حين أن معظم الموظفين الطبيين الذين يتم التعاقد معهم بموجب ما تسمى "أجندة التغيير" Agenda for Change، يحصلون حكماً على أجر يتناسب وكلف المعيشة، إلا أن آلاف الأشخاص الذين يعملون في مجال تقديم الطعام والتنظيف ويتولون وظائف إدارية غير مشمولين بذلك.

قادة النقابات العمالية والقيمون على مرافق الخدمات الصحية عزوا الأمر في الغالب إلى أن تقديم هذه الخدمات يتم عبر مؤسسات في القطاع الخاص تدفع أجوراً أقل، لكن ديفيد برادلي نبه إلى أن مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" تخسر بالفعل عاملين انتقلوا إلى وظائف ذات رواتب أفضل، مشيراً إلى مستشفى "أوكسيلياس"  Oxleas NHS Foundation Trust الذي شهد انتقال موظفين إلى مستودع لشركة "أمازون" تم افتتاحه في مكان قريب، على رغم دفعه أجوراً تتناسب مع كلف المعيشة.

وتستهدف الحملة التي يقودها السيد برادلي ومكتب عمدة لندن أن يتم اعتماد 75 في المئة على الأقل من مستشفيات "الخدمات الصحية الوطنية" في لندن (باعتبارها مؤسسات تدفع أجوراً مناسبة)، بحلول شهر أبريل (نيسان) المقبل.

عمدة لندن صادق خان قال في بيان له إن "موظفي الخدمات والرعاية الصحية لدينا يقومون بعمل رائع لمساعدة سكان العاصمة، ومن المهم أن يحصل كل من يضطلع بدور في تقديم هذه الخدمات المميزة على أجر عادل".

ورأى أنه مع ارتفاع تكاليف المعيشة أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى ضمان حصول الناس على ما يكفي من المال الذي يتيح لهم تحمل كلفة الضروريات الحياتية.

كولينزو ثورب مسؤول الصحة على المستوى الوطني في نقابة "يونايت" أكد أن عدداً كبيراً جداً من العاملين في "الخدمات الصحية" لا يحصلون على أجر يتناسب مع الكلف الحقيقية للمعيشة، مما يشكل "مصدر قلق بالغ لأن أزمة كلفة المعيشة لا تزال مستمرة".

وعزا السبب في ذلك إلى مسألة التعهيد (الاستعانة بمصادر خارجية) والخصخصة والتسويق، ودعا أرباب العمل في مرافق الخدمات الصحية إلى "اتخاذ الخطوة الصحيحة" من خلال اعتماد التوظيف بشكل داخلي ضمن المؤسسة.

وحذر ثورب في المقابل من أوجه عدم المساواة العرقية، مسلطاً الضوء على أن نسبة كبيرة من الموظفين الذين تمت الاستعانة بهم على أساس تعاقدي ينتمون إلى أقليات من أصول أفريقية وآسيوية وعرقية أخرى.

" لا تقتصر المشكلة على الممرضات فقط "

يأتي ذلك في وقت يستعد عشرات آلاف الموظفين غير الطبيين للتصويت على القيام بإضراب هذا الشهر احتجاجاً على الرواتب.

آبي، وهي باحثة مساعدة في أحد مستشفيات لندن قالت لـ "اندبندنت" إنها كانت تكافح من أجل مواصلة العيش في المدينة على رغم أنها تحقق مدخولاً يفوق الأجر الذي يتناسب مع كلف المعيشة في لندن.

وقالت "لقد قمت بالتصويت إلى جانب تنفيذ الإضراب، إذ إن البدل الذي أتقاضاه هو الأعلى في سلم الرواتب ضمن النطاق الرابع للأجور لكنه لم يتغير منذ العام 2014، ولم يكن هناك أي مجال للمطالبة بعلاوة".

وأضافت "إذا كنت أنا أعاني فما بالك بهؤلاء الفقراء الذين يتقاضون دخلاً أقل؟ وكما تعلمون فمن دون تضافر جهودنا جميعاً لا يمكن أن تسير الأمور بشكل سليم ضمن مرافق ’الخدمات الصحية الوطنية‘ وفيما يركز الجميع على أزمة الممرضات إلا أن المسألة ليست محصورة فيهن فقط".

سافرون كورديري الرئيسة التنفيذية الموقتة لـ "أن أتش أس بروفايدرز"  NHS Providers (هيئة تمثل جميع مؤسسات الاستشفاء والإسعاف التابعة لـ "الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا")، رأت أنه فيما ارتفع عدد أرباب العمل المعتمدين لجهة تقديم أجور تتناسب مع كلف المعيشة بنسبة 12 في المئة منذ شهر يناير (كانون الثاني)، على أن يزداد عدد الذين سيطبقون ذلك قريباً بنحو 28 في المئة، فقد برزت تحديات تمويلية لمواجهة النقص بين التعويضات على المستوى الوطني، والأجور التي تتناسب مع كلف المعيشة الحقيقية.

ورأت أنه "ينبغي تحديد التعويضات الوطنية ضمن مستوى يتقاضى فيه جميع موظفي الخدمات الصحية أجراً أعلى من الأجر الذي يتناسب مع كلف المعيشة الحقيقية، لكنهم هذه السنة حصلوا على تعويضات أقل من معدلات التضخم للسنة المالية 2022 - 2023، مما أدى إلى مضاعفة تأثيرها من حيث القيمة الحقيقية نتيجة مرور عقد من صرف أجور لا تواكب وتيرة التضخم".

وفي تعليق على ما تقدم أفادت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن الحكومة البريطانية لم تلزم مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" بأن تكون مؤسسات تعتمد سلم أجور لموظفيها يتناسب مع كلف المعيشة الحقيقية.

© The Independent

المزيد من صحة