Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نظرة إلى دواخل الأزمة المرتقبة في الخدمات الصحية الوطنية البريطانية

باتت الهيئة عند نقطة الانهيار ولا يرى الوزراء أنها تواجه ما لا يمكنها تحمله، فيما يتوقع العاملون فيها الشتاء الأسوأ مع تفاقم جائحة كورونا واشتداد الطلب على المستشفيات

فيوليت باركر تنام على سرير مرتجل في مستشفى "رويال ستوك" الأسبوع الماضي (ديفيد باركر)

تواجه هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" أقسى شتاء لها على الإطلاق فيما يضاف الارتفاع الكبير في إصابات كورونا إلى زيادة أعداد مرتادي قسم الطوارئ وجهاز صحي أنهكته الضغوطات المتواصلة منذ 18 شهراً بسبب الجائحة، فأوصلته حد الشلل.

وفيما زعم وزراء من بينهم وزير الصحة، ساجد جاويد، أن عودة كورونا إلى التصاعد لم تضع ضغطاً يفوق قدرة تحمل "الخدمات الصحية الوطنية"، نقل الأطباء والممرضون والمسؤولون الصحيون من كل أنحاء البلاد إلى "اندبندنت" أن تفاقم الأزمات على صعد عدة يعني أن تلك الهيئة الصحية أمام كارثة حقيقية.

وفيما تبلغ أعداد الإصابات اليومية بفيروس كورونا 50 ألفاً ويقارب عدد المرضى الذين يدخلون المستشفى يومياً ألف حالة، ذكر البروفيسور غراهام ميدلي رئيس "لجنة النمذجة الحكومية" (تهتم بصنع نماذج رقمية بأسلوب المحاكاة الافتراضية عن مسار الوباء) المختصة بـ"كوفيد"، أن البلاد قد تكون "على بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع" من مشكلة خطيرة في حال عدم ضبط هذه الزيادة.

ويظهر في وثيقة مسربة عن تلك النمذجة أن أقسام الطوارئ ستواجه أيضاً مستويات خطيرة من الازدحام خلال الأشهر المقبلة، تعادل 60 ألف مريض إضافي أسبوعياً.

وبينما اعتبر أحد رؤساء الهيئة الصحية أن السيد جاويد يعيش "في عالم موازٍ" (بمعنى انفصاله عن الواقع)، وجدت "اندبندنت" أن:

  • "الكلية الملكية لطب الطوارئ" تحذر من أن هذا "سيكون على الأرجح أقسى شتاء عرفته هيئة الخدمات الصحية الوطنية على الإطلاق".
  • أسرَّة العناية المشددة في كل أرجاء البلاد فارغة من المرضى بسبب نقص في طواقم التمريض، وفقاً لـ"جمعية العناية المركزة".
  •  أرغمت فتاة مريضة عمرها سنتان على النوم على كرسيين مجموعين داخل قاعة الانتظار، فيما استمرت فترة انتظارها في الطوارئ 14 ساعة.
  • سوف يبدأ أحد المستشفيات بإعادة المرضى الذين يرتادون الطوارئ أدراجهم ما لم يكن وضعهم طارئاً ابتداء من يوم الاثنين.
  • وجد استطلاع آراء مسرب شمل أكثر من 114 فريقاً جراحياً تابع "الخدمات الصحية الوطنية" أن ثلثيهم قللوا عدد العمليات الجراحية فيما عجز خمسهم عن إجراء عملية تغيير الورك.
  • استدعيت فرق الجيش لمؤازرة ثلاثة مستشفيات في اسكتلندا مع وصول المنطقة إلى مستوى "الإنذار الأسود".
  • تظهر بيانات "الخدمات الصحية الوطنية" أن مدة إقامة المرضى في المستشفيات طالت كثيراً بسبب تعذر العثور على خدمات مجتمعية كي ترعاهم.

وكذلك ذكر غراهام ميدلي، رئيس "اللجنة الحكومية العلمية" التي تعمل على صنع نماذج رقمية عن نمذجة انتشار كورونا، في حديثه مع "اندبندنت" أنه فيما يسيطر عدم وضوح هائل على مسار الجائحة، إلا أن الوضع غير بعيد عن لحظة الانهيار.

وأضاف البروفيسور في علم نمذجة الأمراض المعدية بـ"كلية لندن للصحة والطب الاستوائي" أن بريطانيا حافظت خلال فترة الصيف على مستويات إصابات وإدخال إلى المستشفى أقل من تلك المتوقعة. لكنه أضاف، "طبعاً، إن استمرت الإصابات في الارتفاع، ننتقل بعدها إلى (المتوقع) وحتى قد نتخطى (المتوقع)، ولكن الأمور ستتحرك حتماً، وقياساً على معدلات الارتفاع الحالية، لا تفصلنا سوى ثلاثة إلى أربعة أسابيع عن بلوغ المراحل التي قد تكون مقلقة جداً".

وبحسب رأيه، "سوف يتسبب تضاعف المعدلات الحالية في الإصابات بأكثر من ضعفي المشاكل الموجودة حالياً. ومع استمرار الوتيرة الحالية، إذا لم يطرأ عليها أي تغيير، فلن نبعد سوى ثلاثة أو أربعة أسابيع عن ارتفاع المعدلات بمقدار الضعفين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن دواعي القلق الرئيسة بالنسبة إلى الوزراء وجود خطر تدني مستوى المناعة بين المجموعات الضعيفة التي أخذت اللقاح مبكراً. إذ يشارف عديد منها على مرحلة تقلص الحماية التي يوفرها اللقاح، وفق ما يعتقد. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى زيادة الخطر عليها فيما يظهر آخر استطلاع أجراه "مكتب الإحصاءات الوطنية" إصابة أكثر من مليون شخص.

وأضاف البروفيسور ميدلي، "إن المحرك الآخر الكبير (لمعدل الإصابات) يتأتى من السلوك وطريقة تصرف الناس، وهي بالطبع شيء لا يمكن التنبؤ به، وهذا مصدر جزء كبير من عدم اليقين. إذا ساءت الأمور كثيراً، وحصل كثير من الاختلاط وتراجع مستوى المناعة والحماية بوتيرة أسرع من المتوقع، فقد تكون النتيجة سلبية للغاية. أنا متفائل نسبياً. نحن نرى ارتفاعاً الآن، لكنني أظن أن المناعة ستفوز في النهاية".

واستكمالاً، كشف محضر اجتماع "المجموعة الاستشارية العملية للطوارئ" التي تضم مستشارين حكوميين، يوم الجمعة الماضي، عن أن العلماء نبهوا الوزراء إلى ضرورة البدء بتحضير "خطتهم البديلة" في مكافحة زيادة انتشار الفيروس الآن. وكذلك البروفيسور ميدلي "أعتقد أنه صحيح للغاية، والدلائل العلمية واضحة تماماً في أن التصرف المبكر يقلل بلا شك خطر الاضطرار إلى التصرف بشكل أقسى لاحقاً".

ويوم الجمعة الماضي، جاء في آخر ملخص نمذجة رقمية نشرته اللجنة الحكومية المعنية بها، "سوف يتطلب الأمر زيادة سريعة في معدلات انتقال الفيروس، وتضاؤلاً متكرراً في مستوى الحماية بعد اللقاح، من أجل الوصول إلى مستويات إدخال إلى المستشفى بضخامة تلك المسجلة في شهر يناير (كانون الثاني) 2021".

وأضاف، "ثمة عدد كبير من السيناريوهات التي طورتها لجنة النمذجة، تمتد على فترة زمنية طويلة وفيها عدد مرتفع من معدلات الإدخال إلى المستشفى. وحتى لو ظلت معدلات الإدخال عند بلوغها نقطة الذروة أقل بكثير من معدلات يناير 2021، فقد تقع المرافق الصحية ومرافق الرعاية تحت ضغوطات هائلة على الرغم من ذلك، لا سيما إذا تزامنت مع وجود أعداد كبيرة من المرضى الذين يعانون التهابات تنفسية أخرى لم تخضع للنمذجة".

وتذكيراً، بلغت المستويات الأسبوعية للإدخال إلى المستشفيات حالياً أعلى نقطة لها منذ سبعة أشهر، وتضاف إلى مجموعة من المشاكل التي تواجهها هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" بالفعل، حتى بعيداً عن كورونا.

 

"الشتاء الأقسى"

 احتشد أكثر من 160 مريضاً داخل قسم الطوارئ في مستشفى "رويال ستوك" الجامعي ليلة الأربعاء الماضي، فيما ظهر فيديو يصور ازدحام سيارات الإسعاف خارج المستشفى بانتظار تسليم المرضى. وقد تكرر هذا المشهد في جميع أرجاء البلاد طيلة الصيف.

واضطر المرضى في مستشفى "بليموث" مساء الأربعاء الفائت إلى أن ينتظروا سبع ساعات قبل أن يعاينهم طبيب. وفي "كورنوال"، حيث أعلن رؤساء المستشفيات حالة طوارئ هذا الأسبوع، انتظر أحد المرضى 13 ساعة برفقة المسعفين قبل معاينته في المستشفى. وكذلك يضطر مرضى الطوارئ في "بريستون"، إلى الانتظار نحو 50 ساعة غالباً، قبل أن يتوفر لهم سرير في المستشفى.

في تطور متصل، اطلعت "اندبندنت" على نمذجة رقمية داخلية مسربة من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا تظهر أن زيادة حالات الطوارئ تشتد تفاقماً، إذ يتوقع أن يصل عدد المرضى في أبريل (نيسان) إلى 350 ألفاً أسبوعياً، وذلك أعلى مما سجل في يونيو (حزيران) بستين ألفاً.

وكذلك ذكرت وثيقة صادرة عن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" أن تلك الزيادة قد تعني قدوم 60 مريضاً إضافياً كل يوم إلى أي قسم طوارئ عادي يعمل على مدى الساعة، ويحتاج 15 إلى 20 منهم إلى سرير. وحذرت الوثيقة من "الأثر الضخم" على الازدحام وتداعياته على العمليات الجراحية العادية.

وقد أخبرت "اندبندنت" من قبل الدكتورة كاثرين هندرسون، رئيسة "الكلية الملكية لطب الطوارئ" أنه "حتى قبل الجائحة، عانت أقسام الطوارئ نتيجة عدم وجود التمويل الكافي لها. وندخل الآن شتاء يرجح أن يكون الأقسى على الإطلاق بالنسبة إلى الهيئة".

في السياق نفسه، يعتزم بعض المستشفيات الآن عدم استقبال المرضى الذين لا يعانون أمراضاً أو إصابات تشكل خطراً على حياتهم. وسيجرب مستشفى "آرو بارك" في "ميرسيسايد" ابتداء من يوم الاثنين المقبل، تطبيق نظام تحال بموجبه كل حالة غير طارئة على مواقع بديلة كمراكز الاستقبال بلا موعد مسبق وعيادات الطب العام أو الصيدليات. بعد ارتفاع بخمسة في المئة في أعداد مرتادي قسم الطوارئ خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021 بالمقارنة مع 2019، ذكرت الهيئة أنها تأمل في أن تقلص هذه الخطوة مدة الانتظار الطويلة.

وكذلك تظهر البيانات التي اطلعت عليها "اندبندنت" من خدمة "ويست ميدلاندز" لسيارات الإسعاف، أن 5752 سيارة إسعاف اضطرت إلى الانتظار أكثر من 60 دقيقة كي تسلم المرضى إلى طواقم الطوارئ في مستشفيات المنطقة خلال سبتمبر (أيلول). ومن المفترض ألا تتخطى فترة تسليم المرضى من سيارات الإسعاف أكثر من 15 دقيقة كي يتسنى للمسعفين العودة إلى حالات الطوارئ الواردة على خط النجدة 999.

وقد تبين أن مستشفى "هارتلاندز" في منطقة "بوردزلي غرين" ببرمنغهام، هو الأسوأ من حيث التأخير في تسليم المرضى، إذ سجل 629 حالة تأخرت كل منها ساعة كاملة. وجاء مستشفى "رويال ستوك" في المرتبة الثانية مع 618 حالة تأخر.

 

"كل واحد داخل كابوسه الشخصي الصغير"

يعرف ديفيد باركر، 36 سنة، من بلدة "ستوك أون ترنت" حق المعرفة كيف يكون المشهد حينما تتخطى "الخدمات الصحية الوطنية قدرتها" الاستيعابية. فقد اضطرت طفلته فيوليت البالغة من العمر سنتين، أن تنام على كرسيين جمعا معاً على هيئة سرير في قسم الطوارئ التابع لمستشفى "رويال ستوك" في وقت سابق من الشهر الحالي.

اصطحبت الطفلة إلى المستشفى بعدما أصبحت عاجزة عن تناول أي طعام أو شراب وبدأت تعاني صعوبة في التنفس. وذكر السيد باركر أنه تحمل فترة انتظار مع ابنته لامست الـ14 ساعة في قسم الطوارئ يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) قبل أن يخصص سرير لفيوليت في النهاية ويقدم لها العلاج في وحدة تقييم حالات الأطفال.

ووفق باركر، "ظلوا يقولون (نحاول إيجاد غرفة لكم)، وفي تلك المرحلة كنا قد أمضينا 12 ساعة داخل الطوارئ. لذا جمعت الكرسيين في النهاية كي أصنع سريراً تستطيع فيوليت النوم عليه".

وأضاف، "على الرغم من أن هيئة الخدمات الصحية رائعة، ومن الأمور التي علينا تثمينها وتقديرها، فإن طريقة عملها تحتاج إلى إصلاح. حين تجلس في تلك الحجيرة، تتناهى إليك كل الأحاديث التي تدور حولك، كما لو كان كل واحد يجلس داخل كابوسه الخاص الصغير".

وأضاف السيد باركر أنه التقط صورة كي يدرك الناس الوضع، ويروا بأم العين مدى سوئه. وسمح لفيوليت بالعودة إلى المنزل في اليوم التالي، بعد تلقيها العلاج.

وبصورة عامة، يعتبر تسهيل عملية "انتقال" المرضى من قسم الطوارئ إلى أجنحة المستشفى جانباً أساسياً من العمل اليومي في أي مستشفى، ولكن، يجب أن تكون الأسرَّة جاهزة.

ويشغل مرضى "كوفيد" أكثر من ثمانية آلاف سرير، فيما اضطرت المستشفيات إلى تغيير هيكلية أجنحتها بغية إبقاء المرضى غير المصابين بكورونا بعيداً عن الإصابة. وأدى ذلك إلى إغلاق مزيد من الأسرَّة.

"البلاد مملوءة بأسرَّة فارغة في العناية المركزة"

خلال ذروة الجائحة، عملت وحدات العناية المركزة على الجبهة الأمامية في الحرب ضد "كوفيد-19"، وقد توسعت خدماتها بسرعة، فازداد عدد الأسرة العادية فيها مرتين أو ثلاثاً أحياناً. وعملت طواقم التمريض في العناية المركزة بأقصى طاقتها للتعامل مع مرضى متنوعين في الوقت نفسه.

حينها، حذر الخبراء من أن طواقم التمريض المختصة بالحالات الحرجة تعمل بمعدل غير قابل للاستمرار، وقد أنهكتها تجاربها مع كورونا على الصعيدين النفسي والجسدي.

وفي الوقت الحالي يقضي عديد من أفراد تلك الطواقم فترات استراحة من مهنتهم، أو أنهم تركوها كي يشغلوا وظائف أقل تطلباً، أو أنهم، بالنسبة إلى من كانوا قد انتقلوا قبل ذلك إلى المملكة المتحدة، قد عادوا إلى بلادهم. وجاءت المحصلة بأن المستشفيات باتت تضم أسرَّة للمرضى من دون أن يكون عندها ممرضون يمكنهم الاهتمام بهم.

وبحسب أحد المستشارين في مستشفى لندني، يؤثر ذلك النقص بشكل كبير في عدد العمليات الجراحية التي يمكن إجراؤها.

إذ شرح الدكتور ستيفن ويب، رئيس "جمعية العناية المركزة" ومستشار في مستشفى "رويال بابسورث" في كامبريدج، أن "اليد العاملة تشكل أكبر أزمة في العناية المركزة حالياً. وتأتي النتيجة متمثلة في أنه يمكن أن يتوفر لديك وحدة فيها 15 سريراً لكن لا يمكنك أن تفتح سوى عشرة إلى 12 سريراً منها. وتمتلئ مؤسسات صحية في كل أرجاء البلاد بأسرَّة فارغة في العناية المركزة بسبب نقص عدد الممرضين الذين يمكنهم العمل فيها. وقد نقل لنا ذلك أعضاء تلك المؤسسات في كل منطقة في البلاد ليس فيها أسرَّة متاحة".

وأشار إلى أن ذلك "أمر مؤلم للغاية. هناك عمليات جراحية لمرضى السرطان والقلب وغيرها لا تجرى. ونحن عاجزون عن توفير الرعاية التي يتوجب علينا توفيرها".

وأضاف الدكتور ويب أن ما يعنيه هذا الوضع يتلخص في أن "الخدمات الصحية الوطنية" لن تعمل بشكل طبيعي خلال شتاء 2021، بل "ما زلنا نتعامل مع مرض لم يكن موجوداً في السابق، بات يشغل ما يتراوح بين 20 و30 في المئة من كل أسرَّة وحدات العناية المركزة".

وكذلك أشار إلى أن وصف وزير الصحة تلك الضغوط بأنها ليست "عصية على التحمل"، يعتبر مخيباً للآمال. وأردف، "بالنسبة إلى الأشخاص الموجودين في الميدان مثلنا، نشعر بأن هذا الضغط لا يمكن تحمله فعلياً".

في ذلك الإطار، من المستطاع تبيان الضغط الذي ترزح تحته وحدات العناية المركزة من خلال بيانات "الخدمات الصحية الوطنية" التي تظهر عدد المرات التي نقل فيها مرضى الحالات الحرجة بين المستشفيات بسبب معاناة تلك المؤسسات.

وبين الأول من مايو (أيار) و15 أكتوبر، نقل 343 شخصاً من مستشفى إلى آخر بأثر من ذلك السبب.

وحينما تنقص تلك الأسرَّة داخل المستشفيات يتعذر تقديم العمليات الجراحية العادية لمرضى يعانون السرطان أو يحتاجون إلى تغيير مفاصل الورك ويحتاجون إلى وقت للتعافي في العناية المركزة. ولقد ألغت المستشفيات هذا العام بالفعل عدداً كبيراً من العمليات الجراحية ومنها عمليات لأمراض سرطانية تشكل خطراً على حياة المريض. وسجلت لائحة الانتظار للعلاجات العادية الآن رقماً قياسياً هو 5.74 مليون.

هذا الأسبوع في "لاناركشاير"، ذكر رؤساء الجهاز الطبي أن المنطقة الاسكتلندية باتت تنتقل نحو مستوى "الإنذار الأسود" على خلفية ما اعتبروه "مستويات إشغال حرجة داخل مستشفياتها الرئيسة الثلاثة"، فيما ألغيت عمليات منها جراحات للسرطان، واستدعي الجيش بهدف مؤازرة المستشفيات الثلاثة.

وأضافت الرسالة، "يفوق عدد المرضى عدد الأسرَّة المتاحة، وقد أعيد نشر الطاقم الطبي بالفعل على النظام بأكمله لفتح مساحات جديدة لاستقبال نزلاء في المستشفى. ويحدث هذا تزامناً مع ارتفاع معدلات الطلب على الطب السريري في كل مجالات نظام الرعاية لدينا، إضافة إلى ارتفاع مستويات مرض الموظفين بسبب جائحة "كوفيد-19" ونقص في اليد العاملة على نطاق الوطن بأسره".

 

"هذا كارثي"

سأل استطلاع آراء أجرته "الجمعية البريطانية لجراحة الورك"، نزولاً عند طلب "الخدمات الصحية الوطنية" و"الجمعية البريطانية لجراحة العظام"، شمل 114 وحدة تابعة للهيئة، عن مدى عودة إجراء عمليات جراحية فيها، خصوصاً عملية استبدال مفصل الورك، إلى معدلات ما قبل الجائحة.

وقد كشفت النتائج التي ظهرت الجمعة الفائت واطلعت "اندبندنت" عليها، أن 18 في المئة من الوحدات عجزت عن تقديم عملية استبدال مفصل الورك تماماً للمرضى، فيما تقلص نشاط 66 في المئة من الوحدات. ولم تفد سوى 16 في المئة من الوحدات عن استئنافها معدل العمليات الجراحية السابق للجائحة.

ورداً على سؤال بشأن أهم أسباب ذلك العجز عن أداء العمليات الجراحية، جاء في الاستطلاع أن نقص طواقم العمليات الجراحية أو السعة الاستيعابية للأسرَّة في المستشفيات، يشكل السبب الأساسي بالنسبة إلى 57 في المئة من طواقم العمل.

وفي حديث مع "اندبندنت"، لاحظ أحد الأطباء الجراحين أن "هذا أسوأ حال أشهده منذ 20 عاماً تقريباً. إنه وضع كارثي".

وأضاف، "في العادة، يكون عندنا جناحان كاملان وجناح أصغر. لكننا خسرنا الجناحين خلال الصيف ولا أعتقد أننا سنسترجعهما. نجري العمليات النهارية (التي لا تستلزم مبيتاً في المستشفى) لأنها لا تحتاج إلى أسرَّة في العناية المركزة، ويبدو من خلال البيانات أن إنتاجي مرتفع جداً وباتت الحالات النهارية تنفد فعلياً. ولكننا نعاني فعلاً في علاج المرضى الذين لديهم أولوية قصوى لأننا لا نملك الأسرَّة التي يحتاجون إليها".

وأضاف الجراح أن طاقم التمريض العامل داخل غرفة العملية نقل إلى العناية المركزة، مما دفع ببعض أفراده إلى تقديم استقالاتهم.

 

مرضى عالقون داخل المستشفيات

من العوامل الحيوية الأخرى لاستمرار عمل المستشفيات بشكل سليم هو إخراج المرضى بشكل متواصل، حيث يعادون إلى منازلهم أو يحالون على خدمات الرعاية أو خدمات أشبه بدار الرعاية التلطيفية للمرضى الذين يعانون أمراضاً مميتة.

يوم الجمعة، حذرت اللجنة المعنية بجودة الرعاية من أن بعض دور الرعاية وخدمات الرعاية المنزلية تغلق أبوابها، لأنها عاجزة عن توظيف ما يكفي من الممرضين. وفي بعض المناطق، يعني ذلك وجود مرضى عالقين داخل المستشفيات لأن الخدمات التي يحتاجون إليها ما عادت موجودة في المجتمع المحلي.

وقد انخفض عدد الممرضين في المحافظات الإنجليزية إلى النصف منذ 2010، فيما ارتفعت نسبة الوظائف الشاغرة في الرعاية الاجتماعية إجمالاً من ستة إلى عشرة في المئة. وقد صرحت ترايسي آلان، من هيئة "الخدمات الصحية" في منطقة "ديربي شاير"، أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون الحصول على الرعاية يسجل حاضراً أعلى معدلاته ضمن الأشهر الـ12 الماضية، فيما يعاني باقي البلد مشاكل مشابهة.

وأضافت أنها تشعر بالقلق من أن التركيز على إخراج المرضى من المستشفيات يعني تقلص عدد الأجهزة التي تساعد المرضى على الاعتناء بأنفسهم وتجنب الدخول إلى المستشفى في المقام الأول.

وعلى نحو مماثل، تظهر بيانات "الخدمات الصحية الوطنية" المتعلقة بأسرَّة المستشفى التي يشغلها مرضى الإقامة الطويلة، حدوث ارتفاع بطيء في تلك الأرقام منذ مايو 2020، ما يعني توفر عدد أقل من الأسرَّة التي يمكن تخصيصها للعمليات الجراحية أو مرضى الطوارئ، فيما تسجل أعداد المرضى الذين يصلون إلى الطوارئ مستويات قياسية.

وفقاً للبيانات، زادت أعداد المرضى ممن تصل إقامتهم إلى 21 و14 وسبعة أيام، فيما زادت أعداد المرضى في الفئة الأخيرة بأكثر من عشرة آلاف شخص أثناء السنة الماضية.

© The Independent

المزيد من تقارير