Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقاقير تجريبية خطرة يروّج لها المؤثرون كـ"معجزات علاجية"

تعج وسائل التواصل الاجتماعي بمروجي أدوية الببتيدات الذين يعدون بالتجدد الجسدي والصحي، لكن الخبراء يحذرون من أخطارها

اكتشفت الببتيدات للمرة الأولى خلال عشرينيات القرن الماضي حين تمكن العلماء من عزل الإنسولين (غيتي)

ملخص

وسط موجة من الترويج على وسائل التواصل، تباع الببتيدات كـ"إكسير الشباب" يعد بالشفاء السريع وتجديد الخلايا، لكن خبراء يحذرون: هذه المركبات التجريبية بلا رقابة، تحمل أخطاراً قاتلة، وقد تحول المستخدمين إلى فئران تجارب في سباق وهمي نحو الكمال الجسدي.

يتساءل ووكر هاريل "لماذا أنتظر ستة أشهر بينما يمكنني حقن الببتيدات والظهور بالصورة المثالي خلال 30 يوماً؟"

يظهر هاريل أمام الكاميرا، ثم يحرك الشاشة ببطء لتكشف جسده النحيف بعضلاته البارزة، ذلك الجسم الذي يحلم به كثر ولا ينالونه إلا بعد أشهر من الحمية القاسية والتمارين المرهقة. لكنه يفاجئ جمهوره بالاعتراف: هذا الجسم ليس ثمرة عمل شاق، بل نتيجة حقن الببتيدات. ويدعو متابعيه للنقر على الرابط في ملفه الشخصي للحصول على مظهر "أكثر شباباً" ونحافة وسمرة.

تعج منصات التواصل الاجتماعي، من "تيك توك" إلى "إنستغرام"، بصانعي محتوى يزعمون قدرتهم على تسريع الشفاء وإزالة حب الشباب وبناء عضلات مفتولة، كل ذلك بحقنة واحدة بسيطة.

حتى مقدم البودكاست الشهير جو روغان، على رغم أنه لا يبيع الببتيدات، تحدث في برنامجه "تجربة جو روغان" The Joe Rogan Experience عن تجربته مع الببتيد التجريبي BPC-157 لعلاج إصابته، مؤكداً أن المركب شفى التهاب الأوتار في مرفقه "خلال أسبوعين فقط".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى المراهقين الذكور تحديداً، تبدو هذه الرسائل مؤثرة خصوصاً. مقاطع الفيديو التي اطلعت عليها "اندبندنت" تروج لهذه المركبات باعتبارها ضرورية لـ"تحسين المظهر" - وهو توجه يسعى من خلاله الشباب لتعزيز جاذبيتهم الجسدية - بل إن بعضها يزعم أن استخدامها خلال فترة البلوغ قد "يسهم" في تحديد بنيتك في مرحلة الرشد.

لكن خلف هذه الأجساد المنحوتة والبشرة الخالية من العيوب، تكمن حقيقة مظلمة مليئة بالمجهول والأخطار.

اكتشفت الببتيدات للمرة الأولى خلال عشرينيات القرن الماضي حين تمكن العلماء من عزل الإنسولين، ذلك العلاج الذي أنقذ حياة ملايين مرضى السكري حول العالم. إلا أن عدداً من المركبات الأخرى - وبخاصة تلك المروج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي - لا تزال في طور التجربة ولم تخضع لدراسات سريرية صارمة. ففي بريطانيا وأميركا، تباع هذه المنتجات مع ملصق تحذيري واضح: "لأغراض البحث العلمي فحسب. ممنوع الاستخدام البشري".

وحذر خبراء في حديثهم مع "اندبندنت" من أن أخطار استخدام هذه المواد الكيماوية "جسيمة".

يقول الدكتور آدم تايلور، أستاذ علم التشريح في جامعة لانكستر، إنه إذا بدت الببتيدات جيدة لدرجة يصعب تصديقها، فذلك لأنها على الأرجح كذلك – ومن يستخدمها "يخاطر بتحويل نفسه إلى فأر تجارب".

ويشرح الدكتور تايلور أن الببتيدات عبارة عن سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساس للبروتينات في الجسم. تعمل هذه المركبات كرسائل كيماوية تخبر أعضاء الجسم بما يجب فعله - سواء كان إصلاح الأنسجة أو تحفيز النمو أو تسريع الشفاء.

ويقول تايلور: "نشهد الآن تدفقاً كبيراً من الببتيدات إلى الأسواق، يسوق لها على أنها تسرع عملية الشفاء. معظمها يقدم باعتباره الكأس المقدسة للتجديد والتجدد".

ويضيف أن هذه المركبات الحديثة عادة ما يروج لها مؤثرون يفتقرون إلى "الصدقية العلمية" للحديث عن فعاليتها، مما يعني أن المتابعين لا يرون سوى الصورة المثالية المسوقة لهم دون الحقائق الكاملة.

أحد هذه الببتيدات النحاسية المسمى GHK-CU يروج له بأنه يملك "خصائص فريدة لمكافحة الشيخوخة وتجديد الخلايا، بل وحتى مقاومة السرطان"، بحسب ما يزعم أحد البائعين على الإنترنت.

وثمة مجموعة أخرى تحمل اسم "مجموعة ولفرين"، نسبة إلى قدرات الشفاء الخارقة لشخصية مارفل الشهيرة، تعد بتسريع التعافي وتعزيز بناء العضلات.

ويطرح تايلور سؤالاً بسيطاً: لو كانت هذه المركبات فعالة حقاً، لماذا لا نراها في المستشفيات والعيادات الطبية؟

ويقول "لو كانت هذه الببتيدات آمنة حقاً للاستخدام البشري، لرأيناها تستخدم في علاج المرضى. بعضها لم يخضع لأي اختبار إطلاقاً على البشر. وحتى تلك التي خضعت للتجارب، لم تظهر النتائج المطلوبة التي تؤهلها للاعتماد الطبي أو الطرح عبر هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا".

يحذر تايلور من أن استخدام هذه الببتيدات غير الخاضعة للرقابة محفوف بأخطار جسيمة ويوضح "لو كنت تعاني حساسية وحقنت ببتيداً في عضلة أو وريد، فقد تتعرض لصدمة تحسسية قاتلة بسبب مكون مجهول في هذا المركب".

ويضيف "حقن نفسك دون تدريب طبي مهني محفوف بأخطار هائلة. فقد يتسبب ذلك بإصابة عصب أو وعاء دموي، أو إدخال فقاعة هواء إلى مجرى الدم، قد ينتج من أضرار بالغة أو حتى الموت".

ويشير تايلور إلى أن بعض الدلائل تظهر أن هذه المواد قد تحفز آليات يستغلها السرطان لمهاجمة الجسم - وإن كان يؤكد أن هذا لم يثبت علمياً بصورة قاطعة بعد.

ويوضح "من يستخدمها يحول نفسه فعلياً إلى فأر تجارب. المشكلة الكبرى أنك لا تعرف تركيبتك الجسدية الخاصة، ولا تدرك ما قد يكون كامناً في جسمك من حالات وراثية أو صحية خفية قد تفجرها هذه المركبات".

يبدو أن الانتشار الواسع لهذه المركبات على وسائل التواصل يستهدف المراهقين تحديداً - وهو أمر يصفه تايلور بأنه "بالغ الخطورة".

ويتابع "جسمك لا يزال في طور النمو، ليس فقط ظاهرياً، بل أيضاً على المستوى الفسيولوجي. فالهرمونات التي ينتجها جسمك لمختلف الأنسجة لم تصل بعد إلى ذروة تأثيرها. التدخل في هذه المسارات الهرمونية قد يكون له عواقب وخيمة".

وعلى رغم صعوبة الحصول على إحصاءات دقيقة حول استخدام الببتيدات في بريطانيا بسبب غياب الرقابة، يكشف تحليل اتجاهات البحث على غوغل عن زيادة هائلة تبلغ 10 أضعاف عمليات البحث عن هذه المركبات عام 2025 مقارنة بـ2020. وتشير الدراسات إلى تضاعف عدد مرتادي الصالات الرياضية الذين يستخدمون منشطات الأداء ثلاث مرات منذ عام 2014.

ويعتقد تايلور أن الحقيقة الكاملة قد تستغرق سنوات لتظهر "أظن أننا سنرى التأثيرات الحقيقية عندما يصل هذا الجيل إلى منتصف العمر. قد يكون لها بعض الآثار المرغوبة، ولكنها قد تسبب أيضاً آثاراً غير مرغوبة، وأعتقد أن هذا ما سنراه مع عدد من هذه المنتجات في المستقبل".

وبدورها، تؤكد الدكتورة لورا غرينج المديرة الطبية في عيادة "إتس مي أند يو" للتجميل تحذيرات تايلور، إذ أخبرت "اندبندنت" أنها تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في حالات المضاعفات - معظمها التهابات وردود فعل موضعية - بعد شراء مواد كيماوية بحثية عبر الإنترنت.

وتعزو غرينج هذه الأخطار إلى "غياب الرقابة التام"، إذ لا يملك المشترون أية ضمانات حول نقاء هذه المنتجات أو تعقيمها أو حتى مكوناتها الفعلية.

وتضيف "بما أن هذه المواد ليست مركبات طبية معتمدة، فقد تتسبب في مضاعفات خطرة وغير متوقعة مثل اضطرابات هرمونية، وخفقان قلب، وقلق، والتهابات غير مفسرة. المخاطرة لا تستحق النتائج الوهمية قصيرة الأجل".

ومن جانبها، أكدت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية لـ"اندبندنت" أنها "لا تعترف" بادعاءات البائعين أن هذه المنتجات "لأغراض البحث فقط"، معتبرة ذلك محاولة واضحة للتحايل على القوانين.

وأضاف المتحدث أن الوكالة "تحذر بشدة من شراء أو استخدام منتجات طبية غير مرخصة، وبخاصة تلك المروج لها عبر وسائل التواصل".

وأعلنت شركة "ميتا" إزالة الحسابات التي أشارت إليها "اندبندنت"، مؤكدة أنها تحظر المحتوى الذي "يبيع أو يشجع على استهلاك أدوية أو مكملات غير آمنة".

وقال متحدث باسم "تيك توك" إن سياسات المنصة تحظر "المتاجرة أو التسويق أو توفير الوصول إلى السلع والخدمات الخاضعة للرقابة أو المحظورة أو عالية الخطورة"، مضيفاً أن هذا "يشمل المواد الخاضعة للرقابة مثل المنتجات التي تسوق لإنقاص الوزن أو بناء العضلات".

وأوضح قائلاً "حظرنا وسم #peptide، وأزلنا الحسابات المخالفة لسياسات المنصة".

كذلك جرى التواصل مع ووكر هاريل وجو روغان للتعليق.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة