Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى يتخلص المصريون من أعنف موجة تضخم في أكثر من 4 سنوات؟

محللون يتوقعون امتصاص جزء كبير من السيولة المتاحة عبر شهادات الاستثمار الجديدة

كان البنك المركزي المصري قد قرر تنفيذ سياسة سعر الصرف المرن أو ما يطلق عليه التعويم الثاني للجنيه المصري (رويترز)

في وقت تشير الأوضاع الحالية إلى أن السوق المصرية لم تستوعب حتى الآن القرارات التي أعلنها البنك المركزي المصري، نهاية الأسبوع الماضي، لكن وتيرة الحديث عن ارتفاعات الأسعار تصاعدت، وشهدت منصات التواصل الاجتماعي عديداً من المنشورات والنقاشات حول مستقبل التضخم وحجم الارتفاعات المرتقبة في أسعار السلع.

وفي إطار ضبط الأسواق، توقع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي أن تتراجع أسعار بعض السلع خلال الفترة المقبلة بعد الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي أخيراً، لتيسير الإفراج عن السلع. وأشار إلى أن تلك التوقعات نتيجة عودة عمل المصانع بكل طاقتها في الفترة المقبلة، بما يعزز وفرة وجود المنتجات في الأسواق وتوافر المعروض أمام المواطنين واستقرار الأسواق. وأوضح أن التوجه العام الذي تدعمه الدولة هو الانحياز لصالح العمال البسطاء، وزيادة رواتب القطاع الخاص ستكون وفق ظروف كل صناعة ومصنع، مشيراً إلى أن قيمة الزيادة ووقتها وتفاصيلها ستكون متروكة للقطاع الخاص. وقال إن الحكومة المصرية سوف تطبق الزيادة في الرواتب اعتباراً من راتب نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، والقطاع الخاص قد يحتاج إلى فرصة ووقت بحسب احتياجات كل جهة من مؤسسات القطاع الخاص.

وفي السياق، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية تثبيت أسعار السلع على البطاقات التموينية كلها، حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من العام الجاري، مشيراً إلى أن الدولة تعمل على تثبيت أسعار السلع والخدمات التي توفرها الدولة للمواطن مثل بطاقة التموين ورغيف الخبز. وكشفت أن الحكومة المصرية تستهلك 8.5 مليون طن قمح سنوياً، منها 4.5 مليون طن مستورد، وأربعة ملايين طن محلي، مشيرة إلى أن خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار أثر في تكلفة سعر رغيف الخبز، وأصبح سعر الرغيف 85 قرشاً، وكانت الموازنة الخاصة به 65 قرشاً، والدولة تتحمل تلك الزيادة عن المواطنين، ليظل سعره خمسة قروش. وذكر أنه يتم إنتاج ما بين 250 و270 مليون رغيف في اليوم على رغم زيادة التكلفة، وتتحمل الدولة 20 مليار جنيه (0.833 مليار دولار) إضافي في دعم الخبز بإجمالي دعم قدره 71 مليار جنيه (2.958 مليار دولار).

قرارات استثنائية للحصول على تمويل

وكان البنك المركزي المصري قد قرر، خلال اجتماع استثنائي، تنفيذ سياسة سعر الصرف المرن أو ما يطلق عليه التعويم الثاني للجنيه المصري خلال العام الحالي. كما قرر رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة. وفي ما يتعلق بملف البضائع المكدسة في الموانئ المصرية، أعلن أنه سيتم إلغاء تدريجي لنظام الاعتمادات المستندية الذي تسبب في تكدس الواردات المصرية في الموانئ بسبب شحّ الدولار.

ويستهدف "المركزي المصري"، من حزمة القرارات الأخيرة أهدافاً عدة، أولها السيطرة على معدل التضخم الذي سجل مستوى 15 في المئة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، عبر رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال العام الحالي، وقيام ثلاثة بنوك تابعة للحكومة المصرية بإصدار شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 17.25 في المئة، وهو ما سيعمل على تقليص حجم السيولة النقدية المتاحة، وبالتالي تقليص حجم الطلب على السلع والخدمات.

أيضاً، فإن القرارات تعمل على جعل السوق المصرية أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية، ويتوقع أن تقدم سندات الخزانة، لأجل 12 شهراً، معدل فائدة حقيقياً إيجابياً بنسبة 2.36 في المئة مقارنة بنسبتها عند 0.66 في المئة قبل رفع سعر الفائدة ومقارنة بعائد حقيقي سلبي في الولايات المتحدة.

كما تسهم قرارات البنك المركزي في شأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، عبر السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان تدريجياً، في توافر العملة الأجنبية بشكل أكبر في السوق ويساعد على استعادة النشاط التجاري في مصر. إضافة إلى أن طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد إضافة إلى التعويض المتوقع في أسعار عائد الأذون والسندات الحكومية من شأنه أن يدعم ربحية البنوك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم التأثير غير الإيجابي لرفع الفائدة على سوق الأوراق المالية، فإنه من المرجح أن تتفاعل البورصة بشكل إيجابي مع القرارات بسبب تقييمات الأسهم المنخفضة للغاية، التي كانت تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي في مصر. في وقت أسهمت الإجراءات والقرارات الأخيرة في تسريع وإنهاء المفاوضات الخاصة بالحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية عدة، وهو ما يعد شهادة ثقة للاقتصاد المصري.

متى يتماسك الجنيه المصري مقابل الدولار؟

في سوق الصرف، يقدر المحللون سعر صرف الدولار بين 24 و25 جنيهاً بحلول نهاية العام المقبل. وعلى المدى القريب، يتوقع الخبير الاقتصادي هاني جنينة أن يتراوح سعر صرف الدولار بين 25 و27 جنيهاً، على أن يستقر في النهاية عند 25 جنيهاً للدولار الواحد بنهاية عام 2022. وأشار إلى أن حدة صعود الدولار سوف تبدأ في التراجع عقب حصول مصر على التمويلات الدولارية التي تمّ الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي وعدد من المؤسسات والشركاء الدوليين.

في المقابل، يتوقع آخرون بما في ذلك "غولدمان ساكس"، أن يشهد الجنيه المصري مزيداً من الضعف على المدى القريب. وفي تعاملات، الخميس الماضي، تجاوزت التداولات الدولارية في الـ"إنتربنك" 10 أضعاف المتوسط اليومي خلال الشهرين الماضيين، وهو مؤشر قوي على أن سعر صرف الدولار المتوازن يتراوح بين 22.5 و23.5 جنيه.

ويشير استخدام البنك المركزي المصري لكلمة "دائم" قبل "سعر الصرف المرن" إلى عزمه الحفاظ على مرونة سعر الصرف، على الأقل لفترة من الوقت. وكانت مرونة سعر الصرف شرطاً رئيساً من صندوق النقد الدولي لإبرام الاتفاق الجديد، كما كانت سبباً جزئياً لامتداد المباحثات مع الصندوق لأشهر.

وفي تصريحاته، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إنه كانت لسعر الصرف المستقر آثار سلبية على احتياطيات مصر والاقتصاد ككل، لا سيما في ضوء الصدمات الاقتصادية العالمية الخارجية، مشيراً إلى أنه لهذا السبب، يرى صندوق النقد أن سعر الصرف المرن أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصاد المصري.

كيف تتحرك معدلات التضخم؟

على صعيد التضخم، من المرجح أن تتسبب قرارات البنك المركزي المصري وبخاصة ما يتعلق منها برفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة، إضافة إلى إطلاق شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 17.25 في المئة، أن تتراجع السيولة النقدية في السوق المصرية، ما يمهد الطريق لخفض معدلات التضخم. وكان "المركزي" قد أعلن أنه يعتزم تعديل مستهدفات التضخم التي تقدر بنحو سبعة في المئة في الوقت الحالي.

وفي مذكرة بحثية حديثة، يرى بنك "غولدمان ساكس" أن التضخم سيبلغ ذروته بالقرب من 19 في المئة خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. في وقت رجحت شركة "نعيم" للوساطة في الأوراق المالية، أن يبلغ التضخم ذروته عند مستوى 20 في المئة بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الأمر الذي قد يتطلب زيادة أخرى بمقدار 100 نقطة أساس.

ومع ذلك، من المرجح أن يكون الارتفاع "عابراً" وفقاً لمحللي بنك "غولدمان ساكس". وكان التضخم قد بلغ أعلى مستوى له في أربع سنوات بنسبة 15 في المئة، خلال سبتمبر الماضي، وسط ارتفاع مستمر في تكاليف المعيشة بسبب الحرب في أوكرانيا وضعف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي.

وكانت بنوك استثمار ومحللون ماليون قد طالبوا البنك المركزي المصري بضرورة رفع أسعار الفائدة بعد قيامه بتثبيتها خلال اجتماعين متتاليين على رغم استمرار البنوك المركزية على مستوى العالم في تشديد السياسة النقدية لاحتواء موجة التضخم. وفي ظل استمرار البنك المركزي الأميركي في رفع أسعار الفائدة على الدولار، وتهاوي حصص الاستثمار الأجنبي، كان من المرجح أن يقوم المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، وبالتوازي، يقوم بخفض قيمة الجنيه المصري حتى يصل إلى قيمته العادلة، في محاولة لعودة الأموال الساخنة التي خرجت من السوق المصرية، خلال العام الحالي، التي تصل وفق البيانات الرسمية إلى 20 مليار دولار.

اقرأ المزيد