Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف استقبل المصريون "تعويم الجنيه"؟

زيادة الأسعار أرهقت كاهل المواطن العادي وحديث عن ضرورة مراقبة التجار

انعكس التراجع في سعر الجنيه المصري بتأثيرات متفاوتة على الأسواق (أ ف ب)

لا حديث في مصر يعلو على سعر الدولار الأميركي مقابل الجنيه منذ أن نام المصريون ليلة الخميس الماضي، وسعر الدولار الأميركي عند 19.50 جنيه مقابل الدولار، واستيقظوا في صباح اليوم التالي وقد ارتفع السعر إلى 23 جنيهاً مقابل الدولار.
وأعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري صباح يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تحريك أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ما يعادل اثنين في المئة، ثم خفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار بنحو 18 في المئة ليسجل سعر الدولار 23 جنيهاً مقابل كل دولار قبل أن يتخطى، الأحد، أول أيام العمل الرسمي بالمصارف المصرية، حاجز الـ24 جنيهاً.

أسعار المواد الغذائية وممارسات التجار

وانعكس التراجع في سعر الجنيه المصري بتأثيرات متفاوتة على الأسواق، خصوصاً للسلع التي تعتمد على الاستيراد، ففي وقت كان التأثير محدوداً في قطاع المواد الغذائية، وفق رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية حازم المنوفي الذي أوضح أن "أسعار المواد الغذائية مرتفعة ومتضخمة منذ ستة أشهر تقريباً بعد قرار التعويم الأول في مارس (آذار) الماضي"، مضيفاً أن "مستوردي بعض السلع الغذائية من خارج البلاد كانوا يبرمون صفقاتهم بسعر 22 جنيهاً مقابل الدولار فيما كان سعر الدولار الرسمي 18.5 جنيه مقابل الدولار"، متوقعاً حدوث ارتفاع جديد في بعض الأسعار التي تعتمد على الاستيراد خلال الشهر المقبل وليس في الوقت الحالي مع بدء دورة استيراد جديدة من الخارج". أما في شأن مستوى أسعار بعض السلع الغذائية، فقال رئيس شعبة المواد الغذائية، إن "كيلو السكر يباع حالياً بـ18 جنيهاً (0.74 دولار) للكيلو، بينما يتراوح سعر كيلو الرز بين 15 و18 جنيهاً في حين يتداول سعر العدس الأصفر بين 20 و35 جنيهاً (1.4 دولار)".

في غضون ذلك، قال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي إن "أزمة ارتفاع أسعار الرز بالأسواق جاءت من التجار المضاربين الذين لا يمتلكون سجلاً تجارياً أو سجلاً صناعياً"، موضحاً في مؤتمر صحافي عقد بالقاهرة صباح الأحد، أن "فكرة رفع التجار أسعار السلع بشكل عام، على اعتبار ما سيكون من ارتفاع أسعار مستقبلاً، هو ممارسة خاطئة من جانبهم"، مؤكداً أن الوزارة "ستواجه ارتفاع الأسعار عبر زيادة ضخ السلع بالأسواق عبر منافذها، لتتم زيادة كميات الزيت والسكر والرز"، مشيراً إلى انعقاد اجتماع موسع، صباح الإثنين 31 أكتوبر، مع كبار أصحاب السلاسل التجارية وتجار الجملة والنصف جملة لزيادة إنتاج والمعروض من الزيت والسكر والرز بالأسواق بأسعار ما قبل ارتفاع الدولار، حيث إن أي تغيير في سعر السلع يفترض ألا يحدث قبل ثلاثة أشهر من تحريك سعر العملة".
وتوقع المصيلحي استيراد مليون طن من القمح حتى نهاية العام المالي الحالي، لافتاً إلى أن "الرصيد الاحتياطي الاستراتيجي من القمح يكفي الاستهلاك لنحو 5.1 شهر، أي حتى أبريل (نيسان) المقبل. والاحتياطي الاستراتيجي من الزيت يكفي 5.3 شهر". وأكد الوزير المصري أن "الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن، ويكفي لأشهر عدة".


ارتفاع مرتقب في أسعار الأدوية

وإذا كان حجم التأثر بتقلبات سعر الصرف محدوداً في قطاع المواد الغذائية، فالأمر مختلف في أسعار الأدوية التي تستورد القاهرة أكثر من 95 في المئة من موادها الخام ومستلزمات الإنتاج من خارج البلاد. وأوضح رئيس شعبة الدواء باتحاد الصناعات المصرية محيي حافظ أن "الأمر لدينا مختلف لأن حجم التأثير كبير على قطاع الأدوية بعد التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، لأن قطاع الأدوية يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد، مما يعني أن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار عامل رئيس في تسعير الأدوية"، مشيراً إلى أن "هناك قراراً صادراً من هيئة الدواء المصرية بمراجعة أسعار الدواء في حال تحرك سعر العملة الأميركية صعوداً مقابل الجنيه المصرية بنحو 20 في المئة فحسب"، مؤكداً أنه "بعد تراجع قيمة العملة المحلية بأكثر من 21 في المئة في غضون ثلاثة أيام سيتم تحريك الأسعار بشكل عاجل"، مشيراً إلى أن "عدداً من المنتجات الدوائية تحركت أسعارها بالفعل منذ مارس الماضي"، ولافتاً إلى أنه "تم تحريك الأسعار بشكل رسمي في مايو (أيار) 2017، ثم يناير (كانون الثاني) 2018 إنقاذاً لصناعة الدواء في مصر".
وتابع أن "أسعار الدواء في مصر تسعر جبرياً من قبل الهيئة المصرية للدواء"، مشيداً بقرار الحكومة إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مكونات الأدوية، وهو ما أسهم في عدم ارتفاع أسعار الأدوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الدولار يسحب البساط من أحاديث الرياضة
لم ينقطع الحديث داخل أحد المقاهي في منطقة شعبية بمحافظة القاهرة، إلا أنه لم يشهد كالعادة مناوشات بين مشجعي النادي الأهلي والزمالك في اليوم التالي للمباراة، إذ يتداول رواد المقاهي الأخبار التي تشير إلى ارتفاع جديد في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه مصري بشكل منقطع النظير لا يخلو من روح الدعابة والنكات الهزلية المعروفة لدى المصريين. وقطع أحدهم وصلة الدعابة وسأل إلى صاحب المقهى الذي يترقب الوجوه، متى سترتفع أسعار الشاي والقهوة وباقي المشروبات؟ ليرد صاحب المقهى، لن نرفع الأسعار حتى نشتري البضاعة الجديدة (يقصد المواد الخام اللازمة لإعداد المشروبات مثل الشاي والبن والسكر)، ليعلق أحد رواد المقهى، "مش عارفين نلاقيها منين ولا منين كل حاجة غليت من الملابس واللحوم والدواجن حتى المشروبات كمان".

معاناة المصريين مع الغلاء

لم يختلف حديث المقاهي كثيراً عما دار في سيارة الميكروباص (إحدى وسائل النقل الجماعي الشعبية) سوى أنه كان أكثر سخونة بعد أن أعلن السائق للركاب زيادة تعرفة الركوب بمقدار 25 قرشاً (0.0103 دولار) لتقاطعه إحدى الراكبات متسائلة لماذا؟ ليرد عليها السائق بنبرة تحمل بعضاً من الاستهزاء، "كل حاجة غليت وأسعارها ارتفعت، جت على أجرة الميكروباص يعني؟"، ليقاطعهما رجل ستيني قائلاً "يا ابني ارحموا الناس مش يبقى أنتم والدولار علينا"، ليتحول النقاش الساخن إلى ضحك وفي النهائية رضخ الجميع للزيادة الجديدة التي تم إقرارها بشكل غير رسمي".
وصب حسين أحمد، سائق الـ"توك توك" (مركبة صغيرة تستخدم في النقل في المناطق الشعبية الداخلية) جام غضبه على الدولار الأميركي، قائلاً "مش عارف الدولار ده عايز مننا إيه". وتابع "لديّ خمسة أبناء إضافة إلى زوجتي ولم تعد تكفي ورقة بفئة 100 جنيه (4.13 دولار) لإعداد وجبات الغذاء والعشاء فحسب". وأشار إلى أنه "يجب أن أترك مع زوجتي ما يتراوح بين 150 و200 جنيه (8.26 دولار) يومياً لنفقات المأكل والمشرب فحسب"، قائلاً "أعمل سائقاً على التوك توك على مدار 14 ساعة حتى أوفر مبلغ من المال لا يزد على الـ300 جنيه (124 دولاراً) منها 200 جنيه للمأكل والمشرب وعليّ أن أنفق المبلغ الباقي على كلفة التعليم اليومية والصحة وإيجار المنزل ودفع فواتير المرافق من كهرباء ومياه وغاز وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أعمل 24 ساعة".


المقاطعة هي الحل

من جانبه، قال رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" محمود العسقلاني "لا شك أن هناك أزمة عالمية انعكست على الأوضاع المحلية، ولكن في الوقت ذاته هناك استغلال للأزمة من قبل الشركات والتجار يجب مواجهة ذلك بكل قوة"، مضيفاً أنه "يجب على الدولة تفعيل أجهزتها الرقابية في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى"، مشيراً إلى أن "للجمعية دوراً قوياً في التوعية وإطلاق حملات مناهضة الغلاء. ونجحنا في محافظة الدقهلية (إحدى محافظات الدلتا) في مقاطعة اللحوم بعد أن تخطى سعر الكيلو الـ200 جنيه"، لافتاً إلى أنه "بعد المقاطعة أصبح سعر كيلو اللحمة لا يزيد على 118 جنيه (4.87 دولار)"، مؤكداً "تعميم الحملة على سائر المناطق المصرية قريباً حتى تعود مستويات الأسعار إلى طبيعتها".

"حماية المستهلك" يحذر التجار والشركات

في الأثناء، حذر جهاز حماية المستهلك، التجار من انتهاج أي مخالفات أو التلاعب بالأسعار، إذ يشن حملات رقابية على الأسواق لمتابعة توافر جميع السلع الغذائية والتصدي لأي مخالفات يحاول البعض انتهاجها من أجل كسب أرباح غير مبررة.
وشدد الجهاز المصري على أن "من يحاول التلاعب سيتم تحرير محضر ضده فوراً وأحالته إلى النيابة المتخصصة لاتخاذ الإجراءات القانونية وفرض الغرامات المالية المقررة وفق قانون حماية المستهلك، خصوصاً أن كل السلع متوفرة في الأسواق كما تقوم وزارة التموين والتجارة الداخلية بضخ كميات كبيرة من السلع الغذائية ومنتجات اللحوم والدواجن بمنافذ المجمعات الاستهلاكية وبأسعار أقل من مثيلاتها في الأسواق بنسبة 25 في المئة"، مشيراً إلى أن "سيارات الضبطية القضائية التابعة للجهاز تجوب الأسواق لمتابعة توافر السلع، ومدى التزام التجار ببيع المنتجات دون مبالغة في الأسعار، ومن يحاول التلاعب سيتم تحرير محضر بحقه وإحالته إلى النيابة المتخصصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة".
ووصلت مستويات التضخم في مصر إلى أعلى مستوى خلال أربع سنوات عند 15 في المئة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي أعلن ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى أعلى مستوياته خلال أربعة أعوام. وارتفع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 15 في المئة خلال سبتمبر في مقابل 14.6 في المئة خلال أغسطس (آب) الماضي.