Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجنيه المصري يعاني بين ارتباك السوق السوداء ومزايدات المضاربين

محللون يؤكدون أن قرارات "المركزي" تدعم ربحية البنوك وتوفر العملة الصعبة وتنعش النشاط التجاري

لجأت مصر إلى صندوق الدولي أربع مرات منذ 2016 (غيتي)

بعد ساعات من القرارات التي أعلنها البنك المركزي المصري، سيطرت حال من الارتباك على السوق السوداء للصرف أو ما يطلق عليه السوق الموازية. وعلى رغم ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الرسمية إلى مستوى 23 جنيهاً في تعاملات الخميس، عرض متعاملون بيع العملة الأميركية على منصات التواصل الاجتماعي في مقابل 25 جنيهاً.

وعلى الصفحات التي تتابع حركة الدولار والعملات في السوق المصرية على منصات التواصل الاجتماعي، بدا الارتباك واضحاً على منشورات المتعاملين. وراوحت الأسعار المعروضة بين 21 إلى 25 جنيهاً للدولار، وسط مخاوف من عودة الدولة للسيطرة بشكل مكثف على المضاربات التي تشهدها السوق الموازية للصرف.

وخلال اجتماع استثنائي قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة، بالتزامن مع خفض جديد للعملة المصرية في مقابل الدولار الأميركي، إذ صعد سعر صرف العملة الأميركية عقب القرارات الأخيرة من مستوى 19.60 جنيه إلى مستوى 23 جنيهاً، إضافة إلى ذلك أعلنت بنوك الأهلي المصري وبنك مصر إصدار شهادات جديدة بعائد سنوي يبلغ 17.25 في المئة، مقارنة مع مستوى 14 في المئة قبل قرار رفع أسعار الفائدة. أعقب ذلك إعلان حصول مصر على حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار.

تحركات مكثفة

وتشير البيانات التي أعدتها "اندبندنت عربية" إلى أن الدولار الأميركي شهد ارتفاعات بأكثر من 572 في المئة منذ بداية عام 2000 وحتى قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمته خلال ثاني اجتماع استثنائي في 2022، إذ قفز سعر صرفه من مستوى 3.42 جنيه في عام 2000 إلى مستوى 23 جنيهاً في الوقت الحالي. وعلى خلفية هذه الارتفاعات يبلغ متوسط المكاسب السنوية للدولار في مقابل الجنيه المصري نحو 26 في المئة خلال الأعوام الـ22 الأخيرة.

في مذكرة بحثية حديثة كشفت محللة قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار هبة منير، عن أن "قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس يتوافق مع توقعاتنا المعلنة مسبقاً، لاحتواء التضخم الذي وصل إلى 15.0 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ويجعل السوق أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية".

وقالت منير "بافتراض انعكاس رفع أسعار الفائدة على عائد أذون الخزانة، فإننا نقدر أن سندات الخزانة لأجل الأشهر الـ12 ستقدم معدل فائدة حقيقياً إيجاباً بنسبة 2.36 في المئة (مقارنة بنسبتها عند 0.66 في المئة قبل رفع سعر الفائدة) ومقارنة بعائد حقيقي سلبي في الولايات المتحدة الأميركية".

وأضافت "استخدمنا في حساباتنا العائد لأذون الخزانة أجل الأشهر الـ12 بعد احتساب ضرائب بنسبة 15 في المئة على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأميركيين والأوروبيين، مع الأخذ في الاعتبار توقعاتنا لمتوسط التضخم السنوي عند مستوى 14.62 في المئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة إلى قرارات البنك المركزي المصري في شأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، ومنها السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان بشكل تدريجي حتى نهاية العام الحالي، فتوقعت محللة قطاع البنوك أن هذا سيسهم في توافر العملة الأجنبية بشكل أكبر في السوق ويساعد في استعادة النشاط التجاري في مصر.

وقد انخفضت قيمة الجنيه المصري بعد القرارات الأخيرة بنسبة تتجاوز 18 في المئة ليبلغ سعر صرف الدولار مستوى 22.84 جنيه في التعاملات الأخيرة، الأمر الذي انعكس على تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي للجنيه مسجلاً 91.82 بنسبة انخفاض بلغت نحو ثمانية في المئة عن نقطة الأساس للمؤشر عند 100 نقطة.

وقالت منير "فيما يتعلق بتأثير القرارات على القطاع المصرفي، فإن شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع التي أعلنها اليوم البنك الأهلي المصري من شأنها زيادة المنافسة مع بنوك القطاع الخاص. ومع ذلك فإننا لا نتوقع أن يكون ذلك أمراً جوهرياً، خصوصاً بعد قيام بعض البنوك بطرح شهادات ذات عائد مرتفع خلال الأيام الماضية القليلة، إضافة إلى التعويض المتوقع في أسعار عائد الأذون والسندات الحكومية الذي من شأنه أن يدعم ربحية البنوك".

4 قروض من صندوق النقد منذ 2016

وبالنسبة إلى سوق الأوراق المالية، ذكرت "إتش سي" أنه "على رغم قاعدة أن أسعار الفائدة المرتفعة ليست إيجابية بشكل عام للاستثمار في سوق الأوراق المالية، إلا أننا نعتقد أن سوق الأوراق المالية سيتفاعل بشكل إيجابي مع القرارات بسبب تقييمات الأسهم المنخفضة للغاية التي كانت تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي في مصر".

أما بالنسبة إلى المساعدات الخارجية البالغة تسعة مليارات دولار التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي والمؤسسات والشركاء الدوليين، ذكرت "إتش سي"، "نحن نعتقد أنها ستغطي بالكامل إجمالي سداد ديون مصر المستحقة عن النصف الثاني من عام الحالي 2022 وجزءاً من النصف الأول لعام 2023".

والأهم من ذلك أن الاتفاقات بشكل عام تعد شهادة بالثقة في برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر وتضمن استمراره على المسار الصحيح. وتتضمن الإصلاحات زيادة المشاركة لنمو القطاع الخاص أمام نسبة مشاركة القطاع العام والحكومي، واعتماد إطار تنافسي أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تسهيلات قطاع التجارة، وهو ما يمكن أن يطلق العنان لإمكانات النمو الاقتصادي في مصر.

ومنذ عام 2016 وحتى الآن، لجأت مصر إلى صندوق الدولي أربع مرات، وذلك في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016. ففي 2016 حصلت على تمويل بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات. كما حصلت على تمويل آخر في مايو (أيار) 2020 خلال ذروة أزمة كورونا بقيمة 2.77 مليار دولار.

وفي يونيو (حزيران) من عام 2020، حصلت على تمويل بقيمة 5.2 مليار دولار. وأخيراً حصلت مصل على حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، من بينها ثلاثة مليارات من صندوق النقد، وثلاثة مليارات من شركاء دوليين.