Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح لولا دا سيلفا في توحيد البرازيل المنقسمة ؟

جاء اعتراف قادة العالم بهزيمة جايير بولسونارو سريعاً لكن الرجل نفسه لم يعترف بعد، ويقول مؤيدوه إنهم مستعدون للنزول إلى الشوارع احتجاجاً على ذلك إذا طلب منهم ذلك

 أنصار الرئيس بولسونارو يحتجون على الرئيس المنتخب لويز إيناسيو لولا دا سيلفا في بلانالتينا إلى الشمال من برازيليا (أ ف ب / غيتي)

سيخلف فوز لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، الرئيس اليساري السابق الذي تغلب خلال الانتخابات البرازيلية المهمة على جايير بولسونارو اليميني المتشدد، تداعيات شديدة على البلاد والمنطقة والعالم، فالسرعة التي أقر بها زعماء عالميون، أمثال جو بايدن وفلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون وريشي سوناك وجاستن ترودو وشي جينبينغ وناريندرا مودي، بالنتيجة توضح التركيز الدولي على السباق وأهمية النتيجة التي أفضت عنه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الناشطون البيئيون كانوا من بين أولئك الذين رحبوا بفوز لولا والذين كانوا تنفسوا الصعداء آملين في أن تشهد غابات الأمازون المطيرة أو "رئتا العالم"، تراجعاً للعدوانية الضخمة التي تعرضت إليها في ظل إدارة بولسونارو، وهو أمر متأخر حقاً في وقت نشهد بداية قمة المناخ الدولية الـ 27 في مصر الأحد المقبل.

وبحسب أرقام أصدرتها وكالة بحوث الفضاء البرازيلية "إنبي" فإن إزالة الغابات في الأمازون زادت بنسبة 64 في المئة خلال 12 شهراً، فبين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) من هذا العام، عادلت المساحة التي تعرضت إلى إزالة الغابات 11 ضعف مساحة مدينة نيويورك، وقد سبق ذلك ضياع منطقة أكبر من بلجيكا خلال السنتين الأوليين من عهد بولسونارو، كما طرأ ارتفاع حاد في التعدين وعمليات نقل الأخشاب في الأراضي التي أزيلت أشجارها، والفضل في ذلك يعود طبعاً لـ 600 تغيير تنظيمي في سنة واحدة، هذا إذا ما علمنا أن معدل إزالة الغابات في عهد لولا كان هبط خلال توليه الرئاسة بين يناير 2003 وديسمبر (كانون الأول) 2010.

لولا لم يتمكن من خوض الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعد إدانته بتهمة غسل الأموال أثناء تحقيق موسع في فساد في القطاع العام وحكم عليه بالسجن تسع سنوات ونصف السنة عام 2017، وفي سلسلة من الأحكام بين عامي 2019 و2021 ألغت المحكمة العليا الإدانة فأفرج عنه من السجن، وحكمت المحكمة بأن القاضي الذي حاكمه أبدى تحيزاً في المحاكمة وأن محكمته لم يكن لها اختصاص في القضية.

 

ويزعم فريق لولا أنه سيوقف السلب الذي تعرضت إليه موارد الغابة المطيرة ويتخذ الإجراءات اللازمة للمضي قدماً في التعامل مع أزمة المناخ، كما تحدث الفريق إلى حكومتي إندونيسيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، اللتين عانتا أيضاً من إزالة الغابات، عن التقدم بخطة في مؤتمر الأطراف الـ 27 لإنشاء صندوق دولي لتغطية كلف أرصدة الكربون [كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمت إزالتها من الغلاف الجوي] كوسيلة لإنقاذ الغابات المطيرة.

العام الماضي وضمن أعمال مؤتمر المناخ العالمي الـ 26 (COP26) الذي استضافته غلاسكو، كانت البرازيل واحدة من 100 دولة تعهدت بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030، وبدلاً من ذلك وفي عهد السيد بولسونارو سرّعت إزالة الغابات بشكل كبير في البلاد على مدى العام الماضي، وينكر السيد بولسونارو بعض التهم البيئية الموجهة إليه.

كما اتهم الغرب أيضاً بمحاولة منع البرازيل من إثراء نفسها من الأمازون، وتعهد في وقت سابق بعدم منح السكان الأصليين في البلاد "سنتيمتراً مربعاً إضافياً من الأرض"، وهو ما مكن من استخدام موئلهم البيئي في مشاريع تجارية.

وستمثل تهدئة المستوطنين الذين استفادوا من الاستغلال المالي للأمازون واحدة من المشكلات التي سيواجهها لولا الذي وعد بمحاولة علاج الندوب في أمة منقسمة.

 

ومن المنطقي أن يكون الانتقال السلمي للسلطة الخطوة الأولى في هذه العملية، لكن بعد ظهر الإثنين وبعد 17 ساعة من الإعلان الرسمي عن النتيجة، استمر السيد بولسونارو في التزام الصمت رافضاً الاعتراف بالهزيمة، ويقال إنه وأبناؤه الثلاثة الذين كثيراً ما أدوا دور قوته الضاربة، معتصمون في القصر الرئاسي ببرازيليا، وفي الوقت نفسه، ووفق وسائل الإعلام المحلية، ألغى الرئيس المغادر وزوجته ميشيل متابعة بعضهما بعضاً على "إنستغرام" في غضون ساعات من إعلان النتيجة.

وقال ريكاردو ساليس، وزير البيئة السابق الذي اقترح ذات يوم استغلال التركيز العالمي على جائحة "كوفيد-19" من أجل إلغاء القيود الناظمة للبيئة في بلاده، إنه يدرك الحاجة إلى التغيير، وغرد قائلاً "تثير نتيجة الانتخابات الأكثر استقطاباً في تاريخ البرازيل العديد من الانعكاسات وتتطلب البحث عن سبل لتهدئة البلاد المنقسمة حرفياً إلى نصفين. الوقت الآن هو وقت الهدوء".

كما غرد سيرجيو مورو، القاضي الذي أشرف على محاكمة لولا ثم أصبح وزيراً للعدل في إدارة بولسونارو قائلاً، "هكذا هي الديمقراطية. لا يمكن لنتيجة الانتخابات أن تتفوق على واجب المسؤولية الذي نتحمله إزاء البرازيل، فلنعمل من أجل وحدة هؤلاء الذين يريدون خير البلاد".

 

وزعم السيد بولسونارو، النقيب السابق في الجيش، خلال حملته الانتخابية أن الانتخابات ربما "تسرق" منه، وهذا الأسبوع أعلن نجله فلافيو، العضو في مجلس الشيوخ، أن والده سيكون "ضحية لأكبر عملية تزوير انتخابية تشهدها البلاد على الإطلاق"، مردداً بذلك كلمات دونالد ترمب الذي لا يزال يصر على فوزه في السباق الرئاسي الأميركي عام 2020 على السيد بايدن.

وأقام السيد بولسونارو الذي يحب وصفه بـ "ترمب المناطق الاستوائية"، علاقات دافئة مع الرئيس الأميركي السابق الذي سعى إلى التدخل لمصلحته خلال الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية، فقد حض السيد ترمب الناخبين على منع لولا الذي قال إنه "مجنون يساري راديكالي من شأنه أن يدمر بلدكم بسرعة".

وكان الهامش الضيق لفوز لولا 50.9 في المئة من الأصوات في مقابل 49.1 في المئة للسيد بولسونارو، سبباً في تعزيز وجهات نظر بعض أتباع الأخير المتشددين حول تزوير الانتخابات من دون أي دليل يدعم مزاعم كهذه، وهم يعتقدون أن لولا الذي يعتبرونه شيوعياً يسعى إلى تخريب الديمقراطية.

 

وأيد هايتور ماتشادو، أحد أنصار بولسونارو، في شكل كامل آراء ترمب وقال، "إن لولا خطر، فهو يستغل الديمقراطية للوصول إلى السلطة وسيحاول تفكيك الضوابط لنصبح مثل فنزويلا وكوبا، وسترون".

وعلى رغم ترحيبه بتأييد السيد ترمب لمرشحه، أعرب ماتشادو، مقاول البناء الذي يبلغ من العمر 39 سنة، عن أسفه لـ "تدخل" يمارسه أجانب آخرون.

وقام عدد من الممثلين الأميركيين، بما في ذلك صامويل إل جاكسون وروبرت داوني جونيور ومارك روفالو، بتقديم دعمهم إلى لولا عبر تغريدات، في حين انتقدوا السيد بولسونارو على إزالة الغابات في الأمازون، فضلاً عن إنكار أثر مرض كوفيد الذي أسهم في وفاة 700 ألف برازيلي خلال الجائحة.

وكتب روفالو [الشهير بشخصية هالك] قبيل التصويت الأحد قائلاً "يجعلنا العلم الحقيقي أكثر قوة، من فضلكم صوتوا الأحد لمصلحة العقول الشجاعة والمنفتحة والعائلات القوية والصحية".

وبعد فوز لولا غرد قائلاً "تهانينا على فوزك المذهل الذي لا يمكن إنكاره، وشكراً لك لكونك نصيراً للديمقراطية وللشعب والأمازون بكل ما فيها من كائنات حية".

ويطالب ماتشادو بمعرفة "من هم هؤلاء النجوم الأثرياء في هوليوود الذين يحاضرون علينا؟ بأي حق يفعلون ذلك؟ ليست الأسباب وراء عدم رغبة الأميركيين الشماليين في أن نستخدم الأمازون عبارة عن تقديس ما للبيئة، بل لأنهم يريدون إبقاء الأميركيين الجنوبيين فقراء، مما يمكن بالتالي الشركات الأميركية من كسب المال منا".

ويقول ماتشادو وصديقه كارلوس أزيفيدو، مقاول البناء أيضاً، إنهما سينزلان إلى الشارع إذا كان هناك أي دليل على تعرض الانتخابات إلى تلاعب، ورداً على سؤال عما إذا كانا سيتسلحان وإذا كانا يدركان أن أنصار لولا يشعرون بقلق بالغ إزاء ما قد يحدث يقول أزيفيدو، "لقد سهل الرئيس [بولسونارو] بعض ضوابط امتلاك الأسلحة، وكان ذلك من أجل تمكيننا من الدفاع عن أنفسنا ضد المجرمين الذين عوملوا بتساهل خلال عهد لولا. نحن نحمي أنفسنا ولن نتصرف بطريقة عدوانية تجاه أي شخص، ولا ينبغي لأحد أن يخافنا، فهذا مجرد ذعر ينتشر عبر وسائل الإعلام".

© The Independent

المزيد من دوليات