Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقسام داخل الحكومة البريطانية حول موضوع الهجرة

حصري: الطلب من قادة أعمال تجاهل وزارة الداخلية وحشد تأييد وزراء آخرين لدعم جهودهم الهادفة إلى إحداث تغيير في قوانين منح تأشيرات للعمالة الأجنبية 

الشركات الصغيرة تحتاج من الحكومة الخروج بموقف رسمي موحد في شأن مسائل الهجرة (اندبندنت)

تحاول رئاسة الحكومة في المملكة المتحدة تجاوز وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان في مسعى لتخفيف قواعد الهجرة، الأمر الذي كشف عن انقسامٍ مؤذٍ داخل الحكومة بشأن طريقة إعادة إطلاق الاقتصاد في البلاد.

فمن جهة، تحرص رئيسة الحكومة ليز تراس في إطار سعيها إلى إنقاذ رئاستها للوزراء، على منح مزيد من تأشيرات الدخول إلى المملكة المتحدة لتحقيق النمو الذي تحتاج إليه بريطانيا، لكنها في المقابل تواجه تحدياً واضحاً من جانب السيدة برافرمان المتشددة والمتمسكة بسياسات "بريكست" (الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي)، والتي تصر على وجوب تطبيق قيود صارمة في هذا الإطار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلمت "اندبندنت" أخيراً أن قادة الأعمال الذين يمارسون ضغطاً بهدف استقدام مزيد من العمالة الأجنبية لسد النقص الهائل في اليد العاملة في مؤسساتهم، قد تم تشجيعهم على تجاهل وزارة الداخلية، والسعي بدلاً من ذلك إلى حشد وزارات أخرى إلى جانبهم، لتعزيز جهودهم الهادفة إلى بناء قضية تدعم اعتماد قواعد مخففة.

وفي هذا الإطار، أكد مصدران أنه طُلب منهما تقديم إفادتهما إلى وزير الأعمال جيكوب ريس موغ، أو إلى ناظم زهاوي الوزير في مكتب مجلس الوزراء، وذلك في إطار التحضير، كما يُعتقد، من جانب دوائر رئاسة الوزراء، لتجاوز السيدة برافرمان، التي من المفترض أن تكون هي المسؤولة عن مراجعة نظام تأشيرات العمل.

أحد كبار رجال الأعمال قال: "لقد طُلب منا تفادي وزارة الداخلية، والعمل بدلاً من ذلك على عرض قضيتنا على الوزير ريس موغ. إنه أمر غير عادي، إذ يبدو أن رئاسة الحكومة تحاول بالفعل تجاوز الوزيرة سويلا برافرمان التي لم يمضِ على تعيينها أكثر من شهر واحد فقط".

وكانت إحدى مجموعات رجال الأعمال قد قرعت جرس الإنذار في شأن إخفاق الحكومة البريطانية في اعتماد موقف موحد ومتناغم، منبهةً إلى أن الرسوم المرتفعة تجعل نحو نصف عدد الشركات الصغيرة - التي تسعى إلى توظيف عاملين مهرة غير متوافرين في المملكة المتحدة - "عاجزةً عن تحمل أعباء التكاليف" ذات الصلة.

تينا ماكينزي، رئيسة السياسات في "اتحاد الشركات الصغيرة" Federation of Small Businesses، قالت لـ "اندبندنت" إن "الشركات الصغيرة تحتاج من الحكومة الخروج بموقف رسمي موحد في شأن مسائل الهجرة، من أجل وضع سياسات تساعدها على استقطاب مواهب من حول العالم، في ظل المعاناة التي تواجهها نتيجة النقص الشديد في اليد العاملة داخل المملكة المتحدة".

أما إيفيت كوبر، وزيرة الداخلية في حكومة الظل "العمالية"، فقالت في تغريدة لها على "تويتر"، إن من الواضح أن رئيسة الوزراء تراس ووزيرة الداخلية برافرمان، هما "على خلاف" في ما يتعلق بسياسة الهجرة، وفي شأن "قضايا أخرى كثيرة أيضاً". ورأت أن الانقسام "يضيف المزيد من الفوضى والارتباك الغير معقولين، إلى صلب عمل حكومة "المحافظين" هذه".

هذه المحاولة غير المعهودة لتجاوز وزيرة الداخلية، تأتي بعدما نصبت سويلا برافرمان نفسها زعيمة لجناح اليمين في حزب "المحافظين" الرافض لخطة رئيسة الوزراء القاضية بتخفيف القيود على العمال الوافدين من الخارج.

وتُعد الفكرة أحد الطروحات الهادفة إلى إجراء "إصلاحاتٍ تتعلق بالعرض"  Supply Side Reforms (سياسة تستهدف زيادة الإنتاج والعمالة عبر خفض الضرائب وإزالة القيود عن الصناعات) التي تنوي دوائر رئاسة الحكومة الكشف عنها في الأسابيع القليلة المقبلة، وكجزء من خطة النمو التي تم الترويج لها كثيراً في الفترة الأخيرة، إلى جانب إلغاء قيود تنظيمية تتعلق بالتخطيط، وبناء مساكن، وقواعد أمكنة العمل، والخدمات المالية، ورعاية الأطفال.

وستكون هذه الحزمة حاسمةً في إقناع "مكتب مسؤولية الميزانية" في بريطانيا Office for Budget Responsibility (هيئة عامة ممولة من وزارة الخزانة تقدم توقعات اقتصادية وتحليلات مستقلة للمالية العامة) بأن وزير الخزانة كواسي كوارتينغ لديه خطة لمعالجة الديون المتراكمة - وهو ما يجب عليه القيام به من أجل تجنب مزيد من الانهيار في السوق، ووقف الهجمات التي يشنها عليه نواب "محافظون" قلقون.

إلا أن الوزيرة برافرمان تقاوم توسيع قائمة المهن التي تعاني من نقص في العمالة - وهي قائمة تتضمن القطاعات التي تخضع لقواعد هجرة أكثر مرونة - لتشمل مختلف الاختصاصات، بدءاً من مهندسي مشاريع البنية التحتية، وصولاً إلى مخططي المدن ومصففي الشعر وبائعي الزهور.

إضافة إلى ذلك، قد يتيح دعم نظام العمال الموسميين - الذي يسمح لنحو 40 ألف شخص من عمال قطف الفاكهة والخضروات بالمجيء إلى بريطانيا لمدة تصل إلى 6 أشهر - بأن يبقى العمال الأجانب في المملكة المتحدة لفترات أطول.

لكن وزيرة الداخلية قالت أمام مؤتمر حزب "المحافظين"، إنها تريد العودة إلى الهدف المحكوم بالفشل الذي كان قد وضعه رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، والقاضي بخفض صافي الهجرة السنوية إلى "عشرات آلاف الأشخاص"، وذلك للوفاء بوعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

برافرمان التي تولت سابقاً رئاسة "مجموعة الأبحاث الأوروبية"  European Research Group المتشددة والمؤيدة للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، قالت في مقابلة مع أحد محاوريها: "من أحد أسباب دعمي لمغادرة المملكة المتحدة للكتلة الأوروبية، هو أنني كنت أرغب بخفض الهجرة". وأضافت: "قمنا بإرساء الأسس السليمة لوضع البلاد على السكة الصحيحة، وأصدرنا نظام التأشيرات الجديد. بالتالي، أصبحت لدينا القدرة على التحكم بمن نريد أن نأتي به إلى البلاد. وأعتقد أنه يجب أن نبدأ في ممارسة هذا الأمر".

يُشار إلى أن ما يثير قلق عدد من "المحافظين" هو أن صافي الهجرة إلى بريطانيا، يصل إلى 230 ألف شخص في السنة، وقد تجاوز عدد التأشيرات الممنوحة لرعايا أجانب، من أجل العيش والدراسة والعمل في المملكة المتحدة، نحو مليون تأشيرة للمرة الأولى.

لكن ماثيو فيل، رئيس السياسات في "اتحاد الصناعات البريطانية" Confederation of British Industry (CBI) (منظمة غير ربحية تدافع عن مصالح الشركات المحلية في القضايا الوطنية والدولية)، رأى أنه يتعين على الحكومة "تحديث قائمة الوظائف التي تعاني من نقص في العمالة، بحلول نهاية السنة الجارية، بهدف دفع عجلة النمو الاقتصادي".

ورأى أنه "ينبغي على "اللجنة الاستشارية للهجرة"  Migration Advisory Committee (هيئة غير حكومية تقدم المشورة للحكومة في شأن قضايا الهجرة) أن تنظر مرة أخرى في إضافة أدوار إضافية إلى قائمة المهن - خصوصاً في ظل النقص الحاد في سوق العمل - تماماً كما فعلت مع قطاع الرعاية الاجتماعية للبالغين".

جاين غراتون، رئيسة تنسيق السياسات المتعلقة بالأفراد لدى "غرف التجارة البريطانية" British Chambers of Commerce، دعت هي أيضاً إلى التوسع في القائمة لتشمل مزيداً من الوظائف لذوي المهارات المكتسبة ما دون مستوى الشهادة الثانوية العامة "المستوى أ"  A-level، والذين حصلوا على تدريبات مهنية متقدمة، "حيث هناك دليل واضح على وجود نقص وطني حرج، من شأنه أن يلحق الضرر باقتصاد البلاد".

وكان قد سبق لرئاسة الحكومة أن وجهت انتقادات حادة إلى الوزيرة برافرمان لمطالبتها بانسحاب المملكة المتحدة من "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" European Convention on Human Rights، الأمر الذي استبعدته رئيسة الحكومة تراس.

في المقابل، أثارت وزيرة الداخلية استياء رئاسة الوزراء باتهامها الوزير السابق مايكل غوف بتنظيم "انقلاب"، وذك بعدما قاد تمرداً ناجحاً على خطة وزير الخزانة، انتهى بتراجع الأخير عن إلغاء معدل 45 في المئة من ضريبة الدخل، المتعلق بأصحاب الدخول الأعلى.

متحدث باسم الحكومة رفض التعليق على ما يدور من حديث عن انقسام بين الوزراء، لكنه قال إن "الناس على حق عندما يتوقعون منا السيطرة على مسألة الهجرة، وأن يكون لدينا نظام يضمن مصلحة المملكة المتحدة".

وختم بالقول: "لهذا السبب قمنا بتأسيس نظام قائم على النقاط، يضمن من جهة حصولنا على المهارات والمواهب المناسبة لدعم اقتصادنا وتنميته، ويشجع من جهة أخرى الشركات على الاستثمار في طاقات الشعب البريطاني".

© The Independent

المزيد من تقارير