Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملة دعائية بكلفة 90 ألف جنيه استرليني لردع المهاجرين من القدوم إلى بريطانيا

حصري: أعلن عن الحملة بعد إبرام صفقة رواندا لكن المنشورات على "فيسبوك" و"إنستغرام" لم تأتِ على ذكر رواندا

منذ إطلاق الحملة في يونيو (حزيران) الماضي، وصل البلاد 20 ألف مهاجر على متن قوارب صغيرة (غيتي/الحكومة البريطانية)

أنفقت الحكومة ما يقارب من 90 ألف جنيه استرليني لوضع إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ثلاثة أشهر تهدف إلى ردع عمليات عبور القنال الإنجليزي. المفارقة هو أن أعداد المهاجرين ارتفعت لتبلغ معدلات قياسية خلال الفترة نفسها.

وكان المهاجرون في كل من شمال فرنسا وبلجيكا هدف تلك المنشورات الممولة على موقعي "إنستغرام" و"فيسبوك"، والتي حملت رسائل كتبت بعدة لغات ومن بينها: "قد تموت أثناء محاولتك العبور إلى المملكة المتحدة"، و"لا تثق بعصابات التهريب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تعليقها على الموضوع، اعتبرت المنظمات الخيرية هذه الإعلانات "عقيمة وعبثية" بعد أن رفضت مجموعات عدة متخصصة طلب وزارة الداخلية المساعدة "على فهم وجهات تصور المهاجرين" تحضيراً للحملة.

وكشف طلب تقدمت به "اندبندنت" للحصول على معلومات بموجب قانون حرية المعلومات إنفاق مبلغ يتخطى 87 ألف جنيه استرليني (94 ألف دولار أميركي) على الحملة حتى الآن، فيما يصل "المبلغ الكامل المتوقع" إلى 100 ألف. وقد يرتفع هذا الرقم في حال الحصول على موافقة الوزراء.

منذ إطلاق الحملة في يونيو (حزيران) الماضي، وصل البلاد 20 ألف مهاجر على متن قوارب صغيرة، فيما فاق عدد المهاجرين الإجمالي لعام 2022 كل السنوات السابقة.

أعلن عن هذه الحملة الإعلانية بعد توقيع [وزيرة الداخلية حينئذ] بريتي باتيل اتفاقاً يقضي بإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا في أبريل (نيسان) الماضي. حينها قال مصدر حكومي لصحيفة "مايل أون صنداي" إن الحملة "ستخبر الناس بأن القوانين قد تغيرت وأنهم إن وصلوا المملكة المتحدة بطرق غير شرعية، فقد يتم ترحيلهم إلى رواندا".

لكن جواب وزارة الداخلية بموجب قانون حرية المعلومات يظهر بأن هذا المشروع [الترحيل إلى رواندا] لم يذكر في أي من الإعلانات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو معلق موقتاً وسط عديد من الطعون القضائية غير المحسومة بعد. مع العلم أن قيام طالب اللجوء بالنقر على زر "مزيد من المعلومات" في المنشورات، سيقود إلى موقع إلكتروني حكومي يذكر اتفاق رواندا في منتصف الصفحة.

ويرد في ذلك الموقع النص التالي: "ابتداءً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2022، سوف ينظر في موضوع ترحيلكم إلى رواندا في حاول وصولكم إلى المملكة المتحدة عبر طرق غير قانونية من خلال عبوركم بلداً آمناً أو كان لديكم صلة مع أشخاص في بلد آمن".

لم يرحل أي شخص إلى رواندا بعد، فيما أحبطت أول محاولة لتسيير رحلة جوية، حملت على متنها طالبي لجوء مقيدين ومربوطين بمقاعدهم بعد أن أقدموا على إيذاء أنفسهم وهددوا بالانتحار. الرحلة الجوية كانت قد حظرت بموجب أوامر قضائية أصدرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.  

وتركز منشورات أخرى ضمن حملة وزارة الداخلية على العقوبات القضائية الجديدة المفروضة على عبور القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة، مع أن الحكومة لم تؤكد بعد إن كان أي شخص قد أخضع للمحاكمة بموجب قانون الجنسية والحدود.

ويذكر أحد الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي أن "الإجراءات الجديدة" تصعب البقاء في المملكة المتحدة فيما يزعم آخر "قد تسجن لمدة أربع سنوات وترحل بسبب وصولك إلى المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية".

يتضمن موقع الحكومة الموجود في الرابط قائمة بـ"الطرق الآمنة والقانونية للوصول إلى المملكة المتحدة"، لكن أياً منها لا ينطبق على طالبي اللجوء الذين وصلوا بالفعل إلى أوروبا وليس لديهم أفراد عائلة مقربين في بريطانيا.

ترسل هذه الإعلانات من حسابات وزارة الداخلية على "فيسبوك" و"إنستغرام"، باللغات الألبانية والعربية والفارسية والكردية والباشتو والفيتنامية، وتحمل ختم الحكومة البريطانية.

هذا وقد وجهت انتقادات عديدة إلى حملة حكومية سابقة هدفت إلى التأثير في رأي المهاجرين بعد أن كشفت "اندبندنت" عن أنها تستخدم موقعاً بدا وكأنه تابع لمنظمة خيرية [يدعى الموقع "أون ذا موف"] يزعم "تقديمه معلومات مجانية وموثوقة ومهمة للمهاجرين العابرين".

لم يعلن بعد عن أي تقييم لفاعلية تلك الحملة فيما مسح موقع "أون ذا موف" (في الطريق) بعد انتهاء عقد وزارة الداخلية مع الشركة المسؤولة عن الموقع "سيفار" والتي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

كلفت شركة الأبحاث "بريتن ثينكس" Britain Thinks بتنفيذ المشروع الحالي، إلى جانب وكالتي ستوري يو كاي (Story UK) ومانينغ غوتليب (Manning Gottlieb).

وفي يونيو (حزيران) الماضي، كشفت منظمات خيرية عدة عن أنها تلقت بريداً إلكترونياً يطلب المساعدة في حملة تهدف إلى "الوصول إلى المهاجرين غير الشرعيين المحتملين لتحذيرهم من أخطار الهجرة غير القانونية- ولا سيما عن طريق العبور في قوارب صغيرة- وتشجيعهم على البحث عن بدائل آمنة وقانونية- أو طلب التماس اللجوء في الدول التي يوجدون فيها".

وقالت منظمات عدة إنها رفضت مقابلة بريتن ثينكس للتحدث عن تصور طالبي اللجوء عن المملكة المتحدة وإدراكهم قوانينها. ومن بين تلك المنظمات، ريفيوجي آكشن (Refugee Action) التي ناشدت وزيرة الداخلية الجديدة، سويلا برايفرمان، أن "تتعلم من إخفاقات سلفها" وأن تؤسس بدائل لعبور القنال.

وعن هذا قال الرئيس التنفيذي للمنظمة تيم ناور هيلتون: "يخاطر الناس بحياتهم في سبيل طلب اللجوء في المملكة المتحدة لأسباب يمكننا أن نتفهمها جميعاً - إما من أجل التئام شملهم مع عائلتهم وجاليتهم، أو لأنهم يتحدثون الإنجليزية".

هيلتون أضاف: "سوف تفشل الإعلانات غير المدروسة والباهظة الثمن على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تركز على إبقاء الناس خارجاً - وتتجاهل حقيقة أن الأشخاص الراغبين بلم شملهم مع أسرهم سيفعلون المستحيل تقريباً لكي يصلوا إلى هنا".

وصرح المجلس المشترك لرعاية المهاجرين بأن الحكومة أخبرت "مراراً وتكراراً" أنه عليها تقليص الطلب على عبور القنال عبر توفير بدائل، حيث ذكر المتحدث باسم المجلس، رافيشان راهل موثياه، أن الحكومة اختارت عوضاً عن ذلك "أن تعاقب اللاجئين الذين يصلون إليها وتبذر كثيراً من المال على حملة تخويف عقيمة وعبثية موجهة ضد اللاجئين". وأضاف: "كنا نعلم من البداية بأن حملاتهم الدعائية الهادفة للتخويف قاسية ولن تنجح، ولهذا رفضنا طلب هذه الحكومة للمساعدة فيها".

ومن جانبها، قالت مؤسسة المنظمة الخيرية المعنية باللاجئين كير فور كاليه (Care4Calais) كلير موسلي، إن الحكومة تلقي بالناس في أحضان المهربين. وأضافت: "إن الأرقام القياسية لعمليات العبور بالقوارب الصغيرة هي نتيجة مباشرة لإخفاقات الحكومة نفسها ولا يمكن لأي دعاية يمولها المال العام، مهما بلغ، أن تغير هذه الحقيقة".

أما المتحدث باسم وزارة الداخلية، فقال إن الوزارة "ثابتة في التزامها بتعطيل طرق عمل مهربي الأشخاص" ووقف إزهاق مزيد من الأرواح في القنال الإنجليزي. وأضاف البيان الصادر عنه: "ليس لأزمة الهجرة العالمية حل واحد، ولن يحدث التغيير بين ليلة وضحاها، ولهذا السبب، تعمل الحكومة باستمرار على تطبيق سلسلة من الحلول المبتكرة. تهدف حملتنا الإعلامية الموجهة إلى ردع المهاجرين عن مغادرة الدول الأوروبية الآمنة وخوض رحلات قد تكون خطرة من أجل الوصول إلى المملكة المتحدة. ورسالة الحملة واضحة: لا تسلموا أرواحكم لمجرمين خطرين".

© The Independent

المزيد من دوليات