Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميشال عون في حقبتيه العسكرية والرئاسية من وإلى قصر بعبدا

تقلبات كثيرة فاجأت محازبيه قبل خصومه في محطات مفصلية من تاريخ لبنان

فاجأ حلف عون مع الحزب منذ عام 2006 اللبنانيين عموماً ومحازبيه من الطلاب وقدامى الناشطين خصوصاً (صفحة الرئاسة اللبنانية على فيسبوك)

وكأن التاريخ السياسي لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، الذي يغادر منصب الرئاسة في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، يعيد نفسه، إذ إنه بدءاً من 22 سبتمبر (أيلول) 1988 عند تكليفه تشكيل حكومة عسكرية انتقالية مع انتهاء ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل من دون انتخاب خلف له، شكل ذلك مؤشراً إلى انتقاله من القيادة العسكرية إلى القيادة السياسية، رافضاً حينها "اتفاق الطائف" ووجود الجيش السوري في لبنان، واليوم ومع دخوله الشهر الأخير من ولايته الرئاسية يبدو أن انتخاب بديل له لا يزال أمراً متعذراً كما هو متوقع.

وكانت مسيرة الرئيس عون السياسية بدأت من قصر بعبدا مع عصيانه على السلطة الناشئة عن "اتفاق الطائف"، وانتهت من قصر بعبدا الذي سيتركه مخلفاً أعداء أكثر من قبل، وبلداً في حالة انهيار مالي وإداري ومؤسساتي. وفي النهاية تبدو مسيرته السياسية بحروبها ومواقفها السياسية المتقلبة كلها مرتبطة بهذا القصر والوصول إليه.

أشعل الجيش السوري المهاجم جحيماً من القذائف من أجل إخراجه من قصر بعبدا في عام 1990 بمساعدة قسم من الجيش اللبناني الموالي للعماد إميل لحود (عاد وتبوأ سدة الرئاسة) على القصر الجمهوري.

اليوم وبعد عقدين من الزمن وبسبب قصر بعبدا ومن أجله، يسلم الرئيس المنتهية ولايته الجمهورية اللبنانية كلها في حالة "جحيم"، كما قال في أحد مؤتمراته الصحافية. وإذا كان للبنان "وجه عربي" فإن عون تمكن مع حليفه "حزب الله" من قطع كثير من صلات المودة مع الدول العربية وإلحاق لبنان بالمحور الإيراني. وفاجأ حلف عون مع الحزب منذ عام 2006 اللبنانيين عموماً ومحازبيه من الطلاب وقدامى الناشطين خصوصاً، إذ وجدوا أنفسهم فجأة حلفاء من كانوا أعداء الأمس، وذلك على رغم أنه كان قد وقف في الكونغرس الأميركي قبلها بنحو سنتين في سبتمبر 2003، مخاطباً النواب الأميركيين قائلاً إن "أي لبناني يتجرأ على التعرض أو مقاومة الھيمنة السورية تتم تصفيته، ولا يمكن فصل النظام السوري عن الإرھاب". وقيل حينها إنه كان أحد أركان القرار رقم 1559، الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي عام 2004، والذي نص على ضمان "انسحاب جميع القوات غير اللبنانية من لبنان، وحل جميع الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها".

من عهد إلى عهد وما بينهما

انجذب اللبنانيون إلى "الحالة العونية" في أواخر الثمانينيات، متحمسين لانتهاء الحرب الطويلة وتصفية الميليشيات التي تعيث خراباً. وتقدم قائد الجيش، رئيس الحكومة الانتقالية حينها، ميشال عون لهذه المهمة كـ"محرر ومنقذ للبنان واللبنانيين" تحت شعار "السيادة والاستقلال"، ومما أسهم في نمو شعبيته، إضافة إلى كونه قائد المؤسسة العسكرية، آخر مؤسسات الدولة اللبنانية الموحدة، أنه لم يكن خلال الحرب الأهلية زعيماً لميليشيا.

في كتابه "أقنعة المخلص" يقول الباحث والروائي اللبناني محمد أبي سمرا إن "الجنرال عون في إصراره المستميت على البقاء في القصر توسل وجهين، وجه ضمير اللبنانيين الحي طوال سنتين (1988-1990)، كان في أثنائهما صورة كرامتهم الوطنية. أي مخلصهم من هوان الاحتلال السوري الأسدي ومهاناته. والثاني وجه المخلص القادم لانتشالهم من محنة الميليشيات المسلحة التي أثقلت على حياتهم. ولهذا أشعل في عام 1989 (حرب التحرير) ضد القوات السورية، مستعيناً بجزء من الجيش اللبناني، والقوات اللبنانية، ثم أعلن الحرب الثانية في العام التالي وسميت (حرب الإلغاء)، وكانت مع القوات اللبنانية لنزع سلاحها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إلى الرئاسة بتوافق أو من دون توافق

بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في مايو (أيار) 2014، لم يكن الوضع السياسي في لبنان يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، ومع ترشح عون للرئاسة بدعم من "حزب الله" تم تعطيل كل جلسات الانتخاب التي لن تأتي به رئيساً، إلى أن اضطر إلى عقد اتفاق مع خصمين لدودين له هما "القوات اللبنانية" ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، الأمر الذي ضمن انتخابه رئيساً في عام 2016 بعد عامين ونصف العام من الفراغ في سدة الرئاسة.

قبل أن يصل إلى الرئاسة كان عون يعارض أن يحصل رئيس الجمهورية على حصة في الحكومة، لكن الأمور انقلبت حين وصل إلى بعبدا وصارت حصة الرئيس ضرورة.

وتدهورت العلاقات بين عون ومن دعمه للوصول إلى الرئاسة من حلفائه الطارئين، أي أخصامه الأبديين، هذا التدهور أنتج خلال عهده خمس حكومات واعتذارين عن تشكيل حكومة من قبل مصطفى أديب وسعد الحريري. وبقي الفراغ هو الحاكم الأكبر، إذ سجل من أصل ست سنوات (مدة الولاية) نحو ثلاث سنوات من الفراغ في السلطة التنفيذية بسبب تفسير الرئيس عون وفريقه صلاحيات الرئيس في تشكيل الحكومة وحصته فيها. وعلى رغم الفراغ المديد فإن فريقه من المقربين تمكنوا خلال فترة ولايته عبر استخدام سلطاته من الاستحواذ على مراكز مهمة وحساسة في الدولة، عدا المراكز المدرة للأموال عبر الصفقات والمشاريع، وعلى رأسها وزارتا الطاقة والاتصالات. وعمل على زرع مواليه وأتباعه في مؤسسات الدولة والحكم والإدارة تحت رعاية أقاربه وأهل بيته وأصهاره.

الديكتاتورية العائلية والمالية

المتضرر الأكبر بعد الشعب اللبناني من مغامرات الرئيس عون على مر العقود هم محازبو "الجنرال" القدامى من الطلاب والجامعيين والناشطين، الذين على رغم قلة عددهم الظاهر في اعتصاماتهم وتظاهراتهم المناوئة للاحتلال السوري للبنان شكلوا نواة ما سيصبح لاحقاً "التيار الوطني الحر"، وهو الحزب الذي يرأسه اليوم صهر عون النائب جبران باسيل.

وتأثير هؤلاء الناشطين في تحركاتهم داخل الجامعات لم يكن يمر من دون ثمن يدفعونه في زمن القبضة الأمنية السورية على لبنان، كما حدث في حملة الاعتقالات التي طالتهم مع نظرائهم من حزب "القوات اللبنانية" في 7 و9 أغسطس (آب) 2001. وكان الجنرال المنفي في باريس يستفيد من نضالات محازبيه الذين وجدوا أنفسهم بعد توقيع وثيقة "تفاهم مار مخايل" مع "حزب الله" مضطرين إلى الدفاع عن سوريا وعن استخدام لبنان ساحة للمعركة مع إسرائيل والتحالف مع رموز الوصاية السورية وأحزابها، والمشاركة في التعبئة الطائفية مثل الآخرين، والسطو على أموال الدولة بحجة التشارك والمحاصصة العادلة و"حقوق المسيحيين"، ثم راح الجنرال رويداً رويداً، بمعاونة صهره النائب جبران باسيل وفريقه، يقصي الطلاب والناشطين القدامى لصالح العسكريين القدامى الذين قاتلوا إلى جانبه.

المزيد من تقارير