Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة مرشح المعارضة التركية للرئاسة وأسبابها

يتعين على الأحزاب استغلال الفرصة للتخلص من الإدارة السلطوية القائمة وإلا ستنتقل في أرجاء البلاد والدول الجارة

رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو يحضر مسيرة مناهضة للحكومة في اسطنبول (أ ف ب)

تم تأكيد أن مرشح "التحالف الجمهوري" في تركيا هو الرئيس رجب طيب أردوغان، لكن لم يتم البت في تعيين مرشح "تحالف الأمة" المعارض إلى الوقت الحالي. ومع اقتراب موعد الانتخابات أصبحت مشكلة خطيرة وتحتاج إلى حل.

ويبدو أن زعيمي "تحالف الأمة" المعارض كمال كيليجدار أوغلو ومرال آكشنر يعتقدان أن فوز المعارضة في السباق الرئاسي مضمون، ولذلك بدلاً من التركيز على شخص بعينه، يركزان على المؤهلات التي يجب أن يتمتع بها من يخلف أردوغان في منصب الرئاسة.

ولكن عندما ننظر إلى رد فعل المجتمع التركي في الانتخابات، فإن الوضع مختلف إذ إن أولوية الجماهير المعارضة هي ترشيح شخص يمكنه أن يهزم أردوغان في صناديق الاقتراع. ومما يربك المواطنين المعارضين الزيادة في عدد المرشحين الذين احتلوا الصدارة حتى الآن في "الطاولة السداسية"، المعروف أيضاً باسم "تحالف الأمة".

فبينما يفضل أحمد داوود أوغلو وعلي باباجان وتمل كرمولا أوغلو (ذوو الخلفية الإسلاموية) أن يكون الرئيس السابق عبد الله غول مرشحاً، تميل رئيسة حزب الخير مرال آكشنر التي يغلب عليها طابع القومية المعتدلة إلى ترشيح عمدة مدينة أنقرة منصور يافاش أو عمدة إسطنبول أكرم أمام أوغلو.

وعلى الرغم من أن آكشنر تبدو وكأنها أعطت الضوء الأخضر لترشيح كمال كيليجدار أوغلو في الآونة الأخيرة، لكن ناخبي حزبها لم يقتنعوا بعد تماماً، وبالنسبة إلى حزب الشعب الجمهوري (اليساري) فإن مرشحهم الوحيد هو رئيسهم كمال كيليجدار أوغلو.

إضافة إلى هذا الصورة العامة، هناك نقطتان مهمتان سيكون لهما التأثير المباشر في تغيير المسار الانتخابي بشكل بارز؟

تتمثل الأولى في الناخبين الأكراد سواء كانوا موالين لحزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) أو غير داعمين له.

فإن رشح حزب الشعوب الديمقراطي هو أيضاً شخصاً للسباق الرئاسي فهذا يعني انشقاقاً كبيراً في صفوف المعارضة، بالتالي إعطاء فرصة ثمينة لأردوغان و"تحالف الجمهور" يقوده، بالتالي فمن المهم ألا يتهاون "تحالف الأمة" بالناخبين الأكراد ولا يقلل من تأثيرهم، ولكن لم يتم اتخاذ أية خطوات في هذا الصدد حتى الآن.

أما الأخيرة فهي أنه حتى يستطيع مرشح المعارضة منافسة أردوغان ينبغي أن يكون متمتعاً بشخصية كاريزمية، وقادراً على إقامة علاقة صحية مع الجماهير، وفي الوقت نفسه غير انتقامي وألا يتردد في فتح ملفات الفساد المتعلقة بعهد أردوغان السابق أمام القضاء، وكذلك ينبغي التأكد من أنه لا توجد بخصوص هذا الشخص في كواليس الدولة العميقة ملفات تم تجهيزها لتفجرها الحكومة عند إعلان ترشيحه.

عندما نفكر في ذلك هناك مرشحان بارزان، أكرم إمام أوغلو وكمال كيليجدار أوغلو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن إمام أوغلو يبدو أكثر جاذبية وليبرالية، إلا أن كمال كيليجدار أوغلو يتمتع أيضاً بمظهر أكثر موثوقية في المجتمع. بالطبع يحتاج حزب الشعب الجمهوري إلى التغلب على هذه الضبابية في تعيين المرشح، وأن يقوم بإدارة عملية الترشيح، باعتباره أكبر الأحزاب في التحالف المعارض.

وعلى الرغم من أنهم ارتكبوا أخطاء فادحة في الماضي بخاصة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي بمعارضتهم للقيم الدينية، إلا أن لديهم الآن قائداً على دراية بهذه الأخطاء. ويتمتع حزب الشعب الجمهوري بالذاكرة التاريخية والمؤسسية للعب هذا الدور القيادي، إذ لا تزال الذاكرة التأسيسية لتركيا في حزب الشعب الجمهوري.

وظهر كيليجدار أوغلو مراراً وتكراراً، خلال هذه الفترة الصعبة للغاية على أنه زعيم يعطي الأولوية لتركيا عموماً، وليس لحزبه أو شخصه. كما أنه أقام مسيرة العدالة إذ سار على قدميه من أنقرة إلى إسطنبول، في وقت كان ينظر فيه إلى كل أشكال المعارضة على أنها عداء للدولة.

وأنشأ "الطاولة السداسية" ولكن على الرغم من كونه المكون الأكبر للتحالف، لم يحاول للحظة واحدة إجبار جلسائه على قبوله اقتراحاته. حتى أن كون الطاولة مستديرة هو أيضاً مؤشر مهم يرمز إلى التكافؤ بين الجالسين في طرح عديد من الأفكار والطروحات والاستراتيجيات في سبيل التخلص من أردوغان.

اليوم يمكن التشكيك في سياسات كيليجدار أوغلو وحزب الشعب الجمهوري الذي يترأسه، ولكن إذا تمكن من التغلب على أزمة الترشيح من خلال إقناع الأكراد، واستطاع الحفاظ على تماسك الطاولة السداسية، فسيتم تذكره كقائد عظيم في نظر المجتمع، سواء ترشح هو شخصياً أو اقترح اسماً آخر كمرشح.

ومهما سمينا الفترة المقبلة (الفترة الانتقالية، فترة الخروج من النفق، مرحلة اجتياز العقبة) فإنه يتعين على أحزاب المعارضة أن تستغل الفرصة المتاحة أمامها للتخلص من هذه الإدارة السلطوية المبنية على أفكار الإسلام السياسي، التي تستقطب المجتمع عن عمد وتبث روح العداء بين صفوفها، وتتسبب في إحداث أزمات متتالية في السياسة الخارجية من دون جدوى. وإلا فإذا استمرت هذه الحكومة في الإدارة فإنها لن تزعج تركيا فحسب، بل ستزعج جيرانها أيضاً وبخاصة دول الشرق الأوسط.

المزيد من تحلیل