اعتباراً من 24 أغسطس (آب)، ستعتمد لندن قيوداً على استخدام المياه نتيجة موجة الجفاف الحالية، وفق ما أعلن أكبر مزوّد للمياه في البلد "تيمز ووتر".
وبموجب هذا القرار، سيتعذّر على حوالى 15 مليون شخص في العاصمة ومنطقة أكسفورد ريّ حدائقهم وملء أحواض السباحة التابعة لهم، كبيرة كانت أم صغيرة، وتنظيف السيارات والزجاج والباحات الداخلية باستخدام خراطيم المياه، وفق ما أفادت "تيمز ووتر".
وهذه المرة الأولى منذ 10 سنوات التي تشهد فيها لندن الرازحة تحت وطأة جفاف شديد، قيوداً على استخدام المياه.
وسبق لشركات مياه عدة أن أعلنت عن تدابير مشابهة، لا سيما في الجنوب وأيضاً في يوركشاير شمال شرقي إنجلترا. واتُخذت تدابير مماثلة أولى في الخامس من أغسطس، ومن المتوقع أن تطاول هذه القيود نحو 30 مليون شخص بحلول نهاية الأسبوع المقبل.
وأشارت "تيمز ووتر" إلى أن مستوى المياه في الخزانات والأنهر بات أدنى بكثير من العادة، في ظل انخفاض التساقطات في الأشهر الـ10 إلى 12 الماضية واشتداد الجفاف.
وأكدت الشركة التي وجهت إليها انتقادات بسبب تسرّبات كثيرة في شبكة المياه، أنها تعمل على حل هذه المشكلة.
وفي 12 أغسطس، أعلنت حالة الجفاف في جزء كبير من إنجلترا، بما في ذلك لندن. وسجلت بريطانيا حرارة قياسية في يوليو (تموز) وصلت إلى 40.3 درجة مئوية.
وبعد موجة حر أخرى الأسبوع الماضي، ضربت عواصف رعدية جنوب البلد في الأيام الأخيرة، فحذّرت السلطات من خطر الفيضانات كون التربة جافة جداً لامتصاص المياه.
نهر التيمز
وفي نهاية مسار ترابي في جنوب غربي إنجلترا حيث كان ينبع نهر التيمز من الأرض، لا توجد حالياً أي علامات على الرطوبة، فقد أدى الجفاف الحاد إلى تغيير منبع هذا النهر ذي الرمزية الكبيرة لبريطانيا على بعد كيلومترات عدة من مجرى النهر.
ويقول عالم الكمبيوتر البالغ 62 سنة مايكل ساندرز، الذي جاء مع زوجته للسير في "طريق التيمز"، وهو مسار محدد يتبع مجرى النهر المتعرج، "لم نعثر على نهر التيمز بعد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوضح لوكالة الصحافة الفرنسية خلال لقاء معه في قرية أشتون كيز على بعد بضعة كيلومترات من المصدر، "إنه جاف تماماً. هناك برك وطين، لكن لا توجد مياه تتدفق حتى الآن، ونأمل في أن نجد نهر التيمز في اتجاه مجرى النهر، لكننا لم نجد شيئاً حتى الآن".
وفي هذه المنطقة الخلابة عند سفح تلال كوتسوولد، على مقربة من ويلز، ينشأ النهر من نتوء في منسوب المياه الجوفية، قبل أن يتعرج لحوالى 350 كيلومتراً باتجاه بحر الشمال، ليمرّ في طريقه في العاصمة البريطانية.
لكن لأولئك الذين كانوا يشبّهون عادةً الريف الإنجليزي بملعب غولف شاسع، فإن صدمتهم شديدة هذا الصيف، بعد جفاف غير مسبوق تقريباً خلال الشتاء والربيع الماضيين منذ بدء السجلات.
ويقول المتقاعد الستيني ديفيد غيبونز خلال المشي مع زوجته واثنين من أصدقائه في الطريق المعاكس لمايكل، من مصب النهر باتجاه المصدر، "الأمر أشبه بالمشي عبر السافانا الأفريقية، الموقع جاف للغاية".
"المستنقعات الأفريقية"
وعلى بعد بضع مئات الأمتار من الهدف، يبدي غيبونز دهشته بالكائنات البرية التي واجهها وهو في طريقه فوق الممر المائي الذي يتحول من شريان استراتيجي وصناعي صالح للملاحة في منطقة لندن، إلى منطقة جذب سياحي للراغبين في الاستمتاع بمنظر النهر ومراقبة الطيور عند المصب.
ويضيف، "لكن خلال اليومين أو الثلاثة الماضية، لم نرَ أي حيوانات بسبب عدم وجود مياه. اختفت على مساحة تقرب من عشرة أميال (16 كيلومتراً) من هنا".
ويوضح أندرو جاك، وهو موظف إقليمي يبلغ 47 سنة يعيش على بعد حوالى 15 كيلومتراً من أشتون كينز التي يمكن الوصول إليها عبر طرق ريفية ضيقة تتخللها منازل حجرية، "لم نرَ يوماً من قبل النهر جافاً وفارغاً بهذا القدر".
وبين شارع القرية الرئيسي والمباني الجميلة، يعج قاع النهر الذي تعلوه جسور صغيرة، بشقوق تحلق فوقها الدبابير، ما يذكّر بمشاهد المستنقعات الأفريقية في مواسم الجفاف.
لكن غيبونز يرفض الاستسلام للذعر ويقول، "عشت في إنجلترا طوال حياتي، لقد عانينا من الجفاف من قبل"، مضيفاً "أعتقد أن الموقع سيعاود الاخضرار بحلول الخريف".
أما أندرو جاك الذي أتى مع عائلته للمشي على طول مجرى النهر، فيبدو أكثر تشاؤماً ويقول، "هناك الكثير من الإنجليز الذين يقولون في أنفسهم "هذا رائع، دعنا نستفد من الطقس"... ولكن هذا يعني أن شيئاً ما قد تغير، وإلى الأسوأ".