Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بريطانيا الاستعداد لمواجهة مزيد من الجفاف والحر والحرائق

"إذا واصلنا التباطؤ لبلوغ هدف تصفير الانبعاثات فسيزداد الأمر سوءاً بشكل كبير" يقول الخبراء

شخص يعبر جسراً قديماً كشفه انخفاض مستوى المياه داخل خزان بايتينغز في يوركشاير (أ ب)

حذر العلماء من أن فصول الصيف التي تتسم بمزيد من الحرارة والجفاف وحرائق الغابات ستشكل الواقع الجديد في بريطانيا مع إحكام الأزمة المناخية بقبضتها على الكوكب.

وبحسب العلماء وخبراء السياسات البيئية، شكل هذا الصيف الذي شهد موجات جفاف في أنحاء واسعة من انجلترا واندلاع حرائق غابات مستعرة وارتفاع درجات الحرارة التي تخطت 40 درجة بمجرد لمحة عما سينتظرنا، فمن المتوقع أن تصبح موجات الحر وتدني مستويات المياه في شكل خطر أكثر تواتراً وحدة ما لم تتوقف البشرية عن الإسهام في انبعاثات غازات الدفيئة.

وفي هذا السياق، يقول بوب وارد مدير السياسة في "معهد غرانثام" لبحوث تغير المناخ والبيئة في كلية لندن للاقتصاد، "خلال 30 عاماً ستكون هذه الفترة التي نعيشها الآن معتدلة نسبياً مقارنة بما سنختبره في العام 2050، ويجب أن يدرك الناس بأن الأمر سيزداد سوءاً [يتفاقم]".

وحتى إذا توقف العالم عن إصدار كافة غازات الدفيئة غداً، يحذر العلماء بأن الظروف المتطرفة التي يختبرها الناس حول العالم لن تتحسن إلا إذا تمت إزالة كثير من الكربون في الجو.

وفي سياق متصل تقول هانا كلوك وهي أستاذة في علم المياه في جامعة ريدينغ، "نحن مسجونون في دوامة [ندور في دائرة مفرغة] ولن يتحسن الأمر فقد بلغنا مرحلة قمنا خلالها برفع حرارة الكوكب، ولا يوجد شيء يمكن أن نفعله حيال ذلك الآن، وخيارنا اليوم قائم على المدى الذي نترك فيه هذه الحال تتمادى، فهذا هو واقعنا حالياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتصبح موجات الحر أكثر حدة وتواتراً في أنحاء الكوكب بسبب التدهور المناخي، أي الطقس المتطرف الذي يسببه احترار الكوكب، وهو أمر ناجم عن النشاط البشري.

وبحسب العلماء فقد جعل هذا الأمر الحر الشديد الذي شهدته المملكة المتحدة الشهر الماضي أكثر احتمالاً بـ 10 أضعاف على الأقل، ومن المثير للقلق بشكل كبير أن العلماء لمسوا ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا الغربية بوتيرة أسرع مما توقعته النماذج البيئية.

وفيما لا يزال من السابق لأوانه معرفة إن كان الجفاف هذا العام مدفوعاً بالأزمة المناخية أو إلى أي مدى، يقول العلماء بأن الاحترار العالمي يعني بأن الجفاف في المملكة المتحدة سيحدث بوتيرة أكبر مع ارتفاع درجات الحرارة، كما أن حالات الجفاف الزراعي التي تحدث غالباً في غضون عام واحد بسبب قلة الأمطار وزيادة التبخر بدءاً من فصل الربيع، ستزداد عندما تصبح فصول الصيف أشد حراً وجفافاً نتيجة انهيار النظام البيئي، بحسب ما أفاد به نايجل أرنيل بوفسور علوم النظام المناخي في "جامعة ريدينغ".

ويشرح أرنيل أنه من المتوقع أن تصبح موجات الجفاف التي تؤثر في الأنهار والمياه الجوفية وبالتالي في إمدادات المياه العامة، أكثر تواتراً نتيجة لفصول الربيع والخريف الحارة، مما يعني أن التربة تكون أكثر جفافاً لوقت طويل، ولذلك فعندما تهطل الأمطار تكون فرصة تغلغل المياه إلى خزانات المياه الجوفية أو توليد تدفق تيارات المياه ضئيلة بشكل كبير.

وأضاف أنه حتى وإن توقع علماء المناخ بأن فصول الشتاء ستكون في المعدل أكثر رطوبة ودفئاً، فلن يتمكن هطول مزيد من الأمطار في تعويض الرطوبة والحر خلال فصول الربيع والخريف.

كما أن الاختلاف الجغرافي يشكل عنصراً مهماً، ففي جنوب شرقي انجلترا تمتلئ مصادر المياه الجوفية عادة من خلال تسرب مياه الشتاء إليها، ولكن في مناطق أخرى قد تتجدد الأنهار والخزانات في أوقات أخرى من العام.

فضلاً عن ذلك تهيئ فصول الصيف الأكثر حراً وجفافاً الأرضية المناسبة لاندلاع مزيد من حرائق الغابات، إذ يقول رجال الإطفاء إنهم ظنوا بأن أمامهم متسعاً من الوقت للاستعداد للتغير في المناخ.

وفيما لا يعني هذا التدهور المناخي أن كل عام سيكون مشابهاً للعام 2022، إلا أن موجات الحر الشديد والشح في المياه التي ترسي الظروف المواتية لاندلاع حرائق الغابات وانتشارها، ستصبح ظواهر أكثر تواتراً في الحصول.

ويقول وارد، "لا يكون أي شيء مرتبطاً بهذا الأمر مستقراً، فقد أوجدنا عالماً غير مستقر وعلينا أن نعتاد على ذلك. إنها نتيجة بطئنا في خفض الانبعاثات، وها نحن اليوم ندفع الثمن وهذا الثمن سيدفع من خلال أضرار كبيرة ومزيد من الخلل والأذى الذي سيلحق بالحياة وسبل العيش".

 

وفي هذا الصدد يقول العلماء إنه بهدف تجنب التداعيات الكارثية للاحترار العالمي، يحتاج العالم إلى بلوغ هدف تصفير انبعاثات الكربون، أي إلى النقطة التي تصبح فيها كمية غازات الدفيئة التي ينتجها الإنسان وتنبعث في الجو معادلة للكمية التي تخرج منه، ويتم ذلك من طريق خفض انبعاثات الكربون لتقترب من الصفر قدر الإمكان، وثم استخدام وسائل احتجاز الكربون وتخزينه لموازنة الانبعاثات الباقية التي لا يمكن للبشرية إيقافها، سواء من خلال المخازن الطبيعية مثل الأشجار أو باستخدام تكنولوجيا من صنع الإنسان.

وبهدف معالجة الضرر الذي سبق وألحق بالبيئة، يتوجب إخراج كميات كبيرة من الكربون من الجو، وفي غضون ذلك، وبهدف التأقلم مع هذا الواقع الجديد، يعتبر العلماء وخبراء السياسة البيئية أن المملكة المتحدة بحاجة إلى ترشيد استخدام المياه التي تملكها من خلال بناء خزانات جديدة وتركيب وصلات أفضل بين الخزانات وتغيير طريقة استخراجنا للمياه ومعالجة التسرب.

كما يتوجب على البلاد أن تكبح الطلب من خلال عدم استخدام مياه الشرب في الأنابيب والمراحيض وإعادة تدوير المياه، والمطالبة بمعايير كفاءة استخدام المياه على السلع البيضاء الجديدة [الأجهزة المنزلية الكهربائية الكبيرة]، وضمان معايرة مياه المنازل وربما تغيير طريقة تعرفة المياه.

ويضيف كلوك أنه سيتوجب أيضاً على الزراعة أن تتأقلم مع ذلك من خلال زراعة محاصيل جديدة تقاوم الحر والجفاف بشكل أفضل، وبوسع المملكة المتحدة أن تعيد تأهيل الأراضي الرطبة لضمان بقاء المياه في التربة خلال الصيف.

ويختم وارد بالقول، "لم تروا شيئاً بعد، وإذا استمررنا بالتباطؤ في بلوغ هدف تصفير الانبعاثات، فسيزداد الأمر سوءاً بشكل كبير".

 نشر في اندبندنت بتاريخ 15 أغسطس 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة