تعتزم الولايات المتحدة إزالة 5 جماعات متطرفة من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، يعتقد أنها لم تعد موجودة أو ناشطة، وهي منظمات شكّلت في الماضي تهديدات كبيرة، وتسببت في مقتل المئات، إن لم يكن آلاف من الناس في جميع أنحاء آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
ووفقاً لوسائل إعلام أميركية، فإن المنظمات الخمس هي الجماعة الإسلامية المسؤولة عن اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات وحملة من الاعتداءات التي استهدفت قوات الأمن المصرية والسياح في مصر خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، وجماعة "مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس"، وهي جماعة تبعتها عدة جماعات مسلحة في غزة، وأعلنت مسؤوليتها عن عديد من الهجمات الصاروخية على إسرائيل عام 2012، وجماعة "كهانا حي" اليهودية المتطرفة، المسؤولة عن قتل مصلين فلسطينيين في الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994.
كما تشمل الإعفاءات من قائمة الإرهاب منظمة "إيتا"، أو أرض الباسك والحرية، وهي جماعة انفصالية شنّت سلسلة من التفجيرات والاغتيالات في شمال إسبانيا وأماكن أخرى على مدى عقود أسفرت عن مقتل أكثر من 800 شخص وإصابة الآلاف، حتى إعلان وقف إطلاق النار في عام 2010، وحلها بعد اعتقال ومحاكمة آخر قادتها في عام 2018.
ومن آسيا، جماعة "أوم شينريكيو"، أو "الحقيقة العليا" اليابانية التي نفذت هجوماً مميتاً بغاز السارين على مترو أنفاق طوكيو في عام 1995، مما أسفر عن مقتل 13 شخصاً وإصابة مئات آخرين. واعتُبرت الجماعة غير موجودة إلى حد كبير منذ إعدام كبار قياداتها، بما في ذلك الزعيم شوكو أساهارا، في عام 2018.
وأفادت وكالة "أسوشييتد برس" أن وزارة الخارجية الأميركية أخطرت الكونغرس، منذ نهاية الأسبوع الماضي، بخطوتها بشأن حذف المنظمات الخمس من قائمة الإرهاب، إذ يُلزم القانون الأميركي وزير الخارجية بمراجعات كل خمس سنوات لنشاط الجماعات المصنفة ضمن القائمة.
وتأخذ المراجعات في الاعتبار ما إذا كانت الجماعات المصنفة لا تزال نشطة، وما إذا كانت قد ارتكبت أعمالاً إرهابية خلال السنوات الخمس الماضية، وما إذا كان حذفها أو الاحتفاظ بها في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. وبموجب القانون الذي تستند عليه القائمة، يمكن لوزير الخارجية حذف الجماعات التي يرى أنها لم تعد تتوافق مع معايير التصنيف.
مبادرة نبذ العنف
وفي تعليقات لـ"اندبندنت عربية" أوضح ماهر فرغلي، الكاتب والباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، أنه من الناحية العملية، فإن الجماعة الإسلامية لم تمارس العنف مطلقاً منذ "مبادرة نبذ العنف" التي جرى تبنّيها في نهاية عام 1997، لذا لم يكن هناك داعٍ للبقاء على تصنيفها ضمن قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن التصنيف منذ البداية لم يكن له تأثير يُذكر على تمويل الجماعة لأنه، في نهاية المطاف، فإن عملية التمويل تتم من خلال أشخاص، وليس باسم الجماعة. وأضاف أن قيادات الجماعة الإسلامية عملت بشكل حر على مدار العقود الماضية، ويتحركون بحرية في قطر وتركيا ودول أوروبية عدة، بما في ذلك بريطانيا، مما يؤكد أن التصنيف لم يكن مؤثراً.
وبعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 أسّست قيادات الجماعة الإسلامية حزب البناء والتنمية، كذراع سياسية للجماعة، قبل أن يتم حله بموجب حكم قضائي مصري عام 2020، استناداً إلى ثبوت تمويله للجماعات الإرهابية، وانتماء عدد من الجماعات له، إضافة إلى مخالفته القواعد المقررة بنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية. ووفقاً لما جاء في نص القرار، آنذاك، فإنه ثبت من خلال المذكرة المقدمة من لجنة الأحزاب انتخاب الحزب للهارب خارج البلاد طارق الزمر القيادي بتنظيم الجماعة الإسلامية، رئيساً له، وهو المُدرج ضمن قوائم الأفراد والكيانات الإرهابية المرتبطة بدولة قطر، علاوة على أنه يُحاكم غيابياً في قضية التجمهر المسلح لجماعة الإخوان بمنطقة رابعة العدوية.
وبينما ينطوي القرار الأميركي على رفع العقوبات التي كانت مفروضة مُسبقاً على تلك الجماعات بما في ذلك القيود على التمويل، يشير فرغلي إلى أنه من الناحية العملية فإن مصر تفرض رقابة على أي أموال لمثل هذه الجماعات، وعناصرها الهاربين في الخارج والمُدرجين ضمن القوائم الأمنية للدولة المصرية.
عائلات الضحايا
وعلى الرغم من أن المجموعات لم تعد نشطة الآن، يشير مراقبون إلى أن القرار حساس سياسياً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والدول التي عملت فيها المنظمات، ويمكن أن يثير انتقادات من الضحايا وعائلاتهم الذين ما زالوا يتعاملون مع خسائر أحبائهم. وقال مسؤولون أميركيون مطلعون على الأمر إن القرارات لم تُتخذ إلا بعد استشارة المُشرّعين قبل عدة أشهر حول ما إذا كان ينبغي المضي قدماً في المراجعات الأخيرة التي مدتها خمس سنوات.
وكتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الإشعار المقدم للكونغرس، أنه "استناداً إلى مراجعة السجل الإداري الذي تم تجميعه في هذه المسألة وبالتشاور مع المدعي العام ووزير الخزانة، أقرر أن الظروف التي كانت أساس التصنيف قد تغيرت بطريقة تبرر إبطاله".
ووفقاً لـ"أسوشييتد برس"، فإن حذف التنظيمات من قائمة الإرهاب له تأثير فوري يتمثل في إلغاء مجموعة من العقوبات التي استلزمتها التصنيفات، وتشمل تجميد الأصول وحظر السفر، إضافة إلى حظر أي أميركي من تزويد الجماعات أو أعضائها بأي دعم مادي. وفي الماضي، تم تعريف توفير الدعم المادي على نطاق واسع ليشمل المال أو المساعدة العينية، وحتى الرعاية الطبية في بعض الحالات.
ويتزامن القرار الأميركي مع نقاش مثير للانقسام بشكل متزايد في واشنطن ودول أخرى حول ما إذا كان ينبغي إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، كجزء من جهود التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وهو الأمر الذي يرفضه الكونغرس.