Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تخضع أميركا لرفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب؟

مسؤولون سابقون كبار من أوروبا حثوا طهران وواشنطن على إبداء مزيد من المرونة لإتمام الاتفاق النووي

وفد الاتحاد الأوروبي في اجتماع للجنة المشتركة لمفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني بفيينا (أ ف ب)

يبدو أن الأيام المقبلة ستحمل تطورات سياسية مثيرة في واشنطن، وسط اتجاه من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لتقديم تنازل صعب لطهران، من أجل إتمام التوصل إلى اتفاق نووي جديد، فيما تتزايد التحذيرات الغربية من نفاد الوقت مع اقتراب إيران من تطوير قدراتها النووية لإنتاج الأسلحة.

الأسبوع الماضي، أفادت شبكة "إن بي سي نيوز"، نقلاً عن مصادر لم تسمِّها، أن الإدارة الأميركية عرضت اقتراحاً بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمتها للمنظمات الإرهابية، وهو التصنيف الذي فرضته إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضمن مجموعة من العقوبات القاسية، مقابل تأكيدات من إيران بعدم الانتقام من المسؤولين الأميركيين بعد مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني في غارة أميركية على بغداد عام 2020. ووفقاً للمصادر، فإن طهران رفضت الاقتراح الأميركي وردت قبل نحو أسبوعين باقتراح مضاد، فيما لا تزال التفاصيل غير واضحة.

وفرضت إدارة ترمب أكثر من 1000 عقوبة على إيران ضمن حملة الضغط القصوى، بعدما أعلنت الانسحاب من الاتفاق النووي الذي عقدته إدارة باراك أوباما وقوى دولية ست مع طهران عام 2015، مشيرة إلى أن الاتفاق به من ثغرات عدة من بينها أنه لم يقضِ بنهاية البرنامج النووي الإيراني بل حدد المدة، ما يعني عودة طهران بعد انقضاء فترة الاتفاق لاستئناف أنشطتها النووية، إضافة إلى عدم تناوله قضية الصواريخ الباليستية.

ضغوط أوروبية

انسحب ترمب من الاتفاق عام 2018 وأدرج الحرس الثوري الإيراني على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية أجنبية عام 2019. ومع وصول المفاوضات التي تهدف لإحياء الاتفاق النووي إلى طريق مسدود بشأن العقوبات، تبدو ضغوط من الحلفاء الأوروبيين ومراكز الأبحاث الليبرالية على البيت الأبيض لتقديم تنازلات لسرعة إتمام اتفاق مع إيران في ظل مواصلة عمليات تنشيط اليورانيوم بدرجة تقرّبها من إنتاج أسلحة نووية.

ففي خطاب مفتوح نشرته مراكز أبحاث غربية عدة، بينها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، حذر دبلوماسيون سابقون بارزون، بمن فيهم سبعة وزراء خارجية ودفاع بريطانيون سابقون، من أن المحادثات النووية الإيرانية تتجه إلى "مأزق مدمر يتحوّل إلى دائرة من التوتر النووي المتزايد"، وحثوا طهران وواشنطن على إبداء مزيد من المرونة. وقال الدبلوماسيون السابقون إن نص المسودة النهائية للاتفاق جاهز للتوقيع وحذروا من أن "إفلات القادة الأميركيين والأوروبيين فرصة نزع فتيل أزمة نووية في الشرق الأوسط سيكون خطأ فادحاً".

يشمل الموقعون على الرسالة المفتوحة، التي نسقتها شبكة القيادة الأوروبية، دبلوماسيين كباراً سابقين في 14 دولة، بمن في ذلك وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو، ووزيرا الدفاع السابقين لورد كينغ وديس براون، إضافة إلى وزير الشرق الأوسط السابق عن حزب المحافظين أليستير بيرت، جنباً إلى جنب مع وزراء ودبلوماسيين كبار من دول أوروبية أخرى، بينهم وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر، ووزير الدفاع الإيطالي السابق جيامباولو دي باولا.

وألقى الموقعون على الرسالة باللوم على ترمب في ما وصفوه بـ "إرث خطأ ترمب الاستراتيجي" في الانسحاب من الاتفاق النووي، "الذي يمكن قياسه بأطنان من اليورانيوم المخصب التي تراكمت لدى إيران منذ ذلك الحين، بما في ذلك اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من إنتاج الأسلحة، داخل آلاف أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، في إطار زمني يتضاءل بسرعة للوصول إلى قدرات (نووية)".

وداخل الولايات المتحدة، يتهم منتقدون إدارة ترمب بتعمّد تقديم "حبة سامة" من شأنها أن تجعل من الصعب على خليفته استعادة الاتفاق، في إشارة إلى خطوة تصنيف الحرس الثوري الإيراني.

عقوبات الإرهاب

ومع ذلك، فإن واشنطن تقول إن العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني لا تتعلق بالاتفاق النووي، ولكن بسلوكه الإرهابي طويل الأمد في المنطقة، بما في ذلك بسوريا والعراق ولبنان واليمن. وتتهم الحكومة الأميركية الحرس الثوري بقتل مئات من قواتها في العراق وتزويد القوات بالوكالة في سوريا ولبنان واليمن بالأسلحة والتدريب. وعلى مدى العقدين الماضيين، فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات ضد الحرس الثوري الإيراني والأفراد فيه بسبب برنامج الصواريخ الباليستية والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.

وأوضح ريتشارد غولدبرغ، الذي خدم في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في عهد ترمب والمستشار حالياً لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في تعليقات لشبكة "إن بي سي نيوز"، إن الدافع لفرض عقوبات إضافية ضد الحرس الثوري وكيانات أخرى جاء في البداية من الكونغرس، قبل أن تنسحب إدارة ترمب من الاتفاق النووي.

وعام 2015، عندما أيّدت إدارة أوباما الاتفاق، قال المسؤولون إن الولايات المتحدة ستحتفظ بسلطة فرض عقوبات على إيران لا علاقة لها ببرنامجها النووي، بما في ذلك استهداف المنظمات التي يُزعم أنها تدعم الإرهاب. وعام 2017، أيّد مشرعون من الحزبين تشريعات فرضت عقوبات جديدة على طهران، ووضعت الأساس لمعاقبة الحرس الثوري من قبل أي رئيس أميركي. لكن المسؤولين السابقين في إدارة أوباما، آنذاك، انتقدوا التشريع وحذروا من أنه ربما يقوّض الصيغة التي يقوم عليها الاتفاق النووي لعام 2015.

وقال غولدبرغ إن "المشكلة الأوسع هنا هي أن إدارة أوباما كانت مصرة على أن ليس هناك ما يمكن أن يمنع الولايات المتحدة من فرض عقوبات في ما يتعلق بالإرهاب والصواريخ وحقوق الإنسان"، ومن ثم قرر الكونغرس "اختبار الاقتراح"، والآن تصارع إدارة بايدن مع تداعيات ذلك.

مطالب بجلسة علنية

في حين يقول عدد من المسؤولين السابقين إن رفع تصنيف الإرهاب عن الحرس الثوري الإيراني لن يكون له تأثير عملي يذكر، إذ سيظل التنظيم خاضعاً لعدد لا يحصى من العقوبات الأميركية الأخرى، فإن الخطوة تحمل رمزية سياسية قوية بالنسبة إلى طهران وواشنطن ودول الشرق الأوسط. كما سيكون لها رد فعل سياسي قوي محتمل داخل الولايات المتحدة بالنسبة إلى إدارة بايدن والحزب الديمقراطي.

والأربعاء، بعثت مجموعة من القادة الجمهوريين في الكونغرس رسالة إلى البيت الأبيض، تطالب الرئيس بايدن بإطلاع المجلس على تفاصيل المحادثات الجارية مع إيران في جلسة علنية. ووفقاً لنص الخطاب الذي نشرته صحيفة "واشنطن فري بيكون"، فإن "السرية المحيطة بالمحادثات - ومطالبات إيران بمليارات الدولارات لتخفيف العقوبات التي من المحتمل أن تموّل مشروع الإرهاب الإقليمي - غير مقبولة وتلمح إلى أن إدارة بايدن تستعد للدخول في صفقة أضعف من اتفاق 2015 الأصلي".

وأضاف المشرعون الجمهوريون أنه "في ظل حال عدم اليقين التي تحيط بوضع المفاوضات، يحق للشعب الأميركي معرفة ما وافق عليه دبلوماسيوه في فيينا، وما هي البدائل التي تفكر فيها إدارتك، وكيف تنوي معالجة مجموعة واسعة من التهديدات من إيران - بما في ذلك الخطر المتزايد لبرامج الصواريخ والطائرات من دون طيار واحتجاز الرهائن الأميركيين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير