Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"نظامان عالميان"

بحسب المنطق المكرس تاريخياً قد ينقسم العالم إلى معسكرين واحد تقوده الصين وآخر تتزعمه أميركا

الاجتياح الروسي لأوكرانيا هو الحدث الذي يحتاج إليه الغرب الأميركي والأوروبي لإقامة النظام العالمي الذي يبحث عنه (غيتي)

على قاعدة العداء، يسير العالم نحو انقسام حاد يتشابه في شيء ويختلف في أشياء، عما كان عليه قبل انهيار جدار برلين. انقسام بين قوى متداخلة اقتصادياً وتكنولوجياً وتجارياً في ظل العولمة، ولا تكتفي بأقل قدر من التعامل من وراء جدران فاصلة، كما كانت الحال بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي. وهي لا تزال تبحث عن نظام عالمي ينطبق على الوضع الحالي، بعدما تغيّرت الدنيا من حول النظام الأحادي الذي ورث نظام الصراع بين الجبارين الدوليين.

لكن القاعدة التي تتحكم بالبحث هي التي ركّز عليها المفكر كيل لاسكوريتش بالقول إن كل الأنظمة الدولية خلال أربعة قرون كانت "أنظمة إقصاء". والاجتياح الروسي لأوكرانيا هو الحدث الذي يحتاج إليه الغرب الأميركي والأوروبي لإقامة النظام العالمي الذي يبحث عنه. وهو بالطبع عرض القوة الذي أراده الرئيس فلاديمير بوتين لكي يستعيد ويضمن لروسيا دور الشريك الكامل في "هندسة نظام أمني أوروبي" وترتيب نظام عالمي جديد.

"روسيا الانتقامية" و"الصين الصاعدة"

وقبل هذه الحرب، كان الغرب يقلل مما سمّاه تحدي "روسيا الانتقامية" له، ويسلط معظم الأضواء على ما يراه تحدي "الصين الصاعدة" اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً له، ويبني على العداء حجر الأساس لنظام عالمي جديد.

وليس قليلاً عدد الدراسات الاستراتيجية التي صدرت عن مراكز البحث والتفكير في أميركا وأوروبا، وعدد المؤرخين والمنظّرين في الجامعات، الذين بنوا نظرياتهم على العداء، وحذروا من خطورة الاندفاع في الصراع والعداء مع الصين وروسيا.

كان الدكتور هنري كيسينجر أبرز الذين حذروا من مخاطر الصدام مع الصين، وطالبوا بترتيب إطار للتعاون والتنافس. وأحدث ما برز في الاتجاه المعاكس مقال لأستاذ العلوم السياسية في جامعة "تافتس" ومؤلف كتاب "لماذا ستبقى أميركا القوة العظمى الوحيدة؟"، مايكل بكلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أعداء عدوي" 

عنوان المقال الذي جاء في العدد الأخير من "فورين أفيرز" هو: "أعداء عدوي: كيف يشكل الخوف من الصين نظاماً عالمياً جديداً؟". والفكرة الأساسية فيه هي أنه ما من نظام عالمي جاء نتيجة توافق رضائي بين القوى الكبرى، إذ إن "كل نظام دولي كان بسبب الخوف من عدو". ومن الوهم التصوّر أن الحكم الكوني تمكن "هندسته" وفرضه "من فوق إلى تحت".

ذلك أن أقوى الأنظمة، من وستفاليا في القرن السابع عشر إلى النظام الليبرالي العالمي في القرن العشرين، "لم تكُن أنظمة شاملة من أجل الخير العام، بل هي تحالف بين قوى كبرى لاستخدام التنافس الأمني ضد أعدائهم الأساسيين". كما يقول البروفيسور بكلي: "نظام وستفاليا كان لتدمير سلطة الكنيسة الكاثوليكية والإمبراطورية الرومانية المقدسة. ’كونسرت أوروبا‘ عام 1815 بعد الحروب النابليونية نظمته الملكيات المحافظة لوقف صعود أنظمة ثورية. نظام ما بعد الحرب العالمية الأولى بناه المنتصرون لضبط ألمانيا والثورة البلشفية. نظام الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية كان لإقصاء الاتحاد السوفياتي وتقسيم العالم إلى "عالم غني تسيطر عليه أميركا، وعالم فقير متمركز حول موسكو".

وبحسب هذا المنطق المكرس تاريخياً، فإن النظام العالمي في الحرب الباردة كان عملياً نظامين. والبناء على الخوف من الصين لدى جيرانها في آسيا، كما في مناطق عدة من العالم، وعلى الخوف المتجدد من روسيا بعد اجتياح أوكرانيا سيقود، بصرف النظر عما تنتهي إليه الحرب، إلى نظامين، واحد تقوده الصين، وآخر تقوده أميركا. روسيا تنضم إلى الصين، وأوروبا واليابان وأستراليا تنضم إلى أميركا، "الناتو" ضد روسيا، "كواد" الذي يضم أميركا والهند واليابان وأستراليا، و"أوكوس" الذي يضم أميركا وبريطانيا وأستراليا ضد الصين. والبديل ليس عالماً أفضل تقوده السويد وسويسرا، بل فوضى وتحكّم الأقوياء بالضعفاء.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل