Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متغيرات هائلة في بداية حرب عالمية ثالثة بالوكالة

بوتين خطط للعكس وراهن على ضعف أوروبا وانقسامها وخلافها مع أميركا

أوروبا التي كانت شرقية وغربية تتوحد في موقف قوي ضد الحرب الروسية (أ ف ب)

حرب أوكرانيا دخلت شهرها الثاني بلا أفق لنهايتها، وسط أكثر من سيناريو لمسارها وتصور لما بعد نهايتها. لكن شهراً واحداً من بدايتها أحدث "زلزالاً استراتيجياً" لا تزال انعكاساته ومضاعفاته وهزاته تتوالى، لا في أوكرانيا وحدها، ولا حتى في أوروبا وحدها، بل في العالم كله. فهي البديل من حرب عالمية ثالثة يتخوف الجميع من الانزلاق إليها. وهي إعلان بالنار لنهاية نظام عالمي قديم لم يعد يعمل بالفعل، لا على مستوى الأمم المتحدة وبقية المؤسسات الدولية، ولا على مستوى تنظيم التنافس والصراع على القمة بين ثلاثة أقطاب كبار: قوة عظمى أميركية خسرت أحادية القيادة بعد الحرب الباردة. قوة عظمى صينية صاعدة تجاوزت المرحلة التي أوصى فيها الزعيم الراحل دينغ شياو بينغ بسياسة "خبئ قوتك وانتظر وقتك". وقوة كبرى روسية غاضبة وانتقامية تريد استعادة المكانة التي خسرتها بانهيار الاتحاد السوفياتي. وتحت القمة، مجموعة قوى إقليمية توظف الفجوات في إدارة العالم والصراع والتنافس بين الكبار، في السعي لتحقيق طموحات "إمبراطورية" أكبر من إمكاناتها وبعد نهاية الإمبراطوريات الكبيرة. وهي في الشرق الأوسط وحده ثلاث: إسرائيل، إيران، وتركيا.

حرب تستدعي عقد 3 قمم

حرب عالمية ثالثة بالوكالة بدأتها روسيا وتنخرط فيها بشكل غير مباشر أميركا وأوروبا واليابان وكندا والصين وإيران وإسرائيل وتركيا وسواها، ويتأثر بها كل بلد في العالم. حرب يهدد فيها الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية، ويتهمه الرئيس جو بايدن بالتخطيط لاستعمال الأسلحة البيولوجية والكيماوية، ولا يزال يسميها "عملية عسكرية خاصة". وحرب تستدعي عقد ثلاث قمم في بروكسل خلال يومين: قمة الاتحاد الأوروبي بحضور بايدن، قمة الحلف الأطلسي، وقمة مجموعة الدول السبع الصناعية. ما فعله بوتين خلال شهر هو كثير من الدمار في أوكرانيا، وقليل من التقدم العسكري على الأرض، وتهجير نحو خمسة ملايين أوكراني في أكبر مأساة إنسانية شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وما اصطدم به العالم منذ اليوم الأول، هو هشاشة الاعتماد المتبادل، وسلاسل التوريد في زمن الحرب، والعقوبات التي قادت إلى متاعب اقتصادية هائلة في موسكو وكييف، ونقص في إمدادات العالم من القمح وزيت عبّاد الشمس والغاز والنفط من روسيا وأوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لكن التبدل الكبير هو ما يحدث في التفكير الاستراتيجي والحسابات الجيوسياسية. فالحرب العالمية الثانية انتهت إلى تقاسم أوروبا بين ستالين وتشرشل، أي الشرق والغرب، وتقسيم ألمانيا وفرض الحرمان من التسلح على ألمانيا واليابان إلا للدفاع الذاتي. والحرب العالمية الثالثة بالوكالة تبدأ بمتغيرات كان من المستحيل التفكير في بعضها. ألمانيا التي أعيد توحيدها بعد نهاية الحرب الباردة، تستعيد قدراتها العسكرية وترصد 100 مليار يورو للدفاع في العام الحالي، أي نحو 2 في المئة من الدخل القومي. اليابان تتجاوز الخطوط الحمر التي فرضها دستور1947 المفروض عليها من الجنرال ماك آرثر باسم أميركا المنتصرة، وتقرر إنفاق أكثر من 2 في المئة من دخلها القومي على الدفاع من دون أن يخاف الغرب من عودة "العسكريتاريا اليابانية".

أوروبا تتوحد

أوروبا التي كانت شرقية وغربية، تتوحد في موقف قوي ضد الحرب الروسية وتصبح في موقف واحد مع أميركا، وتوافق على مشروع "البوصلة الاستراتيجية" الذي طرحه المسؤول عن الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومن ضمنه إنشاء قوة تدخل سريع أوروبية في إطار "الناتو"، لا بالاستقلال عنه كما أراد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. "الناتو" الذي كان في سُبات عاد الى الانتعاش، وصارت كل دولة أوروبية ترى أن أمنها مهدد إن لم تكن عضواً في الحلف. شعب أوكرانيا تجاوز كل الخلافات السياسية وغير السياسية، وتوحد في موقف مقاوم للهجوم الروسي، بقيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي. وكل هذا قادت إليه حرب بوتين، إذ خطط للعكس وراهن على ضعف أوروبا وانقسامها وخلافها مع أميركا.
والعالم في مشكلة إذا ربح بوتين، وفي مشكلة إذا خسر. ولا أحد يعرف أين يتوقف الرئيس الروسي الذي يستطيع أن يدمر أوكرانيا، لكنه لا يستطيع أن يربح الحرب. وبصرف النظر عن البروباغندا، فإن الجحيم الأوكراني يحرق أي مطلب جيوسياسي بالقوة. وأقل ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو: "استمرار الحرب غير مقبول أخلاقياً، ولا يمكن الدفاع عنه سياسياً، ولا معنى له عسكرياً لأنه عبثي".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل