Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورطة بلا حدود في "دومينو" وهمي

ماذا بعد أن دخل الدب الروسي متحف الخزف الأوكراني ودمّر ما فيه؟

يتصور بايدن أن شعار "أميركا عائدة إلى القيادة" يكفي لإقناع العالم بأن "الدبلوماسية" قادرة على حل كل المشاكل (أ ب)

الوقائع العملية تؤكد الانطباعات السائدة في كل مكان حول اللاعبين على قمّة العالم: في أميركا اليوم رئيس ضعيف، بعد رئيس سخيف، بعد رئيس لطيف، في روسيا رئيس عنيف بعد رئيس خفيف، وفي الصين رئيس مخيف مثل ماوتسي تونغ وانفتاحي نظيف مثل دينغ شياو بينغ. واللعبة هي حول نظام أوروبي جديد ونظام عالمي جديد بعد ما بعد الحرب الباردة والنظام الأحادي الذي لم تستطع أميركا الحفاظ عليه، لا بالقوة الاقتصادية وحدها، ولا بالقوة العسكرية التي تعبت من استخدامها في مغامرات مكلفة انتهت إلى الفشل، وأحياناً لمصلحة خصوم الولايات المتحدة، وهو نظام يستعجل الرئيس فلاديمير بوتين ضمان دور روسيا في نظام بديل منه، ويتمهل الرئيس شي جينبينغ في تركيز دور الصين في النظام البديل قبل أن يكتمل مشروع "الحزام والطريق"، وبناء القوة العسكرية الصينية الموازية للقوة الاقتصادية الكبيرة.

ويتصور الرئيس جو بايدن أن شعار "أميركا عائدة إلى القيادة" يكفي لإقناع العالم بأن "الدبلوماسية" قادرة على حل كل المشاكل، لكن غزو أوكرانيا وضع الرهانات على الطاولة بعد أشهر من حشد القوات الروسية على الحدود، أشهراً، ظلت موسكو تقول خلالها إنها لا تريد الحرب، وواشنطن تكشف خطط الهجوم الروسي قبل وقوعه، وبكين تراقب بصمت.

قيل إن بوتين كشف السر للرئيس شي خلال محادثاتهما في بكين بمناسبة الألعاب الأولمبية. وعلى العكس، كتب السفير الصيني لدى أميركا مقالاً في "واشنطن بوست" جاء فيه، "لو علمت الصين بالأزمة الوشيكة لبذلنا قصارى الجهد لمنعها"، لا بل إن شي قال في محادثة هاتفية مع بايدن، هذه أزمة لم تكن نريد رؤيتها، والسؤال الآن هو: ماذا بعد أن دخل الدب الروسي متحف الخزف الأوكراني ودمر ما فيه؟ هل يكتفي بتسوية على أساس مطالب مقبولة من أوكرانيا مثل الحياد الذي ترفضه حسب النموذج السويدي والفنلدي. والممكن، حسب "النموذج الأوكراني"، كما يقول الرئيس فولوديمير زيلينسكي، هل يذهب في التورط إلى اجتياح جورجيا ومولدافيا، حيث لا "ناتو" يدافع عنهما وعن أوكرانيا؟ وهل يكمل بسياسة "الدومينو" إلى النهاية لتحييد الدول التي كانت في المعسكر الاشتراكي أو ضمن الاتحاد السوفياتي وإخراجها من عضوية "الناتو"؟ وماذا لو طبق "الناتو" البند الخامس من ميثاقه وقرر مواجهة الهجوم الروسي عسكرياً بشكل مباشر؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا أجوبة كاملة حالياً لدى أي طرف، حتى بوتين يوحي أنه يفكر على مهل في الخطوات التالية. فلا حرب أوكرانيا انتهت. ولا أحد يعرف كيف ستكون نهايتها. وما ينطبق عليها حتى الآن هو "مبدأ الحروب اللا متماثلة". والمعادلة قياساً على هذا المبدأ هي "الروسي يخسر إذا لم يربح، والإيراني يربح إذا لم يخسر". وليس من السهل خروج الروسي من الورطة التي اندفع نحوها.
لكن، من يقف مع روسيا ومن يقف ضدها يسأل: هل يريد ويستطيع بوتين استعادة شيء من الاتحاد السوفياتي أم من روسيا القيصرية؟ هل هو نسخة من ستالين الذي تقاسم أوروبا مع تشرشل بعد الحرب العالمية الثانية؟ أم نسخة من القيصر الروسي الذي قال: "لا أطمئن على أمن روسيا إن لم يكن الجيش الروسي على طرفي الحدود"؟ المفارقة أن في الشرق الأوسط قوى تنتقد رغبة بوتين القديمة في الانضمام إلى الغرب، وتطالبه بالوقوف الكامل ضد الغرب والذهاب إلى الصين وأقصى الشرق، ولكن بشرط التخلي عن النظام الرأسمالي، والعودة إلى النظام الاشتراكي، وهو أمر لن يُقدم عليه بوتين، وإن كان معجباً بستالين وضابطاً سابقاً في "كي جي بي"، لكن الواضح أنه يريد تعزيز التحالف مع الصين التي تريد هي الأمر نفسه، لكن حساباتها معقدة ودقيقة، والخطير حالياً في حرب أوكرانيا، بعد خطورة الاجتياح والتدمير، هو أنها حرب مشتعلة بلا إطفائي يُكافح النار، ولا رادع يوقف القتال. فكل الدول التي تبرّعت للقيام بدور الإطفائي، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، فشلت حتى الآن، وكل جهود الصين والأمم المتحدة ورهانات الغرب الأميركي والأوروبي على قوة العقوبات لم تُردع روسيا عن الاستمرار في القتال. موسكو تصر على ما تسميه إزالة التهديد لأمنها القومي، وكييف تمارس الواجب المقدس في الدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء.
والوقت من دم وخراب، والانتظار ليس أفضل مستشار.

المزيد من تحلیل