Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا قرر كاميرون الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي؟

في عام 2012، استخدم كاميرون الوعد بإجراء استفتاء لكي يدير رأي المحافظين، ويقوض حزب يوكيب ويحقق تسوية أوروبية جديدة. في هذا المقال الحائز على جائزة، يلقي باتريك لو نظرة على ذلك القرار المصيري

راهن كاميرون برئاسته للوزراء على إجراء استفتاء بشأن عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي - وخسر(غيتي)

المفارقة في رئاسة ديفيد كاميرون للوزراء هي رغبته في وقف هوس حزبه بالاتحاد الأوروبي، لكن ذلك حدد مدة ولايته. قبل أن يصبح زعيم حزب المحافظين، كانت مسيرة كاميرون السياسية قد تميزت بالفعل بتلك القضية. وأثناء عمله في المكتب المركزي للمحافظين، شهد استقالة مارغريت تاتشر كرئيسة للوزراء، علماً أن ذلك كان يرجع جزئياً إلى عدائها المتزايد للاتحاد الأوروبي. في عام 1992، بصفته مستشاراً خاصاً للمستشار نورمان لامونت، عانى كاميرون اضطراب سحب الجنيه الاسترليني من آلية سعر الصرف الأوروبية. ثم، كمستشار خاص لمايكل هوارد، وزير الداخلية، شاهد انقسامات المحافظين تلحق الضرر برئاسة جون ميجور بعد توقيع معاهدة ماستريخت.

بعد ثلاث هزائم انتخابية، عندما أصبح كاميرون زعيماً، حث حزبه على "التوقف عن الحديث عن أوروبا" والتركيز على المخاوف العديدة التي اعتبرها الناخبون أهم من شؤون الاتحاد الأوروبي. وقد دافع عن هذا الرأي بينما حمل وجهات نظر متشككة نسبياً في أوروبا، ودعم عضوية الاتحاد الأوروبي ولكن عارض مزيداً من الدمج، وبحث عن فرص للإصلاح. في الواقع، ساعده هذا الموقف في تأمين ترشيحه عن دائرة ويتني قبل انتخابات عام 2001. بعد أربع سنوات من فوزه بمنصب نائب في البرلمان، استخدم هذا الشك تكتيكياً في مسابقة قيادة الحزب، داعياً إلى انفصال أعضاء البرلمان الأوروبي المحافظين عن حزب الشعب الأوروبي (EPP)، الكتلة الرئيسة للأحزاب اليمينية، بسبب الالتزامات الفيدرالية للحزب.

كذلك، تم توضيح هذا الموقف مرة أخرى في عام 2007 عندما قام بصفته زعيماً، بإعطاء "ضمانة متينة" في صحيفة "ذا صن" The Sun بأن حكومة المحافظين ستجري استفتاء على معاهدة لشبونة. لكن كاميرون غير موقفه قبل انتخابات عام 2010 بمجرد التصديق على المعاهدة، ما أدى إلى ارتياب عميق بين المحافظين المتشككين. رداً على ذلك، اقترح كاميرون "قفل الاستفتاء" لمنع نقل مزيد من الصلاحيات إلى الاتحاد الأوروبي من دون إجراء استفتاء شعبي.

في مناقشات التحالف عام 2010، كان كاميرون قادراً على تسوية الخلافات السياسية الأوروبية مع الديمقراطيين الليبراليين، إذ أراد قادة الحزبين تلطيف الأجواء. وقد اعتبر ذلك قابلاً للتحقيق لأنه مع معاهدة لشبونة التي نالت مصادقة جميع الدول الأعضاء، لم يكن من المتوقع إجراء معاهدات أخرى. وكإجراء احترازي، وافق التحالف على تشريع "قفل الاستفتاء" الذي وضعه كاميرون. وهكذا، تطلع نيك كليغ، زعيم الديمقراطيين الليبراليين، وكاميرون إلى "خمس سنوات بلا أوروبا نسبياً"، كما ذكر كاميرون في مذكراته.

وعلى الرغم من ذلك، بعد عامين ونصف العام فحسب، بدل كاميرون موقفه في خطابه في بلومبيرغ، وألزم حكومة المحافظين المستقبلية بالتفاوض على علاقة مختلفة مع الاتحاد الأوروبي وإجراء استفتاء البقاء/ الخروج. ومع فوزه في الانتخابات في عام 2015، أدت تلك الاستراتيجية إلى إعادة التفاوض بشأن شروط عضوية المملكة المتحدة والاستفتاء في يونيو (حزيران) 2016.

وقال كليغ، في مذكراته، إن السبب وراء انتقال كاميرون إلى الالتزام بإجراء استفتاء كان إدارة حزبه المنقسم. في الحقيقة، لم يعتنق كاميرون مزايا الديمقراطية المباشرة، بل كان يسعى للسيطرة على قضية تزعزع استقرار حزبه، متبعاً نموذج استفتاء هارولد ويلسون عام 1975. بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2011، كان كاميرون قد "واجه بالفعل 22 تمرداً على أوروبا، تورط فيها 60 من النواب المحافظين الذين لا يشغلون منصباً وزارياً"، وفقاً للتاريخ الذي كتبه تيم بيل عن حزب المحافظين. ثم ازداد الضغط في ذلك الشهر عندما صوت 81 من أعضاء البرلمان المحافظين على استفتاء في تحدٍّ للتعليمات الحزبية المشددة التي تلزمهم بالتصويت وفقاً لسياسة حزبهم (three-line whip). واستطراداً، تحدث كل من كاميرون وويليام هيغ، وزير الخارجية، بحزم ضد الاقتراح المقدم في مجلس العموم، وعلى الرغم من ذلك لم يتمكنا من منع أكبر تمرد منذ تشريع ماستريخت في عام 1992.

استمر النواب المحافظون في زيادة الضغط السياسي. في يونيو 2012، جمع جون بارون 100 توقيع من زملاء محافظين يطلبون من كاميرون الالتزام بإجراء استفتاء بعد الانتخابات العامة لعام 2015. ولكن رفض رئيس الوزراء ذلك علناً أثناء وجوده في بروكسل بشأن أعمال الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أغضب منتقديه. ثم ازداد الضغط أكثر في أكتوبر 2012 عندما اتحد المتمردون المحافظون مع حزب العمال لهزيمة كاميرون بسبب المساهمات في ميزانية الاتحاد الأوروبي.

في الواقع، تم توضيح الضغط على كاميرون من خلال حقيقة أن التزامه بالاستفتاء المحدد في خطاب بلومبيرغ في يناير (كانون الثاني) 2013 لم يرضِ منتقديه. على سبيل المثال، في مايو (أيار) 2013، أعرب 114 من المحافظين عن أسفهم لعدم وجود تشريع للاستفتاء في خطاب الملكة. وبقي الكثيرون يشعرون بالخيانة بسبب تغيير الموقف المتصور الذي كان كاميرون سيتخذه في استفتاء معاهدة لشبونة.

إن الضغط الذي مارسه نواب حزب المحافظين من أجل إجراء استفتاء كان قوياً لدرجة أنه لو لم يرضخ كاميرون له لكان المحافظون بحثوا عن زعيم جديد، وفقاً لكريغ أوليفر، مدير الاتصالات لدى كاميرون. في الحقيقة، اعترف كاميرون بأنه نادراً ما شعر بالأمان كقائد وتقبل في مذكراته أنه لم يفعل ما يكفي لإدارة الشرخ الذي يفصل بين القيادة العليا ونواب حزب المحافظين. كذلك، تأجج استياء المحافظين من زعامة كاميرون بعد التحالف مع الديمقراطيين الليبراليين والنزعة الاجتماعية الليبرالية في السياسة، لا سيما بشأن زواج المثليين.  

وعلى الرغم من ذلك، كان لدى كاميرون بعض القوة في التأثير على الأحداث. كانت الاستراتيجيات البديلة متاحة، على النحو الذي اقترحه جورج أوزبورن، حليفه والمستشار، مقدماً له نصيحة بعدم إجراء استفتاء. إذ اعتقد أوزبورن أن ذلك يخاطر بتقسيم حزب المحافظين وإطلاق العنان لقوى لا يمكن السيطرة عليها. وعوضاً عن ذلك، دعا أوزبورن إلى اعتماد استراتيجية تجنب المشكلة كلما أمكن ذلك، وفقاً لما كتبه تيم شيبمان في "الحرب الشاملة" All Out War.

كان الخيار الآخر هو مواجهة كاميرون حزبه في ما يتعلق بأوروبا، لا سيما في مرحلة مبكرة من قيادته. ولكن على الرغم من خطابه التحديثي، لم يعترض على رأي المحافظين في موضوع أوروبا. إذ لم يكن يحاول تحقيق "لحظة تميز إلغاء البند الرابع" على غرار ما فعله توني بلير، واختار بدلاً من ذلك نهج "الخيمة الكبيرة" ]نهج الحزب الشامل الذي يضم تنوعاً في وجهات النظر[ بهدف توحيد الحزب. وبالتالي، استمر التركيز على الوحدة وصولاً إلى حملة استفتاء عضوية الاتحاد الأوروبي عندما رفض كاميرون الدعوات لشن هجمات "النيران الصديقة" العدوانية التي تستهدف الداعين إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، بعد تجنب مواجهة المشكلة في وقت مبكر من قيادته، كان من الصعب رؤية استراتيجية مماثلة تنجح لاحقاً. وعندما حدثت مواجهة رفيعة المستوى مع حزبه بشأن أوروبا، في تصويت مجلس العموم في أكتوبر 2011، اعتبرت كيت فال، نائبة رئيس أركان كاميرون، أن هذا خطأ فادح أدى إلى تأجيج الرأي بدلاً من تهدئته. في الواقع، من دون استعداد لمواجهة حزبه، كان على كاميرون "إطعام التماسيح"، كما صاغتها صحيفة "فايننشيال تايمز"، إلى أن يصبح الرأي المحافظ المؤيد للاستفتاء ساحقاً.

ازداد الضغط من حزب كاميرون حول موضوع أوروبا مع نهوض حزب يوكيب (حزب استقلال المملكة المتحدة). بعد حصول الحزب المذكور على ثلاثة في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات العامة عام 2010، عزز موقعه، ليحتل المركز الثاني في الانتخابات الفرعية في روثرهام وميدلسبره في عام 2012. على الصعيد الوطني، أشارت استطلاعات رأي اللورد أشوورث إلى خسارة واحد من كل عشرة ناخبين محافظين لصالح يوكيب. في أواخر عام 2012، وضعت استطلاعات الرأي يوكيب في المركز الثالث متقدماً على الديمقراطيين الأحرار.

على المستوى المحلي، حقق يوكيب مكاسب رائعة في انتخابات المجالس في عامي 2013 و2014، وتقدم على كل من حزب المحافظين وحزب العمال في انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2014. في وقت لاحق من ذلك العام، انشق نائبان عن حزب المحافظين وانضما إلى يوكيب، واستقالا من مقعديهما وفازا في الانتخابات الفرعية الناتجة. وهكذا، أدى ذلك النجاح إلى تقويض الروح المعنوية بين أعضاء البرلمان المحافظين ونشطاء الحزب، علماً أن يوكيب عبر عما كانت قاعدة المحافظين ترغب في سماعه.

على الرغم من أنه يمكن القول بالتالي إن تهديد يوكيب الانتخابي لعب دوراً في قرار كاميرون المتعلق بالاستفتاء، يجب توخي الحذر مع الجدول الزمني والسببية. في الوقت الذي تحرك فيه نحو الاستفتاء في عام 2012، لم يكن يوكيب بعد يمثل تهديداً انتخابياً كبيراً. وفي سياق متصل، جادلت فال، نائبة رئيس الأركان، بأن الالتزام لم يحدث بهدف "إرضاء يوكيب". في ذلك الوقت، كانت الهجرة هي الشغل الشاغل لناخبي حزب يوكيب، وليس أوروبا. علاوة على ذلك، يمكن النظر إلى الالتزام بالاستفتاء في عام 2013 على أنه زاد أهمية موضوع أوروبا انتخابياً، مع رفع شعبية يوكيب بعد الإعلان.

يجب النظر في نقطتين معاكستين مهمتين. أولاً، بناءً على نصيحة من منظم الاستفتاءات، أندرو كوبر، هناك دليل على أن كاميرون كان يتوقع النجاح الانتخابي المتزايد لحزب يوكيب، لا سيما في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2014. وقيل إن هذا سيؤدي إلى ضغوط لا تقاوم لإجراء استفتاء. لذلك، أراد كاميرون فرض شروطه الخاصة وتجاوز المشكلة. ثانياً، على الرغم من عدم وجود تأثير فوري لتعهد الالتزام باستفتاء، فإن هذا الأمر ساعد المحافظين في التضييق على تصويت يوكيب في الانتخابات العامة في 2015. في الواقع، تم استهداف أنصاره برسالة مفادها أن الأغلبية المحافظة فحسب هي التي ستؤدي إلى استفتاء، وهو تكتيك يستخدم بلا رحمة "تحت الرادار" عبر "وسائل التواصل الاجتماعي والبريد المباشر والمكالمات الهاتفية واستقطاب أصوات الناخبين"، وفقاً لفيليب كاولي ودينيس كافانا في كتاب الانتخابات البريطانية العامة لعام 2015 (The British General Election of 2015).

وبالإضافة إلى الضغط السياسي، كانت هناك أيضاً اعتبارات سياسة الاتحاد الأوروبي التي أقنعت كاميرون بمزايا استخدام الاستفتاء من أجل إعادة مركزة المملكة المتحدة في "الهندسة المتغيرة لأوروبا"، وفق ما ذكره ماثيو دانكونا في كتابه "في ذلك معاً: قصة التحالف الخفية" (In It Together: The Inside Story of the Coalition). ظهرت هذه الحاجة الملموسة إلى إعادة تقويم العلاقة مع أوروبا بعد 18 شهراً فحسب من مناقشات التحالف التي خلصت إلى أن أوروبا من المستبعد أن تشكل قضية مهمة.

وتعتبر أحداث خريف عام 2011 ذات أهمية خاصة في شرح دوافع كاميرون السياسية لإجراء الاستفتاء. في الحقيقة، هددت الأزمة المالية في أوروبا اليورو، وبهدف تعزيز العملة اقترح الاتحاد الأوروبي تشديد تنظيم الخدمات المالية والدعم المالي للدول الأضعف في منطقة اليورو. على الرغم من أن المملكة المتحدة كانت خارج منطقة اليورو، كان من الممكن أن تحظى تلك الاتفاقية بتأثيرات كبيرة على قطاع الخدمات المالية في المملكة المتحدة. في قمة ديسمبر (كانون الأول) 2011، حاول كاميرون الاتفاق على حزمة من الضمانات للمملكة المتحدة، لكن بعض الأعضاء الآخرين واجهوا ذلك بالرفض. وتم الالتفاف حول موقفه التفاوضي المتمثل في التهديد باستخدام حق النقض، من خلال آلية قانونية تمكن الاتحاد الأوروبي من المضي قدماً من دون تغيير المعاهدة وبالتالي من دون دعمه.

وعلى الرغم من أن محاولة استخدامه حق النقض حظيت بدعم حماسي من نوابه، كما اتضح من قرعهم التقليدي على الطاولات في اجتماع لجنة 1922، اعتقد أعضاء فريقه أن هناك ضعفاً هيكلياً في موقفهم، وفقاً لفال. من وجهة نظر كاميرون، كانت بريطانيا معرضة لخطر أن يهيمن عليها الجوهر التكاملي لبلدان منطقة اليورو. إذ دارت مصالح تلك الدول حول العملة الموحدة بدلاً من السوق الموحدة وكانت أزماتها الاقتصادية تسرع هذه العملية. كما ظهر ضعف آخر واضح: لا يمكن الاعتماد على أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية، في دعم موقف المملكة المتحدة ضد مصالح دول منطقة اليورو.

غيرت تلك الأحداث نظرة كاميرون بشكل جذري، وفي وقت مبكر من يناير 2012 تحدث على شرائطه الخاصة المسجلة مع دانيال فينكلستاين، نظيره المحافظ وكاتب عمود في صحيفة "تايمز"، عن الحاجة إلى إعادة رسم علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي واللجوء في ذلك للاستفتاء. كما أعرب عن اعتقاده بأن تركيز الاتحاد الأوروبي على أولوية منطقة اليورو كان له آثار على المملكة المتحدة لا يمكن السيطرة عليها. لذلك ظهرت "انقسامات متزايدة" في عضوية بريطانيا كان ينبغي معالجتها، وفقاً لإيفان روجرز، مستشار رئيس الوزراء في شؤون الخدمة المدنية في أوروبا. وجادل كاميرون في مذكراته أنه من دون إصلاح، كان من الصعب الحفاظ على موقف المملكة المتحدة الذي يدعو إلى البقاء في السوق الموحدة ولكن خارج العملة الموحدة. لذلك بدأ في التفكير في استراتيجية استفتاء لإحداث تغيير في علاقة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي قبل عام من خطاب بلومبيرغ في يناير 2013.

وفي الخطاب الذي طال انتظاره، تم تقنين نهج كاميرون المتمثل في "الإصلاح وإعادة التفاوض والاستفتاء". وقد أسهم ذلك في توضيح استمرار عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي ولكن فقط على أساس "تغيير جوهري بعيد المدى". وهكذا، ستسعى حكومة المحافظين المستقبلية إلى إجراء تغييرات طموحة لشروط عضوية المملكة المتحدة، وعند الانتهاء من تلك العملية، سيتم إجراء استفتاء على أساس البقاء/ الخروج. وتجدر الإشارة إلى أن تلك الاستراتيجية التفاوضية أقرها جون ميجور، رئيس الوزراء السابق، بحجة أنه من الضروري وجود أساس جديد للعضوية وتفويض شعبي. في منحى مقابل، لم يأتِ الخطاب على ذكر الهجرة كمجال إصلاح في الاتحاد الأوروبي، لذلك لا ينبغي اعتبارها سبباً رئيساً وراء قرار كاميرون الأولي باقتراح استفتاء.

لكن، كانت هناك صعوبة أساسية في استراتيجية إعادة التفاوض والاستفتاء التي اقترحها كاميرون. في الواقع، تم الافتراض في خطاب بلومبيرغ أن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى متابعة تعديلات المعاهدة لكي يتعامل مع مزيد من التغييرات في منطقة اليورو، وبالتالي سيتعين عليه الحصول على موافقة المملكة المتحدة. وقيل إن حق النقض هذا من شأنه أن يوفر النفوذ الذي يحتاج كاميرون إليه لضمان حصول بريطانيا على صفقة جديدة كبيرة مع الاتحاد الأوروبي. ولكن، في نهاية عام 2014 أصبح واضحاً أن الافتراض كان غير صحيح، وأن الاتحاد الأوروبي لن يسعى إلى معاهدة جديدة بسبب مخاطر المصادقة الناشئة عن الاستفتاءات في العديد من الدول الأعضاء. ومن دون معاهدة جديدة، تم تقييد نطاق إنجاز المملكة المتحدة إصلاحاً كبيراً. في غضون ذلك، واستجابة للمخاوف المتزايدة بشأن الهجرة، زاد كاميرون توقعاته في ما يتعلق بدرجة التغيير الذي ستحققه مفاوضاته، وفي عام 2014 ادعى أنه "لن يقبل بالرفض" في موضوع تقييد الهجرة.

وهكذا، حتى قبل بدء المفاوضات، ظهرت فجوة بين الخطاب بشأن ما هو ضروري للفوز في الاستفتاء وما يمكن تحقيقه في إطار مفاوضات لا تستند إلى معاهدة. وقد انعكس ذلك في التوترات غير المعهودة بين فريق كاميرون السياسي ومسؤوليه الذين يقودون المناقشات الأوروبية، مثل إيفان روجرز، سفير بريطانيا لدى الاتحاد الأوروبي منذ أواخر 2013، وتوم سكولار، خلفه في منصب مستشار رئيس الوزراء في شؤون الخدمة المدنية في أوروبا. من جهة، أراد المستشارون السياسيون الضغط من أجل التغيير بما يتجاوز القواعد الأساسية الحالية لقانون الاتحاد الأوروبي. ومن جهة أخرى، حذر الموظفون المدنيون أن ميركل على وجه الخصوص لن تقبل أبداً القيود المفروضة على مبدأ الاتحاد الأوروبي الخاص بحرية التنقل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عند النظر إلى تلك الفترة بعد حين، يرى مستشارو كاميرون السياسيون أنه كان بإمكانهم أن يظهروا جرأة أكبر في استخدامهم الاستفتاء في المفاوضات، لا سيما بشأن حرية التنقل. كما أنهم كانوا قادرين على الابتعاد عن المفاوضات، في محاولة للحصول على مزيد من التنازلات، قبل الدعوة إلى إجراء استفتاء في عام 2017، وهو أمر أيده لينتون كروسبي، مستشار كاميرون في شؤون الانتخابات. في المقابل، اعتقد روجرز أنه تم دفع الصفقة بالفعل إلى أقصى حدودها.

وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إنه تم تبرير قرار إجراء الاستفتاء باعتباره أداة تفاوضية، إذ إن التنازلات التي حصل عليها كاميرون من الاتحاد الأوروبي لم تكن واهية. في الواقع، تم الاتفاق على إصلاحات في مجال السيادة (رفض عبارة "اتحاد أوثق من أي وقت مضى")، وحماية البلدان خارج منطقة اليورو، والقدرة التنافسية وبعض القيود على منافع الهجرة. ولكن مهما كانت مزايا الصفقة فهي لم تستطع أن تتحمل وطأة التوقعات والآمال المعقودة، ونتيجة لذلك بالكاد ظهرت في حملة الاستفتاء.

يمكن القول إن نهج كاميرون في توليه رئاسة الوزراء، المتجذر في موقفه وشخصيته، أدى دوراً في قرار الاستفتاء. وفي ذلك الإطار، جادل فينكلستاين بعد الاستفتاء بأنه كان رئيس وزراء أقل تكتيكية وواقعية مما كان يصور في كثير من الأحيان. إذ يظهر في شخصية رئيس الوزراء جانبان وثيقا الصلة بالموضوع: وهما الرغبة في المخاطرة على أساس الثقة في قدراته السياسية، وميله إلى الرغبة في تسوية القضايا وحلها.

ما دعم قرار الاستفتاء هو إيمان كاميرون بقدراته القيادية التي من شأنها أن تنتزع تسوية مواتية من الأعضاء الـ27 الآخرين في الاتحاد الأوروبي وتبيع أي صفقة للناخبين البريطانيين. وتعززت ثقته بنفسه من خلال إدراكه أن العديد من مبادراته العالية المخاطر قد تم تبريرها. كان يحب "المقامرة الكبيرة الجريئة"، على حد تعبير فينكلستاين، فتنافس على قيادة حزب المحافظين في سن 39 سنة، وأسس ائتلافاً بعد الانتخابات العامة في 2010، ودعا إلى إجراء استفتاءين، بشأن التصويت البديل والاستقلال الاسكتلندي، وخاضهما وفاز بهما. وفي كتابه "رؤساء الوزراء: تأملات في القيادة من ويلسون إلى جونسون" (The Prime Ministers: Reflections on Leadership from Wilson to Johnson) يرى ستيف ريتشاردز أن كاميرون، من بين جميع رؤساء الوزراء المعاصرين، يمتلك الشهية الأكبر للمخاطرة.

يمكن القول إن كاميرون لم يتوقع الفوز في انتخابات 2015 بشكل مطلق وإنه في عملية المناقشة في التحالف كان مستعداً للتخلي عن التزامه بالاستفتاء

يدعي كاميرون في مذكراته أنه لم يكن واثقاً على الإطلاق من أن الفوز في الاستفتاء سيكون سهلاً. وعلى الرغم من ذلك، هناك أدلة دامغة تشير إلى استخدام درجة من الحكمة المتأخرة. في الواقع، كتب مايكل غوف، وزير التعليم في ذلك الوقت، إلى كاميرون موضحاً معارضته للاستفتاء فكان الجواب الذي تلقاه "لا تقلق، أنا أعرف ما أفعله." وبطريقة موازية، علق كليغ على "الثقة الرائعة" بالفوز في تصويت البقاء/ الخروج. في عام 2014، صرح كاميرون لهيرمان فان رومبوي، رئيس المجلس الأوروبي، أنه اعتقد أن بإمكانه الفوز بسهولة.

ستفسر ثقة كاميرون في النتيجة فشله أيضاً في الضغط من أجل قواعد أساسية أكثر ملاءمة للاستفتاء، على غرار توسيع التصويت ليشمل من تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة، كما كان الحال مع استفتاء الاستقلال الاسكتلندي. ظهرت تلك الثقة بالنفس أيضاً من خلال وجهة نظره الخاطئة بأنه قادر على إقناع غوف وبوريس جونسون، عمدة لندن، بدعم صفقته.

يمكن المجادلة أيضاً بأن كاميرون، عندما تعلق الأمر بالقضايا الصعبة، "لم يتهرب، بل حاول أن يصارع ويحل المشكلة"، على حد تعبير فال. في ذلك الصدد، اعتقد كاميرون أنه كان يعكس أسلوب مارغريت تاتشر. ولكن، يمكن اعتبار ذلك خطأ في قراءة الجوانب الأكثر واقعية في رئاستها للوزراء بالطريقة التي اختارت بها معاركها. كان ذلك النهج يعني أنه بمجرد أن أصبحت أوروبا قضية أكثر أهمية مما كان متصوراً في الأصل، آمن كاميرون "بمواجهة هذه القضية – ورسم معالمها، وقيادة النقاش"، كما قال في خطاب بلومبيرغ. في هذا الإطار، جادل كاميرون في مذكراته أنه في الماضي "كان السياسيون قد أجلوا المواجهة مراراً" من خلال عدم إجراء استفتاء، بخاصة حول معاهدة لشبونة. ونتيجة لذلك، كان يعتقد أنه ينبغي معالجة شرعية الاتحاد الأوروبي "الهزيلة" في المملكة المتحدة.

كذلك، يمكن القول إن كاميرون لم يتوقع الفوز في انتخابات 2015 بشكل مطلق وإنه في عملية المناقشة في التحالف كان مستعداً للتخلي عن التزامه بالاستفتاء. وعلى الرغم من ذلك، يجادل بيل بأن الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق والفكرة مدعومة في كتاب كاميرون الخاص. بشكل عام، هناك رأي جيد مفاده أن ولع كاميرون بالمخاطرة وتصميمه على مواجهة المشكلات يساعدان في تفسير قراره. في المقابل، هناك توصيف مهم يشير إلى أنه كان يطبق هذا النهج لإصلاح الاتحاد الأوروبي بدلاً من حزبه.

ومن أجل تناول كيفية اتخاذ قرار الاستفتاء، من المهم إلغاء مرحلتين من العملية. أولاً، كيف التزم كاميرون خلال التحالف بتشكيل حكومة محافظة مستقبلية لإجراء استفتاء. وثانياً، كيف تم اتخاذ القرارات بشأن الاستفتاء خلال حكومة الأغلبية برئاسة كاميرون، التي أشرفت على عملية إعادة التفاوض والقرارات النهائية بشأن الاستفتاء.

لم يكن إعلان كاميرون في يناير 2013 عن نية إجراء استفتاء أوروبي إذا فاز المحافظون في انتخابات 2015 سياسة ائتلافية بل كان إعلاناً سياسياً صريحاً بصفته زعيماً للحزب. على هذا النحو، عكس تصاعد التوترات داخل التحالف بعد استخدام كاميرون حق النقض في قمة ديسمبر 2011، واتباع خط أكثر تشدداً بشأن القضايا الأوروبية خلال عام 2012. ظهرت تلميحات حول تغيير السياسة التي كانت في طور النشوء في يونيو 2012 عندما جادل كاميرون في صحيفة "ذا صنداي تليغراف" The Sunday Telegraph أنه لم يكن معارضاً للاستفتاء ولكن برأيه ينبغي إجراؤه فقط عندما يكون الوقت مناسباً وعندما تتم إعادة تحديد علاقة بريطانيا بأوروبا. وفي هذا الإطار، أكد وليام هيغ، وزير الخارجية، وجود حجة قوية لإجراء استفتاء إذ تحركت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى نحو اتحاد أوثق نتيجة لأزمة منطقة اليورو.

وفقاً لفال، "ظهر" قرار إجراء استفتاء خلال عام 2012 في المناقشات بين أقرب المقربين سياسياً من كاميرون. وباعتبار ذلك مسألة خاصة بالمحافظين، تم اتخاذ القرار خارج إطار التحالف، من دون أوراق رسمية. لذلك، كانت هناك ناحية غير رسمية بشأن عملية اتخاذ القرار التي شملت في البداية كاميرون وعدداً قليلاً من أعضاء فريقه، بمن فيهم هيغ وأوزبورن وإد لويلين، رئيس أركان رئيس مجلس الوزراء. لكن كاميرون ينفي أن القرار قد تم اتخاذه في مطعم للبيتزا في مطار شيكاغو قبل العودة من قمة "الناتو" في مايو 2012. وكذلك، دار مزيد من النقاش قبل وخلال العطلة الصيفية مع المجموعة التي ازداد حجمها لتشمل أوليفر ليتوين، وزير الدولة المسؤول عن سياسة الحكومة. والجدير بالذكر أن أوزبورن ظل متشككاً في استراتيجية التطوير. وفي ما يخص الإذعان إلى كاميرون بسهولة شديدة بشأن الاستفتاء، جادل إد بولز بأن المستشار لم يقدم الدرجة المثلى من التحدي المطلوب لرئيس الوزراء حتى يتخذ قراراً جيداً. 

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، بدأ لويلين في صياغة ما أصبح خطاب بلومبيرغ لعام 2013. ومع استمرار مناقشة الخطاب، صار من الواضح للدائرة المقربة من كاميرون أن سؤال الاستفتاء الوحيد الذي يستحق المتابعة كان البقاء/ الخروج. ربما كان الاستفتاء الأضيق قد يرضي حزبه، لكن كاميرون خلص إلى أن استفتاء البقاء/ الخروج من الاتحاد الأوروبي هو الوحيد الذي من شأنه أن يوفر موقفاً تفاوضياً قوياً للمملكة المتحدة في سعيها للإصلاح.

وركزت المشاورات غير الرسمية حول الخطاب على ثلاث مجموعات. أولاً، تم إجراء استطلاع للزعماء الأوروبيين، ولا سيما ميركل، التي نصحت أنه إذا كان الخطاب يهدف إلى تجنب تنفير الدول الأعضاء، فينبغي صياغته بشكل يتناول الاتحاد الأوروبي ككل، وليس مجرد مناشدة خاصة للمملكة المتحدة فحسب. ثانياً، سعى لويلين إلى الحصول على رأي جيريمي هيوود، أمين مجلس الوزراء. واستشار هيوود بدوره زملاءه الدائمين من أمناء السر ثم كتب ملاحظة شخصية إلى رئيس الوزراء. وبينما لم يشكك في القرار السياسي، جادل أنه لا يمكن الفوز في الاستفتاء إلا إذا تمت معالجة قضايا الهجرة والرعاية الاجتماعية وقضايا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. اعتبر هيوود أن ذلك صعب للغاية. ولاحقاً، أقر كاميرون أن استبعاد الهجرة من الخطاب شكل خطأ استراتيجياً.

ثالثاً، استشار كاميرون وزراء محافظين من بينهم تيريزا ماي وإيان دنكان سميث وكين كلارك. علماً أن المحادثة الأصعب جرت مع كلارك، لكنه لم يفكر في الاستقالة. ثم وسع كاميرون المناقشة لتصل إلى غراهام برادي، رئيس لجنة 1922 وحاول دمج اقتراحاته. ولضمان المصداقية، اعتقد كاميرون أن الالتزام بإجراء استفتاء مبكر في البرلمان الجديد أمر مهم. وخلصت فال إلى أن ذلك "التحضير لأرضية الملعب" على نطاق واسع ساعد في ضمان استقبال الخطاب بشكل إيجابي.

حتى انتخابات عام 2015، كانت قدرة كاميرون على الاستعداد لأي إعادة تفاوض مستقبلية مقيدة بسياسة التحالف التي رفضت إجراء استفتاء. ولكن، بمجرد أن تم تعليق جلسة البرلمان، بدأ تخطيط الخدمة المدنية بشأن خيارات حكومة جديدة، ومع وجود أغلبية من حزب المحافظين، كان كاميرون سيتمكن من استخدام آلية الحكومة لتطوير السياسة الجديدة. وتشكلت لجنة مشتركة من الوزراء والمستشارين السياسيين وموظفي الخدمة المدنية، برئاسة أوزبورن. ثم في نوفمبر 2015، وافق مجلس الوزراء الجديد على إطار إعادة التفاوض الذي يغطي "الحماية المالية والقدرة التنافسية... واتحاد أوثق من أي وقت مضى، و... الهجرة". في تلك المرحلة، ظل مجلس الوزراء موحداً وراء سياسة إعادة التفاوض، قبل تقرير موقف الحكومة من الاستفتاء.

بمجرد الانتهاء من مفاوضات الاتحاد الأوروبي، دعا كاميرون إلى اجتماع لمجلس الوزراء يوم السبت 20 فبراير (شباط) 2016. وطلب في الاجتماع الموافقة على الحزمة التي تم التفاوض عليها، وموعد الاستفتاء وموقف الحكومة. كما طلب من جميع الوزراء التحدث بالدور بحسب ترتيب الأسبقية. وقد دل ذلك على وجود رتب وزارية علماً أن كاميرون لم يستخدم هذه الطريقة من قبل. ومن بين 24 وزيراً، قال ستة إنهم لن يدعموا الاتفاق وسيطلقون حملة لمغادرة الاتحاد الأوروبي.

عقد الاجتماع على أساس أن المسؤولية الجماعية للحكومة، أي المبدأ القائل بأن جميع الوزراء يجب أن يدعموا الحكومة علناً أو يغادروا، سيتم تعليقها في مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي. وقد نظر كاميرون وفريقه الداخلي في هذه القضية ولكن لم يتوصلوا إلى قرار فيها قبل عيد الميلاد في 2015، بمشورة من أمين سر مجلس الوزراء. مرة أخرى، كان أوزبورن شاذاً عن القاعدة، إذ أراد الحفاظ على المسؤولية الجماعية. وقبل عام كان كاميرون قد أيد هذا الموقف أيضاً، مشيراً إلى أنه لن يكون هناك أي تعليق.

وعلى الرغم من ذلك، وصلت الأمور إلى ذروتها في يناير 2015 بعد التهديد باستقالة كريس غرايلينغ من مجلس الوزراء، زعيم مجلس العموم البريطاني، الذي أراد القيام بحملة لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أكد له كاميرون أنه سيتم تعليق مسؤولية مجلس الوزراء. وباتخاذ هذا القرار، اتبع كاميرون على نطاق واسع النموذج الدستوري الذي استخدمه ويلسون قبل الاستفتاء الأوروبي عام 1975. ثم تم الإعلان عن القرار في البرلمان وتأكيده في محضر شخصي كتبه رئيس الوزراء بالتشاور مع أمين سر مجلس الوزراء، ووجهه لجميع زملائه الوزاريين. أشار المحضر إلى أن تطبيق التعليق لن يتم إلا بعد اجتماع مجلس الوزراء الذي يقرر موقف الحكومة، وإلى أنه لن يتعدى مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي، كما أنه سيقيد الدعم الذي يمكن أن يقدمه الموظفون المدنيون للوزراء المعارضين بشأن هذه القضية. ثم تمت مناقشته لاحقاً في جلسة سياسية لمجلس الوزراء (لم يحضرها المسؤولون) حدد فيها كاميرون كيف ستسير العملية. والجدير بالذكر أن بوريس جونسون، الذي تم انتخابه حديثاً نائباً في البرلمان وعمدة لندن حتى مايو 2016، حضر هذا الاجتماع على الرغم من أنه لم يكن عضواً في مجلس الوزراء بكامل هيئته.

معظم التحليلات التي تتناول الأساس المنطقي وراء قرار استفتاء كاميرون تميل بمعظمها إلى التركيز على إدارة حزبه، ونهوض حزب يوكيب. حتى أن شيبمان يرى أن القرار كان حتمياً تقريباً بعد أول تمرد كبير في صفوف النواب المحافظين لصالح إجراء استفتاء في أكتوبر 2011. وفي حين أن تلك الضغوط تعتبر مهمة، فقد جادل هذا المقال بأن الفهم الكامل لقرار استفتاء كاميرون يحتاج إلى تضمين الأساس المنطقي للسياسة المعتمدة في ضوء اتجاه الاتحاد الأوروبي في أعقاب أزمة منطقة اليورو.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الناجح يحتاج إلى إدارة حزبه، وحزب يوكيب والناخبين، فيما يدير في الوقت نفسه أجندة السياسة الأوروبية. ويساعدنا ذلك في فهم سبب اقتناع كاميرون في عام 2012 بفرصة استخدام الوعد بإجراء استفتاء لإدارة رأي المحافظين وتقويض يوكيب وتحقيق تسوية أوروبية جديدة.

كانت هذه استراتيجية عالية الخطورة، ولا يمكن تفسير انجذاب كاميرون إليها إلا من خلال النظر إلى أسلوبه في تولي رئاسة الوزراء، ولا سيما شهيته غير العادية للمخاطرة وثقته في قدرته على التفاوض على تسوية جذابة، وبيعها لحزبه والفوز في الاستفتاء. وما يؤكد أهمية هذا العامل هو موقف أوزبورن، الذي واجه الظروف والتحديات أنفسهما وأيد اختياراً مختلفاً.

وعلى الرغم من ذلك، كان هناك ضعف جوهري في السياسة: فما كان يمكن تحقيقه من خلال إعادة التفاوض لم يكن كافياً لمنتقدي كاميرون، وما كان كافياً للفوز في استفتاء، لا سيما في ما يتعلق بتقييد حرية التنقل، كان سيكون مرفوضاً بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. وظهرت المعضلة لأن كاميرون، حين قرر إجراء استفتاء، كان يعتقد أن موقفه التفاوضي أقوى مما كان عليه فعلاً. وفي المقابل، لم يظهر اعتراض كافٍ في وجه هذا الافتراض، جزئياً بسبب الطريقة التي اتخذ بها كاميرون القرار، إذ كان هناك ضعف في العملية السياسية غير الرسمية التي حدثت خارج آلية التحالف. نتيجة لتلك القراءة الخاطئة لحاجة الاتحاد الأوروبي إلى معاهدة، وتحت ضغط سياسي مكثف، جرى الحديث عن احتمالات التوصل إلى تسوية أساسية جديدة مع أوروبا في وقت كانت فيه فرص التغيير الهادف تتضاءل. تلك هي فجوة التوقعات والتأملات المتزايدة التي عجزت استراتيجية الاستفتاء التي اتبعها كاميرون عن سدها.

باتريك لو، كان طالب ماجستير في كينغز كولدج لندن. اختار مقالته سيمون كيس، أمين سر مجلس الوزراء، باعتبارها أفضل ما كتب في صفوف هذا العام عن "تاريخ رئيس الوزراء- بالشراكة مع 10 داونينغ ستريت"

© The Independent

المزيد من تحلیل