Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل لجان المقاومة السودانية جديرة بإسقاط حكم العسكر؟

تمكنت من أن تصبح رقماً مهماً في العملية السياسية في البلاد

يشهد السودان منذ 25 أكتوبر حالاً من التوتر جراء تصاعد موجة التظاهرات المتواصلة في الشارع (أ ف ب)

في العام 2010، بدأت أولى محاولات تكوين لجان المقاومة في السودان، التي تقود حالياً حراك التظاهرات في الشارع السوداني ضد الاجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) بإعلانه حال الطوارئ في البلاد، والتي اعتبرتها هذه اللجان وغالبية القوى السياسية انقلاباً عسكرياً.

وتمكنت هذه اللجان، من أن تصبح رقماً مهماً في العملية السياسية في ضوء المشاورات الجارية من قبل الأطراف الدولية والمحلية للوصول لحل للأزمة السودانية، انطلاقاً من كونها تمثل الواجهة المدنية في مقاومة ما تسمية الانقلاب العسكري، لكن هل بإمكانها الوصول إلى مبتغاها وشعاراتها بإبعاد العسكريين من المشهد السياسي من خلال الوسائل والأدوات التي تتبعها لإحداث هذا التغيير؟

صمام أمان

أشار الكاتب السياسي السوداني عبدالله آدم خاطر إلى أن "ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة هي امتداد لكل التجارب والثورات الإنسانية عبر التاريخ، ويعتمد نجاحها في الدرجة الأولى على المساهمة الفعلية لكل قطاعات الوطن في المجالات المختلفة سواء في مسألة التعبير الجماهيري أو السياسي أو الثقافي الفكري أو السياسي التشريعي، وفي هذا السياق، مؤكد أن ما يجري الآن من حراك شعبي شبابي يتمثل في المسيرات والمواكب التي تخرج من حين لآخر في مدن العاصمة الثلاث وبقية المدن السودانية، وفق جداول تعدها تنسيقيات لجان المقاومة، هو عمل كبير يمثل صمام أمان لإنجاح الثورة وأهدافها ورؤيتها في حل ومعالجة قضايا البلاد في كل جوانب الحياة"، وتابع خاطر، "في تقديري أنه بعد انقلاب 25 أكتوبر وإجراءاته وتداعياته، أصبح الخط المعلن عنه في الشارع الجماهيري هو السائد، وهو الذي سوف يقرر مسيرة السودان المستقبلية سواء في الداخل أو الخارج. صحيح أن المسيرات لا تكتب المستقبل، لكن الآن انتبهت كل مكونات الدولة السودانية سواء كانت فكرية، أو ثقافية، أو تشريعية، أو قانونية، أو سيادية، أو تنفيذية، وغيرها، أنه لا بد أن يكتب للسودان مستقبل بكتاب جديد يتمثل في تأكيد مدنية الدولة وديمقراطيتها ولا مركزيتها وفيدراليتها، بالتالي، الحراك الشعبي نفسه لا يعني التحول، إلا أنه يعتبر العامل الأول في أي تحول مقبل، وفي أي تغيير يمكن أن يحدث بالشكل الذي يمكن أن يجعل البلاد دولة متنوعة في وحدتها وذات صلة مميزة مع جيرانها في الإقليم العربي والأفريقي، وعضو فاعل في الأسرة الدولية".

أضاف الكاتب السوداني، "في اعتقادي أن لجان المقاومة لم تدعِ في أي يوم من الأيام بأنها قادرة وحدها على خلق الواقع الجديد، أو بمعنى قلب نظام الحكم أو أن تقود الفعل المضاد للانقلاب، لكن أن الادعاء الأكبر بالنسبة للجان المقاومة أنها تتصدى لمسؤولية تهيئة المناخ للتغيير المقبل، بمعنى لا تفاوض الانقلاب ولا تتشارك معه في الحكم، ولا تتطلع أن تكون جزءاً منه، وهذا التزام قوي مارسته هذه اللجان وما زالت تحافظ عليه، لكنها بكل أمانة، فتحت المجال بشكل واسع وكبير للتحول الذي تحقق من خلال مبادرات مختلفة ومتنوعة، ومن أهمها مبادرات المؤسسات الجامعية التي كانت دائماً هي طليعة الاستنارة في البلاد، حيث تتولى تسهيل عملية الانتقال من الواقع الانقلابي إلى واقع مدني يستوعب القوات المسلحة وكل مؤسسات الدولة بشكل يخلق الواقع المدني الديمقراطي الفيدرالي للسودان"، ولفت إلى أنه من الملاحظ أن لجان المقاومة قامت برفع سقف مطالبها لأقصى حد، وما زالت مصرة عليه، وهو يعني عدم العودة للوراء سواء بالاحتيال أو الانقلاب أو بأي وسيلة غير موضوعية أخرى، وهذا في حد ذاته عمل وطني تحمد عليه هذه اللجان على الرغم من التضحية الباهظة الثمن والمستمرة، إذ فقدت 81 قتيلاً من شبابها، وآلاف الإصابات خلال أربعة أشهر منذ الانقلاب.

أدوات فاعلة

وأوضح الناطق الرسمي للجان المقاومة في الخرطوم محمد عمر نور، أنه "بلا شك أن أهداف لجان المقاومة حقيقية ومنطقية، وهي تعبر عن طيف واسع من الشعب السوداني الذي يلتف مع مطالبها وشعاراتها الرافضة لانقلاب 25 أكتوبر، وفي الوقت نفسه، تملك هذه اللجان من واقع التجربة، القدرة على إحداث التغيير المنشود، ولا أعتقد أن هناك ما سيمنعها من بلوغ أهدافها ما دامت الغالبية العظمى من الشعب تساندها، كما أن الأدوات والوسائل التي تستخدمها في مقاومة هذا الانقلاب فاعلة ومؤثرة، وقد تقوم بتغييرها من وقت لآخر، لكنها لا تخرج عن إطار السلمية التي تعتبر الشعار الأصيل لهذه الثورة، ولن تحيد عنها مهما مارس النظام الحاكم من عنف مفرط واستبداد في قمع التظاهرات التي تسيرها لجان المقاومة".

أضاف نور، "بكل تأكيد أن الحراك الجماهيري سيتواصل في الشارع وبوتيرة أعلى من القائم حالياً، ويرجع ذلك إلى طبيعة النظام الحاكم كونه معادياً لشعبه ولم يستطع أن يبرر ما قام به من انقلاب، فضلاً عن أنه لم يتمكن من إيجاد الحلول للأزمة الاقتصادية التي أرهقت كاهل المواطن، ولم يحدث أي إيجابيات على المستويين الداخلي والخارجي، بل إن الوضع في كل نواحي الحياة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً يتجه نحو الانهيار التام، بالتالي، سقوط هذا النظام أصبح مسألة وقت، لأنه فقد كل مقومات بقائه، فالشارع وصل إلى القناعة بأنه لا خيار غير التضحية من أجل الوطن، لذلك تجد الأسرة بكامل عددها في المسيرات، ولم تعد المواكب للشباب فقط، فكل الأعمار والفئات تشارك فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى أن رفع لجان المقاومة سقفاً عالياً للمطالب "لا شراكة، لا تفاوض، ولا شرعية مع العسكر" لم يأت من فراغ، فهؤلاء الأشخاص الذين قاموا بهذا الانقلاب يفتقدون للمصداقية، إذ خرقوا وتراجعوا عن الوثيقة الدستورية التي وقعوها مع المكوّن المدني بحضور مراقبين دوليين وإقليميين، لذلك لم يكسبوا ثقة الشعب السوداني، ولا يوجد سبب أو مبرر يجعل الآخرين يعيدون معهم التجربة ذاتها مرة أخرى، لأنهم غير جديرين بالشراكة التي تقوم على مبدأ احترام العهود والمواثيق الموقعة بين الأطراف المعنية.

وأشار الناطق الرسمي للجان المقاومة إلى أن اللجان قامت بدورها الطبيعي عند وقوع الانقلاب من خلال دفاعها المستميت عن مكتسبات الثورة بكل الوسائل السلمية المتاحة، وصحيح أن الدور السياسي يجب أن تقوم به الأحزاب السياسية، لكن تجربة الحكم السابقة وما صاحبها من اخفاقات واضحة، جعل هذه اللجان تفكر في ضرورة أن تكون لها رؤية في مستقبل الحكم في البلاد، وهذا بلا شك لا يقلل من دورها الذي تلعبه حالياً في مقاومة هذا النظام.

81 قتيلاً

ويشهد السودان منذ 25 أكتوبر حالاً من التوتر جراء تصاعد موجة التظاهرات المتواصلة في الشارع، والتي قوبلت بعنف مفرط من قبل القوات الأمنية أدى إلى سقوط 81 قتيلاً بحسب لجنة أطباء السودان المركزية، الأمر الذي وضع الشارع السوداني وقواه السياسية والعسكرية، أمام اختبار صعب في كيفية الخروج من هذه الأزمة التي باتت تتعقد يوماً بعد يوم في ظل تزايد دائرة العنف لحسم وقمع هذه التظاهرات باستخدام الرصاص الحي والمطاطي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية من ناحية، واتساع الخلاف بين المكوّنين المدني والعسكري في التعاطي مع هذه الأزمة من ناحية أخرى، ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس (آب) 2019، فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في يوليو (تموز) 2023.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي