Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القصف الجوي يتسيد المشهد بكردفان وتعزيزات ضخمة تصل الجبهات

مصادر عسكرية: ما يتداول حول تكرار سيناريو حصار مدينة الأبيض لا يستند إلى معطيات واقعية

نازحات من الفاشر في مخيم العفاد للنازحين في مدينة الدبة (أ ب)

ملخص

لا يزال الهجوم الذي شنته "الدعم السريع" على بلدة كلوقي بولاية جنوب كردفان بطائرة مسيرة استهدفت روضة لتعليم الأطفال يلقي بظلاله على وقائع هذه الحادثة، كونها أوقعت نحو 114 قتيلاً على الأقل بينهم أكثر من 60 طفلاً، في واحدة من أكثر الأحداث دموية التي تشهدها المنطقة المضطربة.

عادت حرب المسيرات إلى الواجهة في القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، إذ تشهد ولايات كردفان الثلاث، شمال وجنوب وغرب، هذه الأيام تصاعداً كبيراً في الهجمات الجوية، في وقت تراجعت الاشتباكات البرية بين القوتين منذ سيطرة "الدعم السريع" على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، التي تضم الفرقة 22 مشاة آخر قاعدة عسكرية للجيش في هذه الولاية.

وبحسب مصادر عسكرية، فإن مسيرات "الدعم السريع" هاجمت، أمس الأحد، ثلاثة مواقع بولاية شمال كردفان يسيطر عليها الجيش، منها موقع عسكري بالقرب من مدينة أم روابة أوقع قتلى وجرحى، ومحطة مواصلات في بلدة الله كريم غرب مدينة أم روابة، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بجروح متفاوتة، فضلاً عن سقوط مسيرة انتحارية بالقرب من مدرسة ابتدائية شرق مدينة الرهد من دون أن تحدث أضراراً بشرية أو مادية. في حين استهدفت مسيرات تتبع الجيش محيط مدينة الخوي بولاية غرب كردفان التي تسيطر عليها "الدعم السريع"، مما أدى إلى تدمير عدد من المركبات القتالية للأخيرة.

في المقابل، أفادت تقارير ميدانية عن دفع طرفي الحرب بتعزيزات عسكرية ضخمة في محاور القتال المختلفة بإقليم كردفان، إذ شوهدت آليات ومتحركات عسكرية للجيش تتجه نحو مناطق سيطرته في هذا الإقليم، بينما دفعت "الدعم السريع" بمنظومات دفاعية متقدمة ومركبات قتالية نحو مدينة أبو زبد بولاية غرب كردفان، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية إضافية إلى المنطقة، وذلك برفقة قوات جديدة، وهو بحسب تلك التقارير بمثابة تمهيد لتوسيع العمليات العسكرية باتجاه محوري الدبيبات بولاية جنوب كردفان، وكازقيل بولاية شمال كردفان، مما يرفع احتمالات التصعيد الميداني خلال الفترة المقبلة.

تأتي هذه التطورات في وقت لا يزال الهجوم الذي شنته "الدعم السريع" على بلدة كلوقي بولاية جنوب كردفان بطائرة مسيرة استهدفت روضة لتعليم الأطفال يلقي بظلاله على وقائع هذه الحادثة، كونها أوقعت نحو 114 قتيلاً على الأقل بينهم أكثر من 60 طفلاً، في واحدة من أكثر الأحداث دموية التي تشهدها المنطقة المضطربة.

ولاقت هذه الواقعة تنديداً ورفضاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجماعات حقوقية وأحزاب سياسية، إذ نادت جميعها بمحاسبة الجناة.

ووصف رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، هذا الهجوم بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان، مشيراً إلى أن "الدعم السريع" استوفت كل قواعد تصنيفها كتنظيم "إرهابي" يستهدف المدنيين حتى ولو كانوا أطفالاً.

وطالب إدريس المنظمات الدولية والحقوقية بضرورة إدانة الحادثة البشعة وغير المسبوقة التي ارتكبتها هذه القوات ومن يقف وراءها بالتخطيط والتمويل والتدريب.

عرقلة الهدنة

من جانبها، اتهمت قوات "الدعم السريع" الجيش بخرق الهدنة الإنسانية المعلنة من جانبها، من خلال رصد حدد المناطق المستهدفة ونوعية الطائرات (المسيرة) المستخدمة في الهجوم.

 

وأشار بيان للمتحدث الرسمي لـ"الدعم السريع" الفاتح قرشي، إلى أنه بحسب التقارير الميدانية فقد شهدت الفترة من الرابع حتى السادس من ديسمبر الجاري سلسلة من الاعتداءات نفذتها طائرات مسيرة تابعة للجيش من طرازي "أكانجي" و"بيرقدار" تركيتي الصنع، حيث قصفت منطقة كازقيل بشمال كردفان والدِبيبات والحمادي بجنوب كردفان، بجانب استهداف قافلة مساعدات إنسانية في منطقة جبرة الشيخ، فضلاً عن قصف معبر أدري الإنساني عند بوابة أدكونق بغرب دارفور.

ودان البيان "اعتداءات" الجيش ومحاولاته عرقلة الهدنة المعلنة لـ"أغراض إنسانية"، مؤكداً مواصلة قوات "الدعم السريع" جهودها في التوثيق وكشف الحقائق للرأي العام المحلي والدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حصار الأبيض

في الأثناء، أشارت مصادر عسكرية مقربة للجيش إلى أن ما يتداول من حديث حول اتجاه "الدعم السريع" نحو تكرار سيناريو حصار مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان لا يستند إلى معطيات واقعية على الأرض، رغم استمرار محاولات التحشيد التي تقوم عليها تلك القوات منذ أشهر.

وأكدت تلك المصادر أن الوقائع الحالية تشير إلى أن جميع محاور القتال بعد سقوط مدينة بابنوسة مستقرة إلى حد كبير، من دون وجود مؤشرات تدل على تحرك فعلي لـ"الدعم السريع" باتجاه الأبيض، على رغم مما تطلقه من إشاعات مكثفة لإيهام السكان بوجود تهديد وشيك من قبلها.

وبينت المصادر ذاتها أن مدينة الأبيض تختلف جذرياً عن المدن التي سقطت سابقاً، من ناحية أنها تعد مركز قيادة متقدم للجيش، وقاعدة عملياتية رئيسة في إقليم كردفان، الأمر الذي يجعل استهدافها أكثر تعقيداً مقارنة بالمناطق التي كانت محاصرة قبل السيطرة عليها من قبل قوات "الدعم السريع"، فضلاً عن أن خطوط الإمداد نحو المدينة مؤمنة، إضافة إلى أن البيئة العملياتية المحيطة بها تخضع لرقابة عسكرية مشددة.

وبحسب هذه المصادر فإن الجيش اعتمد نهج الانسحابات التكتيكية من بعض المناطق المحاصرة لتجنيب المدنيين القتال، إلى جانب فتح المجال أمام الوكالات الدولية لرصد الانتهاكات التي وقعت لاحقاً من جانب عناصر "الدعم السريع"، والتي كشفت بدورها دوراً خارجياً متصاعداً في تغذية الصراع.

ومن المعلوم أن ولاية شمال كردفان تعد واحدة من أبرز مناطق النفوذ العسكري في السودان، وهو ما يعكس أهمية الولاية في المشهد الميداني، إذ تشكل عاصمة هذه الولاية (الأبيض) مركزاً استراتيجياً لإدارة العمليات العسكرية في المنطقة، بما يضمن للجيش السيطرة على المحاور الحيوية الممتدة عبر شمال كردفان.

استدراج واستنزاف

يرى مراقبون عسكريون أن الجيش نجح من خلال عملياته الاستطلاعية المكثفة في كردفان باستدراج أكبر تجمعات لـ"الدعم السريع" إلى مناطق مفتوحة يسهل التعامل معها جوياً، وهو ما يعد استنزافاً لهذه القوات، في وقت أصبحت تلك القوات تعاني من صعوبات لوجيستية في المناطق المفتوحة، بخاصة مع تراجع عمليات الإمداد.

وعد هؤلاء المراقبون انتقال المعارك إلى وسط كردفان بمثابة مرحلة حاسمة تهدف إلى تقليص قدرات قوات "الدعم السريع" وإبعادها عن مناطق الإمداد الحدودي التي استفادت منها في الفترات السابقة، في ظل التغير الواسع في طبيعة العمليات العسكرية الجارية بين طرفي الحرب.

ورأى المراقبون أن استدراج هذه القوات إلى عمق كردفان جاء ضمن خطة تهدف لإضعافها في منطقة لا تتمتع فيها بميزة الدعم اللوجيستي، إضافة إلى كونها منطقة تقع بالكامل تحت مدى الطيران، مما يجعل منظوماتها الجوية عرضة للتدمير المتكرر وعدم قدرتها على الحركة لمسافات طويلة.

اغتصاب جماعي

إلى ذلك، أفادت شبكة أطباء السودان أنها وثقت تعرض 19 امرأة للاغتصاب أثناء نزوحهن من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إلى مدينة الدبة بالولاية الشمالية، على يد أفراد ينتمون لقوات "الدعم السريع".

وذكرت في بيان أن من بين الناجيات امرأتين حاملتين تتلقيان رعاية صحية خاصة من فرق طبية محلية، في ظل أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة، وسط تزايد أعداد الفارين من المعارك في إقليم دارفور.

ودانت الشبكة بأشد العبارات ما وصفته بعمليات الاغتصاب الجماعي التي تتعرض لها النساء الهاربات من الفاشر، لافتة إلى أن هذه الاعتداءات تمثل استهدافاً مباشراً للنساء وتعدياً واضحاً على القوانين الدولية التي تجرم استخدام العنف الجنسي سلاحاً ضد المدنيين، في وقت أن استمرار هذه الانتهاكات يعكس تطوراً خطراً في استهداف الفئات الأشد ضعفاً.

وطالبت الأمم المتحدة والآليات الحقوقية الدولية باتخاذ خطوات عاجلة، تشمل توفير حماية للنساء والأطفال في طرق النزوح، وإرسال فرق تحقيق مستقلة لتقصي الحقائق، إضافة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية والطواقم الطبية بأمان. ودعت أيضاً إلى ممارسة ضغوط جدية على قيادة قوات "الدعم السريع" لوقف الاعتداءات واحترام القانون الدولي الإنساني وتأمين ممرات آمنة للمدنيين.

وفر عشرات الآلاف من مدينة الفاشر في أعقاب سيطرة "الدعم السريع" عليها أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي نحو مدينة الدبة بالولاية الشمالية، إذ يقيمون في مخيمات بمنطقة العفاض في ظل أوضاع إنسانية بالغة التعقيد.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات