شهد العراق عدداً من الأحداث والتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية خلال عام 2021، كان لها تأثير قوي في الشارع المحلي وانعكاسات مهمة على المستوى الإقليمي.
الانتخابات العراقية
نظّم العراق في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي انتخابات برلمانية مبكرة، بعد نحو عامين من تظاهرات تشرين الأول المطالبة بإصلاح النظام السياسي ومحاسبة الفاسدين، وجاءت بعد نحو عام وسبعة أشهر من تسلّم حكومة مصطفى الكاظمي إدارة البلاد، والتي وعدت بتنظيمها بشكل يعيد الثقة بالمنظومة السياسية العراقية والدولة، بعد أن تلاشت شعبياً خلال الأعوام الماضية، في وقت كانت التكهنات من قبل جهات سياسية بتأجيل الانتخابات، إلا أنها أُجريت في موعدها المحدد.
اللافت في هذه الانتخابات، أنها حققت أكبر عملية تغيير شهدها مجلس النواب العراقي منذ عام 2006، إذ غيّرت نحو 80 في المئة من وجوه البرلمان السابق. ولهذا، فإن الاعتراضات التي وصلت إلى حد التهديد بتخريب السلم المجتمعي من قبل الخاسرين، لم تكُن من فراغ بل من إحساس القيادات الشيعية في الإطار التنسيقي الذي يُعدّ خيمة الخاسرين.
محاولة اغتيال الكاظمي
ولعل الحدث الأبرز عام 2021، المحاولة الفاشلة لاغتيال الكاظمي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) عبر طائرات مسيّرة استهدفت مقر إقامته وجاءت بعد يومين من اشتباكات عنيفة في بغداد بين قوات الحكومة وأنصار أحزاب سياسية مدعومة من إيران، خسرت عشرات المقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة.
وقوبلت محاولة الاغتيال بحملة انتقادات لاذعة داخلياً وخارجياً، فيما نفت الجماعات المسلحة الموالية لإيران صلتها بها.
العلاقة مع الفصائل
استمر تأزم العلاقة بين رئيس الحكومة العراقية وقادة الفصائل الشيعية الموالية لطهران في 2021، لكنه بلغ مرحلة خطيرة في شهر مارس (آذار) الماضي، بعد اعتقال الاستخبارات قائد الحشد الشعبي في الأنبار قاسم مصلح، إذ اقتحمت مجموعات تابعة لهذه الميليشيات المنطقة الخضراء وحاصرت مكتب الكاظمي لأيام عدة قبل أن يقرر القضاء العراقي الإفراج عن مصلح لعدم كفاية الأدلة المتعلقة باتهامه بالفساد والمسؤولية عن قتل الناشطين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت هذه المواجهة صعوبة التصدي لهذه الجماعات من دون دعم دولي وتأييد شعبي كبير، كونها تغلغلت في معظم مؤسسات الدولة.
ملف الأمن و"داعش"
واصل تنظيم "داعش" هجماته على أطراف محافظات ديالى وكركوك ونينوى وصلاح الدين وبنسبة أقل في الأنبار، واستهدفت نقاط التفتيش التابعة لمختلف صفوف القوات العراقية والدوريات العسكرية والقرى والأرياف التي تضم مدنيين، يراهم التنظيم متعاونين مع الأجهزة الأمنية.
وتقدّر جهات أمنية ومتابعين للملف الأمني حصيلة ضحايا الهجمات التي شنّها "داعش" بنحو 900 شخص بين قتيل وجريح، وعلى الرغم من سيطرة التنظيم للمرة الأولى على منطقة منذ طرده من جميع المدن العراقية في نهاية 2017 وهي قرية لهبيان في محافظة كركوك لساعات، إلا أنه فشل في استعادة نشاطاته داخل المدن العراقية، باستثناء الهجوم المزدوج في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي استهدف المدنيين في ساحة الطيران وسط بغداد وراح ضحيته 37 قتيلاً وأكثر من 70 جريحاً.
فيما شهد عام 2021 القبض على عدد من القادة البارزين لـ"داعش"، منهم أبو غزوان الزوبعي الملقب بـ"أبوعبيدة بغداد" بعد أكثر من خمسة أعوام على إشرافه على أكبر تفجير شهدته العاصمة العراقية خلال الأعوام العشرة الماضية، وراح ضحيته نحو 500 شخص بين قتيل وجريح في منطقة الكرّادة، إضافة إلى عدد من العمليات الإرهابية في مناطق بغداد، فضلاً عن مقتل قيادات في التنظيم منها أبو ياسر العيساوي الذي يطلق على نفسه "نائب الخليفة" ووالي العراق. ويرى مراقبون أن تعاوناً استخبارياً بين الحكومة ودول صديقة أسهم في اعتقال قيادات التنظيم وقتل عدد منهم، لا سيما أن بعض هؤلاء أُلقي القبض عليه خارج البلاد.
إنهاء وجود القوات الأميركية القتالية
أثار ملف وجود القوات الأميركية في العراق جدلاً واسعاً، خصوصاً في ظل انقسام شعبي وسياسي بشأن هذا الأمر ما بين مؤيد لبقاء هذه القوات، تحديداً القتالية منها، ودعوات لخروجها من قبل الأحزاب والفصائل الشيعية الموالية لإيران.
وأسفرت الاجتماعات ما بين وزيري الخارجية في العراق والولايات المتحدة في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين عبر دائرة مغلقة عن تفاهم حول ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين وإعادة صياغة العلاقات العسكرية والسياسية بين الجانبين .
لكن البارز في هذا الملف، اتفاق الرئيس الأميركي جو بادين مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال لقائهما في البيت الأبيض على سحب القوات القتالية الأميركية نهاية العام الحالي، وجعل العلاقة العسكرية بين البلدين استشارية واستخبارية وهذا ما تم خلال الأسابيع الماضية، إذ سلّمت قوات التحالف الدولي أكثر من 1000 مركبة ومعدات إلى القوات العراقية كانت تستخدمها قبل الانسحاب.
الانفتاح الدولي على العراق
في المقابل، مثّلت زيارة البابا فرنسيس إلى البلاد في مارس 2021، حدثاً تاريخياً بالنسبة إلى العراق منذ تأسيسه وجذبت الأنظار مجدداً إليه من مختلف دول العالم، فكانت هذه الزيارة التي استمرت أياماً وشملت بغداد والنجف وأور في ذي قار وأربيل والموصل، بمثابة نجاح مهم للحكومة في تحسين صورة العراق أمام المجتمع الدولي.
كما مثّلت القمة الثلاثية التي عُقدت في بغداد بين زعماء العراق ومصر والأردن، فضلاً عن قمة دول الجوار العراقي التي شارك فيها زعماء عرب بارزون مثل الرئيس المصري والعاهل الأردني وأمير قطر وولي عهد دبي والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكويتي، خطوتين مهمّتين إضافيتين لاستعادة العراق مكانته العربية والإقليمية بعد أعوام طويلة من العزلة.
وجاء مهرجان بابل الدولي بمشاركة عربية ودولية واسعة وتنظيم العراق لبطولة غرب آسيا لكرة القدم كرسائل مهمة أيضاً حول جدية الحكومة في إيجاد صورة جديدة مغايرة لما حملته البلاد من لون واحد يمثل الإرادة الإيرانية في غالبية توجهاتها السياسية.
الاقتصاد والطاقة والمياه
سجّل العراق خلال 2021، إيرادات بقيمة 81.659 تريليون دينار (أكثر من 55 مليار دولار) لغاية أكتوبر الماضي، بارتفاع قدره 47 في المئة، مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق. وجاء ارتفاع تلك الإيرادات نتيجة زيادة أسعار النفط المصدر لتشكّل 90 في المئة من إجمالي الإيرادات، مدعومة بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار.
وأعلن البنك الدولي أن "الناتج المحلي الإجمالي للعراق نما في النصف الأول من عام 2021، بنسبة 0.9 في المئة على أساس سنوي (سنوياً)، كما نما الاقتصاد غير النفطي بأكثر من 21 في المئة.
وأدّى تراجع الإيرادات المائية سواء من إيران وتركيا والأمطار إلى خفض المساحات المزروعة في البلاد وإلى هبوط كبير في إنتاج القمح العراقي، إذ بلغ 3.5 مليون طن بعدما كان 4.75 مليون طن عام 2020.
وتتوقع وزارة الزراعة العراقية أن يتراجع الإنتاج إلى 2.5 مليون طن بسبب الجفاف خلال 2022، مما يمثّل تهديداً للأمن الغذائي القومي.
النفط والطاقة
خلال عام 2021، وقّع العراق على سلسة من الاتفاقات الجديدة مع شركة "توتال" لتطوير حقوله النفطية جنوب البلاد وشركات أخرى بهدف رفع الإنتاج إلى 6 ملايين برميل يومياً عام 2025. وينتج العراق حالياً نحو 4 ملايين برميل وبموجب اتفاق "أوبك" الجديد، سيصبح الرقم نحو 4.2 مليون برميل يومياً.