Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتفاقات التجارية تكبد بريطانيا خسائر بعشرات أضعاف ما تكسبه من "بريكست"

حصري: إنها لا تقدم سوى أقل من نصف جنيه استرليني للفرد كل سنة

يافطة تشير إلى تناقض البروتوكول الموقع بشأن إيرلندا الشمالية لمرحلة ما بعد "بريكست"، مع "اتفاق بلفاست" للسلام فيها (رويترز)

تبين أرقام حكومية أن المنفعة الاقتصادية للاتفاقات التجارية الجديدة التي أبرمها (رئيس الوزراء) بوريس جونسون بعد "بريكست" لن تتجاوز ما يتراوح بين ثلاثة إلى سبعة جنيهات استرلينية (من 4.05 إلى 9.44 دولار) للشخص خلال السنوات الـ 15 المقبلة.

ويُعد ذلك الدعم الاقتصادي البسيط الذي يساوي 0.01 إلى 0.02 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويقل عن 50 بنساً للشخص سنوياً، ضئيلاً أمام الضربة الاقتصادية الناجمة عن مغادرة الاتحاد الأوروبي التي تقدرها الحكومة بأربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها.

ووفق تحليل أسندته "اندبندنت" إلى أكاديميين بارزين في "مرصد السياسات التجارية البريطانية" التابع لـ "جامعة ساسكس"، فإن اتفاقات التجارة الحرة التي افتُخر بها كثيراً "بالكاد تؤثر تأثيراً طفيفاً في التحدي الماثل أمام المملكة المتحدة على صعيد تعويض الخسائر التي تكبدها الناتج المحلي الإجمالي بسبب مغادرة الاتحاد الأوروبي".

وفي وقت سابق، افتخر السيد جونسون بأن تلك الاتفاقات تنشئ "فجراً جديداً" وتمثل "بريطانيا العالمية في أفضل أحوالها"، لكن ليس سوى اتفاقان من المتوقع أن يتركا أثراً اقتصادياً قابلاً للقياس، من بين عشرات الاتفاقات المعلنة منذ مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي.

وتشير تقديرات رسمية وضعها "مكتب مسؤولية الموازنة" إلى خسارة بسبب "بريكست" تفوق 1250 جنيهاً للشخص خلال السنوات المقبلة، ما يفوق بـ 178 ضعفاً التوقع الأكثر تفاؤلاً في شأن المنافع المترتبة على الاتفاقات التجارية.

وكذلك يشير التحليل إلى أن الأغلبية العظمى من اتفاقات التجارة الحرة المعلنة من الحكومة، كتلك المبرمة مع كوريا الجنوبية أو سنغافورة أو فيتنام، تشكل ببساطة محاولات لاستبدال الاتفاقات التي تربط بين هذه البلدان مع الاتحاد الأوروبي التي تمتعت بها بريطانيا سابقاً بصفتها عضواً في تلك الكتلة الأوروبية.

واستطراداً، كتب كبير الاقتصاديين التجاريين، الأستاذ إل ألان وينترز، الذي أجرى التحليل مع مسؤول البحوث في المركز، غييرمو لارباليستيير، "لا تضيف (تلك الاتفاقات) شيئاً إلى التجارة البريطانية، بل إنها في الواقع مؤذية في شكل بسيط جداً لتلك التجارة، لأنها (الاتفاقات) ليست نسخاً كاملة (عن تلك المبرمة من الاتحاد الأوروبي)".

وتبنى حزب العمال الاستنتاجات مشيراً إلى أن الحكومة "قامرت" بازدهار بريطانيا وخسرت، ودعت المعارضة إلى تحسين الاتفاق التجاري بالحد الأدنى الذي أبرمه السيد جونسون مع الاتحاد الأوروبي ضمن "بريكست"، كي تتمكن المملكة المتحدة من "وقف النزف الذي تعانيه تجارتنا مع أوروبا".

وفي المقابل، زعم مصدر في وزارة التجارة الدولية أن التحليل استند إلى أرقام "قديمة وثابتة"، على الرغم من أن معظم البيانات لم تصدر إلا في الصيف الماضي، ضمن الحجة الاستراتيجية الحكومية لمصلحة الاتفاقات.

وقد تناول متحدث باسم وزارة التجارة الدولية تلك الاستنتاجات، مشيراً إلى أن "توقعات التجارة العالمية التي أصدرناها في سبتمبر (أيلول) تبين أن مركز الثقل في التجارة العالمية يبتعد من أوروبا ويقترب من الأسواق التي تنمو بسرعة في منطقة آسيا المحيط الأطلسي، وتنص استراتيجيتنا على ربط الاقتصاد البريطاني بأسواق المستقبل هذه، واغتنام الفرص الاقتصادية الضخمة بصفتنا بلداً تجارياً رشيقاً ومستقلاً".

من زاوية مغايرة، وفق التحليل المعد لمصلحة "اندبندنت"، فإن الاتفاق الجديد مع اليابان نفسها، الذي قدمته الحكومة البريطانية باعتباره مكسباً مهماً يفوق المتفق عليه بين اليابان والاتحاد الأوروبي، "منمذجة في شكل قريب جداً من الاتفاق الأوروبي الياباني، مع فوارق صغيرة قليلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تلك الحال فمن المتوقع أن يتفوق تغيير تقني في القواعد الحدودية قوامه وضع بعض المصدّرين البريطانيين في وضع غير مؤات بالمقارنة مع نظرائهم الأوروبيين، على توسع قليل في التجارة الرقمية.

وإذ أخذ الأكاديميان الاتفاق الأوروبي الياباني في الاعتبار، فقد كتبا "قياساً إلى عدم وجود اتفاق، قدرت الحكومة أن [الاتفاق مع اليابان] سيزيد الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بواقع 1.5 مليار جنيه (0.07 في المئة، أو 22 جنيهاً للفرد)، لكن قياساً إلى ما كانت المملكة المتحدة لتحققه من دون بريكست ستكون النتائج ضئيلة أو سلبية".

وفي حال الاتفاقات المبدئية مع أستراليا ونيوزيلندا وحدهما، فمن المتوقع تحقيق منفعة اقتصادية جديدة، لكن البلدين يمثلان جزءاً من تجارة المملكة المتحدة أصغر من أن يمكنهما من ترك أثر كبير.

ويشير التحليل أيضاً إلى أن الاتفاقين لم يُوقعا أو يُقرا بعد، وما زالا حتى الآن "اتفاقين مبدئيين".

وأضاف المصدر في وزارة التجارة الدولية أن الحكومة رغبت في "موجة (إضافية) من الاتفاقات التجارية مع اقتصادات رئيسة مثل الهند وكندا والمكسيك وبلدان الخليج"، على الرغم من أن تلك الاتفاقات لم تتبلور بعد، وتوقفت الحكومة خلال الأشهر الأخيرة عن الزعم بأنها تقترب من اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وقد اعتبرته سابقاً بمثابة الجائزة الكبرى، بعدما بددت هزيمة دونالد ترمب الانتخابية أي أمل بإبرامه قريباً.

في المقابل، استبعد الأكاديميان في "مرصد السياسات التجارية البريطانية" الفكرة القائلة إنه من المتصور أن تواجه الاتفاقات التجارية يوماً الضرر الاقتصادي الناجم عن "بريكست".

وفي ذلك الصدد كتب الأكاديميان، "تبلغ حصة الشركاء غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حوالى نصف التجارة البريطانية الإجمالية، وهكذا فمن أجل مواجهة خسارة أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي التي توقعها "مكتب مسؤولية الموازنة" يتوجب توليد زيادة أربعة في المئة في الناتج المحلي الإجمالي البريطاني من توقيع اتفاقات مع كل شريك من هؤلاء الشركاء، ولا يبدو ذلك الهدف موجوداً في الأفق وفق الأرقام المتوافرة".

وأضافا، "الإجابة الحزينة هي أن الحكومة سعيدة بأن تقبل باسمنا الخسائر الناجمة عن بريكست في مقابل منافع سياسية (السيادة)، ولا تؤدي الاتفاقات التجارية المبرمة مع بلدان أخرى سوى أفضل دور سيء من المنظور الاقتصادي".

وفي الإطار نفسه، تحدثت وزير التجارة الدولية في حكومة الظل إميلي ثورنبيري إلى "اندبندنت"، معربة عن اعتقادها بأن "الحكومة أقدمت على مقامرة كبيرة، إذ توقعت أن نعوض الخسائر المترتبة على اتفاقها الفاشل الخاص ببريكست من خلال زيادة تجارتنا مع سائر العالم، وفي المقابل يبين هذا التحليل أن هذه المقامرة جاءت محكومة بالفشل دوماً، حتى في ضوء أرقام الحكومة نفسها".

وأضافت، "لقد آن أوان تغيير المسار. لا تستطيع الحكومة مواصلة المكابرة بسياسات لا تحقق نجاحاً. نحن بحاجة إلى عمل بديل يوقف نزف تجارتنا مع أوروبا، ويسد الفجوات المتضمنة في الاتفاق الخاص ببريكست".

© The Independent