Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قد لا يروق الأمر لمؤيدي البقاء في أوروبا لكن جونسون وفروست يسجلان نجاحاً في مواجهة الاتحاد

المقترحات الأوروبية لتحسين بروتوكول إيرلندا الشمالية تعتبر تنازلاً مهماً

قبل الاتحاد الأوروبي الموقف الذي حددته حكومة بوريس جونسون في المقام الأول (أ ف ب)

عناوين بعض الصحف البريطانية لا تبدو تحديداً مقدمة لمفاوضات بناءة. صحيفة "ديلي تيليغراف" قالت: "الاتحاد الأوروبي يستسلم في قضية النقانق البريطانية التي تباع في إيرلندا الشمالية". أما"ديلي ميل"فاعتبرت القضية "تراجعاً (أوروبياً) كبيراً"، لكنني لا أعتقد أنهم مخطئون تماماً.

ما يصدم قارئ المقترحات الأوروبية الجديدة التي نشرت أخيراًوالتي تسعى إلى تحسين تطبيق بروتوكول إيرلندا الشمالية، هو إلى أي مدى تعكس المقترحات رؤية بوريس جونسون عن سبل عمل تلك الإجراءات (في الأساس). الخطط تقترح خفض عدد عمليات الكشف على البضائع المتجهة من مناطق المملكة المتحدة المختلفة إلى إقليم إيرلندا الشمالية، عبر توسيع لوائح البضائع التي لا تمثل "خطراً" يمكن من خلاله انتقالها من الإقليم إلى الجمهورية الإيرلندية، ومنها إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وستحتاج شاحنة تحمل مأكولات وجهتها متاجر التجزئة في إقليم إيرلندا الشمالية إلى شهادة صحية واحدة بدلاً من شهادات خاصة بكل نوع من أنواع تلك الأغذية)، كما سيرفع الاتحاد الأوروبي الحظر على انتقال الأدوية.

كل ذلك هو تقريباً ما كان يتصوره جونسون خلال حملته الانتخابية الماضية عندما أصر أن اتفاق "بريكست" الذي توصل إليه لن يتضمن حدوداً (جمركية) في البحر الإيرلندي،ولطالما تردد اقتباسكلامه المؤكد لذلك في مقابلة أجريت على قناة سكاي نيوز مع المذيعة صوفي ريدج حين قال في وسط حملته الانتخابية، "لن تكون هناك أي رقابة إطلاقاً على البضائع المنقولة بين إقليم إيرلندا الشمالية وبالعكس"، ولكن ما لا ينقل عن جونسون هو الجزء التالي والتوضيح الذي أضافه بعد عدة جمل في المقابلةنفسها، "إجراءات المراقبة الوحيدة التي قد تجريستقتصر على البضائع المتجهة من المملكة المتحدة إلى الجمهورية الإيرلندية من طريق إقليم إيرلندا الشمالية، حينها قد تخضع الشحنات للإجراءات الجمركية على حدود الإقليم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لو كنا متسامحين مع رئيس الوزراء فإن تصريحه الأساس يمكن الاجتهاد بتفسيره "أنه لن تكون هناك مراقبة إضافية"، لأنه لطالما كانت هناك معايير صحية مطبقة على واردات الأغذية إلى الجزيرة الإيرلندية في السابق،باستثناء عدد محدود من البضائع المتجهة إلى الجمهورية (الإيرلندية). لكن لو كان جونسون مذنباً بتبسيطه الموضوع إلى حد كبير، فإن الاتحاد الأوروبي هو مذنب بالمثل لإضافته تعقيدات غير ضرورية عبر الإصرار على فرض الرقابة على السلع المتجهة بشكل واضح إلى متاجر التجزئة في إقليم إيرلندا الشمالية.

إذاً وعلى الرغم من أن استخدام عبارات "الاستسلام" و"التراجع" غير مفيدة، فإنه صحيح أيضاً أن الاتحاد الأوروبي قد وافق الآن على الموقف الذي أصرت عليه الحكومة البريطانية منذ البداية. هناك تفاصيل عالقة أخرى مثل تلك المتعلقة بانتقال الحيوانات الأليفة والتي يتوجب علينا حلها، ولكن يبدو أن الجانبين في إمكانهما التوصل إلى اتفاق يسمح بانتقال أغلبية البضائع من دون "عوائق تذكر" في داخل المملكة المتحدة بما فيها إقليم إيرلندا الشمالية.

المشكلة تكمن حالياً بأن الجانب البريطاني قد قام بتغيير أهدافه، وهو يصر حالياً على إعادة صياغة وكتابة البروتوكول برمته وإلغاء أي اختصاص لمحكمة العدل الأوروبية في إقليم إيرلندا الشمالية، ففيما يمكن إدخال التعديلات على القوانين والإجراءات الناظمة لنقل البضائع على البروتوكول نفسه، فإن حظر حاكمية المحكمة الأوروبية سيعني أن البروتوكول نفسه، والذي يشكل جزءاً من معاهدة، هو أمر قد يتطلب عملية إعادة تفاوض بشأنه.

طلب المملكة المتحدة قدم في شهر يوليو (تموز) الماضي عندما نشر اللورد فروست وزير شؤون "بريكست" مسودة مشروعه حول مستقبل البروتوكول.

السبب في رغبته تغيير ذلك غير واضح تماماً. المعلن حيال موقفه من القضية هو أنه وافق (في حينه) على منح اختصاص لمحكمة العدل الأوروبية بسبب الظروف القاهرة وضغوط ضرورة توقيع بريطانيا على الاتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك يبدو جلياً، فلو كان إقليم إيرلندا الشمالية ليبقى جزءاً من السوق الداخلية الأوروبية لغرض وسبب ما، لذلك كان الإقليم سيبقى جزءاً من الاتحاد الأوروبي ولذلك يخضع لقوانينه.

وكما ذكر مسؤول أوروبي، "كانت هناك أسباب موجبة دعت إلى استمرار المفاوضات حول البروتوكول ثلاثة سنوات ونصف السنة، لأن مواضيعه كلها كانت صعبة ونحن نعتقد أننا توصلنا إلى الحل الوحيد العملي الممكن".

فاستمرار دور (الاختصاص) للمحكمة الأوروبية لم يسبب أي مشكلة عملانية ولا يبدو أنه سيتسبب بذلك في المستقبل القريب، لذلك كانت هناك محاولات عدة لمحاولة فهم الأسباب الحقيقية وراء محاولة فروست وبوريس جونسون تمزيق الاتفاق الذي وافقا عليه قبل عامين.

أحد تلك الأسباب هو رغبتهما في إبقاء الحرب حول "بريكست" مشتعلة [متقدة]، لأنها توحد الناخبين المؤيدين للخروج من أوروبا حول هدف واحد. ربما يبدو ذلك أمراً معقدا قليلاً، خصوصاً لأن ذلك يعني أن حكومة المملكة المتحدة سيكون عليها الاعتراف بأمر، من وجهة نظرها (كحكومة) مؤيدة للخروج، كان حرياً بها ألا تقدم عليه (كحكومة).

تفسير آخر محتمل هنا، هو مسألة كون الانسحاب من المحكمة الأوروبية موقف تفاوضي تمليه حسابات الضغط على الاتحاد الأوروبي، يصار إلى التخلي عنه وقت التوصل إلى حل وسط بخصوص القضايا التي تهم (بريطانيا فعلاً).

التغير الذي شهده الموقف الأوروبي يبدو أنه يعزز موقف فروست الذي يدعو إلى التصعيد والمبالغة في سقف المطالب البريطانية، ومن ضمنها التهديد بتعليق العمل بالبروتوكول عبر اللجوء إلى البندالـ 16المخصص لحالات الطوارئ.

لكن هناك احتمالاً ثالثاً وهو قلق جونسون وفروست من أن شعبية البروتوكول في أوساط الوحدويين في إقليم إيرلندا الشمالية قد تراجعت إلى درجة أنه أصبح محتملاً أن يصوت برلمان الإقليم ضده (البروتوكول) خلال انتخابات 2024، وفق آلية المصادقة التي صممت لمنح أهل إيرلندا الشمالية حق المشاركة بتقرير مستقبلهم، وعلى الرغم من أن معظم الأحزاب في برلمان الإقليم المحلي مؤيدة للبروتوكول بشكل عام، وهم في الأغلب سيواصلون دعمه في انتخابات العام المقبل، فإن الرأي العام في إقليم إيرلندا الشمالية منقسم بشكل متساو حياله، وقد يتطلب الأمر تغييراً رمزياً كبيراً، إضافة إلى تسوية براغماتية حول الإجراءات الناظمة لحركة البضائع لمنع حدوث ذلك.

مهما كانت الأسباب وراء الموقف البريطاني الجديد، فإن جونسون وفروست قد نجحا بتحقيق كل ما كانا يطمحان إلى تحقيقه، وعلى أنصار البقاء في أوروبا الترحيب به لأنه في غياب إمكان إلغاء عملية "بريكست" برمتها، تصب هذه التسوية البراغماتية في صلب حماية مصالح أهل إقليم إيرلندا الشمالية.

© The Independent

المزيد من آراء