Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات لتحييد المؤسسة العسكرية في تونس عن الصراعات السياسية

"انتشار عناصر الجيش في محيط البرلمان أو عدد من المؤسسات الحيوية الأخرى يدخل في صلب مهامه وهي تأمين المنشآت الحيوية"

عنصر من الجيش التونسي أمام مبنى البرلمان (أ ف ب)

دعت أحزاب تونسية في بيان مشترك، أصدرته الجمعة 17 سبتمبر (أيلول) 2021، المؤسسة العسكرية في تونس "إلى عدم الانخراط في الصراعات السياسية"، والالتزام بدورها في الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه.

كما طالبت أحزاب "الاتحاد الشعبي الجمهوري"، و"حراك تونس الإرادة"، و"الإرادة الشعبية"، وحركة "أمل وعمل"، وحزب "حركة وفاء"، القضاء العسكري، بالتخلي عن محاكمة المدنيين، والتصريح مستقبلًا بعدم اختصاصه في القضايا المتعلقة بالمدنيين، داعية السلطة القضائية إلى "الإيمان بأن لا سُلطان عليها إلا للقانون، والاضطلاع بدورها في ضمان الحقوق والحريات وإقامة العدل وإقرار علوية الدستور وسيادة القانون".

ودعت هذه الأحزاب إلى "توحيد الصف في الدفاع عن الشرعية الدستورية، والتصدي إلى المساعي الرامية إلى العودة بالبلاد إلى الديكتاتورية، والقيام بدورها في تأطير التحركات الشعبية وضمان سلميتها".

وجددت تأكيدها أن الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد، تحت غطاء الفصل 80 من الدستور، "ليست إلا ذريعة لتعطيل مؤسسات الدولة، بما في ذلك المُنتخبة منها، في سعي لنكث العهود والانفراد بالسلطة، وليست إلا انقلاباً على الدستور في مغامرة غير محسوبة العواقب، تُغذيها حسابات سياسوية ضيقة، لا علاقة لها بما ينفع البلاد والعباد"، على حد قولها.

المؤسسة العسكرية طوقت البرلمان

وشدد الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري في تصريح لـ"اندبندنت عربية" على أنه بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد، تم الزج بالمؤسسة العسكرية في الصراع السياسي، مشيراً إلى أن المؤسسة العسكرية، هي التي تغلق البرلمان، وهي التي تطوقه إلى الآن، في مخالفة لما جاء به الفصل 80 من الدستور، الذي ينص على أن البرلمان يبقى في حالة انعقاد دائم. 

واستغرب لطفي المرايحي قبول المؤسسة العسكرية، ما سماه خرق الدستور، ومحاصرة وغلق البرلمان، مقراً بأن الجيش يطبق الأوامر العليا، إلا أنه كان من الأجدر ألا يقبل بخرق الدستور، مذكراً أن المؤسسة العسكرية هي حامية للدستور، وساهرة على أمن البلاد.

ولاحظ الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، انتشار الجيش في عدد من المناطق، معتبراً ذلك رسالة سلبية إلى الداخل والخارج، واصفاً ما أقدم عليه سعيد بـ"الانقلاب على الدستور".

محاكمة المدنيين

من جهة أخرى، رفض المرايحي، المحاكمات العسكرية لعدد من المدنيين على غرار المحامي والنائب المجمد، سيف الدين مخلوف، والنائب ياسين العياري، داعياً إلى النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات والصراعات السياسية.

وأضاف أن النظام الديمقراطي، لا يسمح بإحالة مدني إلى المحاكمة العسكرية، واصفاً ما يحدث في تونس، منذ الـ 25 من يوليو (تموز) 2021، بـ"تجاوز القانون" على أكثر من صعيد، وداعياً إلى ضرورة العودة إلى المؤسسات والقيام بالإصلاحات من داخل المؤسسات ومن داخل الدستور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قضاء دستوري

وأثارت محاكمة نواب وسياسيين ومدونين، أمام القضاء العسكري، مخاوف في تونس من حشر المؤسسة العسكرية في الشأن العام، وعودة إلى مربع التضييق على الحريات باستخدام ذراع المحاكمات العسكرية.

في المقابل، أكد رابح الخرايفي، أستاذ القانون والباحث في القانون الدستوري، في تصريح خاص، أن القضاء العسكري قضاء دستوري، واختصاصاته واضحة، واصفاً ما تروجه بعض الأحزاب السياسية والمنظمات بالمزايدات لتسجيل النقاط السياسية على حساب خصومهم.

وحمل مسؤولية الوضع الراهن في تونس إلى مجلس النواب المجمد، الذي كان من الأجدر أن يغير في القوانين، ويضمن عدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لافتاً إلى أن قانون الطوارئ الذي يُستخدم إلى اليوم يعود لعام 1978، ولم يكلف مجلس النواب نفسه بتغييره، على الرغم من وجود مشروع قانون جاهز يخص الطوارئ، في مكتب المجلس منذ 2016.

واعتبر الخرايفي أن انتشار عناصر الجيش في محيط البرلمان أو عدد من المؤسسات الحيوية الأخرى، يدخل في صلب مهامه، وهي تأمين المنشآت الحيوية، بناءً على طلب من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة.

مستقبل تونس

وقد عُرِفت المؤسسة العسكرية في تونس، منذ إنشائها في خمسينيات القرن الماضي بحيادها وعدم احتكاكها بالسياسة، وتلجأ الدولة إلى عناصر الجيش في الحالات الطارئة السياسية أو الكوارث الطبيعية، لمساندة مجهودات الأمن والحماية المدنية.

وأمام طول فترة الحالة الاستثنائية في البلاد التي علق عليها التونسيون آمالاً عريضة، لتنقية المشهد السياسي وتصحيح المسار، تنامى الشعور بالإحباط والتشكيك في إمكانية تخطي تونس هذه الأزمة المزدوجة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وسط غموض الرؤية وعدم تعيين رئيس حكومة ووضع خريطة طريق لتونس.

ويرى متابعون للشأن العام في تونس أن التأخير في الكشف عن الخطوات الدستورية والسياسية المقبلة، سيسهم في تآكل الدعم الشعبي للرئيس سعيد، بينما تستعيد المنظومة السياسية التي أجهز عليها سعيد قوتها وتعمل على استعادة تعاطف الشارع.

وفي هذا السياق خرجت، السبت 19 سبتمبر (أيلول) 2021، مجموعة من  النشطاء السياسيين والأحزاب والمنظمات في تحرك وسط العاصمة احتجاجاً على استمرار الإجراءات الاستثنائية في البلاد، وعدم تعيين رئيس حكومة، وتنديداً بالمحاكمات العسكرية، التي طاولت مجموعة من النواب والسياسيين، ورفضاً للإقامة الجبرية المفروضة على عدد من النواب والمحامين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير