Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يكافح النجوم الصغار السابقون في "ديزني" لتغيير قطاع الترفيه؟

نتيجة التنميط العدواني والأسئلة الفظة حول العذرية، اضطر العديد من نجوم ونجمات "ديزني" الأشهر إلى اللجوء إلى "خزانة الحماية" منذ سن مبكرة جداً. رويسن أوكونور تراجع تداعيات الشهرة المبكرة وتحادث نجمتي "كامب روك" السابقتين، أليسون ستونير وميغان مارتن

الطابع الترفيهي والفكاهي لعالم "ديزني" أخفى لمدة طويلة معاناة الممثلين الصغار والضغوط التي واجهوها خلال مشوارهم الفني (رويترز)

ثمة أمر مخيف يتعلق ببيتر بان، الصبي الذي يتجمد في صباه (أو طفولته) إلى الأبد. لكن هذا بالنسبة إلى كثيرين من النجوم السابقين الصغار لا يمثل أمراً بعيداً جداً من الحقيقة. وقد جرى، طوال السنة الماضية، التفكير بتلك المسألة تزامناً مع معاودة التأمل في حيوات أولئك النجوم والنجمات – من بريتني سبيرز إلى ديمي لوفاتو، الذين انطلقوا في "ديزني". إذ إن كثيرين منهم يعاودون اليوم سرد قصتهم "من وجهة نظرهم الخاصة"، ويبرزون ما تعرضوا له من ملاحقة وابتزاز واعتداءات على يد الأشخاص عينهم الذين كانوا أسهموا، بالدرجة الأولى، في بلوغهم مواقع الشهرة. ويمكن القول في هذا الإطار إن كثيرين من النجمات والنجوم السابقين، الذين انكشفت حيواتهم تحت أضواء الإعلام، وتعرضوا لرقابة الجمهور، يشتركون في الأصل بقصة فريدة واحدة، تتمثل باستراحتهم المديدة من قناة "ديزني تشانيل" Disney Channel.

الأمر الأخير هذا شكل نقطة البداية، ليس فقط لبريتني سبيرز وديمي لوفاتو، بل أيضاً لجاستن تمبرلايك، وكريستينا آغويليرا، وفانيسا هادجينس، وريان غوسلينغ، وسيلينا غوميز، وزاك إيفرون، والإخوة جوناس، ومايلي سيروس. إذ فيما كان هؤلاء قد انطلقوا جامحين لشق طريقهم في مسارات مختلفة - منهم من ترشح لجائزة أوسكار عن أفضل أداء، ومنهم من حاز جائزة "غرامي" للغناء - فإن ما جمع بين كثيرين منهم، خصوصاً الإناث، هو طفولتهم أو مرحلة صباهم التي قضوها تحت الأضواء، ومهدت الطريق لمشكلات تعرضوا لها فيما بعد، مثل تعاطي المخدرات، والإدمان، وتردي الصحة النفسية، والاستغلال. واليوم مع شروع كثيرين منهم في الحديث علناً عن الصدمات التي كابدوها، فإن تناول قناة "ديزني تشانيل" والثقافة المرتبطة بها، بدأ يتم وفق مقاربة مختلفة تماماً "عن السابق".

كانت أليسون ستونير، كما حال ديمي لوفاتو، جزءاً من الجيل الثاني الذي انبثق من البرنامج المتجدد "ميكي ماوس كلوب" Mickey Mouse Club، وهو عرض منوعات للصغار انطلق سنة 1993 مع بريتني سبيرز وجاستن تمبرلايك، وريان غوسلينغ وآخرين. وتعد ستونير الممثلة الأقدم عهداً في قناة "ديزني تشانيل" - وهي ما زالت تعمل في القناة - كما أدت البطولة في أفلام عديدة، مثل "كامب روك"، و"كامب روك 2"، و"تشيبر باي ذا دوزين" Cheaper by the Dozen، و"ستيب آب" Step Up، و"ذا سويت لايف أوف زاك أند كودي" The Suite Life of Zack & Cody. وقد شرعت ستونير هذا العام في سرد ما اختبرته في تجربتها كطفلة نجمة.

بدأت أليسون ستونير تجربتها، وعلى نحو لا يصدق، في سن مبكرة جداً. إذ إنها باشرت بالرقص في استوديو محلي حين كانت في سن الثالثة، ثم انضمت بعد ثلاث سنوات إلى وكالة أزياء، ومن هناك "من دون أن تعلم، دخلت في خط إمداد وإعداد الممثلين الأطفال". وتخبر ستونير "اندبندنت" عن دوامة مشحونة، لا هوادة فيها، من اختبارات الأداء التي تطلبت تركيزاً صارماً لتلافي الانشغال بـ"بتلك الأجواء (المحيطة) القاتلة والشديدة التوتر". عن ذلك تروي "في الغرفة (غرفة اختبارات الأداء)، لم يكن ثمة طريقة للتنبؤ إن كان مدير الاختبارات سينظر مباشرة في عينيك، أو سيعطيك علامة من دون أي إشادة". تتابع "حين تبلغين مرحلة قراءة المشهد ينبغي (لك) أن تكوني مستعدة لتحمل الرفض، وذلك نظراً إلى لون شعرك غير المناسب (مثلاً)، أو لتحمل ملاحظات تحسين الأداء، أو المقاطعة في منتصف الجملة التي تقولينها كي يردوا على مكالمة هاتفية من شخص عرضوا عليه سلفاً إعطاءه الدور". تضيف "ثمة المئات من الاستراتيجيات ومدارس تمثيل كاملة مخصصة لما يجري في غرف تجارب الأداء هذه".

وستونير، سلفاً في عمر التاسعة، كانت قد حققت درجة من الشهرة بفضل دورها كراقصة في فيديوهات ميسي إليوت الموسيقية لـ"وورك إت" Work It، و"غوسيب فولكس" Gossip Folks، و"آيم ريلي هوت" I’m Really Hot. في فيلمها الطويل الأول، الذي مثل توليفة جديدة للكوميديا العائلية "تشيبر باي ذا دوزن" Cheaper by the Dozen أدت في مواجهة المتمرسين ستيفن مارتن وبوني هانت. إلا أن أداءها جرى تنميطه من سن مبكرة. ففي الفيلم المذكور، كما في مشاريعها اللاحقة، مثل "ستيب آب" Step Up و"كامب روك" Camp Rock، قُدمت كـ"توم بوي" نموذجية tomboy (فتاة تشبه الصبيان) – وفي عديد من الأدوار ألبست قبعات "بايس بول" وسراويل جينز مقابل التنانير والفساتين التي كانت ترتديها زميلاتها النجمات الصغيرات. وحين أسألها عن طبيعة التأثير الذي يلحقه هذا المستوى من التصنيف (أو التنميط) في فتاة صغيرة، تقول ستونير، التي تبلغ من العمر اليوم 27 سنة، إن ذاك التأثير "يسري في جانب أعمق من مجرد تعبير بصري عن الذات". تتابع شارحة "فوق التداعيات النفسية، وخلف تسليع (من سلعة) جسدك -على ما أذكر كفتاة قاصر - اتسم القطاع (قطاع نتاجات ديزني تشانيل) بنظام هرمي قائم على مزايا مرغوبة ومربحة". وإدخال أي ممثل أو ممثلة ضمن هذا النظام الهرمي يمكنه التأثير في كل أمر وفي كل شيء، من مسار تجربة المرء ومهنته، إلى الطريقة التي يستقبل بها الجمهور نتاجه. وتوضح ستونير المسألة قائلة "في كل اليوم هناك مئات آلاف المؤدين الذين يختارون ما بين أن ينصاعوا إلى الشخصية المنمطة التي تعطى لهم، أو أن يبذلوا الجهد لبلوغ الشخصية التي يشعرون بأنها تناسبهم تلقائياً. ومن النادر أن يشترك المؤدون من كلا الطرفين بالمشاعر ذاتها".

ميغان مارتن، زميلة أليسون ستونير التي شاركتها نجومية "كامب روك"، واجهت ذات الأمر عندما أدت تجربة دور ملكة النحل "تيس تيلور" بمواجهة ديمي لوفاتو والإخوة جوناس عام 2008. وعندما أطلق هذا الفيلم، انهالت العروض على ميغان لأداء درجات مختلفة من الدور المذكور ذاته، الذي يستحضر مراهقة شقراء مشاكسة. ودام الاختبار، (الأدائي) الذي قابلت فيه أليسون ستونير ديمي لوفاتو لأول مرة، ثماني ساعات. فيما بعد بعثت ميغان رسالة إلى لوفاتو عبر "ماي سبايس" MySpace تستوضحها إن حصل كل منهما على الدور. عن هذا تروي ميغان مارتن، التي تبلغ اليوم 29 سنة، لـ"اندبندنت"، قائلة "كان عرض (هاي سكول ميوزيكال) High School Musical ظهر لتوه، لذا اعتقدنا أن ذاك ربما يمثل حدثاً كبيراً". تتابع "المرء يأمل، لكن ينبغي دائماً محاولة عدم الإفراط في الحماسة". وميغان مارتن، التي ولدت في لاس فيغاس، شاركت في إعلانات للعبة "باربي" و"كابيدج باتش كيدز" Cabbage Patch Kids عندما كانت صغيرة، وسبق أن ظهرت في برامج تلفزيونية منها "جاست جوردان" Just Jordan و"ذا سويت لايف أوف زاك أند كودي" The Suite Life of Zack & Cody. إزاء هذه التجربة تضيف موضحة "أعتقد أنني مع بلوغي سن الـ15 تعلمت أن الرفض (الذي يتعرض له الشخص) لا مفر منه". بيد أنها في النهاية حازت ذلك الدور الشهير، وغدا "كامب روك" واحداً من أنجح الأفلام الأصيلة التي تطلقها "ديزني". ولمارتن في هذا الإطار ذكريات جميلة من فترة التصوير. عنها تروي "كنا صغاراً جداً، وجميعنا في غاية البراءة، وأقمنا حفلات رقص في غرف الفندق". لكن عندما حان وقت تصوير الجزء الثاني، غدا ذاك الفيلم الأول بمثابة ظاهرة، وقد تبدلت الدينامية في موقع التصوير. إذ "بات هناك مال أكثر، وتزايدت الضغوط"، تقول مارتن. ثم تردف "كان هناك مخرج جديد ولم تكن التجربة إيجابية تماماً". ولم تكن مارتن، المراهقة آنذاك، تتمتع بمستوى كاف من النضوج أو إدراك الذات للتعامل مع ذاك النمط من السيناريو. وتذكر "الآن، لا أوافق على شيء من [ذاك القبيل]، لكني في سن الـ17 أقنعت نفسي بأن (الأمر ببساطة هو هكذا)". كما تشير إلى أجواء التفاعل المشحونة التي يوضع فيها الممثلون الصغار، إذ يصبحون تقنياً أشبه بعاملين محترفين، "فأنت بالنهاية لا تريدين إحضار أمك معك (للعمل)" بحسب تعبيرها.

ذاك النزاع المتعلق بكيفية التعامل الملزم مع النجوم والنجمات الصغار والمراهقين، برز في الإعلام أيضاً. وكثيراً ما أشير إلى ديمي لوفاتو باعتبارها تملك براعة الكبار الصوتية. وفي مقابلة أجريت معه سنة 2011 بمجلة "إل" Elle، قال الكاتب والمنتج توبي غاد إن "قدرة الراشدين" التي تتمتع بها تلك النجمة التي كانت آنذاك في عمر الـ17، تميزها وتفصلها عن زملائها من نجوم "ديزني"، أمثال ميلي سيروس وسيلينا غوميز. تابع غاد متحدثاً عن لوفاتو "عندما يقابلها المرء يدرك أنها ليست مجرد فتاة ترتدي كعباً عالياً، بل إنها امرأة"، (منذ ذلك الوقت أعلنت لوفاتو أنها ليست من الثنائيين فيما يتعلق بهويتها الجنسية، وباتت تستخدم صيغة الجمع للإشارة إلى نفسها).

ودعيت ميغان مارتن إلى جولة "كامب روك" التي قادها الإخوة جوناس عام 2010 – الجولة عينها التي انسحبت منها لوفاتو في النهاية كي تخضع للعلاج بفعل "مشكلات عاطفية وجسدية" إثر ضربها راقصاً مسانداً. بيد أن مارتن أحجمت عن الانضمام إلى الإخوة جوناس في الجولة، واختارت بدل ذلك أن تؤدي دوراً متعارضاً مع نمطها (الذي قدمت به)، فشاركت المؤدي الطيب والساذج جو ميتشيل في فيلم الفيديو "مين غيرلز 2" Mean Girls 2، عام 2011. الفيلم المذكور لاقى هجوماً لاذعاً من قبل النقاد، إلا أن لوفاتو قضت "وقتاً عفوياً رائعاً" خلال التصوير، وهي انتقلت منذ ذلك الوقت للإقامة في شرق لندن، حيث تعيش مع زوجها، الممثل البريطاني أولي هيغينسين. كما درست الدراما في كلية التمثيل المرموقة "لامدا" Lamda، وباتت تعمل الآن، بالدرجة الأولى، في المسرح، حبها الأول.

تتحدث مارتن عن علاقتها بمدينة لندن، فتقول "الانتقال إلى لندن مثل لي تجدداً، وذكرني بهويتي، وبما أصبو إليه، وبما يشغلني إبداعياً". تردف "أردت الانشغال بشكسبير وبالنصوص الكلاسيكية". عالم لندن المسرحي هذا كان يقع على بعد ملايين الأميال من حيث نشأت واعتادت عليه في السابق. وفي عام 2019 حققت ظهورها الأول على الخشبة بالعاصمة البريطانية في مسرحية "كابوس الممثل" The Actor’s Nightmare للكاتب المسرحي كريستوفر دورانغ الذي يحمل جائزة "طوني أوارد" Tony Award. وقد حظيت المسرحية المذكورة بمراجعات عزيزة في الـ"غارديان" و"ذا ستايدج" The Stage. عن هذه التجربة المسرحية اللندنية تقول "أعتقد أن ثمة تقديراً أكبر هنا (في لندن) للبراعة الفنية. وأشعر براحة أكبر في الوجود وسط هذه الطاقة، بدل أن أكون في خضم الأجواء التنافسية والمصطنعة التي تحيط بالمرء في لوس أنجليس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقابل انسحاب ميغان مارتن الطوعي والمبكر من ذاك العالم (عالم "ديزني تشانيل" ونتاجاتها)، فإن أليسون ستونير تقول إنها تأقلمت مع "فوضى" القطاع الذي عملت به، وذلك عبر عدم مشاهدتها الأفلام قبل سن السادسة. عن هذا توضح "عندما بلغت السابعة من عمري، نظرت إلى الإعلام عبر شاشة تقنية لبناء وتطوير الشخصية (التمثيلية أو الأدائية)، وإدارتها وإنتاجها، لذا فإن خبرتي لم تتعلق بالانبهار والاستثمار بعوالم وشخصيات أخرى. ترياقي تمثل بالتركيز على المدرسة ومراكمة المعرفة التي من شأنها إدخالي أكثر في الواقع، لا دفعي نحو الفانتازيا. كنت براغماتية جداً وشديدة التيقظ". وستونير إلى هذا اليوم لا تملك جهاز تلفزيون، ولا تشاهد الأفلام، ولا تسجل في خدمات البث". وذاك بحسبها له مذاق "حلو ومر في الوقت ذاته".

ميغان مارتن وأليسون ستونير تمثلان نموذجاً نادراً جداً من النجوم الأطفال السابقين، الذين تمكنوا من أن يكبروا من دون أذى يلحق بهم، وذلك في الأقل مقارنة بزملاء وزميلات لهما ممن واجهوا مشكلات لا تحصى شاع الحديث عنها أمام الرأي العام. في هذا الإطار يخوض المسلسل الوثائقي "دانسينغ ويذ ذا ديفيل" Dancing with the Devil لديمي لوفاتو عام 2021، في عدد هائل من المشكلات التي واجهتها، بدءاً من المخدرات وإدمان الكحول وصولاً إلى الاعتداءات الجنسية ومصاعب الصحة النفسية. وقد أشارت لوفاتو في المسلسل إلى فقدانها عذريتها في سن الخامسة عشرة نتيجة اعتداء "اغتصاب" تعرضت له من قبل نجم آخر كان يعمل لصالح "ديزني تشانيل" في أواخر الألفية – وزعمت أن الاعتداءات تلك جرت "تغطيتها تماماً عندما تحدثت عنها أمام أحد أصحاب النفوذ (في القناة)". (لم تتجاوب "ديزني" حين طلبت منها "اندبندنت" التعليق على المسألة وقت إطلاق تلك الاتهامات).

وما يقلق أيضاً في هذا السياق هو عادة "ديزني" المتمثلة في محاولة الحفاظ على الفكرة العامة حول براءة نجومها (البراءة الطفولية) بعد فترة طويلة من بلوغهم سن الرشد. ذاك ربما مرده إلى إدراكها بأن الإعلام والرأي العام يكرهون معاينة أولئك الممثلين والممثلات، الذين يعبرون عبر شاشتها عن براءة الطفولة، وهم يتقدمون في السن. لكن الإعلام أيضاً يميل إلى التركيز على الجانب الجنسي عند الفتيات الصغيرات، فيما يوجه الإدانة إلى من يعبرون عن ميولهم وهويتهم الجنسية وفق طريقتهم الخاصة. في هذا السياق، عام 1999، ساد هلع أخلاقي تجاه فيديو نجمة "ميكي ماوس كلوب" السابقة بريتني سبيرز لـ"بايبي وان مور تايم"… Baby One More Time، حيث ظهرت سبيرز وهي بعمر الـ16 مرتدية تنورة تلميذة مدرسة، وعاقدة قميصها حول وسطها. وما لبثت بعد سنتين أن صُورت لمجلة "رولينغ ستون" بحمالة صدر وسروال داخلي حريري، وهي تحمل شخصية "تيلي تابي" Teletubby. على الأثر ظهرت زميلتها من "ميكي ماوس كلوب"، كريستينا آغويليرا، بأغنية "ديرتي" Dirrty، إذ راحت تهز خصرها راقصة حول حلبة ملاكمة، مرتدية أكسسوارات جلدية برجليها وساقيها، ومن الأعلى قطعة بكيني.

يمكن النظر إلى لحظات كهذه في ثقافة البوب باعتبارها أفعالاً تمردية يقوم بها نجمات ونجوم سئموا من الانصياع لمزاج "ديزني" وقيمها الطهرانية. في هذا الإطار وضمن مقابلة مع "ذا آيريش تايمز" عام 2019 قالت آغويليرا إن "ديرتي" مثل محاولة منها للتخلص من صورة "البراءة" التي ظلت ملتصقة بها إثر تجربتها في "ديزني". "لم أكن تلك الفتاة" قالت. وأردفت "(ديرتي) مثلت اللحظة التي قلت فيها اللعنة على كل شيء. فقد نهضت وقلت إنني امرأة وفخورة برغباتي الجنسية". كذلك في عام 2011 صُورت نجمة "هاي سكول ميوزيكال" السابقة، آشلي تيسدايل، عارية لعدد موضوعه العري أصدرته مجلة "أليور" Allure. آشلي كانت في سن الـ25، وقد اعتبرت الصحافة إثر صورها تلك أنها "تتخلص من الصورة التي صنعتها لها ديزني". أما هي فقالت لـ"ديلي مايل" "ظهوري على هذا النحو (عارية) جاء كي أقول إنني لست فقط الفتاة الشابة التي يظنها الناس. بل أنا في الحقيقة امرأة".

في السياق ذاته عبر نجوم أطفال سابقون كثر عن إحباطهم تجاه الطريقة التي يتم فيها "تطفيلهم" (إبقاؤهم أطفالاً) فيما هم باتوا راشدين. في إحدى حلقات "دانسينغ ويذ ذا ديفيل" (رقص مع الشيطان) تكشف ديمي لوفاتو أنها بدأت تعاني اضطرابات في نظامها الغذائي لأول مرة حين كانت تنافس بمسابقات للجمال في سن مبكرة. وحاول فريق لوفاتو الحؤول دون انسحابها (من المسابقات المذكورة) عن طريق إخطار أصدقائها بأن يكونوا "حذرين" تجاهها إزاء ما يأكلونه وإزاء طريقة أكلهم، غير أن الأمر لم يؤد إلا إلى زيادة تعقيد علاقة لوفاتو مع الأكل. عن ذاك قالت "أشعر أنهم كانوا يتخذون قرارات تخصني أكثر مما كنت أتخذ بنفسي".

على هذا المنوال، وعلى الرغم من إخضاعها للوصاية (الأبوية) المثيرة للجدل، تبدو بريتني سبيرز عالقة في صورتها كملكة مراهقة، وذلك نظراً إلى صوتها "الطفولي" الذي يمثل على الأرجح تمديداً لأسلوب غنائها النمطي الذي تصفه مدربة الأداء الصوتي ليز لويس لـ"بيلبورد" Billboard بأنه "يحاكي الطريقة التي يتكلم بها تلامذة المدارس الثانوية". وحاولت سبيرز في وقت لاحق من مسيرتها التخلص من هذا النمط، ونحت بأسلولها الغنائي نحو ما يشبه الهمس في أغنيات مثل "آيم إي سلايف فور يو" (أنا عبدة لك) I’m a Slave 4 U، التي قال عنها كاتب الأغاني والمنتج جوش شوارتز إنها تعبر عن حاجة سبيرز إلى "النضوج". إلى ذلك أوردت مقالة في الـ"غارديان" أن أداء سبيرز الهامس في أغنية منفردة عام 2001، إضافة إلى فيديو آغويليرا لـ"ديرتي"، جاءا كمثالين على وقوع امرأتين في فخ فكرة "العذراء التي تكتشف الجنس"، إذ إن الإيحاءات الجنسية التي غدت منمطة بدورها، تناسب نظرة الذكور. وهنا يبدو مهماً مساءلة سبب شعور هاتين المرأتين بأن ذاك شكل الطريقة الوحيدة لهما كي تؤخذا على محمل الجد كراشدتين. وفي إطار مواز آخر أثارت غوميز حنق لورد حين أطلقت أغنيتها المنفردة "كوم أند غت إت" Come & Get It، إذ قالت (لورد) لمجلة "رولينغ ستون" "أنا نسوية وموضوع أغنيتها هو (عندما تكون جاهزاً تعال وخذ ما تريده مني)، لقد سئمت من تصوير المرأة على هذا النحو". أما كاتبة الأغاني آيمي س فوستر فكتبت في الأثناء عن غوميز على موقع لايفستايل الإلكتروني "هيلوغيغلز" "المسألة التي تزعجني لا تكمن في أنها تمارس الجنس، أو تغني عن الجنس، أو تظهر بثياب مثيرة جنسياً، بل ما يزعجني هو أنها تغني بفخر كبير عن كونها تماماً ممسحة أرجل، مع اعتبارها أن ذلك مثير".

تاريخياً كان "والت ديزني" بنفسه هو من طلب من أنيت فونتشيلو، إحدى نجمات "ميكي ماوس كلوب" بنسخته الأولى الأصلية، أن تعده بإبقاء سرتها مغطاة مهما بلغ عدد الأفلام المصورة على الشواطئ التي تمثل فيها وهي راشدة. في الأثناء قامت زميلة فوتشيلو السابقة في "ميكي ماوس كلوب"، دورين ترايسي، عام 1976، بالتصور عارية لمجلة "غاليري" Gallery المخصصة للرجال، وقد ارتدت أذني ميكي ماوس. بيد أن ذاك أساء لعلاقتها مع الشركة (ديزني). إذ في سنة 2010 وضمن كتاب جينيفر كيشين آرمسترونغ "واي؟ بيكوز وي ستيل لايك يو: إي هيستوري أوف ميكي ماوس كلوب" Why? Because We Still Like You: A History of the Mickey Mouse Club قالت ترايسي "يورط المرء نفسه في مقدار كبير من المياه الساخنة (أي يعرض نفسه للإحراج). لقد خسرت الكثير من العروض مع ديزني. كانوا يتصلون بي مرتين أو ثلاثاً في كل عام للمشاركة في أدوار معهم قبل صوري في (غاليري)، الآن لم يعد هناك أي اتصال".

أحد الأسباب التي تجعل تلك النجمات السابقات في "ديزني" يشعرن بضرورة الإدلاء بمواقف كهذه يتمثل بأنهن تعلمن التفكير بأساليب حادة. إذ إن "ديزني" بذاتها قائمة على التنميط والأنماط -البطل، الشرير، الفتاة (النقية)، المتنمر- ويقوم الإعلام من جهته بمتابعة وإدامة أنماط محدودة من الشخصيات "النسائية": العذراء/ العاهرة، الفتاة الطيبة/ الفتاة السيئة. عن هذا الأمر تتحدث لـ "اندبندنت" الباحثة في موسيقى البوب الدكتورة جينيفر بيكردايك، التي تؤلف في الوقت الراهن كتاباً جديداً عن بريتني سبيرز، فتقول إن "هناك تعارضاً متأصلاً وأميركياً جداً بين العفة والطهارة العذرية والجنسانية السافرة (أو التعبير السافر عن الرغبات الجنسية)، الفكرة الأساسية التي تبدو فكرة محتملة. وبطرق عديدة يقوم كل واحد من تلك الأنماط بتعريف النمط الآخر عبر غيابه. وذاك يمثل أحد الأسباب التي جعلت فيديو بريتني سبيرز المفارق (...بايبي وان مور تايم) يوحي بتلك الأحاسيس التي مكنته من اللعب على ذاك التوازن غير الملموس". وترى بيكردايك أن التصوير (تصوير الفيديو) في مدرسة، والمقترن بالمظهر الجنسي لسبيرز، يمثل المأزق الذي "تجد كثيرات من النساء اليافعات أنفسهن فيه". تتابع "أما نحن -الجمهور، الرأي العام، المنتجون، الإعلام- فنريد (من المؤدين، أو المؤديات بالأحرى) أن يلعبن (دوراً نموذجياً إيجابياً). بيد أن السياق، والعوامل الخارجية الأخرى للعيش والنشوء كسلعة تحت أعين الجماهير الصارمة، لا تسهم في تكريس (فتاة طيبة) دائمة النضارة. النموذج الأمثل الذي يمكن بيعه وتسويقه عبر أكبر عدد ممكن من المنصات لا يسمح بأي بعد تجريبي، كما لا يسمح بالمساءلة أو الخوض في الذات نيابة عن الفنانـ(ة). بل ما تكاد تلك الأمور أن تتركه يمثل شبهاً إنسانياً، لا كائناً واقعياً معرضاً للخطأ. لهذا علينا أن لا نتفاجأ عندما يتخبطن ويسقطن".

شكلت فانيسا هادجينس مثالاً بارزاً على هذا عندما كانت في سن الـ18 ووقعت ضحية تسريب صور عارية. في ذلك الوقت اعتذرت نجمة "هاي سكول ميوزيكال"، وقد أصدرت "ديزني" بياناً قالت فيه إنها تأمل في أن تكون هادجينس قد "تعلمت درساً قيماً" إثر "خطئها بالتقدير". بيد أن الأهل ظلوا غاضبين، ودعا العديد منهم "ديزني" إلى الاستغناء عن هادجينس. إحدى الأمهات في لوس أنجليس قالت لـ"رويترز" إنها شعرت بأن هادجينس قد "تأذت" وخسرت صورتها كـ"شخص رائع ونقي بريء".

لوفاتو وستونير وهادجينس ومارتن وسيروس وغوميز والإخوة جوناس، جميعهم مروا بتجارب كهذه بمطلع الثمانينيات والتسعينيات، حين كانت الولايات المتحدة تشهد "ذعر (فقدان) الطهارة" وتقوم جماعات إنجيلية مثل "مورال ماجوريتي" Moral Majority بمناشدة المدارس لتعليم العفة بدل الثقافة الجنسية. لكن، مثلما أظهرت دعوات العفة والامتناع عن الجنس عدم فعاليتها في تقليص حالات الحمل غير المخطط لها والأنشطة الجنسية بأوساط المراهقين، فإن هوس "خاتم العفة" في مطلع ذلك العقد لم يسهم إلا في انخراط الجميع بالتكهن حول من يمارس الجنس مع من، بأوساط نجمات ونجوم "ديزني".

عن هذه الأجواء تقول ميغان مارتن مستذكرة "كنت في سن الـ15 عندما بدأت هذه الأسئلة: هل ترتدين خاتم عفة؟"، تتابع "والقصد من ذلك هو سؤالك إن كنت عذراء أم لا! إنه أمر إشكالي في العديد من المستويات". وقد غدا جنون "خاتم العفة" في ذلك الوقت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة البوب (الثقافة الشعبية)، كذلك غدا التشهير والوصف علناً بـ"العاهرة" مقبولاً. وفي عام 2008، حين استهزأ راسل براند في الـ"في أم إي" VMA بالإخوة جوناس بسبب خواتم عفتهم، علق المتوج حديثاً آنذاك في مسابقة "أميركان آيدول" American Idol، جوردين سباركس، حين صعد إلى المسرح "أريد فقط أن أقول شيئاً عن خواتم الوعد (أي خواتم العفة). ليس كل شخص، شاب أو صبية، يريد أن يكون عاهراً!"، وفي تلك السنة ذاتها قالت ميلي سيروس لمجلة "بيبول" People "حتى في سني هذه، فإن فتيات كثيرات بدأن بالسقوط. برأيي إن كان (الحفاظ على العذرية) يمثل التزاماً تقطعه الفتيات، فإنه أمر عظيم"، على الرغم طبعاً من أنها في النهاية أفصحت عن "لحظتها الجنسية" عندما تمايلت عارية بأعلى "كرة تدمير" (حديدية) ضمن أغنية لها تحمل هذا العنوان.

نقاد آخرون لثقافة البوب اعتبروا أن "رهاب (فقدان) الطهارة" في مطلع الثمانينيات والتسعينيات ساد في خضم وصمة تاريخية اجتماعية تتعلق بالنساء والجنس. عن ذلك قالت مؤلفة كتاب "غيرلهود إن ديزني تشانيل: براندينغ، سيليبريتي، أند فيمينينيتي" Girlhood on Disney Channel: Branding, Celebrity and Femininity لـ"جيزبيل" Jezebel عام 2018 "هناك ذعر حقيقي من الميول الجنسية عند المرأة، ومن رغباتها، وأعتقد أن هذا يشكل السبب المثالي الذي يدعو (ديزني) إلى تشجيع النجوم والنجمات على الحديث عن الأشياء التي حصلت، ولكي يتقاطع حديثهم أيضاً مع مبادئ المسيحية الشعبية. إذ إن القيم العائلية والأخلاق المسيحية هي مفيدة على نحو خاص للأهل الذين يحاولون السيطرة على ما يستهلكه أولادهم من ناحية الإعلام والسلع".

وفيما قالت مارتن إن "ديزني" لم تسألها يوماً ارتداء "خاتم عفة"، إلا أن أولياء الدعاية فيها لم يسعوا أبداً لردع الصحافيين من طرح ذاك السؤال (عن خاتم العفة). عن هذا تقول "أولياء الدعاية الذين أرسلوا لنا لم يقولوا للصحافيين أبداً (هل يمكن ألا تطرحوا هذا السؤال؟، لكن أعتقد الآن أنهم سيفعلون ذلك)". وتذكر مارتن أسئلة أخرى طرحت عليها، تطلب منها وصف "رجل الأحلام"، أو تسألها عن أي من الإخوة جوناس تحب أن تواعد. تتابع "لم يكن لديَّ القدرة النفسية للتعامل مع أسئلة نافرة كهذه. فتلك سن لا تكونين فيها قد توصلت بعدُ إلى معرفة نفسك تمام المعرفة".

من المقلق أن نفكر اليوم بحجم الضرر، الأكبر حتى، الذي كان سيتعرض له أولئك النجوم والنجمات لو أنهم حققوا نجوميتهم في ذروة حقبة وسائط التواصل الاجتماعي. مارتن من جهتها كانت موجودة بمرحلة "تويتر" المبكرة، وهي أغلقت حتى حسابها بعد بضع سنوات، لأن "الابتزاز السيبراني كان جنونياً. كل مرة كنت أفتح صفحتي طالعتني رسائل من قبيل "لا يمكنك الغناء، جبهتك كبيرة جداً، وجسمك غريب"، وفق ما تقول.

أما ستونير التي أصدرت لتوها كتاباً إلكترونياً جديداً مع "برايد" Pride، فتقول إن جزءًا من مشكلة قطاع الترفيه في الإخفاق في دعم نجومه الأطفال والصغار يتمثل بما "لا يمكن إصلاحه" في وضعهم. وتردف "من المؤلم محاولة استبعاد تجربة لا يمكن مقاربتها إطلاقاً، خصوصاً على ضوء السرديات الشائعة والميول الثقافية التي تشكل الانطباعات وتضعف التعاطف مع المؤدين الصغار". ومن السرديات الشائعة تشير ستونير إلى تلك السردية "قليلة القيمة وغير الدقيقة على الإطلاق المتعلقة بالثروة والأهلية والشهرة" وهم الانفصال بين (النجم) والجمهور؛ نمط شخصية الـ(ديفا) وما ينشر وفق منطق صحف الفضائح من تصرفات عشوائية وطائشة (يقوم بها النجوم). وستونير منذ ذلك الحين بدأت تنشط في حملة ضد "نظام سوء المعاملة المديد" في قطاع الترفيه، الذي يسمح "لمنتجي الترفيه المخصص للأطفال في إدامة العنف وسوء المعاملة والتجاهل وقلة المساءلة والمحاسبة تجاه من يرتكبون الإساءات" بحسب قولها. وقد خصصت إحدى تلك الحملات لعمليات تصوير الأعمال التلفزيونية والسينمائية، فطالبت بتعيين طرف ثالث مؤهل من اختصاصيي الصحة النفسية كي يكون موجوداً في كل موقع تصوير، "خصوصاً في حال وجود مشاركين من القُصر"، كما شددت أيضاً على فرض دورات للتثقيف في مجال الإعلام على المسؤولين عن المؤدين الصغار وممثليهم.

وتشير ستونير في هذا الإطار إلى "قانون كوغان" Coogan Law -القانون الذي يحاول حماية القاصرين من الاستغلال من قبل الأهل والأوصياء أو من قبل فرق العمل- وذلك عن طريق فرض وجود أستاذ مشرف (أو أستاذة مشرفة) في الاستوديو لتقديم المعلومات والسهر على أمان موقع التصوير. لكن "للأسف" بحسب قولها، "إننا في (الغرب المتوحش) وثمة الكثير من الثغرات والتفاعلات الضاغطة والموظفين غير المؤهلين والممارسات غير الأخلاقية التي تحول دون تلك (الحماية)".

وفي النهاية هناك مئات آلاف الأولاد الذين يتدفقون إلى لوس أنجليس. هناك آلاف الكشافين والحيل والبرامج التي توجه المواهب الواعدة نحو القطاع. لكن بحسب علمي هناك "صفر برامج" (أي لا يوجد برامج أبداً) سبق أن أسهمت في مساعدة أي شخص يكابد ما يلقيه هذا القطاع على الأفراد والعائلات من أعباء ومن مصاعب، أو خففت عن كاهل الممثل ضغوط حياة المتعامل المستقل، وما تستدعيه المهنة (مهنة التمثيل) من مراقبة وتدقيق من قبل الجمهور على حياة القصر. وتوافق مارتن في السياق على استمرار وجود مشكلات كثيرة في قطاع الترفيه، مشكلات تتابع حملات التوعية مثل حركة "#أنا أيضاً" #MeToo الإضاءة عليها. وتختم مارتن قائلة "أشعر أنني محظوظة كوني تعافيت من تلك التجربة. فلقد حظيت بنظام دعم جيد في عائلتي، إذ في كثير من الأوقات حين تنحرف الأمور، فإن السبب لذلك يعود إلى عدم وجود الأهل، أو إلى عدم قدرتهم على دعم ولدهم بالطريقة التي يحتاج إليها". مارتن تأمل في تبدل تلك الأمور. وتقول "الجميع يخوض معركة شاقة". لكن اليوم، مع إفصاح النجوم والنجمات السابقين، وبكل هذه الثقة، عما واجهوه، ثمة أمل بأن نربح المعركة في يوم من الأيام.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما